[IMG]http://sub3.**********/img4/01mjzgs7.gif[/IMG]
السؤال : هل المكروه والشر ينسب إلى الله مع انه خلقه وقدره ؟ وكيف نوفق بين قوله صلى الله عليه وسلم ( والشر ليس إليك ) وبين عدم نسبة الشر لله . وهل في تقدير الله شر محض ؟
الجواب : يبتلي الله عباده بالسراء والضراء ، بالخير والشر
قال سبحانه وبحمده : ( ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون )
يحمد ربـنـا على المكروه ، فيحمد على المصائب ، كما تقدم في الحديث : حـمـدك واسترجع .
وكما تقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى ما يكره قال : الحمد لله على كل حـال .
ولا ينسب المكروه إلى الله من باب التأدب مع الله سبحانه
ولذا حكى الله عن الجن أنهم قالوا : ( وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا )
فهذا من باب التأدب مع الله
ومثله قول الخليل عليه الصلاة والسلام : ( الذي خلقني فهو يهدين * والذي هو يطعمني ويسقين * وإذا مرضت فهو يشفين )
فهو نسب المرض لغير الله ، مع أن الكل من عند الله ، ولكن هذا من باب التأدب في الخطاب مع رب الأرباب .
بخلاف قول " قليل الأدب " إبليس ! حيث قال : ( فبما أغويتني ) مع أنه هو الغاوي الذي غوى .
وأما قوله عليه الصلاة والسلام : والشر ليس إليك . كما في صحيح مسلم
فهذا نفي نسبة الشر المحض أي الخالص فإن الله لا يخلق ولا يقدر شرا خالصا فليس ثم شـر محض ، وليس ثم شـر إلا وفيه خير
والشر قد يكون في المقضيـات ، ولذا قال عليه الصلاة والسلام في دعائه : وقـنـي شر ما قضيت . رواه الإمام أحمد وأهل السنن .
وهذا أيضا يكون نسبيا ولا يكون شرا خالصا .
وقد أطال ابن القيم رحمه الله النفس في تقرير ذلك في كتابه النافع الماتع : شفاء العلي في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل .
وضرب على ذلك أمثلة : خلق إبليس والكـفـر
ونحو ذلك مما يتصور بعض الناس أنه شر وليس فيه خير ولا مصلحة
قال رحمه الله :
أما الشر المحض الذي لا خير فيه فذاك ليس له حقيقة بل هو العدم المحض ، فإن قيل : فإبليس شر محض ، والكفر والشر كذلك ، وقد دخلوا في الوجود ، فأي خير في إبليس وفي وجود الكفر ؟ قيل : في خلق إبليس من الحكم والمصالح والخيرات التي ترتبت على وجوده ما لا يعلمه إلا الله ، كما سننبه على بعضه ، فالله سبحانه لم يخلقه عبثا ولا قصد بخلقه أضرار عباده وهلاكهم ، فكم لله في خلقه من حكمة باهرة وحجة قاهرة وآية ظاهرة ونعمة سابغة ، وهو وإن كان للأديان والإيمان كالسموم للأبدان ، ففي إيجاد السموم من المصالح والحكم ما هو خير من تفويتها . انتهى .
وقال في موضع آخر عن خلق إبليس : في ذلك من الحكم مالا يحيط بتفصيله إلا الله ، فمنها :
أن يكمل لأنبيائه وأوليائه مراتب العبودية بمجاهدة عدو الله وحزبه ومخالفته ومراغمته في الله وإغاظته وإغاظة أوليائه والاستعاذة به منه والإلتجاء إليه أن يعيذهم من شره وكيده فيترتب لهم على ذلك من المصالح الدنيوية والأخروية ما لم يحصل بدونه ...
ومنها خوف الملائكة والمؤمنين من ذنبهم بعد ما شاهدوا من حال إبليس ما شاهدوه ، وسقوطه من المرتبة الملكية إلى المنزلة الإبليسية ؛ يكون أقوى وأتم ولا ريب أن الملائكة لما شاهدوا ذلك حصلت لهم عبودية أخرى للرب تعالى ، وخضوع آخر ، وخوف آخر .
إلى أن قال : فاقتضت الحكمة الإلهية إخراجه وظهوره ، فلا بد إذا من سبب يظهر ذلك ، وكان إبليس محـكـا يميز به الطيب من الخبيث . انتهى كلامه رحمه الله .
