خبايا صراع النفس!!
سلسلة هامة
(الحلقة السادسة)
معركة المحورالأول!!
بعدما قرر إبليس خوض المعركة مع القلب الحي على عشرة محاور؛ بدأ في وضع الخطة التفصيلية للهجوم الذي سوف يشنه عبر المحور الأول وهو :
(إيقاعه في الشر من طريق الخير!!)
سأل إبليس القرين قائلاً :
هل يهوى صاحب هذا القلب مباشرة الدعوة إلى الله من خلال الإنترنت والمنتديات الإسلامية؟!
فأجاب القرين قائلاً :
نعم إنه يقضي ساعات طوال أمام الجهاز، ينتقي خلالها أفضل الموضوعات الهادفة، وينشرها في أكثر من منتدى إسلامي؛ يبتغي بذلك الأجر؛ من خلال نشر الخير على أوسع نطاق!!
ابتسم إبليس ابتسامته الخبيثة وهو يقول :
إذا وصلنا أيها القرين إلى هدفنا المنشود وبكل سهولة!!
فأجابه القرين متسائلاً :
وكيف ذاك؟!
قال إبليس :
لقد سهَّل علينا المأمورية حينما قرر استخدام هذا السلاح الذو حدين وهو(الإنترنت)!! فهو كما تعلم ينشر الخير والشر معاً، وفيه من الألغام الخفية؛ ما يصلح لأن تكون فخاخاً جيدة لاصطياد الكثير من أصحاب القلوب الحية كفرائس بمن فيهم صاحب هذا القلب!!
حيث أن أقل ثمرة يمكن أن نجنيها من جراء استخدام صاحب القلب الحي له؛ هو تضييع أوقات الصلاة عليه، وإيهامه بأنه طالما يقوم بفعل الخير فلا بأس عليه!! فيحسب بذلك أنه يُحسن صنعاً؛ وقد حرم نفسه من ثواب الصلاة في وقتها جماعة!!
إذاً عليك البدء بالخطوة الأولى، وهي أن تجتهد في أن تثير فيه - على حين غرة - حب الاستطلاع؛ للدخول على بعض الروابط العامة الأخرى الهامشية، والتي بها كلام مباح، لعلك تنجح من خلالها إلى الإنزلاق به إلى بعض روابط المواقع الجنسية أو المواقع التي بها صور خليعة أثناء عملية استخدامه للإنترنت؛ حيث ستأخذ به هذه الروابط إلى عوالم أخرى بعيدة كل البعد عما كان ينوي القيام به من فعل الخير!!
حيث لن تضيع عليه الصلاة فحسب!! وإنما سوف تضيع عليه حلاوة الإيمان، وتبدلها بنيران الشرور والآثام!!
فإلم تفلح معه في ذلك، فاسلك الخطوة الثانية؛ بمحاولة الاجتهاد في جعله يتلطف في ردوده على بعض العضوات من (الجنس الآخر) ويزداد في هذا التلطف يوماً بعد يوم من باب تأليف القلوب على الخير؛ لعل علاقة أخوية تنشأ بينه وبين إحداهن في حدود التناصح الشرعي طبعاَ!!
ومن ثم سنتولى نحن عملية تحويلها لاحقاً إلى علاقة شيطانية بامتياز!!
أبدى القرين إعجابه بهذه المقترحات وقال :
سمعاً وطاعة لرئيس القيادة الشيطانية العليا (إبليس) وسوف أبدأ معركتي بلا هوادة مع هذا القلب الحي، وسترى ما تقرّ به عينك أيها الجد الكبير!!
بداية فصول المعركة
جاء القرين إلى صاحب القلب الحي وهو أمام جهازه كعادته ينتقي أطيب الأحاديث وخير الكلام، وبدأ في الخطوة الأولى؛ بأن حاول مراراً لفت انتباهه لبعض الروابط الإعلانية الجانبية التي تظهر عادة مع بعض الصفحات؛ إلا أن صاحب القلب الحي لم يكترث بها مطلقاً!! بل ولم يلق لها أي بالاً!! وذلك من شدة شغفه بنشر الخير على أوسع نطاق، تلهفاً للأجر والثواب!! فاندثرت على إثر تلك الأشواق والتلهفات وساوس الشيطان وتلاشت!!
سكن القرين فترة من الزمن، ثم عاود المحاولة مراراً؛ لعله يستثير اهتمامه ببعض المنتجات الطبية التي لها من الفوائد الصحية الكثير؛ عسى أن ينجح في إخراجه من محيط المنتديات الإسلامية إلى ما سواهاه من المنتديات العامة؛ حيث سيسهل عليه الدخول منها إلى الكثير من الروابط المشبوهة التي فيها مبتغاة، ولكن فوجئ بأن القلب الحي يرسل لصاحبه إشارات تحذيرية؛ كلما هم بمجرد التفكير في قراءة عناوين تلك الروابط!!
فعجز تماماً بعدما كرر تلك المحاولات مراراً وتكراراً دون أدنى جدوى!! حيث حالت تلك الإشارات التحذيرية الصادرة من القلب الحي دون وصوله إلى مبتغاة!!
