أزمـــــــــــــة في نزهــــــــــــة !
بقلم: أ.هناء الحمراني
تمر علينا بعض الأوقات الحافلة بالضغوط والمشكلات.. تكتم أنفاسنا..وتعمي أبصارنا وقلوبنا..فتحرمنا الرؤية الواضحة..
مشكلات أسرية..مشاكل في العمل..عقبة في مشروع مستقبلي..صعوبات دراسية..نتائج أخطاء ارتكبناها قديما..
كل هذا يجعلنا نفكر في كيفية الخلاص والخروج ونرى أننا كالسفينة التي تبحث عن مخرج من عنق الزجاجة!
إذا سألت أحدا (هل تصفو الحياة لأحد أبدا؟) يقول (بالطبع لا..فنحن في الدنيا والدنيا دار بلاء واختبار) يمكن أن تجد من يجيبك بنعم..وإذا نظرت إلى هذا المجيب ستكتشف بأنه طفل لم يتجاوز السابعة!
وعندما يتعرض أحدنا إلى موقف عصيب..ينظر إلى الأمر وكأنه نهاية العالم..وأن الشمس لن تشرق بعد اليوم..وربما يتجرأ فيقول (إن حياتي كلها نكد!)
وننسى إيماننا بأن الحياة لم تصف لأحد نبيا كان أو حقيرا..
بكل بساطة نقف أمام أزماتنا عاجزين..ولولا عجزنا لما أسميناها أزمة أو مشكلة..في حين يرانا ذوو الخبرة والحكمة وكأننا في نزهة برية..
والحق أننا قد نكون كذلك..والفرق هو أننا لم نستمتع بهذه النزهة حتى وإن كنا قد خرجنا إليها راضين مغتبطين..فما واجهناه من أحداث خلالها جعلنا نفكر بأن من المستحسن قطع نزهتنا حالا مهما كانت التضحيات..
وإذا عدنا إلى الواقع نرى أن (عملية قطع النزهة) يعني أن ننسحب من وظيفة كنا نحبها بسبب مواجهة بعض الصعوبات فرأينا أن من الأفضل الاستقالة لأن ما هو قادم لن يكون أفضل مما مضى..
وقد يسمى (طلاقا) إذا كان انسحابا من الحياة الزوجية..وقد يسمى فشلا دراسيا..أو انطواءا وعزلة عن المجتمع أو غيرها من الانقطاعات التي نقوم بإقرارها حالما نشعر بالعجز..
لا أحد يحب المشاكل..ولا يتمنى أن يمر بها..وبافتراض ذلك فإن لدينا ثلاث خيارات...
إما أن نستسلم لها ونعيش في دوامتها..وقد نجد من ضحايا هذا الخيار أشخاصا كثر حولنا..فتجدهم هذا العام يتحدثون عن سوء علاقتهم بشريك حياتهم مثلا..وبعد عشرة أعوام تسأله عن حاله فيعيد على مسامعك نفس الكلام وكأنه لم يتقلب أو يتغير مع تغير السنوات..وبعد خمسة أعوام أخرى تسأله فيبشرك بأنه قد استراح من معاناته لأن الموت قد تدخل بأخذ الطرف الآخر..
أي أنه لا يسعى لحل مشاكله..وإن سعى فلمرة أو مرتين وحالما يرى أنه فشل في الوصول إلى حل أو فشل في تطبيقه..يستسلم منتظرا المعجزات أو ظروف الحياة كي تقوم هي برفع الأذى عنه..
خيارنا الثاني هو أن ننسحب قبل المواجهة أو في منتصف الطريق.. ظنا منا بأننا سنستريح إلى الأبد من ويلات مشاكلنا..
والانسحاب يعني خسارة الخبرة..والمستوى الذي جاهدنا للوصول إليه..وأشخاصا كنا أو ما زلنا نحبهم..ولكننا لم نمتلك القوة الكافية للاحتفاظ بهم..
أما خيارنا الثالث فهو أن نواجه هذه الصعوبات..وأن نبحث عن الحل..ونستشير من يمكنه الوقوف بجانبنا برأيه السديد..وحكمته..
ولو تأملنا لوجدنا أن الخيار الثالث هو الأفضل..فالمواجهة..ومحاولة إيجاد الحلول..والسعي إلى تطبيقها..لا يكتفي بأن يجعلنا نصل إلى بر الأمان وحسب..بل يتعدى ذلك إلى أن يعطينا خبرة جديدة..تساعدنا على مواجهة ظروف مشابهة في المستقبل..
ويساعدنا أيضا على تفهم الأطراف المشاركة في هذه الأزمة وتحويل الكثير من العداوات إلى صداقات..وعلاقات إيجابية..
وبعد سنوات تأتي لتسأل هذا (خبيرنا الجديد) شاكيا وباكيا من أزمة مرت بك فيقول لك(لا تقلق كثيرا يا بني..فما أنت إلا في نزهة تحتاج إلى صبر وحسن تصرف)
فالصبر وحده يعني البقاء على الحال..
والتصرف وحده يعني أن نتحرك مهما كانت النتائج إما سلبا أو إيجابا..
والصبر مع حسن التصرف يعني الخروج بنجاح من الأزمات ..بإذن الله..
تعليق