آهٍ عــلى غــربــة كـــلها كـــــدر ( ) صــبــــرا فـــؤادي إنه الـــقـــدر
آهٍ على غــــربة الـــدين تـقـتـلـنـي ( ) تـُـدْمِي كـيـَــانا هَـــدَّهُ الضــــــرر
يـا عـــيــن كـُــفـِّي مَــدامِعَـــكِ ( ) ما ردَّ الـبكـــاءُ الـقـــدح ينكــسـر
احلـمي بــيـــوم فــجـــره عــيـــد ( ) يَعــــز الديـن كما عَـزَّه عــمـــر
احلمـي ببـيــــوت اللــه عـامــــرة ( ) والعــلم فيها كالغــيــث ينـهـمــــر
حلــقـات عــلــم ما لهــا عَـــــدٌ ( ) وطـــلاب علم هنـاك قـد حـضــــروا
سيـــأتي نـصر اللـــه يا قـــلبـــي ( ) فســـنة اللـــه لابُــدَّ تنتـــصــــر
آهٍ على غــــربة الـــدين تـقـتـلـنـي ( ) تـُـدْمِي كـيـَــانا هَـــدَّهُ الضــــــرر
يـا عـــيــن كـُــفـِّي مَــدامِعَـــكِ ( ) ما ردَّ الـبكـــاءُ الـقـــدح ينكــسـر
احلـمي بــيـــوم فــجـــره عــيـــد ( ) يَعــــز الديـن كما عَـزَّه عــمـــر
احلمـي ببـيــــوت اللــه عـامــــرة ( ) والعــلم فيها كالغــيــث ينـهـمــــر
حلــقـات عــلــم ما لهــا عَـــــدٌ ( ) وطـــلاب علم هنـاك قـد حـضــــروا
سيـــأتي نـصر اللـــه يا قـــلبـــي ( ) فســـنة اللـــه لابُــدَّ تنتـــصــــر
هذا حُداء الغريب يقطع الفيافي والقفار ، يُسَرِّي عمَّن استطال فراق الديار ، يُذكِي صَبَابَةَ الوَجْدِ ويعاكس التيار ، ثم يَلوحُ له قـرب لقاء الأحـبة ، فَيَجـِدُّ في السَّير والأعناق مَشْرَئِبَّة ، فلا يبالي بما خَلـَّفَ من مَغَبَّة ، وحالي لا يُبَاينُ حال الأغـراب المساكين ، ولا يَبْعُـدُ مَرْمَى بصري عن بُغـْيَةِ السالكين ، فإني أعاني ويسمع النائي مني الأنين ، فسلوى خاطري ومهوى جناني ، وما ينسيني الهمَّ والهمُّ ليس ينساني ، أن أرى إخواني وخلاني وجيراني ، قد عادوا مرة أخرى إلى المورد الصافي ، ليستلِذوا الشرب من المنبع الشافي ، ويأخذوا البُلـْغَة والزاد المُنْجيَ الكافي ....
قلت لنفسي أُونِسُها وأنـْسِيها المحنة ، تخيلي المدينة بعد ثلاثين سنة ، كيف ستكون حالها أسيئة أم حسنة ؟ فخرجتُ للتجوال في شوارع خيالي والأزقة ، أتـَفـَرَّس في معالمها بدقة ، غير آبـِهٍ لا للعياء ولا للمشقة ، فسَرَّني جدا ما كنت أراه ، فما كـَلَّ لساني عن قول : ربَّاه !! خيال نعم ... لكن لست أنساه ، أما الرجال فقد زيَّنَتهم اللحى ، والرجل الحَليقُ قد استحى ، فما له وجود كأنه انمَحى ، وأما النساء فبحجابهن مُتلفِّعات ، على حافة الطريق يمشين وكذا البنات ، وإذا تحدثن تهامسن بالكلمات ، ثم مررتُ على الجامع الكبير ، تنبعث منه أصوات وتكبير، فـَيَمَّمْتـُهُ من غير تردد ولا تفكير، دخلت ... فوجدت فيه حلقا شتى ، خمسٌ هنا وهذه ستة ، فطفقت أسترق السمع أدْرَأ الفـَوْتَ ، فإذا بالحلقة الأولى يُشرح فيها البخاري ، وفي الأخرى نِلتُ أوْطاري ، وفي الثالثة عُمْدَةُ القاري ، وفي الرابعة العقيدة الواسِطيَّة ، وفي الخامسة شرح الشاطبية ، وفي السادسة شرح الأجرومية ، فخرجت منشرح الصدر مرتاح البال ، يتمايل رأسي طربا من شدة الدَّلال ، مُنتشيا مُستأنِسا والدمع قد سال .
وفي السوق المدينة شر البقاع ، لا ضجيج هنا ولا ما يقلق الأسماع ، أمن سائد وخير الله يملأ البقاع ، أين ذاك الصراخ وأين العويل ؟؟ أين السُرَّاقُ وقـُطَّاع السبيل ؟؟ وأين الغاشُّ والمُطفـِّفُ ذو الِوزر الثقيل ؟؟ تلاشى كل ذلك فلا تعجب ، إذا حضر الدين آنَ للشر أن يذهب ، فلا مسكينٌ يُنسى ولا أرملة ٌ تتعـب ...
