السلام عليكم يا اخوة في كتاب مهم جدا جدا جدا صغير حجم الجيب اسمه اعمال القلوب وقت الشدة للشيخ محمد صالح المنجد يتكلم فيه عن مايحدث وكيف الخروج ضروري ضروري تنزلوه في موضوع منفصل علشان ننشره على الفيس بجد الكتاب مهم جدا جدا والله كتاب مهم لازم الاخوة تقرأه علشان ربنا ينصرنا جزاكم الله خيرا
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
نداء هام جدا جدا جدا جدا
تقليص
X
-
رد: نداء هام جدا جدا جدا جدا
المشاركة الأصلية بواسطة aceracerzx مشاهدة المشاركةالسلام عليكم يا اخوة في كتاب مهم جدا جدا جدا صغير حجم الجيب اسمه اعمال القلوب وقت الشدة للشيخ محمد صالح المنجد يتكلم فيه عن مايحدث وكيف الخروج ضروري ضروري تنزلوه في موضوع منفصل علشان ننشره على الفيس بجد الكتاب مهم جدا جدا والله كتاب مهم لازم الاخوة تقرأه علشان ربنا ينصرنا جزاكم الله خيرا
أعمال القلوب اهتم بها العلماء فصنفوا فيها المؤلفات ، وابتدؤوا أعمالهم بالتذكير والحث عليها. أعمال القلوب تحتاج إلى مجاهدة وعناية، وبما أن النجاة مدارها على أعمال القلوب بالإضافة إلى أعمال الجوارح التي لابد أن تأتي إذا صحّت أعمال القلوب.
الإخلاص هو أولها وأهمها وأعلاها وأساسها، هو حقيقة الدين ومفتاح دعوة الرسل عليهم السلام (( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء))((ألا لله الدين الخالص)).
الإخلاص هو لب العبادة وروحها، قال ابن حزم: النية سر العبودية وهي من الأعمال بمنزلة الروح من الجسد، ومحال أن يكون في العبودية عمل لا روح فيه، فهو جسد خراب.
والإخلاص هو أساس قبول الأعمال وردها فهو الذي يؤدي إلى الفوز أو الخسران، وهو الطريق إلى الجنة أو إلى النار، فإن الإخلال به يؤدي إلى النار وتحقيقه يؤدي إلى الجنة.
معنى الإخلاص
خلص خلوصاً خلاصاً، أي صفى وزال عنه شوبه، وخلص الشيء صار خالصاً وخلصت إلى الشيء وصلت إليه، وخلاص السمن ما خلص منه. فكلمة الإخلاص تدل على الصفاء والنقاء والتنزه من الأخلاط والأوشاب. والشيء الخالص هو الصافي الذي ليس فيه شائبة مادية أو معنوية. وأخلص الدين لله قصد وجهه وترك الرياء. وقال الفيروز أبادي: أخلص لله ترك الرياء.
كلمة الإخلاص كلمة التوحيد، والمخلصون هم الموحدون والمختارون ، وأما تعريف الإخلاص في الشرع فكما قال ابن القيم –رحمه الله -: هو إفراد الحق سبحانه بالقصد في الطاعة أن تقصده وحده لا شريك له.
وتنوعت عبارات السلف فيه، فقيل في الإخلاص:
- أن يكون العمل لله تعالى، لا نصيب لغير الله فيه.
- إفراد الحق سبحانه بالقصد في الطاعة.
- تصفية العمل عن ملاحظة المخلوقين.
- تصفية العمل من كل شائبة.
المخلص هو الذي لا يبالي لو خرج كل قدر له في قلوب الناس من أجل صلاح قلبه مع الله عزوجل، ولا يحب أن يطلع الناس على مثاقيل الذر من عمله. قال تعالى: ((وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء)) وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم : ((قل الله أعبد مخلصاً له ديني)).
(( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين)).
قال تعالى: ((الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً)) أحسن عملاً أي أخلصه وأصوبه.
قيل للفضيل بن عياض الذي ذكر هذا: ما أخلصه وأصوبه؟ قال: إن العمل إذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل وإن لم يكن خالصاً وكان صواباً لم يقبل، حتى يكون خالصاً صواباً، والخالص أن يكون لله ، والصواب أن يكون موافقاً للسنة ، ثم قرأ : ((فمن كان يرجو رحمة ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً)).
وقال تعالى: ((ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن)) يعني أخلص القصد والعمل لله ، والإحسان متابعة السنة، والذين يريدون وجه الله فليبشروا بالجزاء (( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه))، (( ذلك خير للذين يريدون وجه الله ))،(( وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي مالها يتزكى وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى)).
وأما أهل النقيض وأهل الرياء فإن الله ذمهم وبيّن عاقبتهم (( من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار))، (( من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموماً مدحوراً))، (( من كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وماله في الآخرة من نصيب))، (( ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطراً ورءاء الناس ويصدون عن سبيل الله والله بما يعملون محيط)).
وقد مدح الله المخلصين : (( إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً))، (( لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً))، (( من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه)).
في غزوة أحد أراد الله الابتلاء والتمحيص (( منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة)).
قال صلى الله عليه وسلم : ((إنما الأعمال بالنيات)) ، إنه أهم حديث، علمنا إياه صلى الله عليه وسلم في كل شيء، في الصلاة والصيام والحج وغيرها..
قال صلى الله عليه وسلم : (( من غزا في سبيل الله ولم ينوي إلا عقالاً فلهو ما نوى))..، كذلك فإن بعث الناس على حسب نياتهم : ((إنما يبعث الناس على نياتهم))..
أهمية الإخلاص
1- النجاة تكون بسببه في الآخرة.
2- اجتماع القلب في الدنيا وزوال الهم لا يكون إلا به : (( من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه وجمع له شمله وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه وفرق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر عليه )).
3- مصدر رزق عظيم للأجر وكسب الحسنات ((إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليه حتى ما تجعل في فم امرأتك)) {رواه البخاري}.
4- ينجي من العذاب العظيم يوم الدين فقد أخبرنا صلى الله عليه وسلم عن أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة وهم متصدق أنفق ليقال جواد، وقاريء تعلم العلم وعلمه ليقال عالم، و مجاهد قاتل ليقال جريء..، وهذا الحديث حدث به أبو هريرة فكان يغشى عليه من هوله كلما أراد التحديث به، ويمسح وجهه بالماء حتى استطاع التحديث به. وفي مجال عدم الإخلاص في طلب العلم يقول صلى الله عليه وسلم : ((من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله لم يتعلمه إلا ليصيب به عرض من عرض الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة))، وقال: (( من تعلم العلم ليماري به السفهاء أو ليباهي به العلماء أو ليصرف به وجوه الناس إليه فهو في النار)).
الإخلاص يريح الناس يوم يقول الله للمرائين اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون بأعمالكم في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء.
الإخلاص ينجي الإنسان من حرمان الأجر و نقصانه ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رجل غزى يلتمس الأجر والذكر فقال لا شيء له"ثلاثاً" إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصاً وابتغي به وجهه.
ابن مكرز رجل من أهل الشام قال : يارسول الله رجل يريد الجهاد في سبيل الله وهو يبتغي عرضاً من عرض الدنيا فقال صلى الله عليه وسلم : لا أجر له. فأعظم ذلك الناس فقالوا عد لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلعلك لم تفهمه فقال له لا أجر له.
قال صلى الله عليه وسلم : (( أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه)).
كذلك الإخلاص هو أساس أعمال القلوب ، وأعمال الجوارح تبع ومكمل له، الإخلاص يعظم العمل الصغير حتى يصبح كالجبل ، كما أن الرياء يحقر العمل الكبير حتى لا يزن عند الله هباء(( وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثوراً)).
قال ابن المبارك: (( رب عمل صغير تكثره النية ورب عمل كبير تصغره النية)).
الإخلاص مهم جداً لأن أغلب الناس يعيشون في صراعات داخلية ويعانون من أشياء فحرموا البركة والتوفيق إلا من رحمه الله، فكيف يكون النصر و تعلم العلم إلا من المخلصين، الإخلاص مهم في إنقاذنا من الوضع الذي نعيش فيه، فقد أصبح عزيزاً نادراً قليلاً، مشاريع ودعوات تلوثت بالرياء، حركات إسلامية دمرت بسبب افتقاد الإخلاص وبعد أن أريد بها الرئاسة والجاه والمال..
