[highlight=#003366:3b923bf802]بسم الله الرحمن الرحيم[/highlight:3b923bf802]
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
[marq=up:3b923bf802]مقالة للشيخ الوالد حسين يعقوب[/marq:3b923bf802]
[highlight=#CC0000:3b923bf802]التشبع بما لم يُعط[/highlight:3b923bf802]
عن أسماء أن امرأةً قالت: يا رسول الله إن لي ضَرَّة، فهل عليَّ جناح إن تشبَّعتُ من زوجي غير الذي يُعطيني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المتشبع بما لم يُعط: كلابِسِ ثوبي زور" [متفق عليه]
فالمتزين بما ليس عنده يتكثر بذلك، ويتزين بالباطل؛ كالمرأة تكون عند الرجل (ولها ضرة) فتدعي من الحظوة عند زوجها أكثر مما عنده، تريد بذلك غيظ ضرتها، والرجل يلبس الثياب المشبهة لثياب الزهاد، يوهم أنه منهم، ويظهر من التخشع والتقشف أكثر مما في قلبه منه.
وهذه خصلة من خصال الجاهلية الشائعة في أوساط الملتزمين!
فتراه يرتدي ثياب أهل العلم، ويظهر معرفته بالأمور التي هو عليم بجهله لها..
تراه يتعالم فيتشدق في الكلام، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه تخلل الباقرة بلسانها" [أبو داود وصححه الألباني]
المتشبع بما لم يُعط:
يظهر ما ليس فيه، ويتقوَّل ما ليس عنده، ويتكبر ويُكثِّر أعماله الصغيرة القليلة، ويفتخر فينسب الفضل لنفسه بعمل لم يقم به أو شارك فيه من بعيد، ليُخمد ذكر صاحبه ويظهر هو.
وهذه الصفة للأسف لا تكون إلا عند ذي النوايا الفاسدة، وهي إن دلت على شيء فإنما تدل على حبه للظهور، وثناء الناس عليه بما لم يفعل، وقد قال الله تعالى: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: 188]
مر بعض السلف بقاصٍ يدعو بسجع فقال له: أعلى الله تتبالغ؟! ادع بلسان الذلة والافتقار، لا بلسان الفصاحة والانطلاق.. قال بعضهم:
لسان فصيح معرب في كلامه فيا ليته في موقف الحشر يسلم
إخوتاه..
لا تغضبوا من إفشاء هذه الأمور؛ فإني والذي نفسي بيده عليكم لحريص، ولكم ناصح أمين، وليس يدفعني لهذا إلا أني أحبكم وأخاف عليكم، ولا أتمنى لكم إلا الجنة، وأسعى معكم ضد هذه التيارات العاتية للنجاة، فأخاف أن نتولى فيستبدل الله قوماً غيرنا {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد: 38]
إخوتاه..
نريد أن نضع أيدينا ونضغط بقوة عل الجرح النازف؛ لنوقف نزيف الدم مهما بلغ الألم، كفانا ما ضاع منا بسبب الهروب من المواجهة الصريحة الصادقة مع أنفسنا، ولو أن هذه الأمور لم تصل لدرجة أن تكون (ظاهرة) واضحة، لكان التداوي فيما بيننا يسيراً أمره، لكن كيف وقد أصبح الأمر مشاهداً ملموساً، يعرفه العامة؟!
أيها الإخوة..
إن بعض الناس عجز عن الحصول على الدنيا بالدنيا؛ فلجأ للحصول عليها من طريق الدين !
لما عجز أن يكون لاعباً مشهوراً، أو فناناً معروفاً، أو حتى مجرماً خطيرا.. جاء ليشتهر عن طريق الدين !
أيها الملتزم..
إن الدين الذي التزمته والطريق الذي سلكته، يريد منك بل يشترط عليك أن تستر نفسك..
ونكران الذات أصل من أصول هذا الطريق، والصدق أصل أوصوله، فكيف يتحرى إنسان- يريد الله ورسوله- الكذب المتعمد، ثم يريد به عرضا من الدنيا، جاهاً أو مالاً.. سبحان الملك !!
كثيرا ما تسمع من (المتشبع بما لم يُعط):
الشيخ فلان صديقي، وتعلمت على يد الشيخ فلان، وتربيت على يد الشيخ فلان، ودرست كتاب كذا، وأحفظ كذا وكذا، وكنت مع.. ، وصحبت.. ، وكان عندي.. ، وأنا أستطيع .. ... إلخ.
وهكذا كما قلت؛ لم يحصل على الدنيا بالدنيا، فجاء ليحصل عليها بالدين !
فإن سألت عن حل المشكلة:
فأولاً: مدافعة أحلام اليقظة (أن يكون كبيراً مرموقاً) وبغض الظهور والتصدر، والزهد في مدح الناس.
ثانياً: أن يعلم خطورة ذلك ولا يفرح به: { لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [آل عمران: 188]
ثالثاً: أن يخشى أن يسقط من عين الله؛ بتباهيه بالكذب ليكبر في أعين الناس؛ أليس قد جاءنا قول الله: " قال الله تعالى أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه" [مسلم]
اللهم ألهمنا رشدنا وقنا شرور أنفسنا، الله إنا نعوذ بك من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا..
تعليق