امة فرد من الأفراد لقوم أو جماعة أو بلد وقبولهم بها واطمئنانهم لها لا تشترى بمال وإن كان عظيماً، وليست إرثاً لابن الزعيم السابق لأنها ليست مالاً أو عقاراً، وإن كان ما تقدم يعد من العوامل المساعدة في الاعتراف بالزعيم، ولكن الزعامة الحقيقية تنتج من مجموعة من الصفات تضع من يتحلى بها في موقع الزعامة وإن لم يسع إليها أو يطلبها.
والزعامة تعني السيادة وزَعِيمُ القوم: رئيسهم وسيدهم، وقد يركز بعض الناس على صفات معينة للزعامة بينما يهمل صفات أخرى أقوى وأدخل في زعامة الشخص ليس لأنها غير مهمة أو يترفع عنها بل لأنه لا يمتلكها ولا يقدر على الإحاطة بها.
والصفات المؤهلة للزعامة كثيرة ومتعددة وبعضها أشد بروزاً ولصوقاً بالزعامة من البعض الآخر، حتى إن بعضها لو غاب لضاعت الزعامة وتلاشت بينما فقد البعض الآخر لا ينفي الزعامة من أصلها ولا يقدح في وجودها وإنما يقدح في كمالها وحسنها.
فمن صفات الزعامة المهمة: الصبر على المكاره والعفو عن زلات المقصرين واحتمال الأذى وتحمل المشاق في سبيل راحة من يتزعمهم والحلم والأناة والشجاعة والإرادة والعزم، والاتزان في التصرفات بحيث لا تستفزه الأحداث وإن كانت جسيمة حتى يأخذ القرار الخاطئ في الإحداثيات الزمانية والمكانية الخاطئة، والقدرة على مخاطبة الجماهير واستثارة مشاعرهم، والعدل والكرم والسخاء، مع الابتعاد عن الغفلة وتجنب الحسد للمنافسين، وهكذا لو ذهبنا نعدد صفات ومؤهلات الزعامة لوجدنا منها الشيء الكثير من كل صفة حسنة وخلق نبيل، لكن بعضها قد يتوفر لكثير من الناس دون أن ينظر إليهم على أنهم زعماء قادة يقودون الناس ويتبعهم الجم الغفير.
وقد يبدو لي أن الصفة الفارقة التي تفرق الزعيم عن غيره هي الفراسة النافذة والذكاء الحاد الذي يمكنه من قراءة الأحداث الحالية والمستقبلية وكأنه ينظر إليها من خلال مجهر قوي بحيث يرى أصغر شيء فيها واضحاً وكأنه كان على علم مسبق بالحدث، ومن ثم المبادرة الواثقة بخطى ثابتة محددة في اتخاذ القرار القائد السليم بسرعة من غير إبطاء في الإحداثيات الزمانية والمكانية المناسبة الذي يتعامل مع الحدث وفق إمكانات الجماعة المتاحة والمقدور عليها، مع القدرة على حشد الجماهير خلف القرار الذي اتخذه تعمل به وتناصره وكأنها هي من اتخذ القرار، مع الانتباه الشديد لمخططات الجهة أوالجهات المناوئة مع امتلاكه للقدرة على إفساد تلك المخططات بأيسر سبيل وأسرع طريق من غير أن يترتب على ذلك تشقق أو تصدع في الجبهة المتبعة للزعيم والمناصرة له، وقد تكون هذه ملكة يهبها الله لمن يشاء من عباده لا تكتسب بالتعليم أو المران والتجربة وإن كان ذلك يصقلها ويعزز مكانها في النفس.
والعلم والفضل والصلاح من الصفات المهمة للزعامة لكن لا يشترط في الزعيم أن يكون قد بزّ غيره في ذلك إذ لا تلازم بينها، بل قد يوجد في الأمة من يفوق الزعيم في هذه الأمور.
وتظهر زعامة الزعيم بشكل لافت للجميع في الأحداث الفاصلة التي يكون التعامل الصحيح معها في الزمن المناسب بحزم وعزم دالا على الزعامة الحقيقية، والتي يؤثر الموقف فيها ويغير من مسار التاريخ، فهذه المواقف هي التي تكشف بوضوح وجلاء شديد الشخصية التي تتوفر فيها مقومات الزعامة.
