العيد في الإسلام آداب وأحكام
محمد بن غيث
قد منَّ الله على أمة الإسلام إذ جعلها ( خير أمة أخرجت للناس ) والإسلام هو دين الله العظيم الذي ارتضاه للبشرية , ليصلح به كل شأن من شؤون حياتها على مرِّ الزمن وتقلب الدهر ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير )
ومن رحمة الله بهذه الأمة أن جعل لهم يومين في كل عام ينظرون فيهما مصالحهم العامة ويؤكدون فيهما أسباب المودة والمحبة .
عن أنس قال : ( قدم النبي ــ ــ ولأهل المدينة يومان يلعبون فيهما في الجاهلية (1)( فقال : قدمت عليكم , ولكم يومان تلعبون فيهما في الجاهلية , وقدأبدلكم الله بهما خيرا منهما : يوم النحر ويوم الفطر (2) ).
قال الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا :
أي : لأن يومي الفطر والنحر بتشريع الله تعالى واختياره لخلقه ، ولأنهما يعقبان أداء ركنين عظيمين من أركان الإسلام وهما الحج والصيام ، وفيهما يغفر الله للحجاج والصائمين , وينشر رحمته على جميع خلقه الطائعين , أما النيروز والمهرجان , فانهما باختيار حكماء ذاك الزمان لما فيهما من اعتدال الزمن والهواء ونحو ذلك من المزايا الزائلة , فالفرق بين المزيتين ظاهر لمن تأمل ذلك . أه (3)
العيد:
" هو كل يوم فيه جمع يعتاده الناس ويعودون إليه . قال ابن الأعرابي : سميَّ العيد عيداً لأنه يعود كل سنة بفرح مجدد ". (4)
الغسل قبل العيد:
يستحب الغسل للعيد
قال ابن رجب : " وقد نص أحمد على استحبابه وحكى ابن عبد البر الإجماع عليه " (5)
عن زاذان قال : " سأل رجل علياً ــ رضي الله عنه ــ عن الغسل ؟ فقال : أغتسل كل يوم إن شئت ؟ فقال : لا، الغسل الذي هو الغسل ؟ قال : يوم الجمعة ويوم عرفة , ويوم النحر ويوم الفطر "(6). ومما يدل على ذلك قوله : ــ ــ "إن هذا يوم جعله الله عيدا للمسلمين فمن جاء إلى الجمعة فليغتسل " (7)
فدل أن العيد يغتسل له .
قال ابن القيم رحمه الله : " وكان يغتسل للعيدين , صحّ الحديث فيه وفيه حديثان
ضعيفان ". (8)
وأما وقت الغسل :
فانه يبدأ على الراجح من طلوع فجر يوم العيد , لأنه بالفجر يدخل اليوم , وأفضل
أوقاته عند الخروج إلى الصلاة .
عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى "(9)
وعن السائب بن يزيد : " أنه كان يغتسل قبل أن يخرج إلى المصلى " (10)
فالصحيح أن وقت ا لغسل يبدأ من طلوع فجر يوم العيد , وبه قال الشافعية وهو المصحِّح عند الحنابلة .
التجمل للعيد :
قال الإمام بن القيم رحمه الله : " وكان يلبس للخروج إليهما أجمل ثيابه "(11) .
عن ابن عمر ما قال : " أخذ عمر جبّة ً من إستبرق تباع في السوق ، فأخذها , فأتى رسول الله ــ ــ فقال : يا رسول الله ابتع هذه ، تجمّل بها للعيد والوفود ... إلخ " (12)
قال ابن رجب معقباً : " وقد دلّ هذا الحديث على التجمل للعيد وأنه كان معتاداً بينهم " ( 13)
متى يأكل في العيدين ؟ :
عن بريدة قال : " كان النبي ـــ ـــ لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم ,ولا يطعم يوم الأضحى حتى يصلي . " (14)
أين يصلي العيد؟ :-
السنة الصلاة في المصلى والمشي لها.
