الرد الدامي في الدفاع عن الشيخ ياسر برهامى
خالد الشافعي
رسالة إلى عبيد الدرهم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فكما كان متوقعاً ، انتهى شهر العسل مع السلفيين ، بعد أن تم تطهير البرلمان من الإخوان المسلمين ، وبدأت بشائر انتهاء شهر العسل بحملة مسعورة تولىَّ كِبْرها ، وباء بإثمها ، عُباد الدرهم ، والمنصب ، والجاه ، والمال ،أبناء نُخبة السوء التي لولاها- ولحكمةٍ من الله - ما استطاعت حكومات، وجيوش، وشرطةُ الأرض جميعاً أن تفعل ما فعلته نخبة السوء في أمتنا ، لَعِبت نُخبة السوء من صُحفيين ، وكتاب ، وممثلين ، ومطربين، ومطربات، وراقصين ، وراقصات ، ثم أخيراً ابتُلِينا بمهرجي التوك شو ، الذين ليس عندهم ثقافة ، ولا فصاحة ، ولا حضور ، لعبت هذه النخبة المشئومة أسوأ ، وأحقر دور عرفه تاريخ الأمة ، وقد نجح - ولكنه نجاح مؤقت - أبناء وبنات الطابور الخامس ، فيما لم ينجح فيه الاستعمار ، وأعوانه ، تمكنت نخبة الشؤم من خلال القلم ، والصوت ، ثم الصورة من سِحر أعينُ الناس ، ودس السُّم في العسل ، وتغيير المنظومة الأخلاقية حتى مُسِخَت هُوية الناس - أو كادت - وصار المعروفُ منكراً ، والمنكرُ معروفاً ، حتى احتاج دعاةُ الحقِّ أن ينُفِقُوا أعمارهم، وأوقاتهم في إقناع الناس أن الحجاب فقط من الإسلام ، وأن اللحية من الإسلام ، وأن الصلاة فريضة ، تصوروا هذا ما فعلته نخبة السوء بنا . وإلى الله المشتكي ...
لقد قامت نُخبةُ السوء وببراعةِ لا تُحسد عليها ، وبإتقان بلغ حد الكمال ، بتنفيذِ الخطةِ المرسومةِ بدقة ، ليس لها نظير ، حتى استطاعت في النهاية أن تحول الأمة إلى غثاء كغثاء السيل .
ولا زلت عند قولي أن من دلائل نبوة النبي صلى الله عليه وسلم ، التي أخبر فيها بالغيب الذي يُجسد واقعا ، حياً في زماننا هذا ، ما رواه ابن ماجة في سننه ، وأحمد في مسنده بسند صحيح ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « سيأتي على الناس سنوات خداعات ، يصدق فيها الكاذب ، ويكذب فيها الصادق ، ويؤتمن فيها الخائن ، ويخون فيها الأمين ، وينطق فيها الرويبضة " ، قيل : وما الرويبضة ؟ قال : " الرجل التافه في أمر العامة ».وفي لفظ أحمد « قيل : وما الرويبضة ؟ قال : السفيه يتكلم في أمر العامة »، الله أكبر ، أقُسْمُ بالله .. هذا من أعظم دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم ، حين تفتح التلفاز في عز المحنة ، والبلد على شفا جرفٍ هار ، والفتنة توشك أن تعصف بالجميع ، حين تفتحه في عز الأزمة ، فتجد ألوف الوجوه ،تبحث فيه عن عاقل ، بصير ، يدرى ما يقول ، فلا تكاد تجد واحداً ، بل ولا نصف واحد ، وإذا الجميع - إلا من رحم الله - ذاك الرويبضة ، ويا لله العجب ، تبحث في الوجوه عن صاحب علم ، ودين ، ورأى ، فلا تكاد تُبصر واحداً ، أأمثالِ هؤلاء يُقَدَّمون ، ويُبرزون ، ويُسمع لهم ، وأهل العلم في الظِلَّ ، يخافون أن يتخطفهم الناس ، صدقت يا رسول الله صلى الله عليك وسلم : حقاً إنها سنوات خداعات ، فتعس عبدُ الدرهم، والخميصة ، والمنصب ، تعس وانتكس .
