اخواني في الله احبكم في الله
من منا يريد ان يعتق رقبته من النيران ويطفئ غضب الرحمن
هل تعرف الوسيلة اخي الكريم اليك ما قاله الشيخ ابن قيم الجوزية في كتابة الوابل الصيب من الكلام الطيب لكي تعتق رقبتك
فهل ستشاركوني اخواني في عتق رقبتي وعتق رقبتكم وتدلوا من تحبوا لكي يعتقوا رقابهم؟ اترك الجواب اليكم والمشاركة لكم وفي انتظار تعليقاتكم؟
اخوكم المحب لكم
وأمركم بالصدقة فإن مثل ذلك مثل رجل أسره العدو فأوثقوا يده منه هذا أيضا من الكلام الذي برهانه وجوده ودليله ووقوعه فإن للصدقة تأثيرا عجيبا في دفع أنواع البلاء ولو كانت من فاجر أو من ظالم بل من كافر فإن الله تعالى يدفع بها عنه أنواعا من البلاء وهذا أمر معلوم عند الناس خاصتهم وعامتهم وأهل الأرض كلهم مقرون به لأنهم جربوه
وقد روى الترمذي في جامعه من حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه و سلم قال [ إن الصدقة تطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء ] وكما أنها تطفئ غضب الرب تبارك وتعالى فهي تطفئ الذنوب والخطايا كما تطفئ الماء النار وفي الترمذي عن معاذ بن جبل قال : [ كنت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في سفر فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير فقال ألا أدلك على أبواب الخير ؟ الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار وصلاة الرجل في جوف الليل شعار الصالحين ثم تلا { تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون } ] وفي بعض الآثار : باكروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطى الصدقة وفي تمثيل النبي صلى الله عليه و سلم ذلك بمن قدم ليضرب عنقه فافتدى نفسه منهم بماله كفاية فإن الصدقة تفدي العبد من عذاب الله تعالى فإن ذنوبه وخطاياه تقتضي هلاكه فتجئ الصدقة تفديه من العذاب وتفكه منه ولهذا قال النبي صلى الله عليه و سلم في الحديث الصحيح لما خطب النساء يوم العيد [ يا معاشر النساء تصدقن ولو من حليكن فإني رأيتكن أكثر أهل النار ] وكأنه حثهن ورغبهن على ما يفدين به أنفسهن من النار وفي الصحيحين عن عدي بن حاتم قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم [ ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجه فاتقوا النار ولو بشق تمرة ] وفي حديث أبي ذر أنه قال : [ سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم ماذا ينجي العبد من النار ؟ قال الإيمان بالله قلت : يا نبي الله مع الإيمان عمل ؟ قال أن ترضخ مما خولك الله أو : ترضخ مما رزق الله قلت : يا نبي الله فإن كان فقيرا لا يجد ما يرضخ ؟ قال يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر قلت : إن كان لا يستطيع أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ؟ قال فليعن الأخرق قلت : يا رسول الله أرأيت إن كان لا يحسن أن يصنع ؟ قال فليعن مظلوما قلت : يا رسول الله أرأيت إن كان ضعيفا لا يستطيع أن يعين مظلوما ؟ قال ما تريد أن تترك في صاحبك من خير ؟ ليمسك أذاه عن الناس قلت : يا رسول الله أرأيت إن فعل هذا يدخل الجنة ؟ قال ما من مؤمن يصيب خصلة من هذه الخصال إلا أخذت بيده حتى أدخلته الجنة ] ذكره البيهقي في كتاب شعب الإيمان قال عمر بن الخطاب : ذكر لي أن الأعمال تتباهى فتقول الصدقة : أنا أفضلكم وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال : [ ضرب رسول الله صلى الله عليه و سلم مثل البخيل والمتصدق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد أو جنتان من حديد قد اضطرت أيديهما إلى ثدييهما وتراقيهما فجعل المتصدق كلما تصدق بصدقة أنبسطت عنه حتى تغشى أنامله وتعفو أثره وجعل البخيل كلما هم بصدقة قلصت وأخذت كل حلقة مكانها ] قال أبو هريرة : فأنا رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول بإصبعه هكذا في جبته فرأيته يوسعها ولا تسع ولما كان البخيل محبوسا عن الإحسان ممنوعا عن البر والخير وكان جزاؤه من جنس عمله فهو ضيق الصدر ممنوع من الانشراح ضيق العطن صغير النفس قليل الفرح كثير الهم والغم والحزن لا يكاد تقضى له حاجة ولا يعان على مطلوب فهو كرجل عليه جبة من حديد قد جمعت يداه إلى عنقه بحيث لا يتمكن من إخراجها ولا حركتها وكلما أراد إخراجها أو توسيع تلك الجبة لزمت كل حلقة من حلقها موضعها وهكذا البخيل كلما أراد أن يتصدق منعه بخله فبقي قلبه في سجنه كما هو
والمتصدق كلما تصدق بصدقة انشرح لها قلبه وانفسح بها صدره فهو بمنزلة اتساع تلك الجبة عليه فكلما تصدق اتسع وانفسح وانشرح وقوي فرحه وعظم سروره ولو لم يكن في الصدقة إلا هذه الفائدة وحدها لكان العبد حقيقا بالاستكثار منها والمبادرة إليها وقد قال تعالى { ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون } كان عبد الرحمن بن عوف ـ أو سعد بن أبي وقاص ـ يطوف بالبيت وليس له دأب إلا هذه الدعوة : رب قني شح نفسي رب قني شح نفسي فقيل له : أما تدعو بغير هذه الدعوة فقال : إذا وقيت شح نفسي فقد أفلحت
والفرق بين الشح والبخل أن الشح هو شدة الحرص على الشيء والاحفاء في طلبه والاستقصاء في تحصيله وجشع النفس عليه والبخل منع إنفاقه بعد حصوله وحبه وإمساكه فهو شحيح قبل حصوله بخيل بعد حصوله فالبخل تمرة الشح والشح يدعو إلى البخل والشح كامن في النفس فمن بخل فقد أطاع شحه ومن لم يبخل فقد عصي شحه ووقي شره وذلك هو المفلح { ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون }
والسخي قريب من الله تعالى ومن خلقه ومن أهله وقريب من الجنة وبعيد من النار والبخيل بعيد من خلقه بعيد من الجنة قريب من النار فجود الرجل يحببه إلى أضداده وبخله يبغضه إلى أولاده :
( ويظهر عيب المرء في الناس ... بخله ويستره عنهم جميعا سخاؤه )
( تغط بأثواب السخاء فإنني ... أرى كل عيب فالسخاء غطاؤه )
( وقارن إذا قارنت حرا فإنما ... يزين ويزري بالفتى قرناؤه )
( وأقلل إذا ... ما اسطعت قولا فإنه إذا قل قول المرء قل خطاؤه )
( إذا قل مال المرء قل صديقه ... وضاقت عليه أرضه وسماؤه )
( وأصبح لا يدري وأن كان حازما ... أقدامه خير له أم وراؤه )
( إذا المرء لم يختر صديقا لنفسه فناد به في الناس هذا جزاؤه )
وحد السخاء بذل ما يحتاج إليه عند الحاجة وأن يوصل ذلك إلى مستحقه بقدر الطاقة وليس ـ كما قال البعض من نقص عمله ـ حد الجود بذل الموجود ولو كان كما قال هذا القائل لارتفع اسم السرف والتبذير وقد ورد الكتاب بذمهما وجاءت السنة بالنهي عنهما
وإذا كان السخاء محمودا فمن وقف على حده سمي كريما وكان للحمد مستوجبا ومن قصر عنه كان بخيلا وكان للذم مستوجبا وقد روي في أثر : إن الله عز و جل أقسم بعزته ألا يجاوزه بخيل والسخاء نوعان : فأشرفهما سخاؤك عما بيد غيرك والثاني سخاؤك ببذل ما في يدك فقد يكون الرجل من أسخى الناس وهو لا يعطيهم شيئا لأنه سخا عما في أيديهم وهذا معنى قول بعضهم : السخاء أن تكون بمالك متبرعا وعن مال غيرك متورعا وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول : أوحى الله إلى إبراهيم صلى الله عليه و سلم أتدري لم اتخذتك خليلا ؟ قال : لا قال لأني رأيت العطاء أحب إليك من الأخذ وهذه صفة من صفات الرب جل جلاله فإنه يعطي ولا يأخذ ويطعم ولا يطعم وهو أجود الأجودين وأكرم الأكرمين وأحب الخلق إليه من اتصف بمقتضيات صفاته فإنه كريم يحب الكريم من عباده وعالم يحب العلماء وقادر يحب الشجعان وجميل يحب الجمال