عن أبي سعيد قال :كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يخرج يوم الفطر و الأضحى إلى المصلى , فأول شيء يبدأ به الصلاة ..." (15)
قال ابن القيم رحمه الله : " كان ــ ــ يصلي العيدين في المصلى ... وهديه كان فعلهما في المصلى دائماً " (16)
وأما المشي :
فقال علي : " من السنة أن تخرج إلى العيد ماشياً" (17)
ومن السنة أن يكبر في الطريق ففي السلسلة الصحيحة أن رسول الله كان يخرج في العيدين مع الفضل بن عباس وعبدالله بن عباس وعلي وجعفر والحسن والحسين ... رافعاً صوته بالتهليل والتكبير "(18)
الذهاب والإياب إلى المصلى :
عن جابر قال : " كان النبي ــ ــ إذا كان يوم عيد خالف الطريق "(19)
قال الإمام ابن القيم رحمه الله : " وكان ــ ــ يخالف الطريق يوم العيد ، فيذهب في طريق ويرجع في آخر ، فقيل ليسلم على أهل الطريقين , وقيل لينال بركته الفريقان , وقيل : ليقضي حاجة من له حاجة منهما , وقيل :ليظهر شعائر الاسلام في سائر الفجاج والطرق , وقيل : ليغيظ المنافقين برؤيتهم عزة الإسلام وأهله ...وقيل لتكثر شهادة البقاع ... وقيل ــ وهو الأصح ــ : إنه لذلك كله ولغيره من الحكم التي لا يخلو فعله عنها " (20).
قال النووي رحمه الله بعد أن ذكر الأقوال : وإذا لم يعلم السبب استحب التأسي قطعاً والله أعلم "( 21) .
الصلاة قبل صلاة العيد وبعدها :
عن ابن عباس ما : أن النبي ــ ــ صلى يوم الفطر ركعتين ، لم يصل قبلها ولا بعدها " (22)
قال ابن القيم رحمه :" ولم يكن هو ولا أصحابه يصلون إذا انتهوا إلى المصلى شيئا قبل الصلاة ولا بعدها " (23)
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : "والحاصل أن صلاة العيد لم يثبت لها سنة قبلها ولا بعدها خلافاً لمن قاسها على الجمعة" (24)
ولكن ثبت عن أبي سعيد أنه قال : " كان لا يصلي قبل العيد شيئا فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين " (25)
صلاة العيد :
أولا: حكمها:
الراجح من أقوال أهل العلم أنها واجبة على الأعيان من الرجال والنساء والعبيد ، ويرخص للمريض والمسافر والبدو الرحل في عدم شهودها .
قال شيخ الإسلام رحمه الله : " ولهذا رجحنا أن صلاة العيد واجبة على الأعيان كقول أبي حنيفة وغيره وهو أحد أقوال الشافعي وأحد القولين في مذهب أحمد . وقول من قال : لا تجب , في غاية البعد , فإنها من أعظم شعائر الإسلام والناس يجتمعون لها أعظم من الجمعة , وقد شرع فيها التكبير , وقول من قال : هي فرض كفاية لا ينضبط , فإنه لو حضرها في المصر العظيم أربعون رجلا لم يحصل المقصود، وإنما يحصل بحضور المسلمين كلهم كما في الجمعة " .أه (26)
وأما الأدلة على وجوبها :
1ــ أنها من أعظم شعائر الإسلام ,ولذلك لازم النبي ــ ــ فعلها منذ شرعت وكذلك خلفاؤه والمسلمون بعده ولم يعرف قط دار إسلام يترك فيها صلاة العيد .
2ــ الأمر بالخروج لها حتى إنه أمر بإخراج النساء جميعاً حتى الحيض وذوات الخدور .
عن أم عطية ا قالت : أمرنا رسول الله ــ ــ أن نخرج في الفطر والأضحى العواتق والحُيض وذوات الخدور ، فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين قلت : يا رسول الله أحدنا لا يكون
لها جلباب ، قال : لتلبسها أختها من جلبابها " (27)
وفي لفظ : " كنا نؤمر بالخروج في العيدين والمخبأة والبكر " (28)
وفي صحيح الجامع: " وجب الخروج على كل ذات نطاقين في العيدين " (29)
وهذا يدل على توكيد ذلك مع أنه قال في الجمعة والجماعة : " وبيوتهن خير لهن " (30)
وقال أبو بكر الصديق ــ ــ :" حق على كل ذات نطاق الخروج إلى العيدين "(31)
قال البخاري رحمه الله :" وكذلك النساء ومن كان في البيوت لقول النبي ـ ــ هذا عيدنا أهل الإسلام " (32)
فائدة :
قال العلماء : وجوب الخروج على النساء ما لم يكن فتنة أو مشقة .
3ــ ما ثبت عن رسول الله ــ ــ أن العيد إذا وقع في يوم الجمعة أسقط الجمعة (33) , والجمعة واجبة ولا يسقطها إلا واجب . والله أعلم .
