وقبل ذكر هذه الفوائد مع تعليق خفيف عليها ، أذكر مقدمة فأقول مستعيناً بالله مصلياً على رسول الله عليه الصلاة والسلام :
إن محاسبة النفس معناها كما قال الماوردي : أن يتصفح الإنسان في ليلهِ ما صدر في أفعال نهاره ، فإن كان محموداً أمضاه وأتْبَعه بما شاكله وضـاهاه ، وإن كان مذموماً استدركه إن أمكن وانتهى عن مثله في المستقبل .
وعرفها ابن القيم بقوله : هي التمييز بين ماله وما عليه ( يقصد العبد ) فيستصحب ماله ويؤدي ما عليه ، لأنه مسافرٌ سفرَ من لا يعود .
وقد أمر الله عز وجل بمحاسبة النفس فقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) .
قال ابن كثير : أي حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وانظروا ماذا ادخرتم لأنفسكم من الأعمال الصالحة ليوم معادكم وعرضكم على ربكم ( واتقوا الله ) تأكيد ثان ( إن الله خبير بما تعملون ) أي اعلموا أنه عالم بجميع أعمالكم وأحوالكم ، لا تخفى عليه منكم خافية ، ولا يَغيب من أموركم جليل ولا حقير .
وقال تعالى ( ولا أقسم بالنفس اللوامة ) قال الحسن البصري في تفسير هذه الآية : إن المؤمنَ واللهِ لا تراه إلا يلوم نفسه على كل حالاته ، يستقصِرُها في كل فعل فيندم ويلوم نفسه ، ماذا أردتُ بكلمتي ؟ ماذا أردت بأكلتي ؟ وإن الفاجر ليمضي قدماً لا يعاتب نفسه .
ويصف الحسن البصري المؤمن بقوله ( المؤمن قوّام على نفسه يحاسبها لله ، وإنما خفّ الحساب على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا ، وإنما شق الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة .
ويقول عمر بن الخطاب : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوها قبل أن توزنوا ، وتزينوا للعرض الأكبر (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ ) .
نعم ، فالنفس – أيها الإخوة – بطبيعتها كثيرة التقلب والتلوث ، تؤثر فيها المؤثرات ، وتعصف بها الأهواء والأدواء ، فتجنح لها وتنقاد إليها ، وهي في الأصل تسير بالعبد إلى الشر كما قال تعالى ( إنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ ) ، ولذا فإن لها خطراً عظيماً على المرء إذا لم يستوقفها عند حدها ، ويلجمها بلجام التقوى ، والخوف من الله ، ويأطرها على الحق أطراً .
فلا بد إذن من محاسبة هذه النفس ، ومنعها من الشر ، ودفعها إلى الخير ، فهي الميدان الأول الذي يجب الاهتمام به ، فمنها يفلح الإنسان ، ومنها يخسر ، ولقد أقسم المولى تبارك وتعالى في كتابه الكريم أنه لا فلاح ولا نجاح إلا بتزكية النفس وتطهيرها ، ثم بيّن بعد ذلك بأن إهمالها وتركها في المعاصي موجباً للخسران الذي ما بعده خسران فقال تعالى ( وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4) وَالسَّمَاء وَمَا بَنَاهَا (5) وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا ) .
ومن هنا : يجب على المسلم أن يحاسب نفسه ، ويعاقبها على التفريط ، ويعاتبها على التقصير ، وكيف لا يحاسب المسلم نفسه وهو يعلم أن الله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور .
وقد قال ابن القيم : وأضر شيء الإهمال وترك المحاسبة والاسترسال ، وتسهيل الأمور وتمشيتها ، فإن هذا يؤول به إلى الهلاك ، وهذه حال أهل الغرور ، يغمض عينيه عن العواقب ، ويمشّي الحال ، ويتكل على العفو ، فيهمل محاسبة نفسه والنظر في العاقبة ، وإذا فعل ذلك سهل عليه مواقعة الذنوب ، وأنِسَ بها ، وعسُرَ عليه فطامها .
وقال الحسن رضي الله عنه: إن العبد لا يزال بخيرما كان له واعظ من نفسه، وكانت المحاسبة هِمته
وقال ميمون بن مهران: لا يكون العبد تقيًّا حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريكلشريكه .
ولهذا قيل: النفس كالشريك الخوان، إن لم تحاسبه ذهب بمالك.
وذكر الإمام أحمد عن وهب قال: مكتوب في حكمة آل داود: حقعلى العاقل ألا يغفل عن أربع ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه،وساعة يخلو فيها مع إخوانه الذين يخبرونه بعيوبه ، وساعة يخلي فيهبين نفسه وبين لذاتها فيما يحل ويجمل، فإن في هذه الساعة عونًا على تلك الساعاتوإجمامًا للقلوب.
وقال ابن أبي ملكية: أدركتثلاثين من أصحاب النبي rكلهم يخاف النفاق على نفسه، ما منهم أحديقول إنه على إيمان جبريل وميكائيل!!
وقالالإمام ابن القيم رحمه الله: ومن تأمل أحوال الصحابة رضي الله عنهم وجدهم في غايةالعمل مع غاية الخوف، ونحن جمعنا بين التقصير، بل التفريط والأمن"، هكذا يقولالإمام ابن القيم رحمه الله عن نفسه وعصره، فماذا نقول نحن عن أنفسناوعصرنا .
وقال الحسن البصري : إن المؤمن أسير في الدنيا يسعى في فكاك رقبته، لا يأمن شيئاً حتى يلقى الله، يعلمأنه مأخوذ عليه في سمعه وفي بصره، وفي لسانه وفي جوارحه، مأخوذ عليه في ذلككله.
وقال مالك بن دينار: رحم الله عبداً قال لنفسه: ألست صاحبة كذا؟ألست صاحبة كذا؟ ثم ألزمها، ثم خطمها، ثم ألزمها كتاب الله عز وجل، فكان لهاقائداً.
ولمحاسبة النفس فوائد عظيمة ، ذكر ابن القيم رحمه الله بعضها ، أذكر بعض هذه الفوائد مع تعليق عليها فقال : في محاسبة النفس عدة مصالح منها :
أولا : الإطلاع على عيوبها ، ومن لم يطلع على عيوب نفسه لم يمكنه إزالتها .
وهذا صحيح ، فإن الإنسان إذا عرف نفسه على حقيقتها مقتها في ذات الله ، ولم تجنح نفسه للتكبر والغطرسة .
ولاشك أن معرفة العبد لقدر نفسه يورثه تذللاً لله ، فلا يُدْلِ بعمله مهما عظُـم ، ولا يحتقر ذنبه مهما صغُر .
قال أبو الدرداء : لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يمقت الناس في جنب الله ، ثم يرجع إلى نفسه فيكون أشد لها مقتاً .
وقال مصرف في دعائه : بعرفة : اللهم لا ترد الناس لأجلي .
وقد كان السلف يحاسبوا أنفسهم فأثمرت هذه المحاسبة استصغار العمل ، ودنو الأجل ، واتهام النفس .
فهذا محمد بن واسع يقول : لو كان للذنوب ريح ما قدر أحد أن يجلس إليّ .
وقال أبو حفص : من لم يتهم نفسه على دوام الأوقات ، ولم يخالفها في جميع الأحوال ، ولم يسوقها إلى مكروهها في سائر أوقاته ، كان مغروراً ، ومن نظر إليها باستحسان شيء منها فقد أهلكها .
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : سمعتُ عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوماً وخرجت معه حتى دخل حائطاً فسمعتُه يقول وبيني وبينه جدار : عمر ! ! أمير المؤمنين ! ! بخٍ بخٍ ، واللهِ بُنَيّ الخطاب لتتقينّ الله أو ليعذبنّك) .
وجاء رجل يشكو إلى عمر وهو مشغول فقال له : أَتَتْركون الخليفة حين يكون فارغاً حتى إذا شُغِل بأمر المسلمين أتيتموه ؟ وضربه بالدرّة ، فانصرف الرجل حزيناً ، فتذكّر عمر أنه ظلمه ، فدعا به وأعطاه الدرّة ، وقال له : (اضربني كما ضربتُك) فأبى الرجل وقال : تركت حقي لله ولك . فقال عمر : إما أن تتركه لله فقط ، وإما أن تأخذ حقّك ، فقال الرجل : تركته لله ، فانصرف عمر إلى منزله فصلّى ركعتين ثم جلس يقول لنفسه : يا ابن الخطاب : كنتَ وضيعاً فرفعك الله ، وضالاً فهداك الله ، وضعيفاً فأعزّك الله ، وجعلك خليفةً ، فأتى رجلٌ يستعين بك على دفع الظلم فظلمتَه ؟ ! ! ما تقول لربّك غداً إذا أتيتَه ؟ وظلّ يحاسب نفسَه حتى أشفق الناس عليه .