لو نظرنا إلى بعض الأحداث التاريخية والمعاصرة تتبين لنا فيها الزعامة الحقيقية لمن تعاملوا مع هذه الأحداث: فعندما نزل بالمسلمين حادث جلل هزهم كما تهز الرياح العاتية أوراق الشجر في فصل الخريف ذلك الحدث هو وفاة رسول رب العالمين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم واهتزت النفوس اهتزازاً شديداً واضطربت اضطراباً عظيماً حتى تضعضع لها أكابر الرجال إذا بأبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه يبادر في ثبات عجيب ووضوح رؤية يسكن القلوب المضطربة بكلام محدد وواضح فعندما جاء أبي بكر المسجد ووجد اضطراب الناس في أمر موت الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وهو ما ينذر بفرقة لا يعلم مدى تأثيرها على صف المسلمين إلا الله تعالى إذا به يتوجه إلى الناس قاطعا مراءهم في ذلك الحدث الجلل قائلاً: "ألا من كان يعبد محمداً صلى الله عليه وسلم فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت"، عندئذ سكنت النفوس وأيقنت بما قضاه الله تعالى وتوجهت لتدبير أمرها بلا إبطاء، وعندما حدثت الردة من كثير من حديثي الإسلام ومنعوا الزكاة واختلف المسلمون فيما يجب أن يعاملوا به برزت أيضا زعامة أبي بكر سريعاً على سطح الأحداث قاطعة لكل نزاع حتى يتفرغ المسلمون للعمل الواجب عليهم في ذلك الأمر فقال قولته الشهيرة في حزم ومضاء: "والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها"، وقد كان موقفه الحاسم سبباً في رجوع بعض كبار الصحابة عن آرائهم والتفافهم حول كلام أبي بكر رضي الله تعالى عنه حتى يقول عمر رضي الله تعالى عنه وهو الذي كان مخالفاً لرأي أبي بكر في الموقف منهم يقول «فوالله ما هو إلا أن رأيت أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق» فكان ثباته على الحق سبباً في فيئة الناس إليه، والأمثلة من التاريخ كثيرة على المواقف التي تدل على الزعماء الذين كانت لموافقهم الفاصلة في الأحداث أثراً عظيماً في تغيير مجرى التاريخ، ولسنا ندري ماذا سيكون حال الأمة لو أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه لم يقف هذا الموقف الذي يحمده له كل مسلم صادق، فالخصيصة الفارقة في تحديد الزعيم من غيره النظرة الثاقبة والبصر بعواقب الأمور في الأحداث القائمة والمستقبلية ثم المبادرة إلى اتخاذ الموقف المناسب للحدث بقوة وصرامة وجلد وعزم وحزم بلا تردد أو إبطاء وتحمل التبعات الناجمة عن ما اتخذه من قرار، وحشد الناس وجمعهم على ذلك بحيث لا يكون هناك تشقق أو تصدع أو افتراق في الصفوف.
ومن أمثلة الأحداث المعاصرة التي تفرز الزعماء وتحددهم وتشير إليهم بأوضح الإشارة ما كان من مواقف الناس بإزاء الثورات العربية التي حدثت في العديد من الدول ولو أخذنا مصر نموذجاً لذلك سنجد أن كثيراً ممن كان ينظر إليهم على أنهم قادة الأمة وأصحاب النظر والبصر بعواقب الأمور من الشيوخ والدعاة لم يكونوا على مستوى الحدث حيث اضطربت رؤاهم وتشتت مواقفهم ولم يستطيعوا أخذ موقف واضح إلا بعد أن بدأت تستبين الأمور ويعلم القاصي والداني ما يمكن أن تؤول إليه، وهذا ليس شأن الزعيم بل الزعيم من تتضح له الأمور قبل غيره بمسافات ويقود الناس إلى الموقف السليم الذي يتجاوب مع الحدث ولا يكون في موقف التابع الذي يسير في الخلف فموقعه في الأمام، وعندما بدا أن الثورة المصرية معرضة للضياع وبات أن هناك من يحاول سرقتها ويجيرها