خرج علينا الأسبوع الماضي ، واحد من أبناء النخبة العظيمة ، التي منحت مصر قرناً ، مثالياً ، بامتياز ، مثالياً في كل شيء ، هواءٍ ملوث ، ومياهٍ قاتلة ، وجامعات خارج أي تصنيف ، وصفر المونديال ، وأعلى حالات سرطان ، وكبد ، وفشل كُلوي ، زراعة في الحضيض حتى صرنا نستورد القمح ، وصناعة في الحضيض حتى صرنا نستورد فانوس رمضان ، وفن في القمة حتى سمعنا بحبك يا حمار ، ست عشرة حالة طلاق كل ساعة ، وثلاثة ملايين حالة زواج عرفي ، وأربعة عشرة ألف طفلٍ بلا نسبٍ .. رشوةُ ، وفسادُ ، وزحامُ خانقُ ، وسحابة سوداءُ ، فجزاهم الله عنا شر الجزاء.
خرج علينا واحد من أبناء هذه النخبة العظيمة ، وكتب في مجلته التي أُشِهْدُ الله أنني كلما مررت ببائعة الجرائد المجاورة لبيتي ، يممتُ وجهي بعيداً ، حتى لا تقع عيني على هذه المجلة ، التي لا يمكن أن يخلو غُلافها من عنوان يستهزئ بعباد الله الصالحين ، أو صورة فاضحة.
خرج علينا البطل الهمام عبد الله كمال بمقال - ولا أروع - بذل فيها جهداً واضحاً ، ظناً منه أن الزمان ما زال زمان نخبته، أو أن القراء صُمُّ ، بُكْمُ ،عُمْىٌ ، فهم لا يعقلون .
خرج الأستاذ عبد الله كمال علينا بمقالٍ طويلٍ بعنوان : ( أخطر رجل ضد مصر ) فمن هو ياترى ؟
وإذا كان ( اللي يعيش ياما يشوف )كما يقول ـ أصحاب اللغة الدارجة ـ فإن من يعش في مصر يرى ، ويقرأ ، ويسمع ، ما لا يخطر على بال إبليس .
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، القائل : « إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى : إذا لم تستحي فاصنع ما شئت». رواه البخاري في الصحيح عن أبي مسعود البدري .
أحيانا يكون المرءُ كافراً ، أو رقيقُ الدين ، لكن يمنعه حياؤه ، ومروءته ، وحشمته ، من أن يقع في الدنايا ، لكن ما الذي يُردع المرء حين لا يكون هناك دينُ ولا حياءُ ؟
خرج علينا الأستاذ عبد الله كمال ، بمقال طويل ، بذل فيه مجهوداً واضحاً ، لِيُلفت انتباه من بيده الأمر ، إلى رجل خطير على أمن مصر ، ليس خطيراً فحسب ، بل هو - كما زعم - أخطر رجل في مصر ، وهذا بالمناسبة أمر لا يُدرك إلا بوحي!!!!
أراد المُنْقِذ عبد الله كمال أن يُلفت انتباه القائمين على أمن البلد ، إلى أخطر رجل في مصر ، وهو ذات الرجل الذي يتهمه كلُ أهلِ الإصلاح من غير السلفيين ، يتهمونه ومن على شاكلته بأنهم عملاء للنظام ، وأنهم خدَّروا الناس لأنهم لا يجُيزون الخروجُ على الحاكمِ ، ولا المظاهرات ، ولا الإضرابات ، ولا الاعتصامات ، ولا يحُسِنون إلا فقه الحيض والنفاس ، فقولوا لي بالله عليكم كيف يجتمع النقيضان ؟
هل تدرون أيها القراء الكرام ، من هو أخطر رجل على مصر في نظر الأستاذ عبد الله كمال ؟؟؟
إنه الدكتور ياسر برهامى ، الذي يكتب في العلن ، ويخطب في العلن ، ويمشى في النور .
الدكتور ياسر برهامى الذي يُعلم الناس : قال الله ، قال رسول الله ، ويأمر بالمعروف ، وينهى عن المنكر ، بالحكمة والموعظة الحسنة ، هو أخطر رجل في مصر .
الدكتور ياسر برهامى الذي يدور بين بيته ، وعيادته شبه الخيرية ، ومسكنه ، أخطر رجل في مصر .
الدكتور ياسر برهامى الذي لا يملك إلا قلمه ، ولسانه ، للتعبير عن دعوته ، والذي لم يُضَبط يوماً متلبساً بأي شيء يُكَدِّرُ أمْنَّ البلد ، هو أخطر رجل في مصر من وجهة نظر الأستاذ عبد الله كمال !!!