وقال إبراهيم التيمي : مثّلتُ نفسي في الجنة آكل من ثمارها وأشرب من أنهارها ، وأعانق أبكارها ، ثم مثّلتُ نفسي في النار آكل من زقومها ، وأشرب من صديدها ، وأعالج سلاسلها وأغلالها ، فقلت لنفسي : يا نفس أيّ شيء تريدين ؟ فقالت : أريد أن أُردّ إلى الدنيا فأعمل صالحاً ! قلتُ : فأنتِ في الأمنـية فاعملي .
ويُحكى أن حسان بن أبي سنان مرّ بغرفة فقال : متى بنيت هذه ؟ ثم أقبل على نفسه ، فقال : تسألين عمّا لا يَعْنيكِ ؟ ! لأعاقبنّك بصيام سنة ، فصامها .
واعلم أخي المسلم أن الاطلاع على عيوب النفس يثمر مقت النفس وازدرائها ، وهذا يرفع العبد عند الله درجات .
قال ابن القيم : ومقت النفس في ذات الله من صفات الصديقين ، ويدنو به العبد من الله تعالى في لحظه واحدة أضعاف ما يدنو بالعمل .
ثم قال ابن القيم :
ومنها : أنه يعرف بذلك حق الله تعالى عليه ، ومن لم يعرف حق الله تعالى عليه فإن عبادته لا تكاد تجدي عليه ، وهي قليلة المنفعة جدا .
وهذا من أعظم فوائد محاسبة النفس ، فإن الإنسان يعرف بها فضل الله العظيم ، وذلك حينما يقارن نعم الله عليه تترى وتتزايد ، وهو مفرط في جنب الله تعالى ، إن ذلك يكون رادعاً له عن فعل كل مشين وقبيح .
وصدق ابن القيم حينما قال : فمن أنفع ما للقلب النظر في حق الله على العبد ، فإن ذلك يورثه مقت نفسه والازدراء عليها ، ويخلصه من العجب ورؤية العمل .
حينما ترى يا أخي : أن الله أنعم عليك بالصحة وغيرك – الكثير والكثير – مرضى .
حينما ترى يا أخي : أن الله أنعم عليك بالمال والغنى وغيرك – الكثير الكثير – فقراء .
حينما ترى يا أخي : أن الله أنعم عليك بهذه الجوارح السليمة الجميلة وغيرك – الكثير الكثير – قد فقدها .
حينما ترى يا أخي : أن الله أنعم عليك بالأمن والأمان وغيرك – الكثير الكثير – لا يجدها .
إن الإنسان حينما ينظر إلى نعم الله عليه ، يعلم يقيناً أنه سبحانه وتعالى مستحق : أن يذكر فلا ينسى ، وأن يُطاع فلا يُعصى ، وأن يشكر فلا يُكفر .
إن الإنسان حينما ينظر في نعم الله عليه ، لا يمكن أن يعجب بعمله ، ولا أن ينظر إلى عمله بعين الإعجاب والرضا ، لأنه مهما فعل ، فهو مقصر في حق الله تبارك وتعالى ، الذي هو يتقلب في نعم الله ليلاً ونهاراً .
إن الإنسان حينما ينظر إلى نعم الله عليه الكثيرة ، يعلم يقيناُ أنه لا نجاة إلا بعفو الله ورحمته .
ولذلك أوصى النبي r بقوله (انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلاَ تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لاَ تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عليكم ) .
فحث النبي r على النظر إلى الفقراء إلى المساكين إلى من هم أقل منك ، حتى تعرف حقيقة نعمة الله عليك ، ولذلك كان بعض السلف يجالس الفقراء والمساكين ، حتى يعرف نعمة الله .