وروى الترمذي في جامعه قال : حدثنا محمد بن بشار حدثنا أبو عامر أخبرنا خالد بن الياس عن صالح بن أبي حسان قال سمعت سعيد بن المسيب يقول : إن الله طيب يحب الطيب نظيف يحب النظافة كريم يحب الكرم جواد يحب الجود فنظفوا أخبيتكم ولا تشبهوا باليهود قال فذكرت للمهاجر بن مسمار فقال : حدثنيه عامر بن سعد عن أبيه رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم إلا أنه قال فنظفوا أفنيتكم هذا حديث غريب خالد بن الياس يضعف
وفي الترمذي أيضا في كتاب البر قال : حدثنا الحسن بن عرفة حدثنا سعيد بن محمد الوراق عن يحي بن سعيد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال [ السخي قريب من الله قريب من الجنة قريب من الناس بعيد من النار والبخيل بعيد من الله بعيد من الجنة بعيد من الناس قريب من النار ولجاهل سخي أحب إلى الله تعالى من عابد بخيل ] وفي الصحيح [ إن الله تعالى يحب الوتر ]
وهو سبحانه وتعالى رحيم يحب الرحماء وإنما يرحم من عباده الرحماء وهو ستير يحب من يستر على عباده وعفو يحب من يعفو عنهم وغفور يحب من يغفر لهم ولطيف يحب اللطيف من عباده ويبغض الفظ الغليظ القاسي الجعظري الجواظ ورفيق يحب الرفق وحليم يحب الحلم وبر يحب البر وأهله وعدل يحب العدل وقابل المعاذير يحب من يقبل معاذير عباده ويجازي عبده بحسب هذه الصفات فيه وجودا وعدما فمن عفا عفا عنه ومن غفر غفر له ومن سامح سامحه ومن حاقق حاققه ومن رفق بعباده رفق به ومن رحم خلقه رحمه ومن أحسن إليهم أحسن إليه ومن جاد عليهم جاد عليه ومن نفعهم نفعه ومن سترهم ستره ومن صفح عنهم صفح عنه ومن تتبع عورتهم تتبع عورته ومن هتكهم هتكه وفضحه ومن منعهم خيره منعه خيره ومن شاق شاق الله تعالى به ومن مكر مكر به ومن خادع خادعه ومن عامل خلقه بصفة عامله الله تعالى بتلك الصفة بعينها في الدنيا والآخرة فالله تعالى لعبده على حسب ما يكون العبد لخلقه ولهذا جاء في الحديث [ من ستر مسلما ستره الله تعالى في الدنيا والآخرة ومن نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله تعالى عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله تعالى حسابه ومن أقال نادما أقال الله تعالى عثرته ومن أنظر معسرا أو وضع عنه أظله الله تعالى في ظل عرشه ] لأنه لما جعله في ظل الإنظار والصبر ونجاه من حر المطالبة وحرارة تكلف الأداء مع عسرته وعجز نجاه الله تعالى من حر الشمس يوم القيامة إلى ظل العرش وكذلك الحديث الذي في الترمذي وغيره عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال في خطبته يوما [ يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته فكما تدين تدان وكن كيف شئت فإن الله تعالى لك كما تكون أنت ولعباده ]
ولما أظهر المنافقون الإسلام وأسروا الكفر وأظهر الله تعالى لهم يوم القيامة نورا على الصراط وأظهر لهم أنهم يجوزون الصراط وأسر لهم أن يطفئ نورهم وأن يحال بينهم وبين الصراط من جنس أعمالهم وكذلك من يظهر للخلق خلاف ما يعمله الله فيه فإن الله تعالى يظهر له في الدنيا والآخرة أسباب الفلاح والنجاح والفوز ويبطن له خلافها وفي الحديث [ من راءى راءى الله به ومن سمع سمع الله به ] والمقصود أن الكريم المتصدق يعطيه الله ما لا يعطي جزاء له من جنس عمله
اللهم اعننا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم اهدنا واهدي بنا واجعلنا سببا لمن اهتدى
