هنا .. وددت لو كنت أعلم منطق الطير
في ظل ما نمر به –نحن المسلمين- من تقلبات هي أسرع من لمح البصر في بلاد الإسلام, وقد منّ الله علينا برمضان ويكأنه شربة الماء التي يجدها المرء بعد عناءٍ في صحراء جرداء, وما أن دخلت علينا العشر الأواخر إلا وقد سعيتُ لأختلي بنفسي راجيا أن أجد الأنس بالله حتى أخرج وأنا مُحَمَّلٌ بالمعاني والروحانيات التي تجعلني أتحمل أعباء ما تستطيعه نفسي مما يدور حولنا ...
وفي يومٍ وأنا أقرأ كلام ربي –سبحانه- فمررتُ بقوله –تعالى- {حتى إذا أتوا على وادِ النمل قالت نملة ٌيآ أيها النمل ادخلوا مساكنكم لايحطمنّكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون}
وقوله –تعالى- وهو يقص لنا نبأ هذا الهُدهُد العجيب {فمكث غير بعيد فقال أحطتُ بما لم تُحطْ به وجئتك من سبأٍ بنبأٍ يقين * إني وجدتُ امرأةً تملكهم وأُوتيت من كل شيءٍ ولها عرشٌ عظيم * وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصَّدهم عن السبيل فهم لا يهتدون}
هنا وددت لو كنت أعلم منطق الطير كسليمان –عليه السلام- حتى أصاحب أمثال هذه النملة التي تشفق على قومها, وسعت لتحذيرهم من الخطر الواقع بهم, وهذا الهُدهُد الذي أنكر ما يخالف تجريد التوحيد لرب العالمين, ففزع إلى سيده ليقص عليه النبأ كي يؤخذ تجاه هؤلاء القوم ما يلزم !
وقلتُ في نفسي: لصُحبة هؤلاء خيرٌ من جل الناس –عامة- والملتزمين -خاصة- إلا من رحم ربي وقليل ما هم مَنْ = يقومون بواجب هذه النملة لتحذير قومها, أو ذاك الهُدهُد الذي فَزِعَ حرصًا منه على جناب التوحيد ..
فكم من أخٍ هذه الأيام صار يتكلم "بالديمقراطية" وغيرها من الألفاظ "سيئة السُمعة" التي تضر بأصل العقيدة والمنهج ولا يبالي (!!) ويقول: مصلحة الدعوة .. ومزاحمة العلمانيين (!!)
ولم ينبه هذا المسكين أن التمكين كل التمكين يكون عندما يكون الدين كله ظاهرٌ لا يشوبه شائبة, يحمله رجال يعرفون له قدره, ويكون لسان حالهم قبل مقالهم كقول أحمد –رحمه الله- يوم الفتنة حيث قال " إءتوني بآية من كتاب الله, أو حديث من سنة رسول الله أقول به" وقد كان مضطرًا ولم يفعل خوفًا أن تتغير ملامح شيئًا من الدين من بعده .. فما بالنا نُقَدِّم التنازلات تلو الأخرى دون اضطرارًا .. !!
هنا سوف أُجْبِرُ قلمي عن الكتابة حتى لا تتزايد الآلام ..
ولكن لا بأس .. سوف أخرج من هاهنا وأنا متعلمٌ من هذه النملة, وهذا الهُدهُد = بأن أنصح لقومي, ولا أقبل المساس بجناب التوحيد –خاصة- والدين –عآمة- ..
والحمد لله على كل حال .
تعليق