يقول ابن أبي جمرة وهو من كبار العلماء: وددت لو أنه كان من الفقهاء من ليس له شغل إلا أن يعلم الناس مقاصدهم في أعمالهم ويقعد للتدريس في أعمال النيات ليس إلا، فإنه ما أتى على كثير من الناس إلا من تضييع ذلك.
ومن فوائد الإخلاص أنه يقلب المباحات إلى عبادات وينال بها عالي الدرجات، قال أحد السلف: إني لأستحب أن يكون لي في كل شيء نية حتى في أكلي ونومي ودخولي الخلاء وكل ذلك مما يمكن أن يقصد به التقرب إلى الله. لأن كل ما هو سبب لبقاء البدن وفراغ القلب للمهمات مطلوب شرعاً.
النية عند الفقهاء: تمييز العبادات عن العادات وتمييز العبادات عن بعضها البعض، إرادة وجه الله عزوجل .
الإخلاص ينقي القلب من الحقد والغل ويسبب قبول العمل لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصاً وابتغي به وجهه)).
الإخلاص سبب للمغفرة الكبيرة للذوب.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : والنوع الواحد من العمل قد يفعله الإنسان على وجه يكمل فيه إخلاصه فيغفر فيه كبائر، وإلا فأهل الكبائر كلهم يقولون لا إله إلا الله. كالبغي التي سقت كلباً فقد حضر في قلبها من الإخلاص ما لا يعلمه إلا الله فغفر الله لها.
تنفيس الكروب لا يحدث إلا بالإخلاص ، والدليل على ذلك حديث الثلاثة الذين حبستهم صخرة ففرج الله همّهم ، وكان منهم الرجل الذي وفى عاملاً أجره ونماه وصبر على ذلك سنين، وقد كان يقول كل واحد منهم اللهم إنك إن كنت تعلم أننا فعلنا ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه.
وبالإخلاص يرزق الناس الحكمة، ويوفقون للصواب والحق ((إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً))، وبالإخلاص يدرك الأجر على عمله وإن عجز عنه بل ويصل لمنازل الشهداء والمجاهدين وإن مات على فراشه((ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزناً أن لا يجدوا ما ينفقون)). وقال صلى الله عليه وسلم : ((إن أقواماً خلفنا في المدينة ما سلكنا شعباً ولا وادياً إلا وهم معنا حبسهم العذر)){رواه البخاري}. وفي مسلم : إلا شاركوكم في الأجر.
بالإخلاص يؤجر المرء ولو أخطأ كالمجتهد والعالم والفقيه، وهو نوى بالاجتهاد استفراغ الوسع وإصابة الحق لأجل الله، فلو لم يصب فهو مأجور على ذلك..
فالمرء ينجو من الفتن بالإخلاص، ويجعل له حرز من الشهوات ومن الوقوع في براثن أهل الفسق والفجور، لذلك نجى الله يوسف عليه السلام من امرأة العزيز (( ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه، كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين))((إلا عباد الله المخلصين أولئك لهم رزق معلوم فواكه وهم مكرمون في جنات النعيم)).
- الإخلاص في التوحيد: قال صلى الله عليه وسلم : ((ما قال عبد لا إله إلا الله قط مخلصاً إلا فتحت له أبواب السماء حتى تفضي إلى العرش ما اجتنب الكبائر)).
- في السجود : قال صلى الله عليه وسلم : ((ما من عبد يسجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة وحط بها عن خطيئة)).
- في الصيام: قال صلى الله عليه وسلم : ((من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)) ، (( من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً)).
- في قيام الليل: قال صلى الله عليه وسلم : (( من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)).
- الإخلاص في ترك الحرام،المحبة في الله، الصدقة....(حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله).
- الإخلاص في الخروج إلى المساجد (( خرج للمسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخطو خطوة إلا رفعت له بها درجة وحطت به خطيئة، فإن صلى ما دامت الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه اللهم صل عليه اللهم صل عليه اللهم ارحمه، ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة)).
- الإخلاص في طلب الشهادة: (( من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه)).
- الإخلاص في اتباع الجنائز: (( من اتبع جنازة مسلم إيماناً واحتساباً وكان معه حتى يصلى عليها ويفرغ من دفنها فإنه يرجع من الأجر بقيراطين كل قيراط كأحد ومن صلى ثم رجع قبل أن يدفن فإنه يرجع بقيراط)).
- الإخلاص في التوبة: (( قصة قاتل المائة نفس وملائكة الرحمة)).
الإنسان يحتاج أن يبين لنفسه بالكلام أشياء مما ينويه حتى يزداد أجره كرجل ليس لديه مال فيقول لو كان لي مثل هذا عملت مثلما يعمل. قال صلى الله عليه وسلم : ((فهما في الأجر سواء)).
لقد مر في الأمة كثير من المخلصين كانت سيرتهم نبراساً لمن بعدهم وقدوة وخيراً، لذلك أبقى الله سيرتهم وذكرهم حتى يقتدي بهم من بعدهم وعلى رأس هؤلاء الأنبياء ، النبي محمد صلى الله عليه وسلم وحواريو الأنبياء والصحابة الذين فتحوا البلاد بإخلاصهم ومن بعدهم من التابعين..
يقول عبدة بن سليمان:كنا مع سرية مع عبد الله بن المبارك في بلاد الروم، فلما التقى ساعة فطعنه ازدحم الناس عليه ليعرفوا من هو فإذا هو يلثم وجهه ، فإذا هو عبد الله بن المبارك فقال لائماً أءنت يا أباعمر ممن يشنع علي.
يقول الحسن: إن كان الرجل جمع القرآن ولما يشعر به الناس، وإن كان الرجل لينفق النفقة الكثيرة ولما يشعر الناس به، وإن كان الرجل ليصلي الصلاة الطويلة في بيته ولم يشعر الناس به، ولقد أدركت أقواماً ما كان على الأرض من عمل يقدرون أن يعملونه في السر فيكون علانية أبداً.
لقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء ولا يسمع لهم صوت إن كان إلا همساً بينهم وبين ربهم (( ادعوا ربكم تضرعاً وخفية)).
يقول علي بن مكار البصري الزاهد : (( لأن ألقى الشيطان أحب إلي من أن ألقى فلاناً أخاف أن أتصنع له فأسقط من عين الله)) فقد كان السلف يخشون من قضية المجاملات.
قال الذهبي: يقول ابن فارس عن أبي الحسن القطان: (( أصبت ببصري وأظن أني عوقبت بكثرة كلامي أثناء الرحلة)) قال الذهبي: صدق والله فإنهم كانوا مع حسن القصد وصحة النية غالباً يخافون من الكلام وإظهار المعرفة.
قال هشام الدستوائي: ((والله ما أستطيع أن أقول إني ذهبت يوماً قط أطلب الحديث أريد به وجه الله عزوجل)).
يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ((فمن خلصت نيته في الحق ولو على نفسه كفاه الله ما بينه وما بين الناس)).
ومن عجائب المخلصين ما حصل لصاحب النفق، حاصر المسلمون حصناً واشتد عليهم رمي الأعداء ، فقام أحد المسلمين وحفر نفقاً فانتصر المسلمون، ولا يُعرَف من هو هذا الرجل، وأراد مَسْلَمَة يريد أن يعرف الرجل لمكافأته،ولما لم يجده سأله بالله أن يأتيه، فأتاه طارق بليل وسأله شرطاً وهو أنه إذا أخبره من هو لا يبحث عنه بعد ذلك أبداً ، فعاهده، و كان يقول : (( اللهم احشرني مع صاحب النفق)).
وعمل الخلوة كان أحب إلى السلف من عمل الجلوة.
يقول حماد بن زيد : كان أيوب ربما حدث في الحديث فيرقّ وتدمع عيناه، فيلتفت و ينتخط ويقول ما أشد الزكام!!، فيظهر الزكام لإخفاء البكاء.
قال الحسن البصري: ((إن كان الرجل ليجلس المجلس فتجيئه عبرته فيردها فإذا خشي أن تسبقه قام وذهب وبكى في الخارج)).
يقول محمد بن واسع التابعي: (( إن كان الرجل ليبكي عشرين سنة وامرأته لا تعلم)).