الدكتور ياسر برهامى ، معروف لدى الجميع ، وليس هو من قتل خالد سعيد ، ولا سيد بلال ، ولا من سمم الطعام والشراب ، ولا من باع البلد ، ولا من نشر العرى والانحلال ، ولا من سرق قوت الناس ، ولا من كاد يوقع حرباً بين مصر والجزائر!!
الدكتور ياسر برهامى ، ليس هو من أعلن بكل صراحة ، ووقاحة ، وجرأة يحسد عليها قائلها ، أن القرآن محرف ، وأن المسلمين ضيوف في مصر ، وليس هو من خطف وفاء قسطنطين ، وكاميليا شحاتة ، فلما سُئل عنهما في حلقة جماهيرية أعدت على عجل خصيصاً لتهدئة الأمور ، قال للمذيع حين سأله عنهما : وإنت مالك ؟!
الدكتور ياسر برهامى ، ليس هو من قام بأبشع عملية تزوير انتخابات عرفتها البشرية ، وليس من يرفض تنفيذ ألوف الأحكام القضائية النهائية !!
نعم ، إنه الدكتور ياسر برهامى أخطر رجل في مصر ، أما جرائمه ، فلا تُعد ، ولا تحُصى ، ويكفى للتدليل عليها ، وللوقوف على شخصيته الدراكولية أنه حين أراد أن يختار زوجته ، اختارها كما ذكر الأستاذ عبد الله كمال في افتتاحية مقاله التاريخي - وبالمناسبة ما دَخل زواج الرجل وزوجته وحماه في موضوعنا - مع علمك بحساسية الحديث عن الزوجة في أعراف السلفيين الذين يختلفون عن أهل الدياثة ، الذين لا يجد أحدهم حرجاً أن تُراقص زوجته صديقه ، أمام عينه ، ليُثبت للعالم أنه تنويري أصيل - ما علينا - المهم ، افتتح الأستاذ العظيم عبد الله كمال مقالته التاريخية بهذه القنبلة ليُسقط الدكتور ياسر برهامى بالقاضية !!
تُصَوَّروا أيها الناس أن المدعو ياسر برهامى [هكذا جعله في قفص الاتهام]، لما أراد أن يختار زوجته كان سنها سبعة عشر عاما !!! تصوروا ! مالكم لم تصرخوا من العجب ؟ مالكم لم تسقطوا من الدهشة ؟ أقول لكم أنه تزوج ابنة السبعة عشر عاماً ، وما المشكلة يا - عبد الله- ؟ وما العيب ؟ وكم كانت أعمار أمهاتنا جميعاً حين تزوجن ؟ سبحان اللهّ !! استحلفكم بالله يا عباد الله ، ما العيب أن تتزوج فتاة في السابعة عشر من عمرها ، وتذكروا أن هذا كان منذ أكثر من عشرين سنة ، يعنى لم تكن نخبة السوء قد تمكنت من البلد فجعلت هناك ملايين النسوة لم يتزوجن رغم أنهن تخطين الثلاثين لأنها تحصل سلاحاً لتحارب بها الرجل .
جريمة الدكتور ياسر برهامى الثانية - وما أكثر جرائمه - أنه لما أراد أن يتزوج امرأته لم يهتم لا بشهادة ، ولا بمال ، ولا بأملاك ، ولا بشيء ،لم يلتفت إلا لدينها ، فلما أثبتت أنها ذات دين ، ظفر بها تربت يداه ، يالها من جريمة !!! أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتبعون سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، ويأخذون بنصيحته !!
ثم ثالثة الجرائم والأثافي!! ، أنه لم يجعلها تُكمل تعليمها ( يا أستاذ عبد الله إحنا دفنينه سوا ) عن أي تعليم تتكلم يا رجل!!!! عن تعليم جعلني في يوم من الأيام تقع عيناى على ورقة لموظف عندي كتب فيها سورة العصر بخطه، فإذا فيها عشرةُ أخطاءٍ ، فلما سألته : يا فلان ، ما مؤهلك ؟ أُقِسم بالله أنه قال لي : (آداب لغة عربية) ، عن جامعات توفر بيئة مناسبة للزواج العرفي - ثلاثة ملايين حالة زواج عرفي - !!