من منا يريد ان يعتق رقبته من النيران ويطفئ غضب الرحمن
هل تعرف الوسيلة اخي الكريم اليك ما قاله الشيخ ابن قيم الجوزية في كتابة الوابل الصيب من الكلام الطيب لكي تعتق رقبتك
فهل ستشاركوني اخواني في عتق رقبتي وعتق رقبتكم وتدلوا من تحبوا لكي يعتقوا رقابهم؟ اترك الجواب اليكم والمشاركة لكم وفي انتظار تعليقاتكم؟
اخوكم المحب لكم
وأمركم بالصدقة فإن مثل ذلك مثل رجل أسره العدو فأوثقوا يده منه هذا أيضا من الكلام الذي برهانه وجوده ودليله ووقوعه فإن للصدقة تأثيرا عجيبا في دفع أنواع البلاء ولو كانت من فاجر أو من ظالم بل من كافر فإن الله تعالى يدفع بها عنه أنواعا من البلاء وهذا أمر معلوم عند الناس خاصتهم وعامتهم وأهل الأرض كلهم مقرون به لأنهم جربوه
وقد روى الترمذي في جامعه من حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه و سلم قال [ إن الصدقة تطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء ] وكما أنها تطفئ غضب الرب تبارك وتعالى فهي تطفئ الذنوب والخطايا كما تطفئ الماء النار وفي الترمذي عن معاذ بن جبل قال : [ كنت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في سفر فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير فقال ألا أدلك على أبواب الخير ؟ الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار وصلاة الرجل في جوف الليل شعار الصالحين ثم تلا { تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون } ] وفي بعض الآثار : باكروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطى الصدقة وفي تمثيل النبي صلى الله عليه و سلم ذلك بمن قدم ليضرب عنقه فافتدى نفسه منهم بماله كفاية فإن الصدقة تفدي العبد من عذاب الله تعالى فإن ذنوبه وخطاياه تقتضي هلاكه فتجئ الصدقة تفديه من العذاب وتفكه منه ولهذا قال النبي صلى الله عليه و سلم في الحديث الصحيح لما خطب النساء يوم العيد [ يا معاشر النساء تصدقن ولو من حليكن فإني رأيتكن أكثر أهل النار ] وكأنه حثهن ورغبهن على ما يفدين به أنفسهن من النار وفي الصحيحين عن عدي بن حاتم قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم [ ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجه فاتقوا النار ولو بشق تمرة ] وفي حديث أبي ذر أنه قال : [ سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم ماذا ينجي العبد من النار ؟ قال الإيمان بالله قلت : يا نبي الله مع الإيمان عمل ؟ قال أن ترضخ مما خولك الله أو : ترضخ مما رزق الله قلت : يا نبي الله فإن كان فقيرا لا يجد ما يرضخ ؟ قال يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر قلت : إن كان لا يستطيع أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ؟ قال فليعن الأخرق قلت : يا رسول الله أرأيت إن كان لا يحسن أن يصنع ؟ قال فليعن مظلوما قلت : يا رسول الله أرأيت إن كان ضعيفا لا يستطيع أن يعين مظلوما ؟ قال ما تريد أن تترك في صاحبك من خير ؟ ليمسك أذاه عن الناس قلت : يا رسول الله أرأيت إن فعل هذا يدخل الجنة ؟ قال ما من مؤمن يصيب خصلة من هذه الخصال إلا أخذت بيده حتى أدخلته الجنة ] ذكره البيهقي في كتاب شعب الإيمان قال عمر بن الخطاب : ذكر لي أن الأعمال تتباهى فتقول الصدقة : أنا أفضلكم وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال : [ ضرب رسول الله صلى الله عليه و سلم مثل البخيل والمتصدق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد أو جنتان من حديد قد اضطرت أيديهما إلى ثدييهما وتراقيهما فجعل المتصدق كلما تصدق بصدقة أنبسطت عنه حتى تغشى أنامله وتعفو أثره وجعل البخيل كلما هم بصدقة قلصت وأخذت كل حلقة مكانها ] قال أبو هريرة : فأنا رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول بإصبعه هكذا في جبته فرأيته يوسعها ولا تسع ولما كان البخيل محبوسا عن الإحسان ممنوعا عن البر والخير وكان جزاؤه من جنس عمله فهو ضيق الصدر ممنوع من الانشراح ضيق العطن صغير النفس قليل الفرح كثير الهم والغم والحزن لا يكاد تقضى له حاجة ولا يعان على مطلوب فهو كرجل عليه جبة من حديد قد جمعت يداه إلى عنقه بحيث لا يتمكن من إخراجها ولا حركتها وكلما أراد إخراجها أو توسيع تلك الجبة لزمت كل حلقة من حلقها موضعها وهكذا البخيل كلما أراد أن يتصدق منعه بخله فبقي قلبه في سجنه كما هو
والمتصدق كلما تصدق بصدقة انشرح لها قلبه وانفسح بها صدره فهو بمنزلة اتساع تلك الجبة عليه فكلما تصدق اتسع وانفسح وانشرح وقوي فرحه وعظم سروره ولو لم يكن في الصدقة إلا هذه الفائدة وحدها لكان العبد حقيقا بالاستكثار منها والمبادرة إليها وقد قال تعالى { ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون } كان عبد الرحمن بن عوف ـ أو سعد بن أبي وقاص ـ يطوف بالبيت وليس له دأب إلا هذه الدعوة : رب قني شح نفسي رب قني شح نفسي فقيل له : أما تدعو بغير هذه الدعوة فقال : إذا وقيت شح نفسي فقد أفلحت
والفرق بين الشح والبخل أن الشح هو شدة الحرص على الشيء والاحفاء في طلبه والاستقصاء في تحصيله وجشع النفس عليه والبخل منع إنفاقه بعد حصوله وحبه وإمساكه فهو شحيح قبل حصوله بخيل بعد حصوله فالبخل تمرة الشح والشح يدعو إلى البخل والشح كامن في النفس فمن بخل فقد أطاع شحه ومن لم يبخل فقد عصي شحه ووقي شره وذلك هو المفلح { ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون }
والسخي قريب من الله تعالى ومن خلقه ومن أهله وقريب من الجنة وبعيد من النار والبخيل بعيد من خلقه بعيد من الجنة قريب من النار فجود الرجل يحببه إلى أضداده وبخله يبغضه إلى أولاده :
( ويظهر عيب المرء في الناس ... بخله ويستره عنهم جميعا سخاؤه )
( تغط بأثواب السخاء فإنني ... أرى كل عيب فالسخاء غطاؤه )
( وقارن إذا قارنت حرا فإنما ... يزين ويزري بالفتى قرناؤه )
( وأقلل إذا ... ما اسطعت قولا فإنه إذا قل قول المرء قل خطاؤه )
( إذا قل مال المرء قل صديقه ... وضاقت عليه أرضه وسماؤه )
( وأصبح لا يدري وأن كان حازما ... أقدامه خير له أم وراؤه )
( إذا المرء لم يختر صديقا لنفسه فناد به في الناس هذا جزاؤه )
وحد السخاء بذل ما يحتاج إليه عند الحاجة وأن يوصل ذلك إلى مستحقه بقدر الطاقة وليس ـ كما قال البعض من نقص عمله ـ حد الجود بذل الموجود ولو كان كما قال هذا القائل لارتفع اسم السرف والتبذير وقد ورد الكتاب بذمهما وجاءت السنة بالنهي عنهما
وإذا كان السخاء محمودا فمن وقف على حده سمي كريما وكان للحمد مستوجبا ومن قصر عنه كان بخيلا وكان للذم مستوجبا وقد روي في أثر : إن الله عز و جل أقسم بعزته ألا يجاوزه بخيل والسخاء نوعان : فأشرفهما سخاؤك عما بيد غيرك والثاني سخاؤك ببذل ما في يدك فقد يكون الرجل من أسخى الناس وهو لا يعطيهم شيئا لأنه سخا عما في أيديهم وهذا معنى قول بعضهم : السخاء أن تكون بمالك متبرعا وعن مال غيرك متورعا وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول : أوحى الله إلى إبراهيم صلى الله عليه و سلم أتدري لم اتخذتك خليلا ؟ قال : لا قال لأني رأيت العطاء أحب إليك من الأخذ وهذه صفة من صفات الرب جل جلاله فإنه يعطي ولا يأخذ ويطعم ولا يطعم وهو أجود الأجودين وأكرم الأكرمين وأحب الخلق إليه من اتصف بمقتضيات صفاته فإنه كريم يحب الكريم من عباده وعالم يحب العلماء وقادر يحب الشجعان وجميل يحب الجمال
