إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

آثار حب الدنيا وكراهية الموت

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • آثار حب الدنيا وكراهية الموت

    أيها الحبيب الكريم!

    إننا لا نريد أن نقنط أحداً أو أن نيئسه، وإنما نرى الأمة الآن قد حق عليها وصدق فيها قول من لا ينطق عن الهوى، كما ورد في الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود من حديث ثوبان : (يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها. قالوا: أومن قلة نحن يومئذٍ يا رسول الله؟ قال: كلا. أنتم يومئذ كثير، ولكن غثاء كثغاء السيل، وليوشكن الله أن ينزع المهابة من قلوب عدوكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن. قيل: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت).

    من هنا ننطلق لنذكر الأمة بهذا الداء العضال الذي تمكن منها فذلت وأهينت من قبل إخوان القردة والخنازير الذين كتب الله عليهم الذل والذلة، أحبت الأمة الدنيا وكرهت الأمة الموت، ما عملت للموت وما استعدت للقاء الله.

    أقول عن نفسي: والله لو قيل لي: إنك الآن ستلقى الله جل وعلا وسيأتيك ملك الموت، لبكيت دماً بدل الدمع على حالي، ما الذي قدمت؟ وما الذي فعلت لألقى به الله جل وعلا؟ وماذا سأجيب على ربي إذا سألني؟
    فهل فكرت -أيها الحبيب- في هذا السؤال؟
    هل فكرت في عرضك على الكبير المتعال؟
    هل يسعدك الآن أن تلقى الله عز وجل على ما أنت فيه من تقصير ؟
    هل يسعدك الآن أن تلقى الله على ما أنت فيه من تفريط وتضييع؟
    أيها اللاهي! أيها الساهي! يا من غرتك المعاصي وشغلك الشيطان!

    دع عنك ما قد فات في زمن الصبا
    واذكر ذنوبك وابكها يا مذنب
    لم ينسه الملكان حين نسيته
    بل أثبتاه وأنت لاهٍ تلعب
    والروح منك وديعة أودعتها
    ستردها بالرغم منك وتسلب
    وغرور دنياك التي تسعى لها
    دار حقيقتها متاع يذهب
    الليل فاعلم والنهار كلاهما
    أنفاسنا فيها تعد وتحسب......



    التوبة إلى الله



    أيها الحبيب الكريم!
    انتبه. فإن الموت قادم، وكما رَهَّبْنا وجب علينا أن نُرَغِّبَ، وكما خوفنا يجب علينا أن نُرَجِّي. أيها الحبيب الكريم!
    أقبل على الله، وتب إلى الله، ولا تقنط ولا تيأس مهما بلغت ذنوبك، ومهما كثرت معاصيك وفرطت وضيعت وخالفت، فجدد التوبة، وجدد الأوبة، وجدد العودة، وعاهد ربك على أن تتوب إليه توبة نصوحاً.
    يا من ضيعت الصلاة! عد إلى الله وحافظ على الصلاة في جماعة
    يا من ضيعت الزكاة! أد حق الله
    يا من عصيت والدك!
    يا من عصيت أمك!
    يا من فرطت في حق الله!
    يا من آذيت إخوانك!
    يا من حاربت الله ورسوله!
    يا من صددت عن سبيل الله!
    يا من كتبت تقريراً لم تتق الله فيه في أخ من إخوانك فخربت بيته وأبكيت أعين أولاده!
    عد إلى الله، وتب إلى الله، واتق الله، واعلم أن الله جل وعلا غفور كريم تواب رحيم.
    لنتب إلى الله جميعاً أيها المؤمنون.

    " قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ " [الزمر:53].

    أيها الحبيب الكريم!

    ورد في الحديث الذي رواه مسلم والترمذي من حديث أنس ، واللفظ للترمذي أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: (قال الله تعالى: يا ابن آدم! إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم! لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم! لو أتيتني بقراب الأرض -أي: بملء الأرض خطايا- ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة).

    تب إلى الله وعد إلى الله أيها الحبيب، ولا تيأس ولا تقنط،

    "إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا" [الفرقان:70].

    فهيا أيها الشاب!

    عد إلى الله جل وعلا، وتب إلى الله سبحانه وتعالى، واعلم أن الله سيفرح بتوبتك وسيفرح بأوبتك، وهو الغني عن العالمين، لا تنفعه الطاعة ولا تضره المعصية، واعلم أن الدنيا إلى زوال، وأن الحياة الباقية في جنة عدن عند الكبير المتعال،

    "إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ" [القمر:54-55]

    (ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله هي الجنة)
    والجنة فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.

    أيها الحبيب الكريم!
    ورد في سنن ابن ماجة وصحيح ابن حبان -وفي إسناده سليمان بن موسى مختلف فيه، وبقية رجال الإسناد ثقات- من حديث أسامة بن زيد أنه صلى الله عليه وسلم وصف الجنة يوماً لأصحابه فقال: (هي ورب الكعبة نور يتلألأ، وريحانة تهتز، وقصر مشيد، ونهر مطرد، وفاكهة كثيرة وزوجة حسناء جميلة ثم قال عليه الصلاة والسلام: ألا هل مشمر للجنة؟ قالوا: نحن المشمرون لها يا رسول الله. فقال لهم: قولوا: إن شاء الله عز وجل).

    وأختم بهذه الأبيات، يقول علي رضي الله عنه وأرضاه:
    النفس تبكي على الدنيا وقد علمت
    أن السلامة فيها ترك ما فيها
    لا دار للمرء بعد الموت يسكنها
    إلا التي كان قبل الموت يبنيها
    فإن بناها بخير طاب مسكنه
    وإن بناها بشر خاب بانيها
    أموالنا لذوي الميراث نجمعها
    ودورنا لخراب الدهر نبنيها
    وكم من مدائن في الآفاق قد بنيت
    أمست خراباً وأفنى الموت أهليها
    أين الملوك التي كانت مسلطنة
    حتى سقاها بكأس الموت ساقيها
    إن المكارم أخلاق مطهرة
    الدين أولها والعقل ثانيها
    والعلم ثالثها والحلم رابعها
    والجود خامسها والعرف سادسها
    لا تركنن إلى الدنيا وزينتها
    فالموت لاشك يفنينا ويفنيها
    وأعمل لدار غداً رضوان خازنها
    والجار أحمد والرحمن بانيها
    قصورها ذهب والمسك طينتها
    والزعفران حشيش نابت فيها
    أنهارها لبن مصفى ومن عسل
    والخمر يجري رحيقاً في مجاريها
    والطير تجري على الأغصان عاكفة
    تسبح الله جهراً في مغانيها
    من يشتري الدار في الفردوس يعمرها
    بركعة في ظلام الليل يحييها

    واعلم أن نعيم الجنة الحقيقي ليس في لبنها، ولا في خمرها، ولا في ذهبها، ولا في قصورها، ولا في حورها، ولا في حريرها، ولكن نعيم الجنة الحقيقي في رؤية وجه ربنا، كما قال تعالى:
    وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ" [القيامة:22-23].

    أسأل الله جل وعلا أن يمتعني وإياكم بالنظر إلى وجهه الكريم، اللهم اغفر لنا، وتقبل منا، وتب علينا، وارحمنا؛ إنك أنت التواب الرحيم، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.......
يعمل...
X