الدكتور ياسر برهامى كسائر العقلاء الذين لم يتأثروا بعمليات غسيل المخ ، وطمس الهوية ، يحتاج إلى زوجة ، ورفيقة ، وأم ، كأمهاتنا اللواتي لم يكن يقرأن ، ولا يكتبن ، ومع ذلك فكل كبراء مصر ، ومثقفيها ، وأُدبائها، من أمهاتٍ أُمِيَّات ، إلا قلة قليلة ، ثم إن الدكتور ياسر برهامى اطمئن إلى أن زوجته عندها ما يكفي من ثقافة ، وفهم ، وعلم ، لما لخصت له كتاب منة الرحمن وناقشته فيه . ما الذي يغيظك يا عبد الله !!!
ثم أخبرني يا أستاذ عبد الله ، أليس عندكم مثل يقول " أنت حر مالم يضر " ؟ فلماذا لا يطبق على الدكتور ياسر برهامى ، ويطبق على من يستهويكم ، وتخطبون وده ، ما لكم كيف تحكمون ..
قرأت أمس أن فتاة أمريكية تزوجت كلبها في حفل ، وقرأنا أن الكنيسة هناك تعقد الزواج المثلى وصار للمثليين حقوق ، أليس من الأولى أن يكون للدكتور ياسر برهامى الحق في أن يتزوج من يشاء ، كيف شاء ، خاصة أن الزوجة من نفس المدرسة الظلامية بزعمكم ؟
ثم كانت جريمة الدكتور ياسر برهامى الشنعاء : إنه لا يشاهد التلفاز !! ياله من ظلامي ، وكيف يعيش إذن ؟ كيف بلغ هذا العمر دون أن يشاهد : الشهد والدموع ، وليالي الحلمية ، وهراس جاى ، وسنبل في رحلة المليون ؟ إن بقاء هذا الرجل وأمثاله على قيد الحياة معجزة !! تراه لم يبكِ : حين ماتت ماما نونه ، أوحين خرج الأهلي على يد النجم الساحلي ، ياله من مسكين ، هو ، وأهله ، وأتباعه. إنه يحُرم عليهم مشاهدة التليفزيون ، حيث الكليبات تقوم بها فنانات محجبات جداً ، ويغنين بصوت غير مسموع ، أو من وراء حجاب .
أكاد أقسم بالله ، لو أن أبا لهب ، أو أبا جهل بيننا ، لحرموا على أهلهم التليفزيون ، وهل يرضى عاقل ، ذو مروة وأدب ، وشم رائحة الحياء ، أن يُشاهِدَ أبناؤه ، وأهله ، هذا العرى الساقط .
( بالله عليكم لا يخرج تافه ، فيحدثنا عن جولة الكاميرا ، وعالم الحيوان ، والشيخ الشعراوى ، لأنني تعبت من الاستلقاء على القفا من الضحك) ومع ذلك ما زلت لا أرى عجباً ، ولا عيباً في ذلك ، لأن الدكتور ياسر برهامى مازال لم يضر فهو إذنٍ حر.
جريمة أخرى كبرى للدكتور ياسر برهامى !! ويا للهول ( مش قادر أقول ، حاجة فظيعة ، ياي ، سوفاج ) ياسر برهامى لا يرتاد الشواطئ ، ولا يسمح لأهله بارتيادها ، ولكن لماذا يا ياسر يا برهامى لا ترتاد الشواطئ ؟ تصوروا إنه يَزعُم أن فيها أجساداً عارية ، ومشاهد فاضحة ، وكثير من المخالفات ، والمنكرات ، يا حرام ! معقولة ! أيها العقلاء أكاد أُجن ، ولا أُصَدق ، أنني أحتاج أن أكتب ما أكتب ، أقسم بالله أن هناك كفاراً يأنفون أن يذهبوا بأبنائهم وبناتهم إلى هذه الشواطئ ، التي تهبط بالإنسان إلى درك البهائم ، العجيب أن الأستاذ عبد الله كمال كتب ، وأظن أن الله أنطقه ، كتب يقول : إن الشيخ ياسر يُرتب لأسرته رحلة ترفيهية ، سنوية ، عِوضاً عن هذه الشواطئ التي بها المنكرات ، فماذا يفعل الرجل أكثر من ذلك ؟ رجل يعرف لماذا خُلق ، وماهى وظيفتُه في الحياة ، قرأ القرآن فوجد ربه يقول : **يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا } [سورة التحريم : آية6]، وقرأ السنة فوجد النبي صلى الله عليه وسلم يقول : « كلكم راع ، وكلكم مسئول عن رعيته » رواه البخاري في الصحيح عن ابن عمر .