وذكر أيضا ما يتعلق بحكمة وجود الكفار وغير ذلك ، ومن أراد الاستزادة فليرجع إلى الكتاب المذكور .
وقد يقول بعض الناس إن الموت مصيبة وربما ظـنـوه شـرا وليس الأمر كذلك
فقد قال عليه الصلاة والسلام : مستريح ومستراح منه . قالوا : يا رسول الله ما المستريح والمستراح منه ؟ قال : العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله ، والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب . متفق عليه .
ففي الموت راحة للمؤمن ، وراحة من الفاجر والكافر .
وكم من أمر يكرهه العبد ويرى أن فيه شـرا ، وليس كذلك ,ولذا قال الله عز وجل : ( إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم )
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لا أبالي أصبحت على ما أحب أو على ما أكره ؛ لأني لا أدري الخير فيما أحب أو فيما أكره .
وقال الحسن : لا تكرهوا النقمات الواقعة والبلايا الحادثة ، فلرب أمر تكرهه فيه نجاتك ، ولرب أمر تؤثره فيه عطبك .
وكان شيخنا العثيمين رحمه الله يكره أن يقال : الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه .
كره هذا اللفظ لأنه يشعر بعدم الرضا
والأولى أن يستبدل بقوله عليه الصلاة والسلام : الحمد لله على كل حال .
وأذكر أنني ألقيت درسا في شرح أركان الإيمان ، ومنها : الإيمان بالقدر خيره وشـره
ثم فصـلت التفصيل المتقدم ، وقلت : إن الشر قد يكون في نظر العبد ، ولو كشفت للعبد حجب الغيب لما تمنى غير ما قدر الله وقضى .
فكثر السؤال حول هذه المسألة فقام رجل فقال : أنا في هذا البلد مهاجر ! وقد طردت من بلدي ، وظننت أن ما حصل لي شـر ، وإذا بي أرى الخير من خلال ذلك الذي ظننته شـرا
قلت له : ذكرتني كلمة جميلة لابن القيم رحمه الله حيث قال : كم من محنة في طيـها منحـة .
والله أعلم .
كتبه
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
http://www.saaid.net/Doat/assuhaim/fatwa/21.htm
[IMG]http://sub3.**********/img4/01shetf7.gif[/IMG]
[IMG]http://www.**********/img5/7yfebo21.gif[/IMG]
السؤال : هل المكروه والشر ينسب إلى الله مع انه خلقه وقدره ؟ وكيف نوفق بين قوله صلى الله عليه وسلم ( والشر ليس إليك ) وبين عدم نسبة الشر لله . وهل في تقدير الله شر محض ؟
الجواب : يبتلي الله عباده بالسراء والضراء ، بالخير والشر
قال سبحانه وبحمده : ( ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون )
يحمد ربـنـا على المكروه ، فيحمد على المصائب ، كما تقدم في الحديث : حـمـدك واسترجع .
وكما تقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى ما يكره قال : الحمد لله على كل حـال .
ولا ينسب المكروه إلى الله من باب التأدب مع الله سبحانه
ولذا حكى الله عن الجن أنهم قالوا : ( وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا )
فهذا من باب التأدب مع الله
ومثله قول الخليل عليه الصلاة والسلام : ( الذي خلقني فهو يهدين * والذي هو يطعمني ويسقين * وإذا مرضت فهو يشفين )
فهو نسب المرض لغير الله ، مع أن الكل من عند الله ، ولكن هذا من باب التأدب في الخطاب مع رب الأرباب .
بخلاف قول " قليل الأدب " إبليس ! حيث قال : ( فبما أغويتني ) مع أنه هو الغاوي الذي غوى .
وأما قوله عليه الصلاة والسلام : والشر ليس إليك . كما في صحيح مسلم
فهذا نفي نسبة الشر المحض أي الخالص فإن الله لا يخلق ولا يقدر شرا خالصا فليس ثم شـر محض ، وليس ثم شـر إلا وفيه خير
والشر قد يكون في المقضيـات ، ولذا قال عليه الصلاة والسلام في دعائه : وقـنـي شر ما قضيت . رواه الإمام أحمد وأهل السنن .
وهذا أيضا يكون نسبيا ولا يكون شرا خالصا .
وقد أطال ابن القيم رحمه الله النفس في تقرير ذلك في كتابه النافع الماتع : شفاء العلي في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل .
وضرب على ذلك أمثلة : خلق إبليس والكـفـر
ونحو ذلك مما يتصور بعض الناس أنه شر وليس فيه خير ولا مصلحة
قال رحمه الله :
أما الشر المحض الذي لا خير فيه فذاك ليس له حقيقة بل هو العدم المحض ، فإن قيل : فإبليس شر محض ، والكفر والشر كذلك ، وقد دخلوا في الوجود ، فأي خير في إبليس وفي وجود الكفر ؟ قيل : في خلق إبليس من الحكم والمصالح والخيرات التي ترتبت على وجوده ما لا يعلمه إلا الله ، كما سننبه على بعضه ، فالله سبحانه لم يخلقه عبثا ولا قصد بخلقه أضرار عباده وهلاكهم ، فكم لله في خلقه من حكمة باهرة وحجة قاهرة وآية ظاهرة ونعمة سابغة ، وهو وإن كان للأديان والإيمان كالسموم للأبدان ، ففي إيجاد السموم من المصالح والحكم ما هو خير من تفويتها . انتهى .
وقال في موضع آخر عن خلق إبليس : في ذلك من الحكم مالا يحيط بتفصيله إلا الله ، فمنها :
أن يكمل لأنبيائه وأوليائه مراتب العبودية بمجاهدة عدو الله وحزبه ومخالفته ومراغمته في الله وإغاظته وإغاظة أوليائه والاستعاذة به منه والإلتجاء إليه أن يعيذهم من شره وكيده فيترتب لهم على ذلك من المصالح الدنيوية والأخروية ما لم يحصل بدونه ...
ومنها خوف الملائكة والمؤمنين من ذنبهم بعد ما شاهدوا من حال إبليس ما شاهدوه ، وسقوطه من المرتبة الملكية إلى المنزلة الإبليسية ؛ يكون أقوى وأتم ولا ريب أن الملائكة لما شاهدوا ذلك حصلت لهم عبودية أخرى للرب تعالى ، وخضوع آخر ، وخوف آخر .
إلى أن قال : فاقتضت الحكمة الإلهية إخراجه وظهوره ، فلا بد إذا من سبب يظهر ذلك ، وكان إبليس محـكـا يميز به الطيب من الخبيث . انتهى كلامه رحمه الله .
وذكر أيضا ما يتعلق بحكمة وجود الكفار وغير ذلك ، ومن أراد الاستزادة فليرجع إلى الكتاب المذكور .
وقد يقول بعض الناس إن الموت مصيبة وربما ظـنـوه شـرا وليس الأمر كذلك
فقد قال عليه الصلاة والسلام : مستريح ومستراح منه . قالوا : يا رسول الله ما المستريح والمستراح منه ؟ قال : العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله ، والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب . متفق عليه .
ففي الموت راحة للمؤمن ، وراحة من الفاجر والكافر .
وكم من أمر يكرهه العبد ويرى أن فيه شـرا ، وليس كذلك ,ولذا قال الله عز وجل : ( إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم )
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لا أبالي أصبحت على ما أحب أو على ما أكره ؛ لأني لا أدري الخير فيما أحب أو فيما أكره .
وقال الحسن : لا تكرهوا النقمات الواقعة والبلايا الحادثة ، فلرب أمر تكرهه فيه نجاتك ، ولرب أمر تؤثره فيه عطبك .
وكان شيخنا العثيمين رحمه الله يكره أن يقال : الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه .
كره هذا اللفظ لأنه يشعر بعدم الرضا
والأولى أن يستبدل بقوله عليه الصلاة والسلام : الحمد لله على كل حال .
وأذكر أنني ألقيت درسا في شرح أركان الإيمان ، ومنها : الإيمان بالقدر خيره وشـره
ثم فصـلت التفصيل المتقدم ، وقلت : إن الشر قد يكون في نظر العبد ، ولو كشفت للعبد حجب الغيب لما تمنى غير ما قدر الله وقضى .
فكثر السؤال حول هذه المسألة فقام رجل فقال : أنا في هذا البلد مهاجر ! وقد طردت من بلدي ، وظننت أن ما حصل لي شـر ، وإذا بي أرى الخير من خلال ذلك الذي ظننته شـرا
قلت له : ذكرتني كلمة جميلة لابن القيم رحمه الله حيث قال : كم من محنة في طيـها منحـة .
والله أعلم .
كتبه
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
http://www.saaid.net/Doat/assuhaim/fatwa/21.htm
[IMG]http://sub3.**********/img4/01shetf7.gif[/IMG]
[IMG]http://www.**********/img5/7yfebo21.gif[/IMG]
تعليق