إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الوسطيه كما تريدها امريكا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الوسطيه كما تريدها امريكا

    "أمة الوسط" مصطلح قرآني ووصف رباني اقترن بالأمة الإسلامية فكانت خير أمة أخرجت للناس.

    فأمة الوسط إذاً هو ذلك المقياس الشرعي الدقيق، وتلك الصفة القرآنية الجليلة، وذلك المصطلح القرآني الهام، ولكنه لم يعد في هذا الزمان يحظى بتلك الأهمية في حياة الناس، إذ اختلط أمره على الكثيرين، بل وأفسد معناه الكثيرون، فأخرج البعض مضامينه الحقيقية منه، وأدخلوا إليه مضامين جديدة لا تخضع للشرع وإنما تخضع لحكم العقل، ومقاييس الهوى.

    لقد فسَّره البعض تفسيرات حديثة مسايرة للواقع ونابعة من فقه الهزيمة وثقافة الاستسلام، فقالوا بأن الوسط هو ما بين التطرف والاعتدال، وقالوا بأن للوسط معنى جغرافي يتعلق بالموقع والمناخ والتضاريس، وأقام البعض الآخر حزباً متوسطاً أسموه بحزب الوسط بحيث يتوسط بين العلمانية والتدين، وهكذا اختلط أمر هذا المصطلح على الناس واختلط فيه الحابل بالنابل فأصبح أمره بحاجة إلى إعادة توضيح وبلورة، وتسليط الضوء عليه لمعرفة واقعه معرفة واضحة، ولإدراك معناه إدراكاً صحيحاً بحيث تتضح صورته في الذهن فتكون دقيقة ومبلورة وقاطعة تزيل كل التباس.

    يقول تعالى: "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً" في هذه الآية الكريمة يقترن معنى الوسط الذي وُصِفت به أمة الإسلام بمعنيين إضافيين هما: شهادة الأمة على الأمم الأخرى، وشهادة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم على الأمة الإسلامية.


    والوسط من ناحية لغوية يعني العدل والخير والخيار والأفضل والأجود والأشرف، قال صاحب لسان العرب: "أوسط الشيء أفضله وخياره وأعدله"، وقيل: "وسط المرعى خير من طرفيه" وقال ابن كثير: "الوسط الخيار الأجود"، كما يُقال: "قريش أوسط العرب نسباً وداراً"، أي خيرها، ويقال: "كان محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وسطاً في قومه"، أي أشرفهم نسباً.
    ولمزاولة هذا المعنى على أرض الواقع فإنه يتطلب من الأمة الإسلامية إذا ما أرادت الالتزام بمعنى الوسط أن تتصدر العالم، وأن تكون في مركز الصدارة والقيادة فيه، لكي تقيم الحجة على الناس.

    فمعنى الوسط إذاً ليس له أي علاقة بالتطرف والاعتدال، أو بالحل الوسط، أو بالمعنى الجغرافي أو المادي أو ما شابه ذلك، فالوسط كما ورد في الآية هو ذلك العدل والخير الذي على الأمة الإسلامية أن تقترن به فلا دخل له بالتطرف والاعتدال، أو بالتسوية بين المتناقضات أو بالحل الوسط الذي يقول به الغرب وإنما علاقته واضحة بالعدل الذي يستلزم الشهادة على الناس وبالخير الذي يتطلبه حمل الهداية إلى العالم، فالخيرية هي صنو العدل، وهما معاً صفتان مطلوبتان للتبليغ، وللأمر بالمعروف وللنهي عن المنكر.

    ويعضد هذا المعنى قوله تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ**وقوله تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ**وكذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم : {الخير فيّ وفي أمتي إلى يوم الدين**.