ومع ذلك فإن الرجل لم يكتف بالمنع ، بل أوجد البديل ، ثم مازلت أتسأل : أليس هو حر مالم يضر ؟ ألا ترضوا عنه ، وعنا ، إلا إن عشنا الحياة على مذهبكم ، وبطريقتكم ؟ مالكم كيف تحكمون ؟
يا أستاذ عبد الله ، إن الدكتور ياسر برهامى الذي استبحتْ عِرضه ، وحَرضَّتْ عليه ، ولم تُفسح له - ولن تفسح - ليدافع عن نفسه ، وقته ، وعمره ، أغلى من تليفزيونك ، وشواطئك ، الدكتور ياسر برهامى عَلِمَ أن وظيفته في الحياة أن يكون عبداً لله عز وجل ، وعلم أن عمره رأس ماله ، وأن وقته أغلى ما يملك ، وأن وقته إما له ، وإما عليه ، علم ذلك ، فغض بصره عن كل ما يباعد بينه وبين هدفه ، وصم أذنيه عن كل ما يُعطله عن وظيفته ، وكَفَّ لسانه عن كل ما يجعله مُفِلساً يوم القيامة ، وانطلق لا يلوى على شيء إلا النجاة، والفوز، والسعادة .. السعادة التي تظنها حضرتك في التليفزيون ، والشواطئ ، والحفلات ، والكرة ، وهى سعادة وهمية ، زائفة ، زائلة ، بل هي ورب الكعبة عين التعاسة ، والشقاء ، لكنها الفتنة حين تُنكت في القلب نكتةُ سوداء ، حتى يصير كالكوز مجخياً ، لا يعرف معروفاً ، ولا ينكر منكراً ، إلا ما أشُرب من هواه.
أما الدكتور ياسر برهامى فوجد النسخة الأصلية من دليل السعادة ، ولكن في ماذا وجدها .. في قيام الليل ، وصيام النهار ، وصدقة السر ، وتلاوة القرآن ، والدعوة إلى الله .
الدكتور ياسر برهامى مشغول بآخرته - والله حسيبه - وغداً إن شاء الله سيجد شواطئ غير الشواطئ ، ومشاهد غير المشاهد ، غداً إن شاء الله سيجد عِوضاً عن صبره عن متاع الدنيا الزائل ، غداً إن شاء الله سيلقى الأحبة محمداً وصحبه .
الدكتور ياسر برهامى يخشى سكرات الموت ، وضمة القبر ، وسؤال الملكين ، ونفخة الصور ، وتطاير الصحف ، ووقفة بين يدي الله ينصرف بعدها إلى جنة إن شاء الله .
تقول يا أستاذ عبد الله إن ياسر برهامى وغيره أبناء ثورة الكاسيت ، وهذا من نصرة الله لدينه ، وإلا فما حمل واحد منهم مسجلاً ، ولا طلب ، ولا رعى أي تسجيل ، ولا أخذ واحداً من دعاة الإسكندرية مليماً عن شريط كاسيت ، ثم ما العيب أن يكونوا أبناء ثورة الكاسيت ، أليس عمرو ، وراغب ، وحميد ، وفؤاد ، وغيرهم أبناء نفس الثورة مع الفارق في الإمكانيات ؟؟ أم كنت تريد لثورة الكاسيت الغنائي أن تنفرد بالناس ، قتلاً لقلوبهم ، وطمساً لعقولهم ؟؟
لقد تمكن هؤلاء الأبطال بفضل الله ، ثم بشريط كاسيت ، بجنيه واحد ، يطبع طباعة - بلدي- ويسجل بأجهزة متهالكة ، تمكنوا أن يحققوا المعجزة ، وأن يقاوموا الأبالسة ، وأن يرُدَّوا الملايين إلى ربهم بإذن الله!! وأن يقفوا لمشروع النخبة بالمرصاد ، جمع الطغاةُ كل ساحر عليم ، ليقضوا على هوية الأمة ، فلما ألقوا حبالهم ، وعِصيَهم ، وسَحرُوا أعين الناس واسترهبوهم ، وظنوا أن لهم الجائزة ، ألقى ياسر برهامى وإخوانه عصاهم ، فإذا بها تلقف ما يأفكون ، فوق الحق ، وبطل ما كانوا يعملون ، فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين ، لكن سحرة فرعون موسى كانوا أشرف وأعقل ، ولم يستكبروا وخضعوا للآية الباهرة ، فهداهم الله للحق .
