أمة واحدة .... ولكن ! (18)
تغرب عن الأوطان فـي طلب العلى
وسافر ففي الأسفار خمس فوائـد
تفـرج هـم واكتسـاب معيشـةٍ
وعلـمٍ وآدابٍ وصحبـة مـاجـدو قد كنت منذ صغري مولعا بقصص الرحالة و مغامرات أصحاب الرحلات الكبرى مثل ابن بطوطة و قد قرأت منذ صغري مغامرات السندباد و رواية حول العالم في ثمانين يوم و طالعت بشغف كتاب (( حول العالم في 200 يوم )) لأنيس منصور رغم اختلافي معه كلية و هكذا و منذ صغري أحببت السفر و كان لي تجربة خاصة مع السفر في الثامنة من عمري إبان حرب الخليج في عام 1990 ربما أقص جانب منها حين أتكلم عن صدام حسين . و قد تغيرت العديد من المفاهيم لدي حين سافرت و لعل أبرزها احترام وجهة النظر الأخرى فنحن أولا و أخيرا مختلفون ، مختلفون في الثقافة و النشأة و التربية و الفهم و التعامل مع الواقع نحن مختلفون حتى و نحن أشقاء حتى و نحن أبناء عمومة واحدة بل حتى أبناء الدين الواحد و من أبرز سمات هذا الاختلاف وجود المذاهب الفقهية المختلفة لكنه اختلاف تنوع اختلاف يعطي لنا تميز و مرونة بين باقي الأمم و هذا ما شعرت به المستشفى فالصيدلية تعد مصب لكل أقسام المستشفى فتعاملت مع شتى الجنسيات و الثقافات بل و الديانات و كنت في هذا أشبه بالباحث الذي وقع على ضآلته فلم تكن قضية العمل هي الشاغل الرئيسي الذي يشغل بالي بل كان همي منصبا على دراسة فعالية الإسلام في احتواء هذه الأجناس و صهرها في بوتقة واحدة و لقد رأيت في تعاليم الإسلام مفاتيح رائعة للنفاذ إلى النفوس البشرية و أهم ما يميز هذه المهارات الإنسانية المكتسبة من التعاليم النبوية العمق السلس فهي عميقة في تعاملها مع النفس البشرية و فهم طبيعتها لأنها تعاليم ربانية ظهرت في شخص رسول الله في تعامله مع أصاحبه و زوجاته و أعدائه و حتى مع الحيوانات و الجامدات و عمقها نابع من مصدرها و معنا قول الله تعالى شاهد على هذا الكلام ((أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ )) فالذي خلق الخلق وهو العالم بما يصلح دنياهم و يوافق هواهم و من هذا المنطلق ينبع عمق الدراسة الإسلامية للنفس البشرية أما بساطتها فلكونها موافقة للفطرة السوية مخاطبة للبشرية و ليست دراسة عنصرية تميز جنس أو عرق كما هو الغالب على معظم الدراسات البشرية التي طُرحت من قبل البشر في محاولات بائسة لتوحيد البشر فجاءت معقدة مليئة بالسفسطة و الكلام النظري بعيدا عن و واقع البشر ، و الناظر لتاريخ انتشار الإسلام في دول شرق آسيا يعرف مدى روع المهارات الإسلامية في سبر أغوار النفس البشرية و القدرة على إحداث تغيير فعال و ربما تكون بعض الدراسات الإنسانية مثل مدربو التنمية البشرية قد اقترب بشكل بسيط في طرحها لمهارات التواصل مع البشر (( Communication Skills )) لكنها مازالت سطحية مقارنة بتلك الموجودة في ديننا الإسلامي و الدراسة العميقة للسيرة النبوية قد تكون مرجع أساسي للباحثين في مجال التنمية البشرية يوما ما.