لصالحه وكأنه صانعها، تنبهت الزعامة الواعية لذلك وبدأت في توعية الناس بأوضح طرق البيان وتدعوهم إلى اتخاذ الموقف المناسب الذي حددته لهم لوقف عملية العدوان على الثورة وسرقتها رغم المخاطر المترتبة على ذلك، ولعل أبرز مثال على ذلك الجمعة التي عرفت باسم جمعة المطلب الوحيد حيث لم يكن لها مطلب سوى تحديد سقف زمني لنقل السلطة من الإدارة المؤقتة إلى الإدارة الدائمة المنتخبة بإرادة شعبية كاملة وكان من نتيجة هذا الموقف الدال على الزعامة الحقيقية أن تقدم موعد انتقال السلطة عاما كاملاً في حسم واضح بعد أن كانت المماطلة بنقل السلطة من وقت لآخر هي العلامة البارزة في تصرفات السلطة المؤقتة، ونحسب أن الشيخ الدكتور "حازم صلاح أبو إسماعيل" وفقه الله تعالى هو الزعيم المتحلي بصفات الزعامة الحقيقية بلا منازع والتي برزت من خلال مواقفه المتعددة في تلك الأحداث حيث كان سابقاً على غيره بمسافات متعددة في فهم الحدث وما وراء الحدث والدافع له وماذا يراد منه ومن ثم اتخذ الموقف المناسب لذلك الحدث من غير أن ينخدع بمعسول الكلام الذي لا رصيد له في الواقع، في وقت كان كثير من الرموز غير مدركين لما يدبر من أمور بالليل والنهار بل كان منهم من يدعم ويؤيد السلطة المؤقتة ويناوئ بسذاجة عجيبة الزعامة الحقيقية للشيخ حازم ويبادر بتخطئته في رؤيته الاستباقية للأمور وكلما مر الوقت تتجلى الرؤية الثاقبة النافذة له في مقابل تهاوي رؤى المخالفين.
فالزعامة الحقيقية ليست في خطبة عصماء أو محاضرة بليغة أو موعظة مؤثرة أو خلق حسن فعلى كل من لم يكن ممتلكاً لمؤهلات الزعامة أن يصون نفسه ولا يعرضها لما يفوق إمكاناتها بتوهم أنه داعية أو شيخ أو طالب علم وأن ذلك هو كل ما يطلب في ذلك الأمر.
إن الأحداث التي تمر بها مصر والأحداث المتوقعة لا تحتاج إلى مجرد رئيس وإنما هي في حاجة إلى زعيم ولعل الشيخ الدكتور حازم هو أصدق من يتمثل فيه ذلك.
اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أولياؤك وأهل طاعتك ويذل فيه أعداؤك وأهل معصيتك ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر واجعلنا ممن استعملتهم لنصرة دينك.
والزعامة تعني السيادة وزَعِيمُ القوم: رئيسهم وسيدهم، وقد يركز بعض الناس على صفات معينة للزعامة بينما يهمل صفات أخرى أقوى وأدخل في زعامة الشخص ليس لأنها غير مهمة أو يترفع عنها بل لأنه لا يمتلكها ولا يقدر على الإحاطة بها.
والصفات المؤهلة للزعامة كثيرة ومتعددة وبعضها أشد بروزاً ولصوقاً بالزعامة من البعض الآخر، حتى إن بعضها لو غاب لضاعت الزعامة وتلاشت بينما فقد البعض الآخر لا ينفي الزعامة من أصلها ولا يقدح في وجودها وإنما يقدح في كمالها وحسنها.
فمن صفات الزعامة المهمة: الصبر على المكاره والعفو عن زلات المقصرين واحتمال الأذى وتحمل المشاق في سبيل راحة من يتزعمهم والحلم والأناة والشجاعة والإرادة والعزم، والاتزان في التصرفات بحيث لا تستفزه الأحداث وإن كانت جسيمة حتى يأخذ القرار الخاطئ في الإحداثيات الزمانية والمكانية الخاطئة، والقدرة على مخاطبة الجماهير واستثارة مشاعرهم، والعدل والكرم والسخاء، مع الابتعاد عن الغفلة وتجنب الحسد للمنافسين، وهكذا لو ذهبنا نعدد صفات ومؤهلات الزعامة لوجدنا منها الشيء الكثير من كل صفة حسنة وخلق نبيل، لكن بعضها قد يتوفر لكثير من الناس دون أن ينظر إليهم على أنهم زعماء قادة يقودون الناس ويتبعهم الجم الغفير.