ثانياً: وقتها :
قال ابن القيم رحمه الله :" وكان ــ ــ " يؤخرصلاة عيد الفطر ويعجل الأضحى, وكان ابن عمر ــ مع شدة اتباعه للسنة ــ لا يخرج حتى تطلع الشمس" (34)
قال الشيخ أبو بكر الجزائري حفظه الله :" و وقتهما من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى الزوال ، والأفضل أن تصلى الأضحى في أول الوقت ليتمكن الناس من ذبح أضاحيهم وأن تؤخر صلاة الفطر ليتمكن الناس من إخراج صدقاتهم " (35)
ثالثا : هل يؤذن لها ويقام ؟
عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال :" صليت مع رسول الله ــ ــ العيدين غير مرة ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة " (36)
قال ابن القيم :" وكان ــ صلى الله عليه وسلم ــ إذا انتهى إلى المصلى أخذ في الصلاة من غيرأذان ولا إقامة ولا قول : الصلاة جامعة، والسنة أن لا يفعل شيء من ذلك ". (37)
رابعاً : صفة صلاة العيد :
قال النووي رحمه الله : "صلاة العيد ركعتان بالإجماع " (38)
وأما التكبيرات ، فعن عائشة ا أن رسول الله ــ ــ كان يكبر في الفطر والأضحى في الأولى سبع تكبيرات وفي الثانية خمساً سوى تكبيرتي الركوع "(39)
ومذهب الجماهير أن السبع في الأولى كلها زوائد ، قال البغوي رحمه الله : " وهذا قول أكثر أهل العلم من الصحابة فمن بعدهم أنه يكبر في صلاة العيد في الأولى سبعاً سوى تكبيرة الإفتتاح وفي الثانية خمساً سوى تكبيرة القيام قبل القراءة " (40)
فالخلاف في الأولى فقط والأمر فيه سعة .
مسألة: هل يستفتح في العيد ؟ وأين ؟
جمهور أهل العلم يرون الاستفتاح ويرونه بعد تكبيرة الإحرام ثم بعده يكبر الزوائد .
وذهب الأوزاعي وغيره إلى أن الاستفتاح بعد التكبيرات .(41)
والأمر فيه سعة والحمد لله إذ الأمر اجتهاد من العلماء رحمهم الله تعالى .
مسألة : رفع اليدين مع التكبيرات :
قال البغوي رحمه الله : " ورفع اليدين في تكبيرات العيد سنة عند أكثر أهل العلم وهو قول ابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق " (42)
قلت : صحّ رفع اليدين عن ابن عمر وعطاء والأوزاعي وهو مذهب أبي حنيفة واختاره ابن المنذر ومن قبله البخاري وخالف مالك فقال : الرفع مع الإحرام فقط وله قول آخر بالتخيير، وصحّ عن ابن مسعود عدم الرفع ، فالمسألة لللإجتهاد فيها مساغ ، وإن كان الأرجح الرفع والله أعلم .
خامساً : القراءة فيها :
قال الإمام ابن القيم رحمه الله وكان ــ صلى الله عليه وسلم ــ إذا أتم التكبير أخذ في القراءة ، فقرأ فاتحة الكتاب ثم قرأ بعدها ( ق . والقرآن المجيد) في إحدى الركعتين ، وفي الأخرى (اقتربت الساعة وانشق القمر ) وربما قرأ فيهما ( سبح اسم ربك الأعلى ) و ( هل أتاك حديث الغاشية ) وصح هذا وهذا ولم يصح عنه غير ذلك " أه(43)
مسألة : ومن فاتته صلاة العيد
قال البخاري رحمه الله : " باب إذا فاتته العيد يصلي ركعتين " (44)
والصلاة هنا تكون كصلاة الإمام بالتكبيرات الزوائد وإن ترك التكبيرات لا شيء عليه .
قال ابن قدامة رحمه الله : " والتكبيرات والذكر بينها سنة , وليس بواجب، ولا تبطل الصلاة بتركه عمدا ولا سهوا ولا أعلم فيه خلافاً . أه (45)
سادسا: الخطبة بعدها :
السنة في خطبة العيد أن تكون بعد الصلاة .
قال البخاري رحمه الله : " باب ا لخطبة بعد العيد ".(46)
عن ابن عباس قال : " شهدت العيد مع رسول الله ــ ــ وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فكلهم كانوا يصلون قبل الخطبة " (47)
مسألة: التخيير في حضور الخطبة:-
عن عبدالله بن السائب قال : شهدت العيد مع النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ فلما قضى الصلاة قال : "إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب أن يذهب فليذهب "(48)
قال ابن القيم رحمه الله : " ورخص ـ صلى الله عليه وسلم ــ لمن شهد العيد أن يجلس للخطبة أو أن يذهب " (49)
والسنة في خطبة العيد وغيرها من الخطب أن تستفتح بالحمد ، ولم يحفظ عنه ـ صلى الله عليه وسلم ــ غير ذلك . (50) ومن السنة في خطبة العيد تخصيص النساء فيها بموعظة.