ز حتى لا أخرج عن سياق الذكريات سوف أقص جزء بسيط مما مر بي و كانت مهارات التواصل المستنبطة من كتاب الله و سنة رسوله هي حجر الأساس في بناء علاقات إنسانية رائعة مع شخصيات مختلفة فعلى سبيل المثال استطعت أن اكو علاقات متميزة مع عدد من الجنسيات المختلفة مثل الهنود و السوريين و الفلسطينيين و الباكستانيين أضف لهذا عدة من الصدقات الوطيدة مع أبناء الشعب السعودي مازلت مستمرة حتى كتابة هذه السطور ، نعم نحن امة واحدة يجمعنا كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم لكننا من بقاع مختلفة فكيف السبيل لتوحيد هؤلاء ؟؟ إنه المنهج القرآني الفريد و الذي يخاطب هذه الجموع بخطاب يدغدغ المشاعر الإنسانية على اختلاف مشاربها و عندما يكون القرآن هو الموجه و تكون السيرة النبوية هي النموذج تكون الحركة للدين في واقع الناس فاعلة مغيرة فالقرآن يصنعك منك شخصية متسامحة متفهمة للأسباب اختلاف البشر فيجعلك تتعامل مع هذا الاختلاف برقة و عذوبة تبعث في النفوس طمأنينة و سكون عجيب و من أمثلة هذا أنني كنت أسكن في سكن العزاب و كان لي رفاق في الغرف المجاورة غالبهم من الهنود و الباكستانيين و للآسف كانوا غير منظمين تمام و كانت غرفهم اقرب لمقالب الزبالة أعزكم الله إضافة لتهاون بعضهم في أداء الصلاة و قد استغرق الأمر مني شهور من الصبر و المخالطة و المعاشرة لبناء أواصر صداقة مع هؤلاء فحصلت على نتيجة رائعة لقد قام هؤلاء بتنظيف غرفهم و إعادة دهانها و أصبحوا أكثر حرصا على أداء شعائر الإسلام (({فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ )) .
و الشعب السعودي له طبيعة خاصة و لا أقصد بهذا إهانة لكن ظروف نشأته في الصحراء أكسبته غلظة و شدة ظاهرية لكنهم في الحقيقة شعب رقيق معطاء إذا ما اقتربت منه و قد كونت كم عداوات لا حصر له في فترة قصيرة من عملي لأنني لم أعي أن هذه الغلظة غشاء ظاهري نشأ من ظروف بيئية خاصة فلما فكنت أقابل هذه الغلظة بغضب و ثورة فلما تفهمت طبيعة الشعب قمت برسم ابتسامة لا تفارق وجهي إلا فيما ندر متأسيا بحبيب القلوب صلوات ربي و سلامه عليه ((أنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق )) و قوله (( تبسمك في وجه أخيك صدقة )) فانظر لهذا العمل البسيط الذي فتح الله لي به قلوب العشرات حتى أن المرضى كانوا ينتظرونني لأصرف لهم الدواء لهذا الأمر و ه البسمة التي كنت ألقى بها المرضى .
و من الدروس الإسلامية الرائعة التي تعلمتها وكان لها دور رائع في قربي من الآخرين هو قضاء حاجة الغير و هذه خاصة لها أثر خطير في النفس البشرية فالإنسان جبل على محبة من يقضي له حوائجه
بل تملك به محبة الله عز وجل كما قال صلى الله عليه وسلم (( أحبُ الناس إلى الله أنفعهم للناس )) والله عز وجل يقول (( وأحسنوا إن الله يحب المحسنين ))
و من اللطيف ذكر تجربتي مع الأطفال و الشباب في سكن المستشفى و التي اقتفيت فيها منهج الرسول في الاهتمام بالشباب لأنهم عماد هذه الأمة و التفصيل فيما قام به رسولنا صلى الله عليه و سلم مع شباب الصحابة يحتاج لدراسة بحثية دقيقة لكن خلاصة الأمر أن هؤلاء الشباب يحتجون لوعي خاص فالمدخل إليهم لن يكون أبدا مثل المدخل إلى الكبار و الحقيقة أنني مازلت شابا صغيرا لذا كان من السهل أن يلتف حولي الشباب و الصغار لكن العبقرية الحقيقية هي أن يقوم رجل ناضج جاوز الأربعين بجمع خيرة الشاب في زمنه ليحدث تغيير في مجرى الزمان لم يسبق له مثيل مستخدما في هذا مهارات إنسانية لم يسبقها إليه بشر أنه رسول الله صلى الله عليه و سلم .
