وحدك بالغرفة الخلفية!!
حين تتسع عليك رقعة ثوب هذه الحياة، فتجد نفسك ممزقاً بين همومها ومشاغلها التي لا نهاية لها سوى بالموت، حيينها يجدر بك أن تقف مع نفسك وقفة تأملٍ؛ لتتفقد من خلالها رحى مركب حياتك؛ فتعرف في أي اتجاه تسير؟!
هل تسير بك في نفس الطريق الذي سلكت به الملايين من قبلك، حينما رفعت أمام ناظرهم فقاعات وهمية، ملأتها بصور مبهرة لمدينة الأحلام!! فإذا بمركبهم تسقط فجأة في منعطف شلالات خطير؛ لا ينجو في سحيق وديانه من الهلاك أحد؟! أم أنك تتحكم في زمام قيادتها، حتى تصل بك إلى بر الأمان؟
إن مشاغل الحياة بزحمتها؛ لتغُشي أعيننا بدخان كثيف من الغفلة؛ يحول بيننا وبين صفاء الرؤية لمعرفة اتجاه سفينة الحياة بنا!! وهذا يستلزم من العاقلين منَّا الأخذ بأسباب إزالة هذا الدخان الكثيف، كي تتضح أمامهم الرؤية بصفاء ونقاء!!
ولن يكون ذلك، إلا بأن تسحب نفسك من مشاغل الحياة، وكأنك تدخل غرفتها الخلفية وحدك، لتشاهد أحداثها عن بعد، وتحدد موقعك في تلك الأحداث، حيينها فقط؛ سترى بأم عينيك ما إذا كنت غارقاً مع الغارقين، أم أنك لا زلت قابضاً بزمام نفسك، مبتعداً بها عن مسيرة الغافلين الهالكين!!
إن هدفنا نحن معاشر الراغبين في النجاة من هول يوم المحشر، لا يتمثل في كثرة مالٍ أو ثروات نجمعها، ولا في عقار نبنيه أو نتاجر فيه، ولا في شهرة نسعى إليها، وإنما يتمثل فقط في تأدية أمانة نوفي حقها، بعدما استأمننا عليها خالق هذا الكون، بما فيه هذه الحياة التي جرفتنا بعيداً عن الصراط المستقيم بمشاغلها!!
فإذا ما عرفنا ذلك، وجب علينا الصدق مع الله في الأمر كله!!
في شرعية الأموال التي نكتسبها، في صيانة رعيتنا، من خلال تأدية حقوق الأزاوج وتربية الأبناء، في بر الوالدين، في القيام بحق الدعوة إلى الله، وجعل الآخرة أكبر همومنا ومبلغ علومنا، في توثيق العلاقة بمن سيؤول إليه الأمر كله؛ عساه أن يجعل حسابنا حساباً يسيراً (فمن نُوقش الحساب عُذِّب)!!
إن مركبة حياتنا لتتلخص في أمرين اثنين لا ثالث لهما، يدٌ تعمل أخذاً بأسباب الرزق، وقلب طاهر من روث الدنيا، شديد التعلق بربه، يمثل وقوداً شديد الحرارة، يبعث الروح في سائر الأعضاء؛ لتقوم بحق خالقها!!
فإذا ما جمع الله لك هذين الأمرين، فقد أحكمت الوثاق على مسيرة سفينة حياتك بكل أمان واطمئنان!!
فهلا دخلت هذه الغرفة الخلفية وحدك، كي تقيم اتجاه مسيرة حياتك؟!
فهلا دخلت هذه الغرفة الخلفية وحدك، كي تقيم اتجاه مسيرة حياتك؟!
تعليق