التطبيق العملي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كالتطبيق لسائر الأمور العلمية والدعوية.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:1 ـ كما أن علم مصطلح الحديث وعلم الرجال..وعلم التجويد..وأحكام القرآن ..والقراءات...لا تؤتي ثمرتها بإتقان وإحكام إلا بالممارسة وبالطريقة العلمية والعملية كل فيما يخصه...وبالجلوس على يد الشيخ المجاز والمتقن لذلك..حتى يصبح المرء متمكنا فيما يقرؤه نظريا ، فيسهل تطبيقه عمليا..
2 ـ كذلك الحال مع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يؤتي ثمرته ولا يفعّل دوره إلا بالطريقة العملية وبالقدوة التي تنفذ ذلك على أرض الواقع، بعد أن يدرس المرء ما ينبغي أن يهتم به من أمور وآداب متعلقة بشأن هذا الأمر العظيم...
3 ـ فكم من كتاب ودرس وندوة ومحاضرة وخطبة عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولكن لا مطبق لذلك ولا حريص على تنفيذ ذلك ـ إلا من رحم الله ـ.
4 ـ والسبب في ذلك أنه أمر يختص بالعمل أكثر منه بالقول..
5 ـ فالأمة اليوم تحتاج إلى الجرأة والنزول إلى الناس من الأماكن العالية لتحثها على الخير وتنصحها في البعد عن الأمر المنهي عنه بالحكمة والموعظة الحسنة.
6 ـ فكم من حاث لذلك يستطرد كلامه وكتاباته بالحث على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في صفحات طويلة وندوات كثيرة، ثم في نهاية حديثه وكتابه يوقف المرء بل ويوقعه في الحرج ـ من غير قصد ـ فيخوفه من أن يترتب على ما يريد أن يأمر به أو ينهى عنه مضرة أكبر مما يحاول أن يصلحه...فعندئذ يترك المرء ذلك خوفا منه، وإراحة لما قد يحدث له.
7 ـ فمن غير المعقول أن الخطيب والمدرس والمحاضر والمربي والداعية والعالم يقال عنهم أن عملهم كله صواب ولا يوجد أدنى خطأ فيما يعملونه ، وأن الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر لا يقدم عليه إلا إذا اقتنع وتأكد أن فعله هذا خال من الأضرار مائة بالمائة.
8 ـ ولكن الصواب مع كثرة التجربة وتصحيح الخطأ وتحمل المكروه ، يصبح المرء لديه من الخبرة والجرأة ما يستطيع أن يثبّت نفسه ويقوي إرادته وعزيمته على الاستمرار في ذلك الأمر ويحث الآخرين عليه.
9 ـ أما أن يكون جل كلامنا نظريا وعرضا للآيات والأحاديث مع عدم تفعيل ذلك عمليا ، والطلب من المُقدم على ذلك أن يكون فعله هذا صحيح مائة بالمائة بدون أدنى سلبيات ، فهذا هو الذي لا يمكن إيجاده ابتداءا.
تعليق