وقد يبدو لي أن الصفة الفارقة التي تفرق الزعيم عن غيره هي الفراسة النافذة والذكاء الحاد الذي يمكنه من قراءة الأحداث الحالية والمستقبلية وكأنه ينظر إليها من خلال مجهر قوي بحيث يرى أصغر شيء فيها واضحاً وكأنه كان على علم مسبق بالحدث، ومن ثم المبادرة الواثقة بخطى ثابتة محددة في اتخاذ القرار القائد السليم بسرعة من غير إبطاء في الإحداثيات الزمانية والمكانية المناسبة الذي يتعامل مع الحدث وفق إمكانات الجماعة المتاحة والمقدور عليها، مع القدرة على حشد الجماهير خلف القرار الذي اتخذه تعمل به وتناصره وكأنها هي من اتخذ القرار، مع الانتباه الشديد لمخططات الجهة أوالجهات المناوئة مع امتلاكه للقدرة على إفساد تلك المخططات بأيسر سبيل وأسرع طريق من غير أن يترتب على ذلك تشقق أو تصدع في الجبهة المتبعة للزعيم والمناصرة له، وقد تكون هذه ملكة يهبها الله لمن يشاء من عباده لا تكتسب بالتعليم أو المران والتجربة وإن كان ذلك يصقلها ويعزز مكانها في النفس.
والعلم والفضل والصلاح من الصفات المهمة للزعامة لكن لا يشترط في الزعيم أن يكون قد بزّ غيره في ذلك إذ لا تلازم بينها، بل قد يوجد في الأمة من يفوق الزعيم في هذه الأمور.
وتظهر زعامة الزعيم بشكل لافت للجميع في الأحداث الفاصلة التي يكون التعامل الصحيح معها في الزمن المناسب بحزم وعزم دالا على الزعامة الحقيقية، والتي يؤثر الموقف فيها ويغير من مسار التاريخ، فهذه المواقف هي التي تكشف بوضوح وجلاء شديد الشخصية التي تتوفر فيها مقومات الزعامة.
لو نظرنا إلى بعض الأحداث التاريخية والمعاصرة تتبين لنا فيها الزعامة الحقيقية لمن تعاملوا مع هذه الأحداث: فعندما نزل بالمسلمين حادث جلل هزهم كما تهز الرياح العاتية أوراق الشجر في فصل الخريف ذلك الحدث هو وفاة رسول رب العالمين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم واهتزت النفوس اهتزازاً شديداً واضطربت اضطراباً عظيماً حتى تضعضع لها أكابر الرجال إذا بأبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه يبادر في ثبات عجيب ووضوح رؤية يسكن القلوب المضطربة بكلام محدد وواضح فعندما جاء أبي بكر المسجد ووجد اضطراب الناس في أمر موت الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وهو ما ينذر بفرقة لا يعلم مدى تأثيرها على صف المسلمين إلا الله تعالى إذا به يتوجه إلى الناس قاطعا مراءهم في ذلك الحدث الجلل قائلاً: "ألا من كان يعبد محمداً صلى الله عليه وسلم فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت"، عندئذ سكنت النفوس وأيقنت بما قضاه الله تعالى وتوجهت لتدبير أمرها بلا إبطاء، وعندما حدثت الردة من كثير من حديثي الإسلام ومنعوا الزكاة واختلف المسلمون فيما يجب أن يعاملوا به برزت أيضا زعامة أبي بكر سريعاً على سطح الأحداث قاطعة لكل نزاع حتى يتفرغ المسلمون للعمل الواجب عليهم في ذلك الأمر فقال قولته الشهيرة في حزم ومضاء: "والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها"، وقد كان موقفه الحاسم سبباً في رجوع بعض كبار الصحابة عن آرائهم والتفافهم حول كلام أبي بكر رضي الله تعالى عنه حتى يقول عمر رضي الله تعالى عنه وهو الذي كان مخالفاً لرأي أبي بكر في الموقف منهم يقول «فوالله ما هو إلا أن رأيت أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق» فكان ثباته على الحق سبباً في فيئة الناس إليه، والأمثلة من التاريخ كثيرة على المواقف التي تدل على الزعماء الذين كانت لموافقهم الفاصلة في الأحداث أثراً عظيماً في تغيير مجرى التاريخ، ولسنا ندري ماذا سيكون حال الأمة لو أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه لم يقف هذا الموقف الذي يحمده له كل مسلم صادق، فالخصيصة الفارقة في تحديد الزعيم من غيره النظرة الثاقبة والبصر بعواقب الأمور في الأحداث القائمة والمستقبلية ثم المبادرة إلى اتخاذ الموقف المناسب للحدث بقوة وصرامة وجلد وعزم وحزم بلا تردد أو إبطاء وتحمل التبعات الناجمة عن ما اتخذه من قرار، وحشد الناس وجمعهم على ذلك بحيث لا يكون هناك تشقق أو تصدع أو افتراق في الصفوف.