سابعاً : التهنئة بالعيد :
قال الحافظ ابن حجر رحمه :" وروّينا في ـ المحامليات ـ بإسناد حسن عن جبير بن نقير قال : كان أصحاب رسول الله ــ ــ إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض : تقبل الله منا ومنك" (51)
والراجح في التهنئة أنها إلى العادات أقرب منه إلى العبادات والأصل في العادات الإباحة ، حتى يرد المنع , ومعلوم أن العادات تختلف من زمان لآخر, ومن مكان لآخر إلا أن أمرا ثبت عن الصحابة أو بعضهم فعله ، وهو اولى من غيره والله اعلم (52) .
-------------------
1. ــ هما يوم النيروز ويوم المهرجان , وانظر عون المعبود [ 3/485] للعظيم آبا دي .
2. ــ صحيح . أخرجه أحمد [ 3/ 103] ــ وأبو داوود [ 1134] والنسائي [ 3/ 179]
3. ــ الفتح الربا ني [ 6/119]
4. ــ لسان العرب [ 3 / 319].
5. ــ فتح الباري لابن رجب [ 6]
6. ــ فتح الباري لابن رجب [ 6 /68].
7. ــ أخرجه البيهقي في السنن .
8. ــ صحيح الجامع [ 2258] .
9. ــ زاد المعاد [441]
10ــ أخرجه مالك في الموطأ [ 1/ 177] وهو في المصنف [5754] بإسناد صحيح.
11. ــ أنظر معرفة أوقات العبادات [ 1/167]
12ــ زاد المعاد[ 1/ 441]
13ــ البخاري [ 886] ومسلم [ 2068]
14ــ فتح الباري له [ 6/ 67]
15ــ حديث حسن رواه الترمذي [ 542] وابن ماجه [1756] وأحمد [5/ 352] .
16ــ أخرجه البخاري [ 956] ومسلم [ 889] .
17ــ زاد المعاد [1/441] .
18ــ انظر صحيح الترمذي [ 1/ 164] .
19ــ السلسلة الصحيحة [ 1/ 330] وانظر رقم [ 171] وانظر صحيح الجامع [ 4934] .
20ــ رواه البخاري [ 986] .
21ــ زاد المعاد [ 1/448 ــ 449] .
22. ــ روضة الطا لبين [ 2/77]
23ـرواه البخاري [ 989].
24ـ زاد المعاد [ 1/443]
25ـ فتح الباري [ 2/ 476]
26ــ صحيح الجامع [ 4859]
27ــ مجموع الفتا وى [ 23/ 161ــ 162]
28ــ رواه البخاري [ 974] ومسلم [ 883] واللفظ له .
29ــ البخاري [ 971] .
30ــ رقم [ 7105] . وهو في السلسلة الصحيحة [ 2408]
31ــ صحيح أخرجه أحمد [ 5468] وأبو داوود [ 567]
32ــ رواه ابن أبي شيبة [ 2/ 182] قال الشيخ الألباني رحمه الله :" رجاله ثقات رجال الشيخين " الصحيحة [ 5/532] .
33. ــ [ 2/550]الفتح .
34ــ راجع سنن أبي داوود [ 1073] وابن ماجه [ 1311]
35ــ زاد المعاد [ 1/442] .
36ــ منهاج المسلم [ 278] وانظر فتح الباري لابن رجب [ 6 /105]
37ــ رواه مسلم [ 887]
38ــ زاد المعاد [ 1/ 442] .
39 ــ المجموع [ 5/17] .
40 ــ صحيح أخرجه أبو داو ود [1150] وابن ماجة [ 1280] .
41ــ شرح السنة [ 4/310]
42ــ انظر تنوير العينين ص [ 149 ــ 150 ] والشرح الممتع [ 5/176] .
43 ــ شرح السنة [ 4/ 310] .
44. ــ زاد المعاد [ 1/443] .
45 ــ الفتح [ 2/ 550] .
46 ــ المغني [ 3/275] .
47ـ فتح الباري [ 2/453]
48 ــ رواه البخاري [ 962] ومسلم [ 884] .
49 رواه أبو داو ود [ 1155] والنسائي [3/185] وابن ماجه [ 1290] والحاكم [ 1/ 295] بإسناد صحيح.
50ــ زاد المعاد [ 1/448] وانظر مجموع الفتاوى [ 24 /214] .
51. ــ انظر زاد المعاد [ 1/447ــ 448] .
52. ــ فتح الباري [ 2/446] .
