القناعــــــــــــة
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة غاياتنا
القــنـاعـــــــة
الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ..
أما بعــــــــــــد ..
فإن من الصفات الجميلة التي يسعى إليها العقلاء تحصيل القناعة في كل ما آتاهم الله جلَّ وعلا من الأرزاق والنعم , فيقنعون بما لديهم من مال وما لديهم من خير , لكن العلم والإيمان يحرصون على الاستزادة فيه .
القناعــــــــــة .. رضى بالمقسوم من الأرزاق , ويترتّب عليه هناءة المرء وراحة باله وسعادته في دنياه ..
القناعـــــــــة .. نعمة عظيمة ينعم الله بها على بعض عباده فترتاح قلوبهم ..
فسّرت الحياة الطيّبة في قوله تعالى (( فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً))[النحل :97] بأنها القناعة والرضا والرزق الحسن , كثرة المال لا تغني عن العبد ولا تورثه السعادة إلّا إذا استعملها الإنسان في الخير , يقول النبي صلى الله عليه وسلم :{{ ليس الغنى عن كثرة العرض ولكنَّ الغنى غنى النفس }} كما في الصحيحين .
من أسبـــــــــــاب قناعــــــــــــــــــــــــــــة المرء :
عدم تطلّعه إلى ما لدى غيره من النعم , لا يتطلّع إلى ما فضّل الله به غيره من بني آدم في أمور الدنيا بل يطالع من هو أقل منه ,
قال تعالى (( وَلاَ تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللَّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا[32]))[ النساء] .
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول :{{ انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فإنه أجدر ألّا تزدروا نعم الله عليكم }} كما في الصحيحين .
بل أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن من حصّل العفاف في الأرزاق فإن الله جلَّ وعلا يجعله يكتفي بذلك ويستغني به عن الآخرين كما قال صلى الله عليه وسلم :{{ ومن يستعفف يُعفّه الله ومن يستغنِ يغنه الله }} كما في الصحيحين .
إن القناعة يحصل بها الفلاح والنجاح , فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :{{ قد أفلح من أسلم و رُزق كفافاً وقنّعه الله بما أتاه }} ,
جاء في صحيح ابن حبّان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :{{ طوبى لمن هدي إلى الإسلام وكان عيشه كفافا وقنّعه الله بما أتاه }} .
وجاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :{{ والله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى وأخاف أن تُبسط عليكم الدنيا فتنافسوها كما تنافسها من قبلكم فتهلككم كما أهلكتهم }} .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم مبيناً آثار القناعة :{{ من أصبح معافاً في بدنه .. آمناً في سربه .. عنده قوت يومه وليلته فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها }} .
إنَّ عدم القناعة يورث مفاسد عظيمة :
من ذلك إفساد دين المرء , وإفساد شرفه , وإفساد مروءته , وإفساد مكانته , وإفساد منزلته عند الخلق , وإفساد صدقه وسمعته , فعدم القناعة سبب من أسباب الشرور في الدنيا والآخرة , ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
{{ ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص الرجل على المال والشرف لدينه }}
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ربه أن يجعله من القناعة فيقول :{{ ربي قنعني بما رزقتني }} ,
و ورد أن هذا من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بين الركنين :{{ ربي قنعني بما رزقتني وبارك لي فيه واخلف عليّ كل غائبة بخير }} .
القناعة لا تعني أن يرد العبد ما رزقه الله .. القناعة لا تعني عدم اكتساب العبد وبذله الأسباب في الإكتساب ,
هذا ليس من مفهوم القناعة في شيء ,
وإنما القناعة تعني أن لا يتطلّع الإنسان إلى ما في يد غيره من نعم الله , تعني عدم حزن العبد لفوات بعض الأرزاق عليه ,
فمن كان كذلك كان قانعاً ..هانئاً بنعم الله عليه , فما أعظم بركة الله عليه .
يقول حكيم ابن حزام :[[ سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني, ثم سألته فأعطاني, ثم سألته فأعطاني, ثم قال : يا حكيم إن هذا المال خضر حلو فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه , ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه , وكان كالذي يأكل ولا يشبع ]] .
يقول الصحابي الجليل سعد ابن أبي وقاص رضي الله عنه :[[ إذا طلبت
الغنى فاطلبه بالقناعة فإنها مال لا ينفد , وإيّاك والطمع فإنه فقر حاضر ,
وعليك باليأس فإنك لم تيأس من شيء قط إلّا أغناك الله عنه ]] .
لا يترك الإنسان القناعــــــــــــــــــــة إلّا لأحد أمرين :
# إما حرص وجشع ..
# وإما خسّة ومناءة ومهانة نفس ..
القناعة من أسباب بركة رزق الإنسان, قال الصحابي الجليل أنس :[[ أربع من الشقاء : جمود العين ـــ و قساوة القلب ـــ وطول الأمل ـــ والحرص ]] الحرص هو الذي ينافي القناعة .
