ذات عشية على شرفة دارنا وأنا أشرب عصيرا ، مستمتعا أشرب الكوب تلو الكوب ، متكئا على لوح اتخذته سريرا ، والشمس كلون العصير مالت للغروب ، لمحتُ زوجين ما رأيت لهما نظيرا ، يجريان وسط الطريق يحاولان الهروب ، دقـَّقـت النظر وقد قطـَّرتُ الكوب تقطيرا ، توارى الزوجان وقد تسللا وسط الدروب ، فزاد عجبي واعتبرت ما رأيت خطيرا ، سألت أخي: ما بال هذا الزوج للدروب يجوب !!؟ لعله يعطي لما استغربته تفسيرا ، فضحك حتى كأني من ردِّه مرعوب ، فقال مستعليا لازلت يا أُخيَّ صغيرا ، إنهما حبيبان أحدهما للآخر لعوب ، لا تهتم لأمرهم ولا تجل تفكيرا ، ستتزوج ثم ستحاكي ذلك الأسلوب ، قلت ما هذا حب وان كنتَ كبيرا ، فليس أمام الناس ذلكم مطلوب ، سابق النبي زوجه وكان سراجا منيرا ، لكن وحيدين صلى الإله على المحبوب ، زمـن عجيب فأنـَّى تجدُ للحق نصيرا ، حمق وسخافة وأطنان ذنوب ، بقيت متأملا على الأهواء مغيرا ، أهكذا حال الزوج دوما على الهـوى مصلـوب ؟ كيف سيكون حالي؟ـ أقول لنفسي مستشيرا ـ ، أيكون بيتي جنة أم ساحة للحروب ؟ أخاف زوجي وألتمس لأخطائي تبريرا ، أم أصارحها بحب وحنان مصحوب ، قمت من مكاني مقررا تقريرا ، ألا أعود للتفكير في حالة المحبوب ، ولأعتبر نفسي بين الناس ضريرا ، فليس يعلم زوجي أحد إلا علام الغيوب .
وعلى الشرفة ليلا كان لي موعد مع القمر ، فلست أخلف وعده إن كان بدرا جليّا ، أراقب شكله وكيف على طول السنين صبر ، وأتفكر في خلق الله وزينة الثريّا ، وأتذكر انشقاقه وتهمة الكفار أن النبي سَحَر ، صلى الله على الصادق صبحا وعشيّة ، وبينما أحادث البدر دهش النظر ، كأنه ظل بدا وسطه إنسيّا ، وكأنه خيال امرأة على جواد قد عَبَر ، استرجعت خوفا واستعذتُ برب البريّة ، ضَعُفَ بصري أو ضوء النجوم به أضَر ، لكن لازلت أراها وقد ضحكت إليَّ ، فقلت من أنت يا قمرا وسط القمر!!؟ تبسمتْ فغلب نورها وصار نور البدر خفيّا ، فأعدت السؤال لعلني أدري الخبر ، فقالت : طاب المساء فأنا البنت الصبيّة ، فقل أفصحي قبل أن يعلوني الضجر ، قالت أنا زوجتك التي تبادلك حبا صفيّا ، قلت : زوجتي ؟؟؟ وطار الشـَرَر ، وكأن السماء أنارت شرقيا وغربيا ، ما هذا البهتان العظيم و لما تكذبين عليَّ ؟ أنا أعزب ولا أعرفك يا من حضر ، فضحكت ثم انبعث الشعاع من فمها نورا زهيّا ، تفتح منه الورد وفاحت منه عطور الزهر ، صَحَت الطيور على الشجر حسبته صبحا قد أسفر ، فغردت وزقزقت لحنا شجيّا ، اصبرْ على حالي ـ يا قارئا ـ فلقد فاز من صبر ، أعلم أنه وصفي بعيد عن الحقيقة بعدا قصيّا ، ثم قالت : يا عليُّ اسمي سَحَر ، ناديتني عن الغروب فخِلتـُك فردا شقيّا ، فجئت أسليك أداوي الضرر ، قل بل والله تزيدينه ألماً قويّا ، طال غيابكِ وطال السفر، لكن وقد حضرتِ وكان أمر الله مقضيّا ، أكشف اليوم ما كان قلبي قد أقـْبَر ، وأدَرُهُ يسمعكِ نشيدا يرسله لحنا شجيّا ، يا زوجتي معا ننجو من صقر ، معا إلى الجنة نمشي مشيا سويّا ، نتبع المصطفى وللسنة لا نـَذر ، حتى نـَردَ الحوض ونلقى النبيَّ ، أطيعيني ما أطعتُ الله والسُّور ، كوني حنونة وأحبي الخير ليَّ ، لا تكثري العتاب ولا تكوني ممن غدر ، رضاك عني لأكون عنك رضيّا ، نقوم سويا للصلاة أوقات السَّحر ، وعلى وجه المتهاون نرشُّ قطرا نديّا ، ونكثر ذكر لله لنيل المنى و الدُرَر ، أطعمي زوجك دوما طبخا شهيا ، ولا تغتابي أحدا بداري وإلا لن أُسر ، ولا تكثري ذكر الدنيا ذكرا مليّا ، كوني عفيفة جلبابك لكل جسمك قد خَمر ، فلا يقربكِ شر وتسلمي من الأذيَّة ، تبسمتْ ثم انْـفَـتـَلـَتْ تمشي على حذر ، وقالت : انتظر جوابي ليكون جوابا شفيّا ....