وللأسف أكثر الخلق ينظرون في حقهم على الله ، ولا ينظرون في حق الله عليهم ، تجد الكثير منهم إذا أصيب بمصيبة أو لم يجد وظيفة أو غيرها من هذه الأمور ، بدأ يشتكي ويصيح ويحاسب ربه ( نعوذ بالله ) وبعضهم يقول : لماذا فقط أنا ، وغيرها من الكلمات ، بينما لا ينظر إلى تقصيره ، لا ينظر إلى إهماله في الطاعات والأعمال الصالحات ، لا ينظر إلى نعم الله عليه من بين كثير من الناس .
وهناك فوائد في محاسبة ذكرها بعض العلماء :
منها : الاستعداد للرحيل .
فإن الإنسان الذي يحاسب نفسه ، يعرف أنه منتقل عن الدنيا عن قريب ، راحل عنها كما رحل غيره ، فإنه يستعد بالأعمال الصالحات ، التي تقربه إلى رب الأرض والسماوات ، ويجتهد في استغلال أوقاته وعمارتها بكل ما يفيد وينفع في آخرته ، ولذلك أوصى r بذلك بقوله ( أكثروا ذكر هاذم اللذات ) .
كما قال تعالى (وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ .
وقال تعالى (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ ) .
فمتى أيقن المسلم بدنو أجله ، وقرب انتقاله من هذه الدنيا ، أورثه ذلك إيماناً وعملاً صالحاً .
فإن قال قائل : ما الذي يعين على هذه المراقبة ويساعد عليها : فالجواب :
أولاً : معرفته أنه كلما اجتهد في محاسبة نفسه اليوم استراح من ذلك غدًا، وكلما أهملهااليوم اشتد عليه الحساب غدًا.
ثانياً : ويعينه أيضاً : معرفته أنربح محاسبة النفس ومراقبتها هو سكنى الفردوس ، والنظر إلى وجه الرب سبحانه، ومجاورالأنبياء والصالحين وأهل الفضل.
ثالثاً : النظرفيما يؤول إليه ترك محاسبة النفس من الهلاك والدمار، ودخول النار والحجاب عن الربتعالى ومجاورة أهل الكفر والضلال والخبث.
رابعاً : صحبة الأخيار الذين يحاسبون أنفسهم ويطلعونه على عيوب نفسه، وترك صحبة من عداهم.
خامساً :النظر في أخبار أهل المحاسبة والمراقبة منسلفنا الصالح
سادساً : زيارة القبور والتأمل فيأحوال الموتى الذين لا يستطيعون محاسبة أنفسهم أو تدارك ما فاتهم.
سابعاً : حضور مجالس العلم والوعظ والتذكير فإنها تدعو إلى محاسبةالنفس.
ثامناً :البُعد عنأماكن اللهو والغفلة فإنها تنسي الإنسان محاسبة نفسه.
تاسعاً : ذكر الله تعالى ودعاؤه بأن يجعله من أهل المحاسبةوالمراقبة، وأن يوفقه لكل خير.
عاشراً : عدم حسنالظن الكامل بالنفس؛ لأن ذلك ينسي محاسبة النفس ويجعل الإنسان يرى عيوبه ومساوئهكمالاً.
كيفية محاسبة النفس :
ذكر العلماء أن محاسبة النفس تكون قبل العمل وبعده .
أما قبل العمل : فيقف عند أول همه وإرادته ، ولا يبادر بالعمل حتى يتبين رجحانه على تركه .
قال الحسن البصري : رحم الله عبداً وقف عند همّهِ ، فإن كان لله مضى ، وإن كان لغيره تأخر .
ومحاسبة النفس بعد العمل : وهو أنواع :
محاسبتها على طاعة قصرت فيها من حق الله تعالى فلم يوقعها على الوجه الذي ينبغي ، وحق الله تعالى في الطاعة ستة أمور هي :
الإخلاص في العمل ، والنصيحة لله فيه ، ومتابعة الرسول فيه ، وشهود مشهد الإحسان فيه ، وشهود منّة الله عليه ، وشهود تقصيره فيه بعد ذلك كله .
وأن يحاسب نفسه على أمر مباح أو معتاد : لمّ فعله ؟ وهل أراد به الله والدار الآخرة ؟ فيكون رابحاً ، أو أراد به الدنيا وعاجلها فيخسر ذلك الربح ، ويفوته الظفر به .