ومن أمثلة الأحداث المعاصرة التي تفرز الزعماء وتحددهم وتشير إليهم بأوضح الإشارة ما كان من مواقف الناس بإزاء الثورات العربية التي حدثت في العديد من الدول ولو أخذنا مصر نموذجاً لذلك سنجد أن كثيراً ممن كان ينظر إليهم على أنهم قادة الأمة وأصحاب النظر والبصر بعواقب الأمور من الشيوخ والدعاة لم يكونوا على مستوى الحدث حيث اضطربت رؤاهم وتشتت مواقفهم ولم يستطيعوا أخذ موقف واضح إلا بعد أن بدأت تستبين الأمور ويعلم القاصي والداني ما يمكن أن تؤول إليه، وهذا ليس شأن الزعيم بل الزعيم من تتضح له الأمور قبل غيره بمسافات ويقود الناس إلى الموقف السليم الذي يتجاوب مع الحدث ولا يكون في موقف التابع الذي يسير في الخلف فموقعه في الأمام، وعندما بدا أن الثورة المصرية معرضة للضياع وبات أن هناك من يحاول سرقتها ويجيرها لصالحه وكأنه صانعها، تنبهت الزعامة الواعية لذلك وبدأت في توعية الناس بأوضح طرق البيان وتدعوهم إلى اتخاذ الموقف المناسب الذي حددته لهم لوقف عملية العدوان على الثورة وسرقتها رغم المخاطر المترتبة على ذلك، ولعل أبرز مثال على ذلك الجمعة التي عرفت باسم جمعة المطلب الوحيد حيث لم يكن لها مطلب سوى تحديد سقف زمني لنقل السلطة من الإدارة المؤقتة إلى الإدارة الدائمة المنتخبة بإرادة شعبية كاملة وكان من نتيجة هذا الموقف الدال على الزعامة الحقيقية أن تقدم موعد انتقال السلطة عاما كاملاً في حسم واضح بعد أن كانت المماطلة بنقل السلطة من وقت لآخر هي العلامة البارزة في تصرفات السلطة المؤقتة، ونحسب أن الشيخ الدكتور "حازم صلاح أبو إسماعيل" وفقه الله تعالى هو الزعيم المتحلي بصفات الزعامة الحقيقية بلا منازع والتي برزت من خلال مواقفه المتعددة في تلك الأحداث حيث كان سابقاً على غيره بمسافات متعددة في فهم الحدث وما وراء الحدث والدافع له وماذا يراد منه ومن ثم اتخذ الموقف المناسب لذلك الحدث من غير أن ينخدع بمعسول الكلام الذي لا رصيد له في الواقع، في وقت كان كثير من الرموز غير مدركين لما يدبر من أمور بالليل والنهار بل كان منهم من يدعم ويؤيد السلطة المؤقتة ويناوئ بسذاجة عجيبة الزعامة الحقيقية للشيخ حازم ويبادر بتخطئته في رؤيته الاستباقية للأمور وكلما مر الوقت تتجلى الرؤية الثاقبة النافذة له في مقابل تهاوي رؤى المخالفين.
فالزعامة الحقيقية ليست في خطبة عصماء أو محاضرة بليغة أو موعظة مؤثرة أو خلق حسن فعلى كل من لم يكن ممتلكاً لمؤهلات الزعامة أن يصون نفسه ولا يعرضها لما يفوق إمكاناتها بتوهم أنه داعية أو شيخ أو طالب علم وأن ذلك هو كل ما يطلب في ذلك الأمر.
إن الأحداث التي تمر بها مصر والأحداث المتوقعة لا تحتاج إلى مجرد رئيس وإنما هي في حاجة إلى زعيم ولعل الشيخ الدكتور حازم هو أصدق من يتمثل فيه ذلك.
اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أولياؤك وأهل طاعتك ويذل فيه أعداؤك وأهل معصيتك ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر واجعلنا ممن استعملتهم لنصرة دينك.
تعليق