للإمام الماوردي قصة في الإخلاص في تصنيف الكتب، فقد ألف المؤلفات في التفسير والفقه وغير ذلك ولم يظهر شيء في حياته لما دنت وفاته قال لشخص يثق به: الكتب التي في المكان الفلاني كلها تصنيفي وإنما إذا عاينت الموت و وقعت في النزع فاجعل يدك في يدي فإن قبضت عليها فاعلم أنه لم يقبل مني شيء فاعمد إليها وألقها في دجلة بالليل وإذا بسطت يدي فاعلم أنها قبلت مني وأني ظفرت بما أرجوه من النية الخالصة، فلما حضرته الوفاة بسط يده ، فأظهرت كتبه بعد ذلك.
كان علي بن الحسن يحمل الخبز بالليل على ظهره يتبع به المساكين بالظلمة ، فالصدقة تطفيء غضب الرب، وكان أهل بالمدينة يعيشون لا يدرون من أين معاشهم ، فلما مات عرفوا، و رأوا على ظهره آثاراً مما كان ينقله من القرب والجرب بالليل فكان يعول 100 بيت .
تلك الأحوال والقصص أظهرها الله ليكون أصحابها أئمة (( واجعلنا للمتقين إماماً)).
وهكذا كان أحدهم يدخل في فراش زوجته فيخادعها فينسل لقيام الليل وهكذا صام داود بن أبي هند أربعين سنة لا يعلم به أهله فكان يأخذ إفطاره ويتصدق به على المساكين ويأتي على العشاء..
وهذا أعرابي كان مع النبي صلى الله عليه وسلم وقال له أهاجر معك، فغنموا بعد خيبر وقسم للأعرابي وأصحابه وكان يرعى دوابهم فلما جاءوه قال للنبي صلى الله عليه وسلم ما هذا الذي وصلني؟ ما على هذا اتبعتك ولكن اتبعتك على أن أرمى إلى هاهنا بسهم فأموت فأدخل الجنة. قال صلى الله عليه وسلم : ((إن تصدق الله يصدقك))، فلبثوا قليلاً وهاجموا العدو وأثاب الله الأعرابي كما طلب فقيل أهو أهو قال صلى الله عليه وسلم : (( صدق الله فصدقه)) فكُفِّن في جبة النبي صلى الله عليه وسلم ثم قدمه فصلى عليه فكان فيما ظهر من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة (( اللهم هذا عبدك خرج مهاجراً في سبيلك وقتل شهيداً أنا شهيد على ذلك )).
ماذا قال بعض العلماء في الإخلاص..؟
قال إبراهيم بن أدهم: ما صدق الله عبداً أحب الشهرة.
قال بعضهم: ينبغي للعالم أن يتحدث بنية وحسن قصد، فإن أعجبه كلامه فليصمت وإن أعجبه الصمت فلينطق. فإن خشي المدح فليصمت ولا يفتر عن محاسبة نفسه فإنها تحب الظهور والثناء.
سُئِل سهل بن عبد الله التستوري : أي شيء أشد على النفس؟ قال: الإخلاص لأنه ليس لها فيه نصيب. فمع الإخلاص تنسى حظوظ النفس.
قال سفيان: ما عالجت شيئاً أشد عليّ من نيتي إنها تنقلب علي. إذا أراد أن يجاهد نفسه يجد تقلبات، ولا يدري أهو في إخلاص أم رياء، وهذا طبيعي أن يشعر أنه في صراع لا تسلم له نفسه دائماً فهو يتعرض لهجمات من الشيطان ، والنفس الأمارة بالسوء، وهذا فيه خير، أما من اطمأنت نفسه بحاله فهذه هي المشكلة.
قال ابن يحيى بن أبي كثير: تعلموا النية فإنها أبلغ من العمل.
قال الزبيد اليامي: إني أحب أن تكون لي نية في كل شيء حتى في الطعام والشراب.
عن داود الطائي : رأيت الخير كله إنما يجمعه حسن النية وكفاك به خيراً وإن لم تنضب. أي حتى وإن لم تتعب فإن ما حصلته من اجتماع نفسك لله وإخراج حظوظ النفس من قلبك ، هذا أمر عظيم.
أبو بكر الصديق رضي الله عنه ما سبق الناس بأنه كان أكثرهم صلاة وصيام بل بشيء وقر في قلبه.
قال داود: البر همة التقي، ولو تعلقت جميع جوارحه بحب الدنيا لردته يوماً نيته إلى أصلها.
قال يوسف بن أسباط: تخليص النية من فسادها أشد على العاملين من طول الاجتهاد.
قيل لنافع بن جبير : ألا تشهد الجنازة فقال: كما أنت حتى أنوي. أي انتظر حتى أجاهد نفسي.
قال الفضيل: إنما يريد الله عز وجل منك نيتك وإرادتك.
ومن أصلح الله سريرته أصلح الله علانيته ومن أصلح ما بينه وما بين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس، وما أسر أحد سريرة إلا أظهرها الله في صفحات وجهه وفلتات لسانه.
والمخلص من يكتم حسناته كما يكتم سيئاته ومن شاهد في إخلاصه الإخلاص فإن إخلاصه يحتاج إلى إخلاص.
ومما قيل في الإخلاص:
- نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق.
- إفراد الحق سبحانه بالقصد والطاعة.
- استواء عمل الظاهر والباطن.
- من تزين للناس فيما ليس منه سقط من عين الله.
- إنه سر بين الله والعبد، لا يعلمه ملك فيكتبه ولا شيطان فيفسده والله قد يعلم الملائكة ما يشاء من أحوال العبد.
- الإخلاص أن لا تطلب على عملك شاهداً إلا الله، وإذا داوم عليه الإنسان رزقه الله الحكمة.
قال مكحول: ما أخلص عبد قط أربعين يوماً إلا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه.
قال أبو سليمان الداراني: إذا أخلص العبد انقطع عنه كثرة الوساوس والرياء.
كان السلف يستحبون أن يكون للرجل خبيئة من عمل صالح لا يعلم عنها زوجة ولا غيرها. وأعز شيء في الدنيا الإخلاص.
يقول يوسف بن الحسين: كم أجتهد في إسقاط الرياء من قلبي فينبت لي على لون آخر.
وكان من دعاء مطرف بن عبدالله: اللهم إني أستغفرك مما تبت إليك منه ثم عدت فيه، وأستغفرك مما جعلته لك على نفسي ثم لم أفِ لك به، وأستغفرك مما زعمت أنني أردت به وجهك فخالط قلبي منه ما قد علمته.
تبيهات في مسألة الإخلاص
1- متى يكون إظهار العمل مشروعاً؟
قال ابن قدامة: {فصل في بيان الرخصة في قصد إظهار الطاعات} قال: وفي الإظهار فائدة الإقتداء، ومن الأعمال ما لا يمكن الإسرار به كالحج والجهاد، والمظهر للعمل ينبغي أن يراقب قلبه حتى لا يكون فيه حب الرياء الخفي بل ينوي الإقتداء به {إذاً ينبغي أن نحسن نياتنا في الأعمال المظهرة لندفع الرياء وننوي الإقتداء لنأخذ الأجر}، قال ولا ينبغي للضعيف أن يخدع نفسه بذلك، ومثل الذي يظهره وهو ضعيف كمثل إنسان سباحته ضعيفة فنظر إلى جماعة من الغرقى فرحمهم فأقبل إليهم فتشبثوا به وغرقوا جميعاً.
المسألة فيها تفصيل:
- الأعمال التي من السنة أن يكون عملها سرّاً يسرّ.
- الأعمال التي من السنة أن يظهرها يظهرها.
- الأعمال التي من الممكن أن يسرها أو يظهرها، فإن كان قوياً يتحمل مدح الناس وذمهم فإنه يظهرها وإن كان لا يقوى فيخفي، فإذا قويت نفسه فلا بأس في الإظهار لأن الترغيب في الإظهار خير.
ورد عن بعض السلف أنهم كانوا يظهرون بعض أعمالهم الشريفة ليقتدى بهم كما قال بعضهم لأهله حين الاحتضار (( لا تبكوا علي فإني ما لفظت سيئة منذ أسلمت)).
قال أبو بكر بن عياش لولده (( يا بني إياك أن تعصي الله في هذه الغرفة فإني ختمت القرآن فيها اثنتا عشرة ألف ختمة)) من أجل موعظة الولد، فمن الممكن أن يظهر المرء أشياء لأناس معينين مع بقاء الإخلاص في عمله لقصد صالح.