تقول : على أحد المواقع السلفية مكتوب أن هذه المجموعة لو سمح لها بالدعوة خارج الإسكندرية لتغير وجه مصر ، يا أستاذ عبد الله ( صح نومك ) ، هذه المجموعة غيرت وجه العالم ، هذه المجموعة بشريط بجنيه ، ومنابر خشبية في زوايا ضيقة تراقبها عيون لا تغفل ، غيرت وجه الدنيا !! تعرف لماذا يا أستاذ عبد الله ؟ ( انظر الإجابة بالمقلوب ، أو سأقول لك - لأن الله يدافع عن أولياءه ، ولأنه كتب ليغلبن هو ورسله ، ولأنه غالب على أمره ، ولأن الذهب يذهب جفاء ً،وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .
ثم تقول يا أستاذ عبد الله : إن السلفية تعمل بمبدأ درأ المفاسد ، يا أستاذ عبد الله مبدأ درأ المفاسد هو مبدأ العقلاء ، وليس السلفية وحدها ، أنت نفسك لو سُئلت لماذا كتبت هذا المقال القنبلة ؟ سَتزعُم أنك كتبته درءاً لمفسدة أخطر رجل على مصر ، وقد أظهرت إحدى كراماتك - وما أكثرها - حين شققت عن صدره ، وتأكدت أنه يكذب ، ومع ذلك فلو ثبت أنه يكذب - وهو لم يفعلها والله حسيبه - لكن هب أنه ثبت أنه يكذب - فقد فعلها في أحد المواطن الثلاثة التي رُخِص فيها بالكذب .
أما عن قولك أن وفاء وكاميليا لم تُسْلِما ، فلن أناقشك فيه ، لأن في جعبتي ما يغنينى ، سلمنا أنهما لم تُسْلِما ، فقد صرح شنودة أنهما محتجزتان ، وعلم القاصي والداني من سَلْمَهُا إلى الكنيسة ، فهل (نتعشم) أن يفيض حماسك بعضاً من قطراته ، لتخلصهما كامرأتين ، نصرانيتين ، لهما حقوق ؟
أما فيما يخص فتاوى الشيخ الجليل التي تكلمت فيها وطعنت ، فأقول لك : ثبت العرش ثم انقش ،
أولاً: بأي حق تتكلم يا فضيلة الأستاذ عبد الله كمال في دين الله ؟ هل حصَلَّت شهادة شرعية ؟ بالطبع لا ، فالشيخ ياسر مع كونه طبيباً ، فهو أيضا حاصل على ليسانس شريعة من الأزهر - ما علينا - ليس معك شهادة شرعية ، ربما أجازك شيوخ ، وعلماء ؟ هل أجازك أحد ؟ بالطبع لا ، فالشيخ ياسر أجازه العشرات ، طيب هل راجعت فتاوى الشيخ ياسر على أقوال النبي صلى الله عليه وسلم ، وصحابته الكرام ، وأقوال الأئمة الأربعة ، فوجدته مخالفا لهم ، أو شذ عنهم ؟ شوف يا أستاذ عبد الله : نحن نتحداك أن تثبت أن حرفاً واحداً من كلام ( أخطر رجل ضد مصر ، أو أبو الخطر كما كنيته ) مخالفاً لأقوال علماء الإسلام ، ونحن ندعوك إن كنت تريد الحق فعلاً ، ندعوك أن تشكل لجنة شرعية يختارها علماء الأزهر الشريف ، وتراجع كل فتاوى السلفيين في مصر ، فإن كان فيها ما يخالف الإسلام الموجود في كتب الأزهر، فإني أعدك أن يصمت السلفيون للأبد !! فهل تقبل التحدي ؟؟
نحن نتحداك يا أستاذ عبد الله أن تثبت ذلك ، ندعوك إلى مناظرة على رؤوس الأشهاد ، أو مباهلة على أعين الناس . فهل تقبل ؟
يا أستاذ عبد الله ألا يكون الدكتور ياسر برهامى وسطياً تنويرياً إلا إذا عظم الصليب ، وأفتى بمعانقته للهلال ؟ أليست هناك وسيلة لحماية جناب الوحدة الوطنية إلا بهدم جناب التوحيد ؟
يا أستاذ عبد الله : الدكتور ياسر برهامى حين أفتى بحرمة التفجيرات أفتى بما يعتقد أنه الدين ، وحين حرم رفع الهلال مع الصليب ، أفتى بما يراه ديناً ، أيضا ، وهذا وإن دل فإنما يدل على كمال الإنصاف ، ورجوح عقل هذا الشيخ الفاضل .