و للحديث بقية مادام في العمر بقية
أمة واحدة .... ولكن ! (18)
السفر تجربة فريدة و أنا أرى أنها هامة جدا لكل شاب في مقتبل عمره حتى و إن لم يكن العائد المادي منها ضخم فأنا أرى أن هذا مكسب ثانوي و قد كونت نظريتي هذه بعد تجربة عملي في المملكة العربية السعودية لمدة عامان فقد عدت بركام من التجارب الشخصية و المواقف الإنسانية كان من الصعب جدا أن أحصل عليها بسهولة لو مكثت في وطني وقد قال الإمام الشافعي رحمه اللهتغرب عن الأوطان فـي طلب العلى
وسافر ففي الأسفار خمس فوائـد
تفـرج هـم واكتسـاب معيشـةٍ
وعلـمٍ وآدابٍ وصحبـة مـاجـد
ز حتى لا أخرج عن سياق الذكريات سوف أقص جزء بسيط مما مر بي و كانت مهارات التواصل المستنبطة من كتاب الله و سنة رسوله هي حجر الأساس في بناء علاقات إنسانية رائعة مع شخصيات مختلفة فعلى سبيل المثال استطعت أن اكو علاقات متميزة مع عدد من الجنسيات المختلفة مثل الهنود و السوريين و الفلسطينيين و الباكستانيين أضف لهذا عدة من الصدقات الوطيدة مع أبناء الشعب السعودي مازلت مستمرة حتى كتابة هذه السطور ، نعم نحن امة واحدة يجمعنا كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم لكننا من بقاع مختلفة فكيف السبيل لتوحيد هؤلاء ؟؟ إنه المنهج القرآني الفريد و الذي يخاطب هذه الجموع بخطاب يدغدغ المشاعر الإنسانية على اختلاف مشاربها و عندما يكون القرآن هو الموجه و تكون السيرة النبوية هي النموذج تكون الحركة للدين في واقع الناس فاعلة مغيرة فالقرآن يصنعك منك شخصية متسامحة متفهمة للأسباب اختلاف البشر فيجعلك تتعامل مع هذا الاختلاف برقة و عذوبة تبعث في النفوس طمأنينة و سكون عجيب و من أمثلة هذا أنني كنت أسكن في سكن العزاب و كان لي رفاق في الغرف المجاورة غالبهم من الهنود و الباكستانيين و للآسف كانوا غير منظمين تمام و كانت غرفهم اقرب لمقالب الزبالة أعزكم الله إضافة لتهاون بعضهم في أداء الصلاة و قد استغرق الأمر مني شهور من الصبر و المخالطة و المعاشرة لبناء أواصر صداقة مع هؤلاء فحصلت على نتيجة رائعة لقد قام هؤلاء بتنظيف غرفهم و إعادة دهانها و أصبحوا أكثر حرصا على أداء شعائر الإسلام (({فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ )) .
و الشعب السعودي له طبيعة خاصة و لا أقصد بهذا إهانة لكن ظروف نشأته في الصحراء أكسبته غلظة و شدة ظاهرية لكنهم في الحقيقة شعب رقيق معطاء إذا ما اقتربت منه و قد كونت كم عداوات لا حصر له في فترة قصيرة من عملي لأنني لم أعي أن هذه الغلظة غشاء ظاهري نشأ من ظروف بيئية خاصة فلما فكنت أقابل هذه الغلظة بغضب و ثورة فلما تفهمت طبيعة الشعب قمت برسم ابتسامة لا تفارق وجهي إلا فيما ندر متأسيا بحبيب القلوب صلوات ربي و سلامه عليه ((أنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق )) و قوله (( تبسمك في وجه أخيك صدقة )) فانظر لهذا العمل البسيط الذي فتح الله لي به قلوب العشرات حتى أن المرضى كانوا ينتظرونني لأصرف لهم الدواء لهذا الأمر و ه البسمة التي كنت ألقى بها المرضى .