2- ترك العمل خوف الرياء، وهذا منزلق كشفه الفضيل بن عياض: ترك العمل لأجل الناس رياء والعمل من أجل الناس شرك والإخلاص أن يعافيك الله منهما. قال النووي: من عزم على عبادة وتركها مخافة أن يراه الناس فهو مرائي" لأنه ترك لأجل الناس" لكن لو ترك العمل ليفعله في الخفاء. فمن ترك العمل بالكلية وقع في الرياء، وكذلك من كان يستحب في حقه إظهار العمل فليظهره كأن يكون عاملاً يقتدى به أو أن العمل الذي يعمله المشروع فيه الإظهار.
3- أن من دعا إلى كتم جميع الأعمال الصالحة من جميع الناس ؛ هذا إنسان خبيث وقصده إماتة الإسلام، لذلك المنافقون إذا رؤوا أمر خير وسموه بالرياء، فهدفهم تخريب نوايا المسلمين وأن لا يظهر في المجتمع عمل صالح، فهؤلاء ينكرون على أهل الدين والخير إذا رؤوا أمراً مشروعاً مظهراً خصوصاً إذا أظهر عمل خير معرض للأذى فيظهره احتسابا لإظهار الخير فيستهدفه هؤلاء المنافقون فليصبر على إظهاره ما دام لله ، قال تعالى: (( الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم)).
ينبغي أن نفرق بين الرياء ومطلق التشريك في العمل، فمتى يبطل العمل ؟ إذا حصل تشريك فيه ، ومتى يأثم ؟ ومتى لا يأثم؟
1- أن يعمل لله ولا يلتفت إلى شيء آخر ( أعلى المراتب).
2- أن يعمل لله ويلتفت إلى أمر يجوز الالتفات إليه ، مثل رجل صام مع نية الصيام لله أراد حفظ صحته، ورجل نوى الحج والتجارة، ورجل جاهد ونظر إلى مغانم، ورجل مشى إلى المسجد وقصد الرياضة، ورجل حضر الجماعة لإثبات عدالته وأن لا يتهم، فهذا لا يبطل الأعمال ولكن ينقص من أجرهاـ والأفضل أن لا تكون موجودة ولا مشركة في العمل ولا داخلة فيه أصلاً.
3- أن يلتفت إلى أمر لا يجوز الالتفات إليه من الرياء والسمعة وحمد الناس طلباً للثناء ونحو ذلك:
أ- إذا كان في أصل العمل فإنه يبطله كأن يصلي الرجل لأجل الناس.
ب- أن يعرض له خاطر الرياء أثناء العمل فيدافعه ويجاهده، فعمله صحيح وله أجر على جهاده.
جـ - أن يطرأ عليه الرياء أثناء العمل ولا يدافعه و يستمر معه وهذا يبطل العمل.
4- أن يكون عمله الصالح للدنيا فقط، فيصوم لأجل الحمية والرجيم ولا يطلب الأجر، ويحج للتجارة فقط، ويخرج زكاة أموال لتنمو، ويخرج للجهاد للغنيمة ، فهؤلاء أعمالهم باطلة (( من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما يشاء لمن يريد ثم جعلنا له جهنم))، (( أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها)).
5- أن يكون عمله رياءً محضاً، وبالرياء يحبط العمل بل ويأثم به الإنسان، لأن هناك أشياء تبطل العمل ولا يأثم صاحبها كخروج ريح أثناء الصلاة، ومن الناس من يرائي في الفتوى للأغنياء والوجهاء وقد يكون لضعفه أمامهم ، فقال بعض السلف: (( إذا رأيت العالم على أبواب الغنى والسلطان فاعلم أنه لص)) ، أما الذي يذهب لقصد الإنكار والخير فلهو ما نوى.
هناك أشياء تظن من الرياء وليست منه :
- إذا حمدك الناس على الخير بدون قصد فهذا عاجل بشرى المؤمنين.
- رجل رأى العابدين فنشط للعبادة لرؤيته من هو أنشط منه.
- تحسين وتجميل الثياب والنعل وطيب المظهر والرائحة.
- كتم الذنوب وعدم التحدث بها ، فبعض الناس يظن أنك حتى تكون مخلصاً لابد من الإخبار بالذنوب، نحن مطالبون شرعاً بالستر، وكتم الذنوب ليس رياءً بل هو مما يحبّه الله، بل إن ظن غير ذلك تلبيس من الشيطان وإشاعة للفاحشة وفضح للنفس.
- اكتساب شهرة بغير طلبها، كعالم اشتهر وقصده منفعة الناس و بيان الحق ومحاربة الباطل والرد على الشبهات ونشر دين الله، فإن كانت هذه الأعمال وجاءت الشهرة تبعاً لها وليست مقصداً أصلياً فليس من الرياء.
- ليس من الرياء أن يشتهر المرء ولكن الشهرة يمكن أن توقع في الرياء!!
علامات الإخلاص
1- الحماس للعمل للدين.
2- أن يكون عمل السر أكبر من عمل العلانية.
3- المبادرة للعمل واحتساب الأجر.
4- الصبر والتحمل وعدم التشكي.
5- الحرص على إخفاء العمل.
6- إتقان العمل في السر.
7- الإكثار من العمل في السر.
أسئلة من درس الإخلاص
المشاركون في المسابقات لأجل الجوائز؟
على النية، إن نوى البحث العلمي والفائدة فهو بنيته وإن قصد الجائزة فقط فهذا ليس له إلا ما نوى.
التحق بالجامعة للشهادة وليس لطلب العلم؟
له ما نوى وقصد، حتى من يأخذ الراتب لقصد التفرغ لتدريس كتاب الله والدين والخطابة والإمامة والإفتاء والقضاء، مثل الفرق بين من حج ليأخذ ومن أخذ ليحج.
لحيتي طويلة هل أقصر منها خوف الرياء؟
لا والله، الرسول صلى الله عليه وسلم قال أعفوا اللحى، أرخوا اللحى، وفروا اللحى، لم يقل قصروها خوف الرياء وتظاهروا بالفسق خوف الرياء هذا من إبليس..!
هل يجوز من عمل عملاً للمسلمين كماء السبيل أن ينسبه لغيره إذا كثر عليه السؤال؟
لا، بعض الناس يكذب إذا عمل عملاً صالحاً لكن يقول عمله أحد من المسلمين ولا يريد أن يُعرَف مثلاً، أو هذا عملته بمال واحد من المسلمين، فهذا لم يكذب لأنه لا يريد أن يعرف فاستخدم التورية.
رجل نيته صالحة ولا يعمل؟
هذا كذب، ولا يجتمع، إذا كانت النية صالحة فلابد من العمل، وترك العمل دليل على أن النية فاسدة، فلو كانت صالحة فعلاً لعمل.
أريد أن أموت شهيداً في تحرير فلسطين وعمري خمس عشرة سنة ولكنى لا أقدر؟
نعم، لكل امرئ ما نوى ، إذا صدقت مع الله فلك الأجر، ومن مات وهو ينوي الشهادة بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه.
نصيحة للمراكز الصيفية؟
عدم الاستعجال في ترئيس الطلاب لئلا تفسد نياتهم ، لأن من همه الشهرة والذكر لا يختار، بل يختار من لا يريد الرئاسة ممن يريد خمول الذكر وقد لا يوجد، قال عمر : (( اللهم إني أشكو إليك من عجز الثقة وجلد الفاجر)).
أتمنى أن يكون عندي مال لأتصدق به ولكن أخاف إن أتاني المال أن لا أتصدق؟
على حسب نيتك، وقد يغير الإنسان نيته، كحال من يقول لئن آتاني الله لأتصدقن فإذا آتاه بخل، بخلوا واستغنوا وتولوا واستغنى الله. أنت مأجور على نيتك وعلى قولك.
هل الذي يصارع نفسه التي تريد الرياء يؤجر؟
نعم لأنه من الجهاد.
كيف أجعل دراستي الجامعية لله؟
إذا كانت دراسة شرعية أن تنوي تعليم وتعلم دين الله وتعبد الله بالعبادة الصحيحة ومعرفة عظمة الله وحكمته من خلال هذه الشريعة، أما إن كانت دراستك طب، مثلاً.. فتكون نيتك نفع المسلمين وقوة المسلمين وستر عوراتهم، وأن تشارك بأشياء خارج الدوام لله، كمخيمات طبية مجانية، أو معالجة جيرانك، الدعوة من خلال الطب ...