يا أستاذ عبد الله ، الشيخ ياسر برهامى وأمثاله هم خط الدفاع الأول ضد كل فكر منحرف ، وتوجه تخريبي ، ولو لم يستوعبوا طاقة الملايين بعد الفنية العسكرية ، وأسيوط ، والمنصة ، لكان هناك شكل آخر لهذه الطاقة ، يا أستاذ عبد الله الجهات الأمنية التي تحرضها على المشايخ ، أعلم منك ، ومن أمثالك ، بقدر هؤلاء ، ويحترمونهم ، ويعرفون أهميتهم ، ويطلبون مساعدتهم في المدلهمات ، وحين تطيش أحلام الشباب .
ورغم هذا يا أستاذ عبد الله ، أنا أتفق معك أن الدكتور ياسر برهامى هو أخطر رجل لكنه ليس ضد مصر ، بل ضد نخبة السوء التي أنْفَقّت عشرات السنينِ ، ومليارات الجنيهات ، وأنتجت خِطَطاً شيطانية ، وحيلاً إبليسيه ، لتصرف الناس عن دينها ، وحين ظنت هذه النخبة أنها حققت مرادها ، وتهيأت - كابن سلول- للبس التاج ، وقع الحق وبطل ما كانوا يعملون ، ظهر الفتية الذين آمنوا بربهم ، فأتوا على مشروع نخبة السوء من القواعد ، فيالها من مرارة ، ويالها من حسرة ، صدمة تفقد المرء صوابه ، وتجعله يهرف بما لا يعرف ، وينطلق قي رغبة عمياء في الانتقام .
أنا لن أفعل مثلك ، فأقول ياسر برهامى أشرف رجل في مصر ، لأنني رجل أعي ما أقول ، ولا أتألى على ربى ، لكنى أحسب أن الدكتور ياسر برهامى ورفاق دربه الشريف ، من أشرف رجال الدنيا ، وأنبلها ، وأعقلها ، وأنهم جبال رواسي ، يحفظ الله بلادنا بهم . وآه لو جالستهم ، وآه لو رافقتهم ، وآه لو صادقتهم ، الغريب أن تسمع هذا الكم من دروس الشيخ ياسر برهامى فلا تتوقف عند قيام ليل ، ولا صيام نهار، ولا سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا أسماء الله وصفاته ، وتتوقف عند ما توقفت عنده - وصدق القائل :
ومَــنْ يَــكُ ذا فَــمٍ مُـرٍّ مَـريضٍ ** يَجــد مُــرّاً بــه المـاءَ الـزُّلالا
على فكرة فاتنى أن أعرفك بنفسي ، لا تحسبني درويشاً ، أنا أحمل شهادة جامعية في إدارة الأعمال ، ودرست لبعض الوقت بالجامعة الأمريكية ، ودرست بقسم التاريخ بكلية الآداب ، وكنت من أوائل دفعتي ، وكنت أتكلم الروسية ، والفرنسية ، لكن نسيتهما مع طول الزمان ، ركبت المركب ، والغواصة ، والطائرة ، وسيارات الهامر ، وعشت رحلات السفاري والسنوركلينج ، والباربيكيو ، وسافرت كثيراً خارج مصر ، والتقيت بعشرات الأجناس المختلفة ، أعرف : بينك فلويد ، وإيجلز ، وسمعت - غفر الله لى - هوتل كاليفورنيا ، وشاهدت الهارب ، والقلب الشجاع ، وأستطيع أن أكلمك عن هاريسون فورد ، وروبرت دنيرو ، وداستن هوفمان ، ونيكولاس كيدج ـ عافانا الله وإياك ـ ، قرأت لشكسبير ، وتولوستوى وغيرهما ، أركب سيارة موديل العام ، وأملك أنشطة تجارية ، وعلى فكرة ليست من أموال الخليج ، بل من فضل الله ، ثم بعرق ، وكد ، وحفر في الصخر ، - المهم- أردت أن أقول لك أنني لستُ ، وأنا على رأس الأربعين من عمرى ، وبعد كل هذه التجارب الكثيرة ، لست صبياً خدعوه ، وغسلوا رأسه ثم ملئوها من أفكارهم الظلامية ، بل بعد كل هذه التجارب ، لم أشعر أنني وجدت نفسي ، وأرتاح عقلي ، وسكن قلبي ، إلا حين عرفت ياسر برهامى وإخوانه .