53. ــ انظر تنوير العينين [ 270 _ 271]
محمد بن غيث
قد منَّ الله على أمة الإسلام إذ جعلها ( خير أمة أخرجت للناس ) والإسلام هو دين الله العظيم الذي ارتضاه للبشرية , ليصلح به كل شأن من شؤون حياتها على مرِّ الزمن وتقلب الدهر ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير )
ومن رحمة الله بهذه الأمة أن جعل لهم يومين في كل عام ينظرون فيهما مصالحهم العامة ويؤكدون فيهما أسباب المودة والمحبة .
عن أنس قال : ( قدم النبي ــ ــ ولأهل المدينة يومان يلعبون فيهما في الجاهلية (1)( فقال : قدمت عليكم , ولكم يومان تلعبون فيهما في الجاهلية , وقدأبدلكم الله بهما خيرا منهما : يوم النحر ويوم الفطر (2) ).
قال الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا :
أي : لأن يومي الفطر والنحر بتشريع الله تعالى واختياره لخلقه ، ولأنهما يعقبان أداء ركنين عظيمين من أركان الإسلام وهما الحج والصيام ، وفيهما يغفر الله للحجاج والصائمين , وينشر رحمته على جميع خلقه الطائعين , أما النيروز والمهرجان , فانهما باختيار حكماء ذاك الزمان لما فيهما من اعتدال الزمن والهواء ونحو ذلك من المزايا الزائلة , فالفرق بين المزيتين ظاهر لمن تأمل ذلك . أه (3)
العيد:
" هو كل يوم فيه جمع يعتاده الناس ويعودون إليه . قال ابن الأعرابي : سميَّ العيد عيداً لأنه يعود كل سنة بفرح مجدد ". (4)
الغسل قبل العيد:
يستحب الغسل للعيد
قال ابن رجب : " وقد نص أحمد على استحبابه وحكى ابن عبد البر الإجماع عليه " (5)
عن زاذان قال : " سأل رجل علياً ــ رضي الله عنه ــ عن الغسل ؟ فقال : أغتسل كل يوم إن شئت ؟ فقال : لا، الغسل الذي هو الغسل ؟ قال : يوم الجمعة ويوم عرفة , ويوم النحر ويوم الفطر "(6). ومما يدل على ذلك قوله : ــ ــ "إن هذا يوم جعله الله عيدا للمسلمين فمن جاء إلى الجمعة فليغتسل " (7)
فدل أن العيد يغتسل له .
قال ابن القيم رحمه الله : " وكان يغتسل للعيدين , صحّ الحديث فيه وفيه حديثان
ضعيفان ". (8)
وأما وقت الغسل :
فانه يبدأ على الراجح من طلوع فجر يوم العيد , لأنه بالفجر يدخل اليوم , وأفضل
أوقاته عند الخروج إلى الصلاة .
عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى "(9)
وعن السائب بن يزيد : " أنه كان يغتسل قبل أن يخرج إلى المصلى " (10)
فالصحيح أن وقت ا لغسل يبدأ من طلوع فجر يوم العيد , وبه قال الشافعية وهو المصحِّح عند الحنابلة .
التجمل للعيد :
قال الإمام بن القيم رحمه الله : " وكان يلبس للخروج إليهما أجمل ثيابه "(11) .
عن ابن عمر ما قال : " أخذ عمر جبّة ً من إستبرق تباع في السوق ، فأخذها , فأتى رسول الله ــ ــ فقال : يا رسول الله ابتع هذه ، تجمّل بها للعيد والوفود ... إلخ " (12)
قال ابن رجب معقباً : " وقد دلّ هذا الحديث على التجمل للعيد وأنه كان معتاداً بينهم " ( 13)
متى يأكل في العيدين ؟ :
عن بريدة قال : " كان النبي ـــ ـــ لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم ,ولا يطعم يوم الأضحى حتى يصلي . " (14)
أين يصلي العيد؟ :-
السنة الصلاة في المصلى والمشي لها.