التوكل مقام جليل عظيم الأثر، بل ومن أعظم واجبات الإيمان وأفضل الأعمال والعبادات المقربة إلى الرحمن، وأعلىمقامات توحيد الله سبحانه وتعالى ، فإن الأمور كلها لا تحصل إلا بالتوكل على الله والإستعانة به، ومنزلة التوكل قبل منزلة الإنابة لأنه يتوكل في حصول مراده فهي وسيلة والإنابة غاية، وهو من أجل المراتب وأفضلها وأعمها قدراً..
قال ابن القيم رحمه الله: التوكل نصف الدين والنصف الثاني الإنابة فإن الدين استعانة وعبادة، فالتوكل هو الاستعانة والإنابة هي العبادة.
والتوكل متعلق بكل أمور العبد الدينية التي لا تتم الواجبات والمستحبات إلا بها. ومنزلته أجمع وأوسع المنازل ولا تزال معمورة بالنازلين لسعة متعلق التوكل وكثرة حوائج العالمين..!!
التوكل يتعلق بكل شيء واجبات ومستحبات ومباحات ولقد كثرت حوائج الناس ولابد لهم من التوكل على الله في قضائها.
فمنزلة التوكل تشتد الحاجة إليها وعباد الله تعالى حقاً إذا نابهم أمر من الأمور فروا إلى الله منيبين إليه ومتوكلين عليه ، وبذلك يسهل الله الصعاب وييسر الله العسير ويحقق العبد ما يريد وهو مطمئن البال هاديء النفس راضٍ بما قضاه الله عز وجل وقدره.
قال ابن القيم رحمه الله: ولو توكل العبد على الله حق توكله في إزالة جبل من مكانه وكان مأموراً بإزالته لأزاله.
فالمسلم لا يرى التوكل على الله في جميع أعماله واجباً فقط بل يراه فريضة دينية ليس متعلقاً فقط بالأمور الدينية بل بالأمور الدنيوية وليس بالأمور الدنيوية وطلب الرزق فقط بل بعبادة الله سبحانه وتعالى فهو عقيدة (( وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين)) ولهذا كان التوكل على الله نصف الدين ، بل هو الواجب لأنه أصل من أصول الإيمان .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : فإن التوكل من على الله واجب من اعظم الواجبات كما أن الإخلاص لله واجب وقد أمر الله بالتوكل في غير آية أعظم مما أمر بالوضوء وغسل الجنابة، ونهى عن التوكل على غيره سبحانه.
قال ابن القيم رحمه الله: والتوكل جامع لمقام التفويض والاستعانة والرضا لا يتصور وجودٌ بدونها.
وقال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب: (( الأصل الجامع الذي تتفرع عنه الأفعال والعبادات هو التوكل على الله وصدق الالتجاء إليه والاعتماد بالقلب عليه وهو خلاصة التفريد ونهاية تحقيق التوحيد الذي يثمر كل مقام شريف من المحبة والخوف والرجاء والرضا به رباً وإلهاً والرضا بقضائه بل ربما أوصل التوكل بالعبد إلى التلذذ بالبلاء وعدّه من النعماء{ كما في حديث السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب} فسبحان من يتفضل على من يشاء بما شاء والله ذو الفضل العظيم)).
فالتوكل هو أحد مباني التوحيد الإلهية كما يدل على ذلك قوله تعالى: (( إياك نعبد وإياك نستعين)). وأيضاً يدل عليه قوله تعالى: (( وتوكل عليه وما ربك بغافل عما تعملون)). وقوله تعالى: (( فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم)).
وهذا التوكل لا يقوم به على وجه الكمال إلا خواص المؤمنين كما في صفة السبعين ألفاً ، فالذي يحقق التوكل ليس كل الناس بل هم طائفة قليلة من الناس ذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم : (( هذه أمتك يدخل الجنة من هؤلاء سبعون ألفاً بغير حساب ثم دخل ولم يبين من هم وما هي صفاتهم فأفاض القوم وقالوا نحن الذين آمنا بالله واتبعنا رسوله فنحن هم أو أولادنا الذين ولدوا في الإسلام فإنا ولدنا في الجاهلية فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم هذا القول منهم فخرج وقال : هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون)) فقال عكاشة بن محصن أمنهم أنا يا رسول الله؟ قال نعم، فقال آخر أمنهم أنا؟ فقال صلى الله عليه وسلم : (( سبقك بها عُكاشة أو عُكَّاشة)).
وكان من الصحابة المتوكلين عمران بن حصين وهو من سادات المتوكلين، رضي الله عنه ، الذي كان به بواسير وكان يصبر على ألمها فكانت الملائكة تسلم عليه فاكتوى فانقطع تسليم الملائكة عليه ثم ترك الكي وصبر على الألم فعاد سلام الملائكة عليه.
كما جاء في حديث مسلم عن مفرّق قال لي عمران بن حصين أحدثك حديثاً عسى الله أن ينفعك به إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين حجة وعمرة ثم لم ينه عنه حتى مات ولم ينزل فيه قرآن يحرمه وقد كان يُسلَّم عليّ حتى اكتويت فَتُرِكْت ثم تركتُ الكي فعاد{أي السلام عليه من قِبَل الملائكة}.
فالتوكل على الله صفة علية من صفات عباد الرحمن وشعار يتميزون به عمن سواهم وعلامة بارزة لأهل الإيمان كما قال تعالى: (( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون)).
لا يرجون سواه ولا يقصدون إلا إياه ولا يلوذون إلا بجنابه ولا يطلبون الحوائج إلا منه ولا يرغبون إلا إليه ويعلمون أنه ماشاء كان وما لم يشأ لم يكن وأنه المتصرف بالملك لا شريك له ولا معقب لحكمه وهو سريع الحساب كما قال ابن كثير رحمه الله، وقال سعيد بن جبير : التوكل على الله جماع الإيمان.
وقال عزوجل عن أوليائه إبراهيم والذين آمنوا معه: (( ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير)). أي توكلنا عليك في جميع أمورنا وسلمناها إليك وفوضناها إليك.
ولقوة إيمانهم وتوكلهم أمر الله أن نتخذهم أسوة حسنة {إبراهيم والذين آمنوا معه} هكذا توكلوا على الله وسلموا لله الأمور تسليماً مطلقاً. صحبوا التوكل في جميع أمورهم مع بذل جهد في رضا الرحمن.
وأصحاب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل، ولذلك قال ابن عباس رضي الله عنه : حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم حين ألقي في النار وقالها النبي محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً.
فالتوكل هو عدة المؤمنين يوم يتوعدهم الناس ويخوفونهم بكثرة الأعداء. فكان أول شيء وآخر شيء قاله إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار حسبنا الله ونعم الوكيل.
هو القريب المجيب المستغاث به
قل حسبي الله معبودي ومُتّكلي
من الآيات الدالة على فضل التوكل قوله تعالى: (( ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات الضر أو أرادني برحمته هل هن ممسكات رحمته قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون)). فإذا كان المؤمنون دائماً متوكلون على الله ملتجئون إليه بقولهم حسبنا الله ونعم الوكيل فأولى بأنبيائه أن يكونا أكمل توحيداً أو توكلاً من غيرهم.
وقد أمر الله بالتوكل وحث على ذلك في مواضع كثيرة كما في قوله تعالى (( وعلى الله فليتوكل المؤمنون)) في سبعة مواضع في القرآن الكريم:
1- (( فتوكل على الله إنك على الحق المبين)).
2- ((فاعبده وتوكل عليه)).
3- (( وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيراً)).
4- (( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين)) فالتوكل سبب لنيل محبة الله وهي الصفة التي تميز بها المؤمنون عن غيره ولذلك أوجب الله التوكل.
5- وإذا قيل ما حكم التوكل؟ فيقال واجب مثل أصل محبة الله والصبر والإنابة بل إن التوكل شرط الإيمان. والمفهوم من الآية (( وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين)) أنه إذا انتفى التوكل انتفى الإيمان.
6- أمر الله بالتوكل وقرنه بالإيمان ليدل بذلك على أنهما جزءان إذ التوكل على الوكيل هو الإيمان فأمر بالتوكل قولاً وعملاً بعد الإخبار عن محبته للمتوكل عليه (( قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا فستعلمون من هو في ضلال مبين)). واشترط للإيمان التوكل (( وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين))، وهذه جاءت في قصة موسى عليه السلام (( ياقومي إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين)). إذ لابد من هذا لهذا.