ومما زادني سعادة وهناءَ ، وجعلت بقامتي أُطاول السماءَ ، ما خصت به المدارس الأبناء ، كثانوية الفاروق للبنين ، وللبنات ثانوية أم المؤمنين ، تعليم ناجح نراه الآن عين اليقين ، ثم وزد من الفرح باقة جديدة ، حافلات للنساء وهي فكرة سديدة ، فقد أفلحوا و جعلوا المـرأة حقا سـعيدة ...
وبعد تجوال طويل شاق ، رجعت للمكان الذي له أشتاق ، فنداء بيوت الله تملأ الآفاق ، و بعد صلاة الظهر واليوم الخميس ، اجتمع الشباب وأخرجوا الكراريس ، ينتظرون الشيخ ليبدأ التدريس ، فتقدم شاب من أواخر الصفوف ، أسود اللحية قصير الثوب رأسه مكشوف ، فاستفتح المجلس يعلمهم صلاة الخسوف ، فهمست في أذن جاري : هذا الشاب من يكون ؟ قال : هذا الوليد بن علي الذي يكشف المكنون ، فقيه و محدث يتقن كل الفنون ، فقلت في نفسي وقد ارتعش جسمي : إذا كنت أبا الوليد وعلي اسمي ... فلك الحمد يا رب أن جعلته قـَسْمِي ....
أبو الوليد
قلت لنفسي أُونِسُها وأنـْسِيها المحنة ، تخيلي المدينة بعد ثلاثين سنة ، كيف ستكون حالها أسيئة أم حسنة ؟ فخرجتُ للتجوال في شوارع خيالي والأزقة ، أتـَفـَرَّس في معالمها بدقة ، غير آبـِهٍ لا للعياء ولا للمشقة ، فسَرَّني جدا ما كنت أراه ، فما كـَلَّ لساني عن قول : ربَّاه !! خيال نعم ... لكن لست أنساه ، أما الرجال فقد زيَّنَتهم اللحى ، والرجل الحَليقُ قد استحى ، فما له وجود كأنه انمَحى ، وأما النساء فبحجابهن مُتلفِّعات ، على حافة الطريق يمشين وكذا البنات ، وإذا تحدثن تهامسن بالكلمات ، ثم مررتُ على الجامع الكبير ، تنبعث منه أصوات وتكبير، فـَيَمَّمْتـُهُ من غير تردد ولا تفكير، دخلت ... فوجدت فيه حلقا شتى ، خمسٌ هنا وهذه ستة ، فطفقت أسترق السمع أدْرَأ الفـَوْتَ ، فإذا بالحلقة الأولى يُشرح فيها البخاري ، وفي الأخرى نِلتُ أوْطاري ، وفي الثالثة عُمْدَةُ القاري ، وفي الرابعة العقيدة الواسِطيَّة ، وفي الخامسة شرح الشاطبية ، وفي السادسة شرح الأجرومية ، فخرجت منشرح الصدر مرتاح البال ، يتمايل رأسي طربا من شدة الدَّلال ، مُنتشيا مُستأنِسا والدمع قد سال .
وفي السوق المدينة شر البقاع ، لا ضجيج هنا ولا ما يقلق الأسماع ، أمن سائد وخير الله يملأ البقاع ، أين ذاك الصراخ وأين العويل ؟؟ أين السُرَّاقُ وقـُطَّاع السبيل ؟؟ وأين الغاشُّ والمُطفـِّفُ ذو الِوزر الثقيل ؟؟ تلاشى كل ذلك فلا تعجب ، إذا حضر الدين آنَ للشر أن يذهب ، فلا مسكينٌ يُنسى ولا أرملة ٌ تتعـب ...
ومما زادني سعادة وهناءَ ، وجعلت بقامتي أُطاول السماءَ ، ما خصت به المدارس الأبناء ، كثانوية الفاروق للبنين ، وللبنات ثانوية أم المؤمنين ، تعليم ناجح نراه الآن عين اليقين ، ثم وزد من الفرح باقة جديدة ، حافلات للنساء وهي فكرة سديدة ، فقد أفلحوا و جعلوا المـرأة حقا سـعيدة ...
وبعد تجوال طويل شاق ، رجعت للمكان الذي له أشتاق ، فنداء بيوت الله تملأ الآفاق ، و بعد صلاة الظهر واليوم الخميس ، اجتمع الشباب وأخرجوا الكراريس ، ينتظرون الشيخ ليبدأ التدريس ، فتقدم شاب من أواخر الصفوف ، أسود اللحية قصير الثوب رأسه مكشوف ، فاستفتح المجلس يعلمهم صلاة الخسوف ، فهمست في أذن جاري : هذا الشاب من يكون ؟ قال : هذا الوليد بن علي الذي يكشف المكنون ، فقيه و محدث يتقن كل الفنون ، فقلت في نفسي وقد ارتعش جسمي : إذا كنت أبا الوليد وعلي اسمي ... فلك الحمد يا رب أن جعلته قـَسْمِي ....
أبو الوليد
تعليق