عن أبي سعيد قال :كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يخرج يوم الفطر و الأضحى إلى المصلى , فأول شيء يبدأ به الصلاة ..." (15)
قال ابن القيم رحمه الله : " كان ــ ــ يصلي العيدين في المصلى ... وهديه كان فعلهما في المصلى دائماً " (16)
وأما المشي :
فقال علي : " من السنة أن تخرج إلى العيد ماشياً" (17)
ومن السنة أن يكبر في الطريق ففي السلسلة الصحيحة أن رسول الله كان يخرج في العيدين مع الفضل بن عباس وعبدالله بن عباس وعلي وجعفر والحسن والحسين ... رافعاً صوته بالتهليل والتكبير "(18)
الذهاب والإياب إلى المصلى :
عن جابر قال : " كان النبي ــ ــ إذا كان يوم عيد خالف الطريق "(19)
قال الإمام ابن القيم رحمه الله : " وكان ــ ــ يخالف الطريق يوم العيد ، فيذهب في طريق ويرجع في آخر ، فقيل ليسلم على أهل الطريقين , وقيل لينال بركته الفريقان , وقيل : ليقضي حاجة من له حاجة منهما , وقيل :ليظهر شعائر الاسلام في سائر الفجاج والطرق , وقيل : ليغيظ المنافقين برؤيتهم عزة الإسلام وأهله ...وقيل لتكثر شهادة البقاع ... وقيل ــ وهو الأصح ــ : إنه لذلك كله ولغيره من الحكم التي لا يخلو فعله عنها " (20).
قال النووي رحمه الله بعد أن ذكر الأقوال : وإذا لم يعلم السبب استحب التأسي قطعاً والله أعلم "( 21) .
الصلاة قبل صلاة العيد وبعدها :
عن ابن عباس ما : أن النبي ــ ــ صلى يوم الفطر ركعتين ، لم يصل قبلها ولا بعدها " (22)
قال ابن القيم رحمه :" ولم يكن هو ولا أصحابه يصلون إذا انتهوا إلى المصلى شيئا قبل الصلاة ولا بعدها " (23)
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : "والحاصل أن صلاة العيد لم يثبت لها سنة قبلها ولا بعدها خلافاً لمن قاسها على الجمعة" (24)
ولكن ثبت عن أبي سعيد أنه قال : " كان لا يصلي قبل العيد شيئا فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين " (25)
صلاة العيد :
أولا: حكمها:
الراجح من أقوال أهل العلم أنها واجبة على الأعيان من الرجال والنساء والعبيد ، ويرخص للمريض والمسافر والبدو الرحل في عدم شهودها .
قال شيخ الإسلام رحمه الله : " ولهذا رجحنا أن صلاة العيد واجبة على الأعيان كقول أبي حنيفة وغيره وهو أحد أقوال الشافعي وأحد القولين في مذهب أحمد . وقول من قال : لا تجب , في غاية البعد , فإنها من أعظم شعائر الإسلام والناس يجتمعون لها أعظم من الجمعة , وقد شرع فيها التكبير , وقول من قال : هي فرض كفاية لا ينضبط , فإنه لو حضرها في المصر العظيم أربعون رجلا لم يحصل المقصود، وإنما يحصل بحضور المسلمين كلهم كما في الجمعة " .أه (26)
وأما الأدلة على وجوبها :
1ــ أنها من أعظم شعائر الإسلام ,ولذلك لازم النبي ــ ــ فعلها منذ شرعت وكذلك خلفاؤه والمسلمون بعده ولم يعرف قط دار إسلام يترك فيها صلاة العيد .
2ــ الأمر بالخروج لها حتى إنه أمر بإخراج النساء جميعاً حتى الحيض وذوات الخدور .
عن أم عطية ا قالت : أمرنا رسول الله ــ ــ أن نخرج في الفطر والأضحى العواتق والحُيض وذوات الخدور ، فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين قلت : يا رسول الله أحدنا لا يكون
لها جلباب ، قال : لتلبسها أختها من جلبابها " (27)
وفي لفظ : " كنا نؤمر بالخروج في العيدين والمخبأة والبكر " (28)
وفي صحيح الجامع: " وجب الخروج على كل ذات نطاقين في العيدين " (29)
وهذا يدل على توكيد ذلك مع أنه قال في الجمعة والجماعة : " وبيوتهن خير لهن " (30)
وقال أبو بكر الصديق ــ ــ :" حق على كل ذات نطاق الخروج إلى العيدين "(31)
قال البخاري رحمه الله :" وكذلك النساء ومن كان في البيوت لقول النبي ـ ــ هذا عيدنا أهل الإسلام " (32)
فائدة :
قال العلماء : وجوب الخروج على النساء ما لم يكن فتنة أو مشقة .
3ــ ما ثبت عن رسول الله ــ ــ أن العيد إذا وقع في يوم الجمعة أسقط الجمعة (33) , والجمعة واجبة ولا يسقطها إلا واجب . والله أعلم .