قال الشيخ سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبد الوهاب رحمه الله : معنى الآية أن موسى عليه السلام أمر قومه بدخول الأرض المقدسة التي كتبها الله لهم ولا يرتدوا على أدبارهم خوفاً من الجبارين بل يمضوا قدماً لا يخافونهم ولا يهابونهم متوكلين على الله في هزيمتهم مصدقين بصحة وعده لهم إن كانوا مؤمنين .
7- وصار المتوكل على الله من عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً، ونعتهم الله بالمقام الجليل العظيم. وضمن الله لمن توكل عليه القيام بأمره وكفايته أي أن يكفيه همه وأن ينصره ويحفظه فالله ناصر دينه وكتابه والله كافٍ عبده بأمان، قال تعالى: (( ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً)) . يقول ابن كثير رحمه الله: ومن يتق الله فيما أمره به وترك ما نهاه عنه يجعل له من أمره مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب أي من جهة لا تخطر بباله. وفي هذه الآية فضل التوكل وأنه من أعظم الأسباب في جلب المنافع ودفع المضار فقد قال صلى الله عليه وسلم : (( لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً)) {رواه الترمذي وصححه الألباني}. فأفئدة الطير مليئة بالتوكل على الله ولو أننا توكلنا على الله كما يتوكل الطير لرزقنا مثل ما يرزق الطير، وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم المتوكل على الله بوصفين:
أ- السعي في طلب الرزق.
ب- الاعتماد على مسبب الأسباب.
وهذا الحديث مهم في فهم قضية التوكل وفي الأخذ بالأسباب لأن الطير تغدو أي تذهب في الصباح وتبحث عن الرزق وتخرج من أعشاشها وهذا عمل وسعي وجهد وهو الطيران وترجع محملة بالطعام لنفسها ولأفراخها، إذاً فالسعي في طلب الرزق هو الاعتماد القوي على مسبب الأسباب المباحة، وقد قال تعالى: (( ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم)) والعزيز هو الارتباط ما بين نهاية الآية والتوكل والعزيز الذي لا يذل من استجار به ولا يضيع من لاذ بجنابه حكيم يدبر من توكل عليه بحكمته تدبيراً حسناً. قال ابن كثير – رحمه الله - : ومن يتوكل على الله أي يعتمد على جنابه فإن الله عزيز حكيم والتوكل مركب السائر الذي لا يتأتى السير إلا به ومتى نزل عنه انقطع فوراً وتوقف عن السير وهذا ما لاحظه ابن القيم رحمه الله وهذا يبين منزلة التوكل وفضل التوكل.
ومما يدل على فضله وعلو منزلته أن الله أمر به في أكمل الأحوال والعبدات والمقامات:
1- مقام العبادة(( فاعبده وتوكل عليه)) فأمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين والخلق بالعبادة والتوكل. وقال تعالى: (( واتبع ما يوحى إليك من ربك إن الله كان بما تعملون خبيراً وتوكل على الله وكفى بالله وكيلاً))، توكل على الله في جميع أحوالك وأمورك فهذا التوجيه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليتوكل على الله ويتقيه ويعبده ويتبع ما يوحى إليه من ربه فهو أمر له ولأمته من بعده إلى يوم القيامة.
2- في مقام الدعوة، فجاء الخطاب لرسول الله والأصل هو خطاب لأمته إلا إذا دل الدليل على تخصيص له فقال تعالى: (( فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم)). فهو الذي تنتهي إليه القوة والملك والعظمة والجاه وهو حسب من لاذ به ويكفي من استجار به ويدفع عنه الشر عز وجل ويحميه، ونوح عليه السلام أيضاً في مجال الدعوة: (( قال يا قومي إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت)). فهذه الدعوة من نوح عليه السلام والإنذار الطويل والتذكير المستمر الذي رافقه وقابله من قومه تكذيب وإعراض بعدما بلغ الضيق منه توكل على الله وفوض الأمر إليه وهو ماضٍ في الدعوة.إذاً الداعية إلى الله إذا جُوبه بالإعراض من المدعوين والصدود والرد وعدم الاستجابة فإنه يتوكل على الله والله يكفيه شر هؤلاء المعرضين. ويوسع صدره الذي ضيقوه بإعراضهم.
3- في مقام الحكم والقضاء ، قال تعالى: (( وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب)) فالرسول صلى الله عليه وسلم أمره كله إلى الله، أناب إلى ربه وتوكل عليه وفوض أمره لله، كيف يتحاكم الناس لغير الله إذا اختلفوا بشيء من الأمر، وهذا النبي الذي أرسله يُترَك ولا يتحاكم إليه وهو أولى أن يتحاكم إليه ليقول قول الفصل فيما اختلفوا فيه وكيف يتوجهون في أمر من الأمور إلى جهات أخرى والنبي موجود يقضي، فما دام القاضي والحاكم على الحق المبين فلا يبالي بما يعوقه وبمن يرد حكمه وبمن يرفض التحاكم إلى الشريعة التي يقتضي بها فإذا الحاكم والقاضي عليه التوكل على الله.
4- في مقام الجهاد وقتال الأعداء، قال تعالى: (( وإذ غدوت من أهلك تبوء المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم* إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون)) فمع أنه يعد العدة ويجهز الجيش ويعيّن الأماكن ويرتب الجيش أي يأخذ بالأسباب ومع ذلك أمر بالتوكل لأن النصر بيد الله (( إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون)) فكأنه يقول لهم إن كنتم في حال ضعف فالنصر بيد الله فتوكلوا عليه (( يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون)).ولوكنتم في حال الكثرة والقوة أيضاً فيجب عليكم أن تتوكلوا فإنكم إذا ماتوكلتم على الله فلن تنفعكم الكثرة (( ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً)) ولو كانوا في معركة وأرخى لهم العدو جناح الذل وريش الوداعة وظن المؤمنون أن المعركة قد انتهت فلابد أن يبقى الارتباط والتوكل على الله ولو قال العدو نريد السلم وخنعوا (( وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله)). التوكل لا ينقطع مع أن المعركة انتهت والحرب وضعت أوزارها وخنع الأعداء للسلم و ذلوا واستسلموا، وفي الحديبية كان الرسول صلى الله عليه وسلم قادراً على مواصلة الجهاد والقتال بل كان مستعداً لاقتحام مكة وقال بايعوني على الموت، ولكن جنح للسلم لما جنحوا لها لعل أن تكون فرصة الدعوة مواتية ، لذلك فقد دخل في الإسلام بعد الحديبية أضعاف أضعاف ما كان قبله وفي سنوات أقل، إذاً لو طلبوا السلم والحرب الآن توقفت فتوكل على الله وإن أرادوا خداعكم فإن الله حسبك ولابد من استمرار التوكل على الله حتى في حال الغلبة والانتصار على العدو، وفي قصة موسى قال تعالى: (( قالوا يا موسى إن فيها قوماً جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإنا داخلون* قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين)).
5- في مقام المشورة، قال تعالى: (( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين))، فأخذ المشورة من باب الأخذ بالأسباب فآراء الناس أسباب تعين على الاهتداء إلى الصواب وأخذ القرار الصحيح، ولكن لا ينفك المؤمن في هذه الحالة حتى لو عندهم كبار المستشارين عن التوكل على الله. ولذلك بعض هؤلاء يغترون ويظنون أن وجود آراء المستشارين يغني عن التوكل وأنه عنده الخبراء الكبار وعنده المستشارون العظماء ونقول يمكن أن يضل هؤلاء كلهم ويأمرون بقرارات خاطئة، وقد يشيرون لأمر صائب ويخطئون في تنفيذه، إذاُ لابد من التوكل على الله حتى مع أخذ الآراء.
6- في مقام طلب الرزق، قال تعالى: (( فما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون)) وقال: (( ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً)).
7- في مقام العهود والمواثيق، وقد أخبر الله عن يعقوب عليه السلام في قصة يوسف وأخوته: (( قال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقاً من الله لتأتنني به إلا أن يحاط بكم فلما آتوه موثقاً قال الله على ما نقول وكيل)) والموثق هو العهود والأيمان المغلظة، (( وقال يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة ما أغني عنكم من الله من شيء إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون)).