إن محاسبة النفس معناها كما قال الماوردي : أن يتصفح الإنسان في ليلهِ ما صدر في أفعال نهاره ، فإن كان محموداً أمضاه وأتْبَعه بما شاكله وضـاهاه ، وإن كان مذموماً استدركه إن أمكن وانتهى عن مثله في المستقبل .
وعرفها ابن القيم بقوله : هي التمييز بين ماله وما عليه ( يقصد العبد ) فيستصحب ماله ويؤدي ما عليه ، لأنه مسافرٌ سفرَ من لا يعود .
وقد أمر الله عز وجل بمحاسبة النفس فقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) .
قال ابن كثير : أي حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وانظروا ماذا ادخرتم لأنفسكم من الأعمال الصالحة ليوم معادكم وعرضكم على ربكم ( واتقوا الله ) تأكيد ثان ( إن الله خبير بما تعملون ) أي اعلموا أنه عالم بجميع أعمالكم وأحوالكم ، لا تخفى عليه منكم خافية ، ولا يَغيب من أموركم جليل ولا حقير .
وقال تعالى ( ولا أقسم بالنفس اللوامة ) قال الحسن البصري في تفسير هذه الآية : إن المؤمنَ واللهِ لا تراه إلا يلوم نفسه على كل حالاته ، يستقصِرُها في كل فعل فيندم ويلوم نفسه ، ماذا أردتُ بكلمتي ؟ ماذا أردت بأكلتي ؟ وإن الفاجر ليمضي قدماً لا يعاتب نفسه .
ويصف الحسن البصري المؤمن بقوله ( المؤمن قوّام على نفسه يحاسبها لله ، وإنما خفّ الحساب على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا ، وإنما شق الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة .
ويقول عمر بن الخطاب : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوها قبل أن توزنوا ، وتزينوا للعرض الأكبر (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ ) .
نعم ، فالنفس – أيها الإخوة – بطبيعتها كثيرة التقلب والتلوث ، تؤثر فيها المؤثرات ، وتعصف بها الأهواء والأدواء ، فتجنح لها وتنقاد إليها ، وهي في الأصل تسير بالعبد إلى الشر كما قال تعالى ( إنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ ) ، ولذا فإن لها خطراً عظيماً على المرء إذا لم يستوقفها عند حدها ، ويلجمها بلجام التقوى ، والخوف من الله ، ويأطرها على الحق أطراً .
فلا بد إذن من محاسبة هذه النفس ، ومنعها من الشر ، ودفعها إلى الخير ، فهي الميدان الأول الذي يجب الاهتمام به ، فمنها يفلح الإنسان ، ومنها يخسر ، ولقد أقسم المولى تبارك وتعالى في كتابه الكريم أنه لا فلاح ولا نجاح إلا بتزكية النفس وتطهيرها ، ثم بيّن بعد ذلك بأن إهمالها وتركها في المعاصي موجباً للخسران الذي ما بعده خسران فقال تعالى ( وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4) وَالسَّمَاء وَمَا بَنَاهَا (5) وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا ) .
ومن هنا : يجب على المسلم أن يحاسب نفسه ، ويعاقبها على التفريط ، ويعاتبها على التقصير ، وكيف لا يحاسب المسلم نفسه وهو يعلم أن الله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور .
وقد قال ابن القيم : وأضر شيء الإهمال وترك المحاسبة والاسترسال ، وتسهيل الأمور وتمشيتها ، فإن هذا يؤول به إلى الهلاك ، وهذه حال أهل الغرور ، يغمض عينيه عن العواقب ، ويمشّي الحال ، ويتكل على العفو ، فيهمل محاسبة نفسه والنظر في العاقبة ، وإذا فعل ذلك سهل عليه مواقعة الذنوب ، وأنِسَ بها ، وعسُرَ عليه فطامها .
وقال الحسن رضي الله عنه: إن العبد لا يزال بخيرما كان له واعظ من نفسه، وكانت المحاسبة هِمته
وقال ميمون بن مهران: لا يكون العبد تقيًّا حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريكلشريكه .
ولهذا قيل: النفس كالشريك الخوان، إن لم تحاسبه ذهب بمالك.