وروى الترمذي في جامعه قال : حدثنا محمد بن بشار حدثنا أبو عامر أخبرنا خالد بن الياس عن صالح بن أبي حسان قال سمعت سعيد بن المسيب يقول : إن الله طيب يحب الطيب نظيف يحب النظافة كريم يحب الكرم جواد يحب الجود فنظفوا أخبيتكم ولا تشبهوا باليهود قال فذكرت للمهاجر بن مسمار فقال : حدثنيه عامر بن سعد عن أبيه رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم إلا أنه قال فنظفوا أفنيتكم هذا حديث غريب خالد بن الياس يضعف
وفي الترمذي أيضا في كتاب البر قال : حدثنا الحسن بن عرفة حدثنا سعيد بن محمد الوراق عن يحي بن سعيد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال [ السخي قريب من الله قريب من الجنة قريب من الناس بعيد من النار والبخيل بعيد من الله بعيد من الجنة بعيد من الناس قريب من النار ولجاهل سخي أحب إلى الله تعالى من عابد بخيل ] وفي الصحيح [ إن الله تعالى يحب الوتر ]
وهو سبحانه وتعالى رحيم يحب الرحماء وإنما يرحم من عباده الرحماء وهو ستير يحب من يستر على عباده وعفو يحب من يعفو عنهم وغفور يحب من يغفر لهم ولطيف يحب اللطيف من عباده ويبغض الفظ الغليظ القاسي الجعظري الجواظ ورفيق يحب الرفق وحليم يحب الحلم وبر يحب البر وأهله وعدل يحب العدل وقابل المعاذير يحب من يقبل معاذير عباده ويجازي عبده بحسب هذه الصفات فيه وجودا وعدما فمن عفا عفا عنه ومن غفر غفر له ومن سامح سامحه ومن حاقق حاققه ومن رفق بعباده رفق به ومن رحم خلقه رحمه ومن أحسن إليهم أحسن إليه ومن جاد عليهم جاد عليه ومن نفعهم نفعه ومن سترهم ستره ومن صفح عنهم صفح عنه ومن تتبع عورتهم تتبع عورته ومن هتكهم هتكه وفضحه ومن منعهم خيره منعه خيره ومن شاق شاق الله تعالى به ومن مكر مكر به ومن خادع خادعه ومن عامل خلقه بصفة عامله الله تعالى بتلك الصفة بعينها في الدنيا والآخرة فالله تعالى لعبده على حسب ما يكون العبد لخلقه ولهذا جاء في الحديث [ من ستر مسلما ستره الله تعالى في الدنيا والآخرة ومن نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله تعالى عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله تعالى حسابه ومن أقال نادما أقال الله تعالى عثرته ومن أنظر معسرا أو وضع عنه أظله الله تعالى في ظل عرشه ] لأنه لما جعله في ظل الإنظار والصبر ونجاه من حر المطالبة وحرارة تكلف الأداء مع عسرته وعجز نجاه الله تعالى من حر الشمس يوم القيامة إلى ظل العرش وكذلك الحديث الذي في الترمذي وغيره عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال في خطبته يوما [ يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته فكما تدين تدان وكن كيف شئت فإن الله تعالى لك كما تكون أنت ولعباده ]
ولما أظهر المنافقون الإسلام وأسروا الكفر وأظهر الله تعالى لهم يوم القيامة نورا على الصراط وأظهر لهم أنهم يجوزون الصراط وأسر لهم أن يطفئ نورهم وأن يحال بينهم وبين الصراط من جنس أعمالهم وكذلك من يظهر للخلق خلاف ما يعمله الله فيه فإن الله تعالى يظهر له في الدنيا والآخرة أسباب الفلاح والنجاح والفوز ويبطن له خلافها وفي الحديث [ من راءى راءى الله به ومن سمع سمع الله به ] والمقصود أن الكريم المتصدق يعطيه الله ما لا يعطي جزاء له من جنس عمله
اللهم اعننا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم اهدنا واهدي بنا واجعلنا سببا لمن اهتدى