8- في مقام الهجرة في سبيل الله وهو عظيم وأليم على النفس أن يترك الإنسان مأواه وداره وأمواله ويتغرب ويضحي بعشيرته وبذكريات حبيبته ولكن يهوّن عليه التوكل على الله ، قال تعالى: (( والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوأنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعملون * الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون)). ومن الذي يهون الهجرة والفرقة هو التوكل على الله . مهاجرة الحبشة الذين اشتد عليهم الأذى هاجروا هجرتين مشهورتين والنبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه أيضاً هاجروا وفي طريق الهجرة حصل ابتلاء وخوف ((إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها)).
9- في مقام إبرام عقود البيع والإجارة والزواج، موسى عليه السلام لما اتفق مع الرجل الصالح على أن يزوجه ابنته على أن يأجره ثماني حجج أجير وراعي غنم وإذا أتم عشراً فهذا حسن وليس بواجب(( فإن أتممت عشراً فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين* قال هذا بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي والله على ما نقول وكيل)) وقد قضى موسى العشر وأتمها وأكملها كما جاء في الحديث (( إن نبي الله إذا قال فعل))، والأليق بالنبي هو الأكمل.
تعريف التوكل
في اللغة: هو الاعتماد والتفويض وتوكيل الأمر إلى الشخص أي تفويضه به والاعتماد عليه فيه ووكل فلان فلاناً إذا استكفاه واعتمد عليه وفوض الأمر إليه ووثق به ، والتوكل إظهار العجز والاعتماد على الغير، وأصله من الوكول ويقال وكلت أمري إلى فلان أي اعتمدت عليه .
وقد ورد لفظ التوكل بالإفراد والجمع والماضي والمضارع والأمر في القرآن في اثنان وأربعون موضعاً، كلها جاءت بمعنى الاتكال والاعتماد على الله وتفويض الأمر إليه فالاسم التكلان، وورد في حديث الترمذي وفيه ضعف(( وهذا الجهد وعليك التكلان)).وفي حديث عثمان (( الله المستعان اللهم صبراً وعلى الله التكلان)) وأيضاً من الأسماء الوكالة ووكيل الرجل الذي يقوم بأمر فهو موكول إليه الأمر.
قال ابن القيم رحمه الله: والوكالة يراد بها أمران، أولاً التوكيل وهو الاستعانة والتفويض ، والثاني التوكل وهو التصرف بطريق الإنابة عن الموكل وهذا عن الجانبين فإن الله تبارك وتعالى يوكل العبد في حفظ ما وكله فيه والعبد يوكل الرب ويعتمد عليه.
فأما وكالة العبد لربه( فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوماً ليسوا بها كافرين) قال قتادة: وكلنا بها الأنبياء الثماني عشر الذين ذكرناهم قبل هذه الآية، وقال أبو رجاء العطاردي: إن يكفر بها أهل الأرض فقد وكلنا بها أهل السماء وهم الملائكة . وقال ابن عباس ومجاهد: هم الأنصار أهل المدينة، والصواب أن من قام بها إيماناً ودعوة وجهاداً ونصرة فهؤلاء الذين وكلهم الله بها.
لما قام المعتز على الإمام أحمد فسجن واضطهد ومنع من التحديث على شأن أبي دؤاد المبتدع ، فيقال أن النبي صلى الله عليه وسلم رؤي وهو يقرأ قوله تعالى: (فإن يكفر بها هؤلاء) ويشير إلى أحمد بن أبي دؤاد المعتزي (فقد وكلنا) ويشير إلى أحمد ،و هذه من صالح الرؤى.
هل يصح أن تقول أن الله وكل أو يوكل أحداً من العباد؟
نعم بإقامة الدين، لكن هل يصح أن يقال أن أحداً ما وكيل الله؟ لا.. لأن الوكيل من يتصرف عن موكله بطريق النيابة، والله لا نائب له ولا يخالفه أحد ولا يخلفه أحد بل هو يخلف عبده( اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل ) يخلف العبد في أهله وماله الذين غاب عنهم. أما أن العبد يوكل ربه فنعم بتفويضه إليه وعزل نفسه عن التصرف ، لهذا قيل في التوكل أنه عزل النفس عن الربوبية وقيامها بالعبودية. ومعنى كون الرب وكيل عبده أي كافيه والقائم بأمره ومصالحه فوكالة الرب عبده أمر وتعبد وإحسان لا عن حاجة بل منّة وافتقار منهم إليه وأما توكيل العبد ربه فتسليم لربوبيته، وقيام بعبوديته وحسبنا الله ونعم الوكيل أي كافينا ونعم الكافي يكفينا من كل شر والحسب هو الكافي والله وحده كافٍ عبده.
والتوكل في الاصطلاح الشرعي: هو صدق اعتماد القلب على الله عز وجل في استجلاب المصالح ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة كما ذكر ابن رجب، وقال الحسن أن يعلم أن الله هو ثقته..! وقال ابن عثيمين رحمه الله: صدق الاعتماد على الله عزوجل في جلب المنافع ودفع المضار مع فعل الأسباب التي أمر الله بها ، وهذا تعريف جيد جامع.
وهذا التوكل لا ينقطع ولا يخلو من اتخاذ الأسباب، فهو ثقة بالله واعتماد عليه مع الأخذ بالأسباب، فهو يلتئم هذين الأصلين، يقول ابن القيم رحمه الله: سر التوكل وحقيقته هو اعتماد القلب على الله وحده ، فلا يضره مباشرة الأسباب مع خلو القلب من الاعتماد عليها والركون إليها.
إذا كان معتمد على الله بالكلية فلا يضره لو كان لديه عشرين طريقة وسبب، لأن يفعل شيئاً فإذا قال العبد توكلت على الله مع اعتماد القلب على غير الله كمن يقول تبت وهو مستمر على المعصية، فتوكل اللسان مختلف عن توكل القلب، وهذا فعل الكفرة والغربيين إذا انهارت الأسباب انهاروا أما المؤمن فلا ينهار إذا أفلس من الأسباب فلا يزال يرجو الفلاح.
حقيقة التوكل
قال الزبيدي في تاج العروس: الثقة بما عند الله واليأس مما في أيدي الناس، فالتوكل على الله اعتماد القلب على الله مع الأخذ بالأسباب، مع كامل اليقين أن تعلم أن الله هو الرازق الخالق المحيي المميت لا إله غيره ولا رب سواه.
والتوكل يتناول التوكل على الله ليعينه الله على فعل ما أمره والتوكل على الله ليعطيه ما لا يقدر عليه، وكلاهما كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية ، فالاستعانة تكون على الأعمال والتوكل أعمّ من ذلك فالتوكل مجلبة لمنفعة، ودفع لمضرة.
(( ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى ربنا راغبون)).
إذا ما حذرت الأمر فاجعل ازاءه رجوعاً إلى رب يقيك المحاذر
ولا تخش أمراً أنت فيه مفوض إلى الله غايات ومصادر
وكن للذي يقضي به الله وحده وإن لم توافقه الأماني شاكر
ولا تفخرن إلا بثوب صيانة إذا كنت يوماً بالفضيلة فاخر
وإني كفيلٌ بالنجاة من الأذى لمن لم يبت يدعو سوى الله ناصر
فإذاً كن شاكراً لله ولا تخشَ شيئاً إذا فوضت أمرك لله ، كن رجّاعاً لله متكلاً عليه ؛ حينها ينصرك الله.
حقيقة التوكل عبادة واستعانة ( فاعبده وتوكل عليه)(عليه توكلت وإليه أنيب) ( عليه توكلت وإليه متاب) ( اتخذه وكيلاً)(عليك توكلت وإليك أنيب) ، انظر للمقارنة للتوكل مع العبادة والاستعانة بالله، فالتوكل أعمّ في جلب المنافع وهو دفع المضار حتى لو كانت في أشياء دنيوية والاستعانة على العبادة.
التوكل أعم من الاستعانة و قد جمع الله بين الأصلين في غير موضع كقوله (إياك نعبد وإياك نستعين)، فالعبادة له والاستعانة به والتوكل عليه وحده لا شريك له، الله عزوجل إذا توكل عليه العبد يكفيه و هو حسب من توكل عليه والحسب هو الكافي ، يمنع الشر عنك، يكفيك ما أهمك ، يكفيك عدوك..
لما قال الله لنبيه ( يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين)..، بعض الناس يظنون أن المعنى حسبك الله والمؤمنون حسبك أيضاً ،يعني يكفونك مع الله، هذا خطأ بل حسبك الله وحسب من اتبعك ، يكفيك ويكفيهم..حسبك وحسبهم..كلكم..أنت وهم.. ، ولا يجوز حمل الآية على المعنى الآخر..