ثانياً: وقتها :
قال ابن القيم رحمه الله :" وكان ــ ــ " يؤخرصلاة عيد الفطر ويعجل الأضحى, وكان ابن عمر ــ مع شدة اتباعه للسنة ــ لا يخرج حتى تطلع الشمس" (34)
قال الشيخ أبو بكر الجزائري حفظه الله :" و وقتهما من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى الزوال ، والأفضل أن تصلى الأضحى في أول الوقت ليتمكن الناس من ذبح أضاحيهم وأن تؤخر صلاة الفطر ليتمكن الناس من إخراج صدقاتهم " (35)
ثالثا : هل يؤذن لها ويقام ؟
عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال :" صليت مع رسول الله ــ ــ العيدين غير مرة ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة " (36)
قال ابن القيم :" وكان ــ صلى الله عليه وسلم ــ إذا انتهى إلى المصلى أخذ في الصلاة من غيرأذان ولا إقامة ولا قول : الصلاة جامعة، والسنة أن لا يفعل شيء من ذلك ". (37)
رابعاً : صفة صلاة العيد :
قال النووي رحمه الله : "صلاة العيد ركعتان بالإجماع " (38)
وأما التكبيرات ، فعن عائشة ا أن رسول الله ــ ــ كان يكبر في الفطر والأضحى في الأولى سبع تكبيرات وفي الثانية خمساً سوى تكبيرتي الركوع "(39)
ومذهب الجماهير أن السبع في الأولى كلها زوائد ، قال البغوي رحمه الله : " وهذا قول أكثر أهل العلم من الصحابة فمن بعدهم أنه يكبر في صلاة العيد في الأولى سبعاً سوى تكبيرة الإفتتاح وفي الثانية خمساً سوى تكبيرة القيام قبل القراءة " (40)
فالخلاف في الأولى فقط والأمر فيه سعة .
مسألة: هل يستفتح في العيد ؟ وأين ؟
جمهور أهل العلم يرون الاستفتاح ويرونه بعد تكبيرة الإحرام ثم بعده يكبر الزوائد .
وذهب الأوزاعي وغيره إلى أن الاستفتاح بعد التكبيرات .(41)
والأمر فيه سعة والحمد لله إذ الأمر اجتهاد من العلماء رحمهم الله تعالى .
مسألة : رفع اليدين مع التكبيرات :
قال البغوي رحمه الله : " ورفع اليدين في تكبيرات العيد سنة عند أكثر أهل العلم وهو قول ابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق " (42)
قلت : صحّ رفع اليدين عن ابن عمر وعطاء والأوزاعي وهو مذهب أبي حنيفة واختاره ابن المنذر ومن قبله البخاري وخالف مالك فقال : الرفع مع الإحرام فقط وله قول آخر بالتخيير، وصحّ عن ابن مسعود عدم الرفع ، فالمسألة لللإجتهاد فيها مساغ ، وإن كان الأرجح الرفع والله أعلم .
خامساً : القراءة فيها :
قال الإمام ابن القيم رحمه الله وكان ــ صلى الله عليه وسلم ــ إذا أتم التكبير أخذ في القراءة ، فقرأ فاتحة الكتاب ثم قرأ بعدها ( ق . والقرآن المجيد) في إحدى الركعتين ، وفي الأخرى (اقتربت الساعة وانشق القمر ) وربما قرأ فيهما ( سبح اسم ربك الأعلى ) و ( هل أتاك حديث الغاشية ) وصح هذا وهذا ولم يصح عنه غير ذلك " أه(43)
مسألة : ومن فاتته صلاة العيد
قال البخاري رحمه الله : " باب إذا فاتته العيد يصلي ركعتين " (44)
والصلاة هنا تكون كصلاة الإمام بالتكبيرات الزوائد وإن ترك التكبيرات لا شيء عليه .
قال ابن قدامة رحمه الله : " والتكبيرات والذكر بينها سنة , وليس بواجب، ولا تبطل الصلاة بتركه عمدا ولا سهوا ولا أعلم فيه خلافاً . أه (45)
سادسا: الخطبة بعدها :
السنة في خطبة العيد أن تكون بعد الصلاة .
قال البخاري رحمه الله : " باب ا لخطبة بعد العيد ".(46)
عن ابن عباس قال : " شهدت العيد مع رسول الله ــ ــ وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فكلهم كانوا يصلون قبل الخطبة " (47)
مسألة: التخيير في حضور الخطبة:-
عن عبدالله بن السائب قال : شهدت العيد مع النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ فلما قضى الصلاة قال : "إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب أن يذهب فليذهب "(48)
قال ابن القيم رحمه الله : " ورخص ـ صلى الله عليه وسلم ــ لمن شهد العيد أن يجلس للخطبة أو أن يذهب " (49)
والسنة في خطبة العيد وغيرها من الخطب أن تستفتح بالحمد ، ولم يحفظ عنه ـ صلى الله عليه وسلم ــ غير ذلك . (50) ومن السنة في خطبة العيد تخصيص النساء فيها بموعظة.