وفي اليوم التالي سرحت مجددا بخيالي ، أنتظر أن أتلقى منها جوابا ، انتظرت مصطبرا أنادي هلالي ، مثل العصفور في عشه يترقب لأمِّه إيابا ، متى تعود زوجتي مبشرة بقبولي ؟ فالسماء اليوم صافية ما أرى بها سحابا ، فما بالـُها لا تريد التعجيل بوصالي ، لعلها خافت غضبي أو أن أسمعها عـتابا ، لا والله لست ممن أتقن لغة الإذلال ، يا قمر لقد فقدت صبري وفقدت الصوابَ ، سأعاود انتظارها وان توالت الليالي ، فبلغها سلامي وأخبرها أن لا تطيل الغيابَ ....
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد ألا اله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.
كتبه : أبو الوليد
وعلى الشرفة ليلا كان لي موعد مع القمر ، فلست أخلف وعده إن كان بدرا جليّا ، أراقب شكله وكيف على طول السنين صبر ، وأتفكر في خلق الله وزينة الثريّا ، وأتذكر انشقاقه وتهمة الكفار أن النبي سَحَر ، صلى الله على الصادق صبحا وعشيّة ، وبينما أحادث البدر دهش النظر ، كأنه ظل بدا وسطه إنسيّا ، وكأنه خيال امرأة على جواد قد عَبَر ، استرجعت خوفا واستعذتُ برب البريّة ، ضَعُفَ بصري أو ضوء النجوم به أضَر ، لكن لازلت أراها وقد ضحكت إليَّ ، فقلت من أنت يا قمرا وسط القمر!!؟ تبسمتْ فغلب نورها وصار نور البدر خفيّا ، فأعدت السؤال لعلني أدري الخبر ، فقالت : طاب المساء فأنا البنت الصبيّة ، فقل أفصحي قبل أن يعلوني الضجر ، قالت أنا زوجتك التي تبادلك حبا صفيّا ، قلت : زوجتي ؟؟؟ وطار الشـَرَر ، وكأن السماء أنارت شرقيا وغربيا ، ما هذا البهتان العظيم و لما تكذبين عليَّ ؟ أنا أعزب ولا أعرفك يا من حضر ، فضحكت ثم انبعث الشعاع من فمها نورا زهيّا ، تفتح منه الورد وفاحت منه عطور الزهر ، صَحَت الطيور على الشجر حسبته صبحا قد أسفر ، فغردت وزقزقت لحنا شجيّا ، اصبرْ على حالي ـ يا قارئا ـ فلقد فاز من صبر ، أعلم أنه وصفي بعيد عن الحقيقة بعدا قصيّا ، ثم قالت : يا عليُّ اسمي سَحَر ، ناديتني عن الغروب فخِلتـُك فردا شقيّا ، فجئت أسليك أداوي الضرر ، قل بل والله تزيدينه ألماً قويّا ، طال غيابكِ وطال السفر، لكن وقد حضرتِ وكان أمر الله مقضيّا ، أكشف اليوم ما كان قلبي قد أقـْبَر ، وأدَرُهُ يسمعكِ نشيدا يرسله لحنا شجيّا ، يا زوجتي معا ننجو من صقر ، معا إلى الجنة نمشي مشيا سويّا ، نتبع المصطفى وللسنة لا نـَذر ، حتى نـَردَ الحوض ونلقى النبيَّ ، أطيعيني ما أطعتُ الله والسُّور ، كوني حنونة وأحبي الخير ليَّ ، لا تكثري العتاب ولا تكوني ممن غدر ، رضاك عني لأكون عنك رضيّا ، نقوم سويا للصلاة أوقات السَّحر ، وعلى وجه المتهاون نرشُّ قطرا نديّا ، ونكثر ذكر لله لنيل المنى و الدُرَر ، أطعمي زوجك دوما طبخا شهيا ، ولا تغتابي أحدا بداري وإلا لن أُسر ، ولا تكثري ذكر الدنيا ذكرا مليّا ، كوني عفيفة جلبابك لكل جسمك قد خَمر ، فلا يقربكِ شر وتسلمي من الأذيَّة ، تبسمتْ ثم انْـفَـتـَلـَتْ تمشي على حذر ، وقالت : انتظر جوابي ليكون جوابا شفيّا ....
وفي اليوم التالي سرحت مجددا بخيالي ، أنتظر أن أتلقى منها جوابا ، انتظرت مصطبرا أنادي هلالي ، مثل العصفور في عشه يترقب لأمِّه إيابا ، متى تعود زوجتي مبشرة بقبولي ؟ فالسماء اليوم صافية ما أرى بها سحابا ، فما بالـُها لا تريد التعجيل بوصالي ، لعلها خافت غضبي أو أن أسمعها عـتابا ، لا والله لست ممن أتقن لغة الإذلال ، يا قمر لقد فقدت صبري وفقدت الصوابَ ، سأعاود انتظارها وان توالت الليالي ، فبلغها سلامي وأخبرها أن لا تطيل الغيابَ ....
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد ألا اله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.
كتبه : أبو الوليد