تناولت وسائل إعلام عالمية صورة ومقطع فيديو يظهر عدد من الجنود المصريين يزيد عن العشرة وهم يهاجمون فتاة منقبة في إحدى الساحات وسط القاهرة، وتظهر الصورة الفتاة وهي تتعرض للكمات من أقدام وعصي الجنود حتى تمزقت ملابسها وظهرت أجزاء من جسدها.
وتناولت الصحافة الأجنبية والإسرائيلية هذا المشهد لتعلق على سلوكيات الجنود المصريين الذين كان فيما ممضى يضرب بهم المثل، ونشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية الصورة، وكذلك فعلت صحيفة "لو موند" الفرنسية، وتصدرت الصورة الصفحة الرئيسية في صحف عدة منها "صنداي تايمز - نيويورك تايمز - ثينك بروجرس جريدة نرويجية كبيرة – aftenposten).
وسقط خلال المواجهات الدائرة في ميدان التحرير أكثر من 10 أشخاص بينما أصيب 500 آخرين، و امتلأت صفحات المواقع الاجتماعية بالتعليقات الساخطة على ردة الفعل الرسمية من قبل الأحزاب المصرية، وقال الكاتب المصري فهمي هويدي في مقالة صحفية، :"الصورة المروعة تصعق من يراها وتصيبه بالذهول والدوار. حيث لا يصدق أحد ــ مهما شطح به الخيال أو ذهب به سوء الظن ــ أن ذلك يمكن أن يحدث لمصري أو مصرية بعد عشرة أشهر من الثورة التي ما قامت إلا لكي تدافع عن كرامة المواطنين وعزتهم".
وتابع الكاتب :" دعك من أن الصورة تحولت إلى فضيحة عالمية تشعر كل مصري بالخزي والعار. ولا أعرف ما هو شعور أعضاء المجلس العسكري أو حكومة الإنقاذ أو أعضاء المجلس الاستشاري الذين جئ بهم لكي يكونوا عونا للعسكر حتى تنتهي المرحلة الانتقالية"
وذكر أيضا :" أدري أن البيانات والتصريحات الرسمية تحدثت عن مندسين ومخربين وبلطجية، وهو ما لا أستبعده ولدي استعداد لتصديقه مؤقتا. لكن هذا الذي رأيناه في الصورة الصاعقة لا ينبغي أن يمر دون اعتذار وحساب وعقاب، ولا أعرف إن كان ذلك كافيا أم لا، لكن من حقنا أن نعرف من هؤلاء ومن الذي أصدر إليهم أوامر الانقضاض على المتظاهرين واستباحة كرامتهم وأعراضهم ودمائهم بهذه الصورة البشعة التي أزعم أنها أهانت المصريين جميعا".
وقال هويدي،:"من حقنا أن نتساءل عن تلك المؤامرة الجهنمية التي فشل المجلس العسكري في إحباطها، وعجزت الأجهزة الأمنية في البلد عن أن تمسك بخيوطها طوال الأشهر العشرة الماضية".
"من حقنا أن نتعرف على أدلة المؤامرة، وأن نطالب بمحاسبة الذين فشلوا في وضع حد لها، ثم إننا إذا قبلنا جدلا بقصة المؤامرة، فإن وجودها لا يسوغ ذلك الانقضاض الوحشي على المتظاهرين، وتلك المعاملة غير الإنسانية للذين تطولهم أيدي الجنود الذين تعاملوا مع شباب مصر وبناتها باعتبارهم سبايا و«أعداء» ينبغي إذلالهم وسحقهم".
كلينتون تندد
وفي نفس السياق علقت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون قائلة إنها تشعر "بقلق عميق" بشأن استمرار العنف في مصر.
وأضافت في بيان "اشعر بقلق عميق بشأن التقارير المتواصلة عن العنف في مصر. وأحث قوات الأمن المصرية على احترام وحماية الحقوق العالمية لكل المصريين بما في ذلك حقي التعبير السلمي عن الرأي والتجمع."
ودعت أيضا إلى محاسبة من ينتهك حقوق المتظاهرين بما في ذلك قوات الأمن. ولم يكن المشهد المؤثر في نفس كل من شاهده سوى نموذجا لنظامي قمعي يتعرض له النشطاء في مصر منذ عهد الرئيس السابق حسني مبارك، وأدان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون استخدام جنود الجيش القوة المفرطة بعد ثلاثة أيام من المعارك مع المحتجين المطالبين بانهاء الحكم العسكري المفروض على البلاد منذ إسقاط حسني مبارك في فبراير.
وقال مكتب بان في بيان نقلته رويترز إن الأمين العام للأمم المتحدة"يشعر بقلق بالغ بسبب الاستخدام المفرط للقوة من جانب قوات الأمن ضد المحتجين ويدعو السلطات الانتقالية إلى التصرف بضبط النفس ودعم حقوق الإنسان".
وقالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية إن الجيش المصري استخدم قوة وحشية لتفريق المتظاهرين وسط الاشتباكات الدامية التي أدت إلى تفاقم التوترات في خضم موسم انتخابي جار.
وتوقعت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية استمرار دوامة العنف بمصر في ظل رفض المجلس العسكري الحاكم الاستجابة لمطالب المتظاهرين المتمثلة في التنازل عن السلطة أو الاعتذار عن أعمال العنف ضد المتظاهرين.
واختارت صحيفة الإندبندنت البريطانية العنوان التالي للتعليق على الصورة وهو "ضرب وحشي يظهر كيف تمت خيانة الثورة المصرية". وخصصت الصحيفة الصفحة رقم 23 للحديث عن الأحداث في مصر، ووصف التقرير الكشف عن صدر الفتاة بأنه يمثل "إذلالا كبيرا لأي امرأة مصرية".
ويقول سعد عاشور، وهو كهربائي يبلغ 28 عاما من العمر وهو يمسك الصحيفة بين يديه، "هذا ضد الإسلام، هذا ضد الديمقراطية وضد حقوقنا الإنسانية".
وتناولت كذلك صفحات الغارديان نفس الموضوع التي نشرت مقالا للكاتبة والروائية المصرية أهداف سويف.ترى سويف أن "اعتقال هذه المرأة والمعاملة الوحشية التي تذكرنا بأن الثورة بعيدة من أن تصل إلى نهايتها".
وتقول الكاتبة إن الحكومة المصرية ابتكرت أسلوب للرد على التظاهرات قبل ست سنوات، عندما بدأت موجة من الاحتجاجات ضد الرئيس المصري السابق حسني مبارك عام 2005.
وتضيف سويف أن ذلك الأسلوب الجديد تمثل في "مليشيات من البلطجية الأقوياء المدربين، ...أمسكوا بالنساء، مزقوا ملابسهن، قاموا بضربهن وتلمسوا أجسادهن".
وترى الكاتبة أن الفكرة من وراء هذا الأسلوب "الإيحاء بأن النساء اللائي شاركن في المظاهرات كن يرغبن في أن تلمس أجسادهن".
وترى الكاتبة أن معدلات الاعتداء على النساء ومضايقتهن في الشوارع قد ارتفعت إلى "مستويات وبائية".
وإلى صحيفة "الدايلي تيليغراف" فقد نشرت تقرير قالت فيه إن الجيش المصري بدل ما بوسعه لمنع تسرب صور الفتاة، وذكر التقرير أيضا أنه تم تفتيش المنازل المحيطة بميدان التحرير والاستيلاء على الكاميرات التي عثر عليها، كما صودرت كاميرات عدد من الصحفيين.
ويضيف أن "الأسلوب الذي عوملت به هذه الفتاة، التي لا تزال هويتها وحالتها غير معروفة، قد غطت على حادث تدمير مبنى مكتبة يعود تاريخها إلى قرنين من الزمان"، في إشارة إلى مبنى المجمع العلمي.
فوز الإسلاميين
ويبرر البعض صمت الإسلاميين على مشاهد العنف في سياق قطع الطريق على المجلس العسكري لتأجيجي الأوضاع و إلغاء الانتخابات بحجة الانفلات الأمني، و قالت مصادر مصرية إن نسبة المشاركة في المرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية بلغت 67% مع توقعات بإجراء جولات إعادة في معظم الدوائر الانتخابية. وأدلى أكثر من 12 مليون مصري بأصواتهم يومي الأربعاء والخميس في تسع من محافظات مصر الـ 27. وقال المستشار عبد المعز إبراهيم، رئيس اللجنة العليا للانتخابات إن هناك عددا أقل من التجاوزات مقارنة بالمرحلة الأولى.
يذكر أن هذه هي أول انتخابات تتم على ثلاث مراحل في مصر منذ الإطاحة بالرئيس حسني مبارك في فبراير. وسيختار الناخبون بين المرشحين اللذين يحصلان على العدد الأكبر من الأصوات في الجولة الأولى. وتم تأجيل النتائج الرسمية للقوائم الحزبية حتى نهاية التصويت. غير أن النتائج الأولية أظهرت أن الأحزاب الإسلامية تتقدم في الفرز بالمرحلة الثانية.ومن المقرر أن تجرى المرحلة الثالثة والأخيرة في المحافظات التسع الباقية في يناير.
وقال الموقع الإلكتروني لحزب الحرية والعدالة الذي يمثل الإخوان المسلمين في الانتخابات إن النتائج النهائية للجولة الأولى من المرحلة الثانية لانتخابات مجلس الشعب المصري أفرزت حصول قوائم حزب الحرية والعدالة على 37.2% من إجمالي أصوات الدوائر التي أجريت فيها انتخابات القائمة خلال هذه المرحلة وعددها 12 قائمة، وفقا لبيان رقم 26 الذي أصدره الحزب اليوم.
تعليق