ورد عن بعض السلف أنه قال :[[ الحرص على الدنيا رأس كل خطيئة , وأصل كل بليّة , وأساس كل رزيّة ]] .
في المثل : القناعة كنز لا يفنى ... وأطيب العيش القناعة .
قال بعض الناس : ( أول ذنب عُصي الله به الحرص والكبر والحسد ,
فالحرص من آدم عندما رغب في الشجرة ورغب في الخلود , والكبر من إبليس , والحسد من قابيل ) .
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى :[[ لسوء الخاتمة أسباب أعظمها الانكباب على الدنيا وطلبها والحرص عليها والإعراض عن الآخرة ]] .
إن من الأسباب التي تجعل الإنسان يتصف بصفة القناعة :
العلم بأن الأرزاق بيد الله (( يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ [62]))[العنكبوت] وإذا علم العبد أن الله تكفّل بإيصال رزق كل إنسان وما قدّر إليه فإنه حينئذٍ يقنع (( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا [6]))[هود] ,
جاء في الحديث :{{ إن الرزق ليطلب العبد كما يطلبه أجله }} .
الحرص يُنقص دين المرء عند الله وعند خلقه .. الحرص لا يستجلب رزقا .. ولا يؤثّر في قضاء الله {{ لا تستبطؤا رزق الله فإنه لن يموت عبد حتى يستكمل رزقه }} كما ورد ذلك في الحديث .
الحرص يؤثّر على قلب الإنسان ..يُنقص من تقواه , يُنقص من قدرته على معرفة الأمور بحقائقها , يورث ما يرفع طمأنينة القلب وانشراح الصدر ,
بينما الجشع يورث قلق القلب واضطرابه وهمّه وغمّه .
عدم القناعة تؤدي بالمرء إلى الشح والبخل الذي وردت النصوص بالنهي عنهما وترتيب المفاسد الكثيرة عليهما ..
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ..
(( وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ))[الحشر :9] ..
أسأل الله جلَّ وعلا أن يوفقنا وإيّاكم للخير وأن يرزقنا القناعة بما رزقنا الله , وأسأله جلَّ وعلا أن يجعلنا ممن لا يتطلّع إلى حرام أو يتطلّع إلى ما في أيدي الآخرين ..
هذا والله أعلم ..وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعيــــــــــــــن ....
منقول
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة غاياتنا
القــنـاعـــــــة
الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ..
أما بعــــــــــــد ..
فإن من الصفات الجميلة التي يسعى إليها العقلاء تحصيل القناعة في كل ما آتاهم الله جلَّ وعلا من الأرزاق والنعم , فيقنعون بما لديهم من مال وما لديهم من خير , لكن العلم والإيمان يحرصون على الاستزادة فيه .
القناعــــــــــة .. رضى بالمقسوم من الأرزاق , ويترتّب عليه هناءة المرء وراحة باله وسعادته في دنياه ..
القناعـــــــــة .. نعمة عظيمة ينعم الله بها على بعض عباده فترتاح قلوبهم ..
فسّرت الحياة الطيّبة في قوله تعالى (( فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً))[النحل :97] بأنها القناعة والرضا والرزق الحسن , كثرة المال لا تغني عن العبد ولا تورثه السعادة إلّا إذا استعملها الإنسان في الخير , يقول النبي صلى الله عليه وسلم :{{ ليس الغنى عن كثرة العرض ولكنَّ الغنى غنى النفس }} كما في الصحيحين .
من أسبـــــــــــاب قناعــــــــــــــــــــــــــــة المرء :
عدم تطلّعه إلى ما لدى غيره من النعم , لا يتطلّع إلى ما فضّل الله به غيره من بني آدم في أمور الدنيا بل يطالع من هو أقل منه ,
قال تعالى (( وَلاَ تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللَّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا[32]))[ النساء] .
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول :{{ انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فإنه أجدر ألّا تزدروا نعم الله عليكم }} كما في الصحيحين .
بل أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن من حصّل العفاف في الأرزاق فإن الله جلَّ وعلا يجعله يكتفي بذلك ويستغني به عن الآخرين كما قال صلى الله عليه وسلم :{{ ومن يستعفف يُعفّه الله ومن يستغنِ يغنه الله }} كما في الصحيحين .
إن القناعة يحصل بها الفلاح والنجاح , فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :{{ قد أفلح من أسلم و رُزق كفافاً وقنّعه الله بما أتاه }} ,
جاء في صحيح ابن حبّان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :{{ طوبى لمن هدي إلى الإسلام وكان عيشه كفافا وقنّعه الله بما أتاه }} .
وجاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :{{ والله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى وأخاف أن تُبسط عليكم الدنيا فتنافسوها كما تنافسها من قبلكم فتهلككم كما أهلكتهم }} .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم مبيناً آثار القناعة :{{ من أصبح معافاً في بدنه .. آمناً في سربه .. عنده قوت يومه وليلته فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها }} .
إنَّ عدم القناعة يورث مفاسد عظيمة :
من ذلك إفساد دين المرء , وإفساد شرفه , وإفساد مروءته , وإفساد مكانته , وإفساد منزلته عند الخلق , وإفساد صدقه وسمعته , فعدم القناعة سبب من أسباب الشرور في الدنيا والآخرة , ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
{{ ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص الرجل على المال والشرف لدينه }}
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ربه أن يجعله من القناعة فيقول :{{ ربي قنعني بما رزقتني }} ,
و ورد أن هذا من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بين الركنين :{{ ربي قنعني بما رزقتني وبارك لي فيه واخلف عليّ كل غائبة بخير }} .
القناعة لا تعني أن يرد العبد ما رزقه الله .. القناعة لا تعني عدم اكتساب العبد وبذله الأسباب في الإكتساب ,
هذا ليس من مفهوم القناعة في شيء ,
وإنما القناعة تعني أن لا يتطلّع الإنسان إلى ما في يد غيره من نعم الله , تعني عدم حزن العبد لفوات بعض الأرزاق عليه ,
فمن كان كذلك كان قانعاً ..هانئاً بنعم الله عليه , فما أعظم بركة الله عليه .
يقول حكيم ابن حزام :[[ سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني, ثم سألته فأعطاني, ثم سألته فأعطاني, ثم قال : يا حكيم إن هذا المال خضر حلو فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه , ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه , وكان كالذي يأكل ولا يشبع ]] .
يقول الصحابي الجليل سعد ابن أبي وقاص رضي الله عنه :[[ إذا طلبت
الغنى فاطلبه بالقناعة فإنها مال لا ينفد , وإيّاك والطمع فإنه فقر حاضر ,
وعليك باليأس فإنك لم تيأس من شيء قط إلّا أغناك الله عنه ]] .
لا يترك الإنسان القناعــــــــــــــــــــة إلّا لأحد أمرين :
# إما حرص وجشع ..
# وإما خسّة ومناءة ومهانة نفس ..
القناعة من أسباب بركة رزق الإنسان, قال الصحابي الجليل أنس :[[ أربع من الشقاء : جمود العين ـــ و قساوة القلب ـــ وطول الأمل ـــ والحرص ]] الحرص هو الذي ينافي القناعة .
ورد عن بعض السلف أنه قال :[[ الحرص على الدنيا رأس كل خطيئة , وأصل كل بليّة , وأساس كل رزيّة ]] .
في المثل : القناعة كنز لا يفنى ... وأطيب العيش القناعة .
قال بعض الناس : ( أول ذنب عُصي الله به الحرص والكبر والحسد ,
فالحرص من آدم عندما رغب في الشجرة ورغب في الخلود , والكبر من إبليس , والحسد من قابيل ) .
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى :[[ لسوء الخاتمة أسباب أعظمها الانكباب على الدنيا وطلبها والحرص عليها والإعراض عن الآخرة ]] .
إن من الأسباب التي تجعل الإنسان يتصف بصفة القناعة :
العلم بأن الأرزاق بيد الله (( يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ [62]))[العنكبوت] وإذا علم العبد أن الله تكفّل بإيصال رزق كل إنسان وما قدّر إليه فإنه حينئذٍ يقنع (( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا [6]))[هود] ,
جاء في الحديث :{{ إن الرزق ليطلب العبد كما يطلبه أجله }} .
الحرص يُنقص دين المرء عند الله وعند خلقه .. الحرص لا يستجلب رزقا .. ولا يؤثّر في قضاء الله {{ لا تستبطؤا رزق الله فإنه لن يموت عبد حتى يستكمل رزقه }} كما ورد ذلك في الحديث .
الحرص يؤثّر على قلب الإنسان ..يُنقص من تقواه , يُنقص من قدرته على معرفة الأمور بحقائقها , يورث ما يرفع طمأنينة القلب وانشراح الصدر ,
بينما الجشع يورث قلق القلب واضطرابه وهمّه وغمّه .
عدم القناعة تؤدي بالمرء إلى الشح والبخل الذي وردت النصوص بالنهي عنهما وترتيب المفاسد الكثيرة عليهما ..
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ..
(( وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ))[الحشر :9] ..
أسأل الله جلَّ وعلا أن يوفقنا وإيّاكم للخير وأن يرزقنا القناعة بما رزقنا الله , وأسأله جلَّ وعلا أن يجعلنا ممن لا يتطلّع إلى حرام أو يتطلّع إلى ما في أيدي الآخرين ..
هذا والله أعلم ..وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعيــــــــــــــن ....
منقول
تعليق