قرر القرين التأمل في فحوى تلك الإشارات؛ لعله يفلح في فك رموزها، أو تبديد آثارها الشديدة على نفس صاحب هذا القلب؛ فوجد منبعها تأصيل بعض آيات الوعيد التي حفرت موقعها بقوة في أعماق ذلك القلب؛ كقوله تعالى : (وإن منكم إلا واردها . . كان على ربك حتماً مقضياً) فكلما همَّ بالقيام بفعلٍ اشتمت منه حياة قلبه رائحة المعصية ولو من على بعد سحيق؛ أصدرت له مشاهد مرعبة تصور له زحفه الصراط الذي هو (أحد من السيف وأرفع من الشعر) وكلاليب النار تحاول أن تتخطفه من عليه هاويةً به إلى قعرها سبعين خريفاً!! فتفزع نفسه على الفور؛ وينفر من ذلك الفعل، ولا يجد في ذلك الفرار أدنى مشقة على نفسه التي تبدو وكأنها تبرمجت على ذلك الحال!!!!!!!
شعر القرين بنوع من اليأس الشديد، غير أنه قرر مواصلة التجول بين مصادر تلك الإشارات بشكل أكثر توسعاً، لعله يجد من بين مصادرها مصدراً ضعيفاً يسهل القضاء عليه، فوجد من بين غرف ذلك القلب الحي باباً مكتوباً عليه مصدر الإشارات التحذيرية من الصور الخليعة، قرر فتحه وياليته ما فعل!!
حيث قام صاحبه بتخزين أبشع صور لتآكل الموتى تحت الثرى في طياته، بالإضافة لمشهد من ذاكرته، حينما كان يحفر مع إخوانه أساساً لأحد المساجد، فوجودوا في أعماق الأرض هياكل عظمية لموتى من قديم الزمان، وكان كفن إحدى النساء فيه على حالته، وشعرها الطويل يتدلى من بين فتحاته، فلما كشف عنها عامل المقابر، إذا بعين تلك المرأة تنفجر وتسيل كالصديد على وجهها في منظر تقشعر منه الأبدان تقززاً!!!
ولى القرين مدبراً من تلك الغرفة وهو لا يكاد يقاوم الشعور بالتقيئ وهو يقول في نفسه : أي صور خليعة تلك التي يمكنها أن تؤثر في هذا القلب؟!!!!
قرر أن يخنث قليلاً؛ حتى تتلاشى تلك المشاهد المقززة من مخيلته؛ فما كان في تلك الغرفة التي ظنَّها تمثل مصدراً ضعيفاً من مصادر الإشارات التحذيرية، قضى على شهيته في الحياة برمتها!!
وبعد فترة؛ قرر خوض الخطوة الثانية، حيث بدأ يفكر في كيفية الدخول معه في أجواء المنتديات الإسلامية؛ لعله ينجح في اصطياد فتاة لديها الاستعداد لقبول إقامة ما (قد يتوهما أنها علاقة شرعية) ثم يسلم الزمام لأبليسه الكبير؛ كي يقوم بدوره في تحويلها إلى علاقة شيطانية بامتياز كما وعد، المهم ألا تضطره الظروف مهما كانت؛ إلى الدخول مكرراً إلى مصادر تلك الإشارات التحذيرية في ذلك القلب الحي!!
فترقب وصوله إلى مرحلة القيام بالرد على تعليقات الأعضاء على ما قد قام بنشره مسبقاً، وكلما رأى الرد من عضو (ذكر) قال في نفسه : (رد عليه بأي رد خلّصَّنا) المهم خلينا نشوف ردود (الأخوات)!!
فلما بدأت ردود (الأخوات) في الظهور، أخذ يُحنن قلبه، ويوسوس له قائلاً : (ما شاء الله عليها هذه الأخت، قلَّما تركت لك مقالة لم تقرأها أو تعلق عليها، وواضح جداً أنها حريصة كل الحرص على قراءة كل ما تكتب، ومن أدنى مستويات الأدب الإسلامي يا أخي الفاضل أن تخصها برد خاص، فالله تعالى يقول : (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها او ردوها) هذا ما علمنا إياه ربنا!!)
ضحك صاحب القلب الحي في نفسه ساخراً من بلاهة شيطانه الذي أضحى واعظاً ومذكراً بالأدب الإسلامي ما بين عشية وضحاها!! ولم يزد في رده على (الأخوات) عن قوله (وإياكم) أو (وجزاكم) أو (وفيكم بارك الله) من غير حشو أو زيادة ليس لها موقعٌ من الإعراب، معتبراً أن ذلك من قمة الأدب الذي يحول بينه وبين فتح أبواب الفتنة مهما صغرت، ولم يبال في ردوده بكون المعلق رجلاً أو امرأة، المهم عنده هو نشر الخير بين عموم المسلمين، ثم لوح القلب الحي للقرين قائلاً : هل ترغب في زيارة المزيد من غرف الإشارات التحذيرية من الاختلاط؟!
فلقد أعددت لك فيها ما يُنسيك فحوى مهمتك على وجه الإطلاق!!
ولى القرين هارباً؛ مقرراً العودة إلى القيادة الإبليسية العليا خاوي اليدين؛ معلناً عن خسارة معركة المحور الأول!!!!
تابعوا معي الحلقة السابعة
تعليق