يا أستاذ عبد الله أنت لم تذكر شيئاً واحداً يشين الدكتور ياسر برهامى ، ولم تفند فتوى واحدة من فتاواه تفنيداً علمياً ، بل ولا غير علمي .
يا أستاذ عبد الله ، إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر فقل خيراً ، تُجزى به ، أو اصمت عن شرٍ تَسلْم ، ويَسلْمُ الناسُ منك .
يا أستاذ عبد الله ، أتدرى من المفلس يوم القيامة ؟ من أهدى حسناته إلى غيره . وهو المغبون الخاسر.
يا أستاذ عبد الله هل تعرف ما هي الغيبة ؟؟ هي ذكرك أخاك بما يكره ، يا أستاذ عبد الله ، غداً أو بعد غداً ، ستترك غرفة مكتبك ، وحجرة نومك ، وتذهب إلى حفرة ضيقة ، ثم جنة - يا أستاذ عبد الله - أو نار ، فهل ما قلته في الدكتور ياسر برهامى في ميزان حسناتك ، أم في ميزان سيئاتك ؟ هل هي نصيحة أم فضيحة ؟ هل جربت أن تنصحه فى السر فلم يسمع ؟ .
يا أستاذ عبد الله ، ليتك ظللت مقتصراً على ما تُحسن ، ولكنك اندفعت غير ناظرٍ تحت قدميك .
يا سيد عبد الله ، اعذرني في قسوتي ، فإن صنيعك يستحق أكثر من هذا ، وقد جريت معك على المجاملة ما أمكن ، ولو أردت أن أكيل لك بمثل ما كِلْتَ للشيخ إذن لفعلت وأشفيت .
يا أستاذ عبد الله : نحن نمهلك أسبوعاً ، و أمامك واحدة من ثلاث : أن تُفِسح للشيخ ياسر برهامى مساحة للرد ، أو أن تعتذر عما بدر منك ، أولم يبق إلا السلاح - وليس أي سلاح بل أعظم سلاح في الدنيا - دعاء الأسحار ، وسهام الليل .
إخواني في الله : أمهلوا الأستاذ عبد الله كمال أسبوعاً ينتهي في 25 يناير 2011 فإن لم ينشر الرد ، وإن لم يعتذر ، فعليكم بهذا الدعاء في كل صلاة في الثلث الأخير من الليل : اللهم إن كان عبدك - عبد الله كمال- قال ما قال ، وفعل ما فعل ، ابتغاء وجهك ، ودفاعاً عن الحق ، ونصرة لدينك ، فاغفر له ، ووفقه للصواب ، وإن كان قال ما قال ، وفعل ما فعل طلباً لدنيا ، أو نصرة للباطل ، فعامله بما يستحقه ، اللهم إن كان عبدك ـ ياسر برهامى ـ ، وإخوانه من أولياءك ،وجندك ،وحزبك ، فانصرهم ، وانتقم ممن ظلمهم ، وارفع ذكرهم ، ودافع عنهم ، وارزقهم عز الدنيا، ونعيم الآخرة ، آمين.
وأخيراً :
قال رجلُ لعمرو بن عبيد : إن الأسواري مازال يذكُرك في قصصه بشرٍ ،فقال له عمرو : يا هذا ، ما رعيت حق مجالسة الرجل حيث نقلت إلينا حديثه ، ولا أديت حقي حين أعلمتني عن أخي ما أكره ، ولكن أعلمه أن الموت يعُمنا، والقبر يضْمُنا، والقيامة تجْمَعُنا ، والله - تعالى - يحكم بيننا وهو خير الحاكمين .
- تاريخ النشر: 16 صفر 1432 (20/1/2011)
تعليق