وذكر الإمام أحمد عن وهب قال: مكتوب في حكمة آل داود: حقعلى العاقل ألا يغفل عن أربع ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه،وساعة يخلو فيها مع إخوانه الذين يخبرونه بعيوبه ، وساعة يخلي فيهبين نفسه وبين لذاتها فيما يحل ويجمل، فإن في هذه الساعة عونًا على تلك الساعاتوإجمامًا للقلوب.
وقال ابن أبي ملكية: أدركتثلاثين من أصحاب النبي rكلهم يخاف النفاق على نفسه، ما منهم أحديقول إنه على إيمان جبريل وميكائيل!!
وقالالإمام ابن القيم رحمه الله: ومن تأمل أحوال الصحابة رضي الله عنهم وجدهم في غايةالعمل مع غاية الخوف، ونحن جمعنا بين التقصير، بل التفريط والأمن"، هكذا يقولالإمام ابن القيم رحمه الله عن نفسه وعصره، فماذا نقول نحن عن أنفسناوعصرنا .
وقال الحسن البصري : إن المؤمن أسير في الدنيا يسعى في فكاك رقبته، لا يأمن شيئاً حتى يلقى الله، يعلمأنه مأخوذ عليه في سمعه وفي بصره، وفي لسانه وفي جوارحه، مأخوذ عليه في ذلككله.
وقال مالك بن دينار: رحم الله عبداً قال لنفسه: ألست صاحبة كذا؟ألست صاحبة كذا؟ ثم ألزمها، ثم خطمها، ثم ألزمها كتاب الله عز وجل، فكان لهاقائداً.
ولمحاسبة النفس فوائد عظيمة ، ذكر ابن القيم رحمه الله بعضها ، أذكر بعض هذه الفوائد مع تعليق عليها فقال : في محاسبة النفس عدة مصالح منها :
أولا : الإطلاع على عيوبها ، ومن لم يطلع على عيوب نفسه لم يمكنه إزالتها .
وهذا صحيح ، فإن الإنسان إذا عرف نفسه على حقيقتها مقتها في ذات الله ، ولم تجنح نفسه للتكبر والغطرسة .
ولاشك أن معرفة العبد لقدر نفسه يورثه تذللاً لله ، فلا يُدْلِ بعمله مهما عظُـم ، ولا يحتقر ذنبه مهما صغُر .
قال أبو الدرداء : لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يمقت الناس في جنب الله ، ثم يرجع إلى نفسه فيكون أشد لها مقتاً .
وقال مصرف في دعائه : بعرفة : اللهم لا ترد الناس لأجلي .
وقد كان السلف يحاسبوا أنفسهم فأثمرت هذه المحاسبة استصغار العمل ، ودنو الأجل ، واتهام النفس .
فهذا محمد بن واسع يقول : لو كان للذنوب ريح ما قدر أحد أن يجلس إليّ .
وقال أبو حفص : من لم يتهم نفسه على دوام الأوقات ، ولم يخالفها في جميع الأحوال ، ولم يسوقها إلى مكروهها في سائر أوقاته ، كان مغروراً ، ومن نظر إليها باستحسان شيء منها فقد أهلكها .
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : سمعتُ عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوماً وخرجت معه حتى دخل حائطاً فسمعتُه يقول وبيني وبينه جدار : عمر ! ! أمير المؤمنين ! ! بخٍ بخٍ ، واللهِ بُنَيّ الخطاب لتتقينّ الله أو ليعذبنّك) .
وجاء رجل يشكو إلى عمر وهو مشغول فقال له : أَتَتْركون الخليفة حين يكون فارغاً حتى إذا شُغِل بأمر المسلمين أتيتموه ؟ وضربه بالدرّة ، فانصرف الرجل حزيناً ، فتذكّر عمر أنه ظلمه ، فدعا به وأعطاه الدرّة ، وقال له : (اضربني كما ضربتُك) فأبى الرجل وقال : تركت حقي لله ولك . فقال عمر : إما أن تتركه لله فقط ، وإما أن تأخذ حقّك ، فقال الرجل : تركته لله ، فانصرف عمر إلى منزله فصلّى ركعتين ثم جلس يقول لنفسه : يا ابن الخطاب : كنتَ وضيعاً فرفعك الله ، وضالاً فهداك الله ، وضعيفاً فأعزّك الله ، وجعلك خليفةً ، فأتى رجلٌ يستعين بك على دفع الظلم فظلمتَه ؟ ! ! ما تقول لربّك غداً إذا أتيتَه ؟ وظلّ يحاسب نفسَه حتى أشفق الناس عليه .
