لماذا لا نتكلم ؟
ـ .... ألا نأخذ نحن العِبرة والعِظة من هذه الثورة المباركة ؟ ، ألا نأخذ منها لحظة الانطلاق والجُرأة والانتشار والتجديد وعدم الانطواء ؟
ـ هل نَنْتَظِر أنْ يَفعل اللهُ بنا كما فَعله بِقوم يونس عليه السلام حينما كذبوه وعادوه ولم يؤمنوا بما جاء به من عند الله تعالى .... فيَبتلينا الله بعقوبات من عنده ... بزلزال أو بسيل عارم أو بطاعون أو يخسف الله بنا الأرض أو يقبض الله أرواحنا ونحن على حالنا هذا وكثرة معاصينا وترك نصحنا لغيرنا وانتشار المعاصي بيننا حتى أصبحت المعصية أمراً عادياً .... ساعتها لا ينفع النزول والاعتصام في ميدان التحرير ولا حتى كل الميادين في جميع البلاد ... إلا أن يمُنّ الله علينا فنؤمن به ونرجع عن معاصينا ... فيكشف الله عنا الكربة والغُمة ... كما كشفه عن قوم يونس لما آمنوا ...
ـ حينها يقول المرء منا : كنت أُريد أن أنصح أخي وأختي بترك هذه المعصية ، ولكن........( أين عذرك ؟ أهناك تضييق عليك اليوم ؟ أهناك اضطهاد ؟.... أم أننا إلى الآن لمن نشعر بأن الاضطهاد والظلم قد زالا ... ؟ أم أننا في لحظة ذهول في زوال الظلم عنا ... ؟ هل ننتظر أن تستقر الأوضاع السياسية في البلاد لنبدأ في الدعوة الجديدة والنصح للمسلمين ، أم نبدأ من الآن .... ؟ )
ـ إذا رأينا مدخناً في الطريق أو في أي مكان لماذا لا نتكلم ... فننصحه بالحسنى بالكلمة الطيبة أو بمطوية صغيرة أن يترك ذلك مرة ومرتين وثلاث مرات ....
ـ إذا رأينا امرأة متبرجة في الطريق أو في أي مكان لماذا لا نتكلم ... فتنصحها الأخت المسلمة بالحسنى بالكلمة الطيبة أو بمطوية صغيرة أن تترك ذلك مرة ومرتين وثلاث مرات ....
ـ إذا رأينا وقت الصلاة شباباً لا يُصلّون لماذا لا نتكلم ... فننصحهم بالحسنى بالكلمة الطيبة أو بمطوية صغيرة أن يُقبِلُوا على الصلاة مرة ومرتين وثلاث مرات ....
ـ لماذا لا نتكلم ... فنحض الناس على الإكثار من ذكر الله عز وجل .
ـ لماذا لا نتكلم ... فنحض الناس على العمل الصالح .
ـ لماذا لا نتكلم ... فنحض الناس على الإقبال على الله عز وجل والاهتمام بما ينفعهم في الدنيا والآخرة .
ـ أيّ عذر لنا إن قَبَضَنَا الله على ما هي عليه أمة محمد صلى الله عليه وسلم الآن ؟
ـ ألا نستطيع أن نكتب وريقة صغيرة ننصح فيها إخواننا العصاة أن يتركوا المعصية ويُقبلوا على الله عز وجل ؟
ـ إنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان ينام على الحصير ، وكان يرقع ثوبه ، وكانت حجرته صغيرة وليست بالكبيرة ، وكان يقابله الصحابة في الطريق جائعاً ، وكان طعامه عادياً ....
ـ هل نستثقل نصيحتنا للآخرين ؟ أم هل ننتظرهم ليأتوا إلينا فنقول لهم تفضلوا قبّلوا أيدينا لننصحكم ؟ أم هل نحن منشغلون بالدنيا عن الآخرة ؟ أم هل الأمر ينتظر موافقة الجهات الرسمية الحكومية والدعوية والسياسية حتى يُصرحوا لنا بجواز النصيحة للمسلمين ؟
ـ ما الفرق بين ما قمنا به في استفتاء 19/3/2011 ، وانتخابات مجلس الشعب والشورى والرئاسة من نزولنا بين الناس بقوة ملحوظة ، ووقوفنا الساعات الطويلة في الشوارع ، لحث الناس على تأييد مرشحنا الإسلامي ؟ وبين نزولنا بين الناس لنصحهم بتقريبهم من الله وتنفيرهم من معصيته ؟
ـ بل حدثوني ما الفرق بين ما قمنا به في استفتاء 19/3/2011 ، وانتخابات مجلس الشعب والشورى والرئاسة من إنفاقنا الأموال الباهظة على الملصقات واللافتات ، لحث الناس على تأييد مرشحنا الإسلامي ؟ وبين إنفاق الأموال على الكتيبات والمطويات والوريقات لنصح الناس بالموعظة الحسنة ؟
ـ هل أصبح اليوم الدعوة إلى مشاهدة السياسة والتكلم فيها من صغيرنا إلى كبيرنا أمراً عادياً لا يحتاج إلى استئذان ، وأصبح النصح والإرشاد والدعوة إلى الله تعالى أمراً يحتاج إلى استئذان ؟
ـ هل ندعو إلى الله بقوة نشاط حينما يضيّق علينا ؟ وحينما يُفسح لنا ويُوسع علينا يَضعف هذا النشاط ويَقل عما كنّا عليه سابقاً ؟
ـ لقد أوضحت لنا ثورة 25 يناير شيئاً مهماً ، لم يتضح إلا بها ، أنّ جماعة المسلمين ليست بكثرتهم ولكن جماعتهم بثبوت قلتهم على الحق .
ـ لعل في هذا الكلام كفاية ، وخطاباً لجميع طوائف المسلمين أننا مقصرون في الدعوة فضلاً عن تجديدها بما يتلاءم مع ما من الله به علينا .
ـ ولعل كاتب هذا الكلام يَستفيد منه قبل أنْ يَستفيد منه الآخرين ، فيسبقهم إلى الخير قبل أن يسبقوه إليه .
جعلنا الله ممن قال فيهم (أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ)(المؤمنون:61).
اللهم آمين .
د/ أبو مسلم خالد مصطفى الوكيل.
تعليق