    فهذه أمور تتناسب مع معنى الوسط الشرعي وتتناسب مع معنى الشهادة على الناس الوارد في قوله تعالى: "لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ" فتبين جوهر علاقة الشهادة مع الوسط بمعنى العدل. يقول صاحب التيسير في أصول التفسير: "هذا من وجه أن الأمة الإسلامية شاهدُ عدلٍ على الأمم الأخرى بعد الإسلام من حيث تبليغها الإسلام لهم، ومن وجه آخر فهي شاهدُ عدلٍ على الأمم الأخرى قبل الإسلام من حيث تبليغ الرسل السابقين رسالات ربهم لأقوامهم كما جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري وأحمد: "يجيء النبي يوم القيامة ومعه الرجل والنبي ومعه الرجلان وأكثر من ذلك فيُدعى قومه فيقال لهم هل بلَّغكم هذا؟ فيقولون: لا. فيقال له: هل بلَّغتَ قومك؟ فيقول: نعم. فيقال له: ومن يشهد لك؟ فيقول: محمدٌ وأمته. فيُدعى محمد وأمته فيقال لهم: هل بلَّغَ هذا قومه؟ فيقولون: نعم. فيُقال: وما علمكم؟ فيقولون: جاءنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فأخبرنا أن الرسل قد بُلِّغوا فذلك قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً** وفي رواية: "فيؤتى بمحمد صلى الله عليه وسلم فيُسأل حال أمته فيزكيهم ويشهد بعدالتهم، وذلك قوله "وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً" –انتهى الاقتباس-


    وكذلك أخرج البخاري ومسلم عن أنس قال: مرّوا بجنازة فأثنى عليها خيراً فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "وجبت وجبت وجبت" ومرّوا بجنازة فأثنى عليها شراً فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "وجبت وجبت وجبت" فسأله عمر رضي الله عنه فقال صلى الله عليه وسلم "من أثنيتم عليه خيراً وجبت له الجنة، ومن أثنيتم عليه شراً وجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض" وزاد الترمذي: ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً**.

    ويؤكد هذا المعنى قوله تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ**.

    ومن هنا كانت محاولة تلبيس معنى الوسط الوارد في الآية الكريمة بمصطلحات غربية وضعية تتعلق بالتطرف والاعتدال والوسطية محاولة مرفوضة، لأنها تُفضي إلى تقسيم الأمة إلى تيارات متنازعة وتؤدي إلى اقتتال هذه التيارات، ووقوع الفتنة ونشوب الحرب الأهلية. فمعنى الوسط الوارد في الآية يخص كل المسلمين بكل تياراتهم، ولا يجوز أن ينفرد به أي تيار أو حزب أو مذهب، فهو ثابت من الثوابت الإسلامية ويجب أن يُعمل ليكون وصفاً للأمة بكليتها، وأما إلصاق هذا الوصف بمجموعة، ونزعه عن مجموعة أخرى فهذا معناه ضرب الأمة ببعضها، وخضوعها لأعدائها، ولذلك كان الواجب على فئات الأمة وعلمائها ومذاهبها أن يٌقتصر في تعريف الوسط على العدل فقط كما فسَّره الرسول صلى الله عليه وسلم وكما فسَّره كبار المفسرين، وأن لا ينجر البعض بحسن نيةٍ أو بسوئها إلى منزلق اقتباس المعاني الغربية وتنزيلها على المصطلحات الإسلامية بليّ أعناقها والتأول المصطنع في تفسيرها.

    وقد بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سمع صحابي يتلو على مسامعه قوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاء شَهِيداً** قال: حسبك، والدموع تترقرق من عينيه، وكأنه صلى الله عليه وسلم كان يتوقع ما ستؤول إليه أحوال المسلمين، وما أحدثوا من بعده، وما فرَّطوا في جنب الله، وما أضاعوا من حرمات، وما تسببوا في إضعاف المسلمين وإفقادهم المكانة المرموقة التي تليق بهم وذلك بعد أن أُسقطت دولتهم الحقيقية دولة الخلافة، وتمزقت أقطارهم أشلاء في دويلات هزيلة لا تقوى أن تدفع عن نفسها أية أخطار خارجية، ولا تملك مسوغات نشر الهدى والإسلام إلى العالمين.

    لذلك كان أقصر طريق لعودة الأمة الإسلامية إلى تطبيق مفهوم الوسط هو عودتها إلى الحكم بما أنزل الله واستئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الإسلام الحقيقية دولة الخلافة، عندها تستحق هذه الأمة الكريمة أن توصف بالخيرية وبأمة الوسط، أمة العدل، حاملة الرسالة الربانية الحقة إلى العالمين.




  • #2
    رد: الوسطيه كما تريدها امريكا

    http://www.youtube.com/watch?v=682ey...RMsyuWER9aabRq


    مقطع مفيد

    تعليق

    يعمل...
    X