ولذلك الآية الأخرى ( وإن يريدوا يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين)..
نعم هنا ممكن..
فرق بين الحسب والتأييد..
هل المؤمن يكفي يكون حسباً؟... لا ،لكن يكون ناصراً ومؤيداً..نعم..
أيدك بالمؤمنين..أن يؤيدونك وينصرونك..هذه لا إشكال فيها..ولا تضاد التوحيد..
ولكن إذا قلت يكفونك ..من ذا يقدر على الكفاية..؟..من الذي يستطيع أن يكون حسباً يكفي غيره كل شر من الشرور؟.. ما يقدر على هذا إلا الله سبحانه وتعالى..
قال ابن القيم رحمه الله في معنى الآية: " حسبك الله أي كافيه ومن كان الله كافيه و واقيه فلا مطمع فيه لعدوه ولا يضره إلا أذى"..
مامعنى ( لايضروك إلا أذى)..مثل أذى الحر والبرد والجوع والعطش أما أن يضره العدو بما يبلغ به مراده(يعني الشيء الذي يريده العدو فيه) لا..يعني إذا توكلت على الله لن يضروك إلا أذى..
يعني الشيء الذي لابد منه ولكن ليس على مايشتهي ويريد العدو.. ، يعني أثر خفيف..مثل مايحدث لك من الحر والبرد والجوع والعطش..، لكن لا يستطيعون أن يبلغوا ما يريدونه ويتمنونه إذا توكلت على الله..
وإذا كان الله قد جعل لكل عمل جزاء من جنسه فقد جعل جزاء التوكل عليه الكفاية، ومن يتوكل على الله فهو حسبه ، ولو كاده كل من في الأرض جميعاً..!!
وإذا دجى ليل الخطوب وأظلمت سبل الخلاص وخاب فيها الآمل
وأيست من وجه النجاة فما لها سبب ولا يدنو لها متناول
يأتيك من ألطافه الفرج الذي لم تحتسبه وأنت عنه غافل
والثقة بالله سبحانه وتعالى والتوكل عليه وتفويض الأمور يليه يريح العبد نفسياً، لأنه الواحد مهما بذل أسباب ستبقى ثغرات يتحسب منها ، ويبذل كذا وكذا لكن هذه لا يستطيع أن يفعل فيها شيء، ولو جاءوا ما استطعت..ولو كادوا لي من هذه الجهة ما لي حيلة..وضعنا احتياطات من هنا ومن هنا ولكن لو جاءوا من هنا لو فعلوا من هنا ماعندنا احتياطات...!!، فيصبح العبد مهموماً حتى مع اتخاذ بعض الأسباب..هناك أشياء لا يقدر عليها فالتوكل يريحه نفسياً..الأشياء التي لا حيلة له فيها ؛ الذي لا يتوكل قلق منها قلق جداً منها لأنه لم يعمل شيء في الموضوع ، لكن من يتوكل على الله كفاه الله ما أهمه..، و قال لي أحدهم بعد الحج من أهل الشيشان: (جاء الروس اقتحموا علينا، وكنا في بيت فحاصرونا، وهرب من هرب، وبقيت أنا ذهبت إلى حفرة بجانب البيت يلقى فيها محصول البطاطس ،ألقيت نفسي فيها ثم اقتحموا البيت و ابتدؤوا التفتيش و علا صياحهم واقتربوا من مكاني وأنا ماعندي سلاح ولا أستطيع أن أهرب ..حفرة..، قال لا عندي إلا التوكل على الله وتذكرت موقف من السيرة وآية من القرآن وجعلت أقرأها فسمعت القائد يقول للجندي اذهب وفتش الحفرة، وسمعت وقع خطواته وهو يقترب شيئاً فشيئاً من الحفرة وأنا في الحفرة وأنا مثل الفأر بالمصيدة، وأطل عليّ ونظر إليّ وذهب وقال لا يوجد أحد في الحفرة..!، أنا استغربت..عيني في عينه..!!!!!!)، قلت له: وماذا كنت تقرأ؟، قال :إني تذكرت والذي خطر على بالي في ذلك الموقف القصة في سورة يس..(وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون)..ما عندي إلا التوكل على الله..
فهناك أحوال كثيرة المخلوق لا يستطيع أن يفعل فيها شيئاً مادياً..ماعنده إلا هذا التوكل..
.والتوكل على الله لابد من تحقيق مراتب فيه.:
1- معرفة الرب وصفاته ، من قدرته وكفايته وقيوميته، أنت تتوكل على الله وتعتمد عليه يجب أن تكون مؤمنا بقوة الله وقدرته وأنه يكفيك، فالذين يعطلون أسماء الله وصفاته ويلحدون فيها سيخلون بهذه المرتبة..
2- إثبات الأسباب والمسببات وأنها لا تستقل بنفسها في التأثير، وإن جحد الأسباب وقال كل سبب معطل ، هذا غبي مجنون..، هناك أسباب ، تنكح ليأتيك الولد وتبذر ليخرج الزرع..، ولذلك جاء رجل للنبي صلى الله عليه وسلم فقال أءعقلها وأتوكل أم أطلقها وأتوكل...؟، قال : اعقلها وتوكل..، وأحياناً لا يجد الواحد إلا الدعاء ، ونعم السبب ..، والله عزوجل علم عباده الأخذ بالأسباب فقال: (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها ) وقال: (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله)..، فالذي يقول لا أعمل شيئاً حتى يأتيني رزقي جاهل بشرع الله وجاهل بقدر الله ..، الله قال في سورة المزمل ( وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله)..يضربون : يسافرون و يذهبون ويتاجرون ، وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يتاجرون في البر والبحر..ويعملون في نخيلهم وكان غسل الجمعة.. لماذا أمروا به..؟..لأنهم كانوا عمال أنفسهم..يعملون في الحر والنخيل.. العرق يرشح على ملابس الصوف فيكون لها رائحة كريهة في المسجد، فقيل لهم ( لو اغتسلتم) كما في البخاري ، ولما سئل الإمام أحمد رحمه الله عن هؤلاء الذين يزعمون أنهم متوكلة ويقولون نقعد وأرزاقنا على الله عزوجل، قال الإمام أحمد : هذا قول رديء أليس الله قد قال ( فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون*فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله)..؟، وقال صالح بن أحمد بن حنبل: ( سئل أبي عن قوم لا يعملون ويقولون نحن المتوكلون فقال : هؤلاء مبتدعون)..
3- ومن المقامات التي يجب تحقيقها رسوخ القدم في طريق التوحيد..، فالعبد إذا حقق التوحيد كان له من التوكل النصيب العظيم ..،( حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت) توحيد وتوكل بعده..
4- الاعتماد على الله عزوجل في كل الأمور، بحيث يفوض إليه سائر أموره..
5- أن يحسن الظن بالله عزوجل وتفويض الأمور إلى الله عزوجل كلها ويكون بيد الله أوثق منه بما في يده، لا يضطرب قلبه ولايبالي بإقبال الدنيا وإدبارها لأن اعتماده على الله ..، فحاله كحال إنسان أعطاه ملك درهم فسرق منه، فقال الملك عندي أضعافه فلا تهتم..متى جئت أعطيتك أضعافه من خزائني، فمن يعلم أن الله ملك الملوك خزائنه ملأى فلا يقلق إذا فات شيء فإن الغني يعطيه الله بدلاً منه.. وأما حسن الظن بالله عزوجل فإن الله عزوجل قال: (أنا عند ظن عبدي بي)كما جاء في الحديث القدسي، فحسن الظن يدعو إلى التوكل على الله، أنت تتوكل على من تظن أنه سينفعك، وإن الإنسان إذا علم وتيقن أن الله هو الغني القادر الحسب الكافي فيتوكل عليه..
6- استسلام القلب لله سبحانه وتعالى، فإذا استسلم كاستسلام العبد الذليل لسيده وانقياده له حصل التوكل ..
7- التفويض .. (فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله) أي أتوكل عليه وأستعينه مع مقاطعتي و مباعدتي لكم خدعتموني ..قال اين مسعود : (إن أشد آية في القرآن تفويضاً
من فضلكملا تنسوا الذكر والاستغفارولا تنسوا الدعاء لو الدى رحمه الله
مقطع جميل ومؤثر
تعليق
-
رد: نداء هام جدا جدا جدا جدا
بارك الله فيك اخى الحبيب
على المساعدة
تعليق
تعليق