وقال إبراهيم التيمي : مثّلتُ نفسي في الجنة آكل من ثمارها وأشرب من أنهارها ، وأعانق أبكارها ، ثم مثّلتُ نفسي في النار آكل من زقومها ، وأشرب من صديدها ، وأعالج سلاسلها وأغلالها ، فقلت لنفسي : يا نفس أيّ شيء تريدين ؟ فقالت : أريد أن أُردّ إلى الدنيا فأعمل صالحاً ! قلتُ : فأنتِ في الأمنـية فاعملي .
ويُحكى أن حسان بن أبي سنان مرّ بغرفة فقال : متى بنيت هذه ؟ ثم أقبل على نفسه ، فقال : تسألين عمّا لا يَعْنيكِ ؟ ! لأعاقبنّك بصيام سنة ، فصامها .
واعلم أخي المسلم أن الاطلاع على عيوب النفس يثمر مقت النفس وازدرائها ، وهذا يرفع العبد عند الله درجات .
قال ابن القيم : ومقت النفس في ذات الله من صفات الصديقين ، ويدنو به العبد من الله تعالى في لحظه واحدة أضعاف ما يدنو بالعمل .
ثم قال ابن القيم :
ومنها : أنه يعرف بذلك حق الله تعالى عليه ، ومن لم يعرف حق الله تعالى عليه فإن عبادته لا تكاد تجدي عليه ، وهي قليلة المنفعة جدا .
وهذا من أعظم فوائد محاسبة النفس ، فإن الإنسان يعرف بها فضل الله العظيم ، وذلك حينما يقارن نعم الله عليه تترى وتتزايد ، وهو مفرط في جنب الله تعالى ، إن ذلك يكون رادعاً له عن فعل كل مشين وقبيح .
وصدق ابن القيم حينما قال : فمن أنفع ما للقلب النظر في حق الله على العبد ، فإن ذلك يورثه مقت نفسه والازدراء عليها ، ويخلصه من العجب ورؤية العمل .
حينما ترى يا أخي : أن الله أنعم عليك بالصحة وغيرك – الكثير والكثير – مرضى .
حينما ترى يا أخي : أن الله أنعم عليك بالمال والغنى وغيرك – الكثير الكثير – فقراء .
حينما ترى يا أخي : أن الله أنعم عليك بهذه الجوارح السليمة الجميلة وغيرك – الكثير الكثير – قد فقدها .
حينما ترى يا أخي : أن الله أنعم عليك بالأمن والأمان وغيرك – الكثير الكثير – لا يجدها .
إن الإنسان حينما ينظر إلى نعم الله عليه ، يعلم يقيناً أنه سبحانه وتعالى مستحق : أن يذكر فلا ينسى ، وأن يُطاع فلا يُعصى ، وأن يشكر فلا يُكفر .
إن الإنسان حينما ينظر في نعم الله عليه ، لا يمكن أن يعجب بعمله ، ولا أن ينظر إلى عمله بعين الإعجاب والرضا ، لأنه مهما فعل ، فهو مقصر في حق الله تبارك وتعالى ، الذي هو يتقلب في نعم الله ليلاً ونهاراً .
إن الإنسان حينما ينظر إلى نعم الله عليه الكثيرة ، يعلم يقيناُ أنه لا نجاة إلا بعفو الله ورحمته .
ولذلك أوصى النبي r بقوله (انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلاَ تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لاَ تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عليكم ) .
فحث النبي r على النظر إلى الفقراء إلى المساكين إلى من هم أقل منك ، حتى تعرف حقيقة نعمة الله عليك ، ولذلك كان بعض السلف يجالس الفقراء والمساكين ، حتى يعرف نعمة الله .