و من الدروس الإسلامية الرائعة التي تعلمتها وكان لها دور رائع في قربي من الآخرين هو قضاء حاجة الغير و هذه خاصة لها أثر خطير في النفس البشرية فالإنسان جبل على محبة من يقضي له حوائجه
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم … فطالما استعبد الإنسانَ إحسانُ
بل تملك به محبة الله عز وجل كما قال صلى الله عليه وسلم (( أحبُ الناس إلى الله أنفعهم للناس )) والله عز وجل يقول (( وأحسنوا إن الله يحب المحسنين ))
إذا أنت صاحبت الرجال فكن فتى …….. مملوك لكل رفيق
وكن مثل طعم الماء عذبا وباردا ……… على الكبد الحرى لكل صديق
و قد كنت و منذ صغري أتمثل بهذا الخلق الرفيع و قد ورثته عن أبي رحمه الله فطالما رايته يقضي حوائج الكثيرين لا يسألهم في هذا جزاء و شكورا فكان محبوبا مقدرا من جانب الجميع فلما تأسيت به في هذه الخصلة و التي هي أصلا من تعاليم الإسلام الرائعة كسبت قلوب العشرات في مكان عملي خاصة من بعض الشخصيات التي كان يصعب عليها التنقل مثل بعض الطبيبات فلم يكن مسموح لهم بمغادرة المستشفى دون محرم فكنت أقضي لهم بعض الحوائج و مع هذا كنت ملتزما بأخلاقي الإسلامية لا أتجاوز الحدود في الكلام مع النساء و أيضا بعض الأطباء الكبار في السن كانوا يتكاسلون و كانت لهم حوائج كنت أقضيها لهم و قد كسبت بهذا الأمر عدة مكاسب منها ثقة كبار الأطباء في و حبتهم لي مما مكني لاحقا من إدارة الأنشطة الدينية و الترفيهية في المستشفى بشكل لم تعهده المستشفى من قبل كما أن هذا جعل الأطباء و الطبيبات يدفعوا لي بأبنائهم لأكون لهم قائدا و مرشدا و هي التجربة الأبرز في رحلة سفري لأنني اقتربت جدا من فكرة التربية الإسلامية و خطورتها في وقتنا الراهن . بل إن هذه الخصلة الجميلة قد اكسبني مودة غير المسلمين فصاروا يثقون في بشكل كبير و كانوا يجلسون معي لساعات طويلة يتناقشون معي حول الإسلام و قد قرت عيني برؤية أحدهم يقرأ القرآن و ينطق الشهادة قبل سفري .وكن مثل طعم الماء عذبا وباردا ……… على الكبد الحرى لكل صديق
و من اللطيف ذكر تجربتي مع الأطفال و الشباب في سكن المستشفى و التي اقتفيت فيها منهج الرسول في الاهتمام بالشباب لأنهم عماد هذه الأمة و التفصيل فيما قام به رسولنا صلى الله عليه و سلم مع شباب الصحابة يحتاج لدراسة بحثية دقيقة لكن خلاصة الأمر أن هؤلاء الشباب يحتجون لوعي خاص فالمدخل إليهم لن يكون أبدا مثل المدخل إلى الكبار و الحقيقة أنني مازلت شابا صغيرا لذا كان من السهل أن يلتف حولي الشباب و الصغار لكن العبقرية الحقيقية هي أن يقوم رجل ناضج جاوز الأربعين بجمع خيرة الشاب في زمنه ليحدث تغيير في مجرى الزمان لم يسبق له مثيل مستخدما في هذا مهارات إنسانية لم يسبقها إليه بشر أنه رسول الله صلى الله عليه و سلم .
و للحديث بقية مادام في العمر بقية
تعليق