سابعاً : التهنئة بالعيد :
قال الحافظ ابن حجر رحمه :" وروّينا في ـ المحامليات ـ بإسناد حسن عن جبير بن نقير قال : كان أصحاب رسول الله ــ ــ إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض : تقبل الله منا ومنك" (51)
والراجح في التهنئة أنها إلى العادات أقرب منه إلى العبادات والأصل في العادات الإباحة ، حتى يرد المنع , ومعلوم أن العادات تختلف من زمان لآخر, ومن مكان لآخر إلا أن أمرا ثبت عن الصحابة أو بعضهم فعله ، وهو اولى من غيره والله اعلم (52) .
-------------------
1. ــ هما يوم النيروز ويوم المهرجان , وانظر عون المعبود [ 3/485] للعظيم آبا دي .
2. ــ صحيح . أخرجه أحمد [ 3/ 103] ــ وأبو داوود [ 1134] والنسائي [ 3/ 179]
3. ــ الفتح الربا ني [ 6/119]
4. ــ لسان العرب [ 3 / 319].
5. ــ فتح الباري لابن رجب [ 6]
6. ــ فتح الباري لابن رجب [ 6 /68].
7. ــ أخرجه البيهقي في السنن .
8. ــ صحيح الجامع [ 2258] .
9. ــ زاد المعاد [441]
10ــ أخرجه مالك في الموطأ [ 1/ 177] وهو في المصنف [5754] بإسناد صحيح.
11. ــ أنظر معرفة أوقات العبادات [ 1/167]
12ــ زاد المعاد[ 1/ 441]
13ــ البخاري [ 886] ومسلم [ 2068]
14ــ فتح الباري له [ 6/ 67]
15ــ حديث حسن رواه الترمذي [ 542] وابن ماجه [1756] وأحمد [5/ 352] .
16ــ أخرجه البخاري [ 956] ومسلم [ 889] .
17ــ زاد المعاد [1/441] .
18ــ انظر صحيح الترمذي [ 1/ 164] .
19ــ السلسلة الصحيحة [ 1/ 330] وانظر رقم [ 171] وانظر صحيح الجامع [ 4934] .
20ــ رواه البخاري [ 986] .
21ــ زاد المعاد [ 1/448 ــ 449] .
22. ــ روضة الطا لبين [ 2/77]
23ـرواه البخاري [ 989].
24ـ زاد المعاد [ 1/443]
25ـ فتح الباري [ 2/ 476]
26ــ صحيح الجامع [ 4859]
27ــ مجموع الفتا وى [ 23/ 161ــ 162]
28ــ رواه البخاري [ 974] ومسلم [ 883] واللفظ له .
29ــ البخاري [ 971] .
30ــ رقم [ 7105] . وهو في السلسلة الصحيحة [ 2408]
31ــ صحيح أخرجه أحمد [ 5468] وأبو داوود [ 567]
32ــ رواه ابن أبي شيبة [ 2/ 182] قال الشيخ الألباني رحمه الله :" رجاله ثقات رجال الشيخين " الصحيحة [ 5/532] .
33. ــ [ 2/550]الفتح .
34ــ راجع سنن أبي داوود [ 1073] وابن ماجه [ 1311]
35ــ زاد المعاد [ 1/442] .
36ــ منهاج المسلم [ 278] وانظر فتح الباري لابن رجب [ 6 /105]
37ــ رواه مسلم [ 887]
38ــ زاد المعاد [ 1/ 442] .
39 ــ المجموع [ 5/17] .
40 ــ صحيح أخرجه أبو داو ود [1150] وابن ماجة [ 1280] .
41ــ شرح السنة [ 4/310]
42ــ انظر تنوير العينين ص [ 149 ــ 150 ] والشرح الممتع [ 5/176] .
43 ــ شرح السنة [ 4/ 310] .
44. ــ زاد المعاد [ 1/443] .
45 ــ الفتح [ 2/ 550] .
46 ــ المغني [ 3/275] .
47ـ فتح الباري [ 2/453]
48 ــ رواه البخاري [ 962] ومسلم [ 884] .
49 رواه أبو داو ود [ 1155] والنسائي [3/185] وابن ماجه [ 1290] والحاكم [ 1/ 295] بإسناد صحيح.
50ــ زاد المعاد [ 1/448] وانظر مجموع الفتاوى [ 24 /214] .
51. ــ انظر زاد المعاد [ 1/447ــ 448] .
52. ــ فتح الباري [ 2/446] .
53. ــ انظر تنوير العينين [ 270 _ 271]
تعليق