وللأسف أكثر الخلق ينظرون في حقهم على الله ، ولا ينظرون في حق الله عليهم ، تجد الكثير منهم إذا أصيب بمصيبة أو لم يجد وظيفة أو غيرها من هذه الأمور ، بدأ يشتكي ويصيح ويحاسب ربه ( نعوذ بالله ) وبعضهم يقول : لماذا فقط أنا ، وغيرها من الكلمات ، بينما لا ينظر إلى تقصيره ، لا ينظر إلى إهماله في الطاعات والأعمال الصالحات ، لا ينظر إلى نعم الله عليه من بين كثير من الناس .
وهناك فوائد في محاسبة ذكرها بعض العلماء :
منها : الاستعداد للرحيل .
فإن الإنسان الذي يحاسب نفسه ، يعرف أنه منتقل عن الدنيا عن قريب ، راحل عنها كما رحل غيره ، فإنه يستعد بالأعمال الصالحات ، التي تقربه إلى رب الأرض والسماوات ، ويجتهد في استغلال أوقاته وعمارتها بكل ما يفيد وينفع في آخرته ، ولذلك أوصى r بذلك بقوله ( أكثروا ذكر هاذم اللذات ) .
كما قال تعالى (وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ .
وقال تعالى (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ ) .
فمتى أيقن المسلم بدنو أجله ، وقرب انتقاله من هذه الدنيا ، أورثه ذلك إيماناً وعملاً صالحاً .
فإن قال قائل : ما الذي يعين على هذه المراقبة ويساعد عليها : فالجواب :
أولاً : معرفته أنه كلما اجتهد في محاسبة نفسه اليوم استراح من ذلك غدًا، وكلما أهملهااليوم اشتد عليه الحساب غدًا.
ثانياً : ويعينه أيضاً : معرفته أنربح محاسبة النفس ومراقبتها هو سكنى الفردوس ، والنظر إلى وجه الرب سبحانه، ومجاورالأنبياء والصالحين وأهل الفضل.
ثالثاً : النظرفيما يؤول إليه ترك محاسبة النفس من الهلاك والدمار، ودخول النار والحجاب عن الربتعالى ومجاورة أهل الكفر والضلال والخبث.
رابعاً : صحبة الأخيار الذين يحاسبون أنفسهم ويطلعونه على عيوب نفسه، وترك صحبة من عداهم.
خامساً :النظر في أخبار أهل المحاسبة والمراقبة منسلفنا الصالح
سادساً : زيارة القبور والتأمل فيأحوال الموتى الذين لا يستطيعون محاسبة أنفسهم أو تدارك ما فاتهم.
سابعاً : حضور مجالس العلم والوعظ والتذكير فإنها تدعو إلى محاسبةالنفس.
ثامناً :البُعد عنأماكن اللهو والغفلة فإنها تنسي الإنسان محاسبة نفسه.
تاسعاً : ذكر الله تعالى ودعاؤه بأن يجعله من أهل المحاسبةوالمراقبة، وأن يوفقه لكل خير.
عاشراً : عدم حسنالظن الكامل بالنفس؛ لأن ذلك ينسي محاسبة النفس ويجعل الإنسان يرى عيوبه ومساوئهكمالاً.
كيفية محاسبة النفس :
ذكر العلماء أن محاسبة النفس تكون قبل العمل وبعده .
أما قبل العمل : فيقف عند أول همه وإرادته ، ولا يبادر بالعمل حتى يتبين رجحانه على تركه .
قال الحسن البصري : رحم الله عبداً وقف عند همّهِ ، فإن كان لله مضى ، وإن كان لغيره تأخر .
ومحاسبة النفس بعد العمل : وهو أنواع :
محاسبتها على طاعة قصرت فيها من حق الله تعالى فلم يوقعها على الوجه الذي ينبغي ، وحق الله تعالى في الطاعة ستة أمور هي :
الإخلاص في العمل ، والنصيحة لله فيه ، ومتابعة الرسول فيه ، وشهود مشهد الإحسان فيه ، وشهود منّة الله عليه ، وشهود تقصيره فيه بعد ذلك كله .
وأن يحاسب نفسه على أمر مباح أو معتاد : لمّ فعله ؟ وهل أراد به الله والدار الآخرة ؟ فيكون رابحاً ، أو أراد به الدنيا وعاجلها فيخسر ذلك الربح ، ويفوته الظفر به .
تعليق