السؤال : ترى المسيحية أن الله تعالى لا يحتاج أن يقسم بنفسه ولا بشيء من خلقه ، إلا أنه قد جاء مقسما بخلق من خلقه في القرآن ؛ فهل يمكن توضيح تلك النقطة ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
لا بد أن نعلم أن الله تعالى فعال لما يريد ، لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون ، وليس للعبد أن يسأل الرب عن فعله لم فعله ؟ وإنما الواجب عليه أن يفعل ما يأمره الله به ، ولما اعترض إبليس على ربه لما أمره بالسجود لآدم عليه السلام وقال : ( أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا ) الإسراء/ 61 طرده من رحمته .
قال القرطبي رحمه الله :
" لله أن يقسم بما شاء من مخلوقاته من حيوان وجماد ، وإن لم يُعلم وجه الحكمة في ذلك " انتهى من "الجامع لأحكام القرآن" (19 /237)
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" هذا من فعل الله ، والله لا يسأل عما يفعل ، وله أن يقسم سبحانه بما شاء من خلقه ، وهو سائل غير مسئول ، وحاكم غير محكوم عليه " انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (10 /797)
ثانيا :
هذه الأشياء التي أقسم الله بها ، من آياته وأدلة توحيده ، وبراهين قدرته ، وبعثه الأموات ، وإقسامُه بها تعظيم له سبحانه ، وتنبيه للناس إلى ما تدل عليه من أدلة وحدانيته ، وآياته الدالة على عظيم قدرته ، وتمام ربوبيته ، وهذا من تمام إقامة الحجة على عباده ؛ حيث أقسم لهم بتلك المخلوقات العظيمة ليلتفتوا إلى جلال المقسم عليه ، وكون المقسم به دليلا على المقسم عليه .
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
" إِنَّ اللَّهَ يُقْسِمُ بِمَا يُقْسِمُ بِهِ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ لِأَنَّهَا آيَاتُهُ وَمَخْلُوقَاتُهُ . فَهِيَ دَلِيلٌ عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ وَأُلُوهِيَّتِهِ وَوَحْدَانِيِّتِهِ وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَرَحْمَتِهِ وَحِكْمَتِهِ وَعَظْمَتِهِ وَعِزَّتِهِ ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ يُقْسِمُ بِهَا ؛ لِأَنَّ إقْسَامَهُ بِهَا تَعْظِيمٌ لَهُ سُبْحَانَهُ . وَنَحْنُ الْمَخْلُوقُونَ لَيْسَ لَنَا أَنْ نُقْسِمَ بِهَا بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (1 /290)
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" قسم الله بهذه الآيات دليل على عظمته وكمال قدرته وحكمته ، فيكون القسم به الدال على تعظيمها ورفع شأنها متضمنا للثناء على الله عز وجل ، بما تقتضيه من الدلالة على عظمته . وأما نحن ، فلا نقسم بغير الله أو صفاته ؛ لأننا منهيون عن ذلك " انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (10 /798)
وقد فصّل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله الحكمة في قسم الله بمخلوقاته بقوله :
" فإن قيل : ما الفائدة من إقسامه سبحانه مع أنه صادق بلا قسم ؛ لأن القسم إن كان لقوم يؤمنون به ويصدقون كلامه فلا حاجة إليه ، وإن كان لقوم لا يؤمنون به فلا فائدة منه ، قال تعالى : ( ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك ) البقرة / 145 .
أجيب : أن فائدة القسم من وجوه :
الأول : أن هذا أسلوب عربي لتأكيد الأشياء بالقسم ، وإن كانت معلومة عند الجميع ، أو كانت منكرة عند المخاطب ، والقرآن نزل بلسان عربي مبين .
الثاني : أن المؤمن يزداد يقينا من ذلك ، ولا مانع من زيادة المؤكدات التي تزيد في يقين العبد ، قال تعالى عن إبراهيم : ( رب أرني كيف تحي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ) البقرة / 260
الثالث : أن الله يقسم بأمور عظيمة دالة على كمال قدرته وعظمته وعلمه ، فكأنه يقيم في هذا المقسم به البراهين على صحة ما أقسم عليه بواسطة عظم ما أقسم به .
الرابع : التنويه بحال المقسم به ؛ لأنه لا يقسم إلا بشيء عظيم ، وهذان الوجهان لا يعودان إلى تصديق الخبر ، بل إلى ذكر الآيات التي أقسم بها تنويها له بها وتنبيها على عظمها .
الخامس : الاهتمام بالمقسم عليه ، وأنه جدير بالعناية والإثبات " انتهى .
"مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (10 /612-613) .
ثانيا :
أما دعوى النصارى أن ديانتهم "المسيحية" لا ترى حاجة إلى القسم ، وإثارتهم بذلك الشبهة على المسلمين ؛ فقد قلنا من قبل : إن لله الأمر من قبل ومن بعد ، وله سبحانه أن يقسم بما شاء ، ويفعل ما يشاء : ( لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) .
لكن مع ذلك ، لا يحق للنصراني أن يعترض هنا ، ويتحدث عن أمر في دينهم ، وفي كتبهم المقدسة عندهم ، وليس صحيحا أن الله لم يقسم في كتبهم بشيء من مخلوقاته .
فلنقرأ ذلك :
( قَدْ أَقْسَمَ الرَّبُّ بِفَخْرِ يَعْقُوبَ : إِنِّي لَنْ أَنْسَى إِلَى الأَبَدِ جَمِيعَ أَعْمَالِهِمْ ) عاموس 8 : 7
وفي الترجمة المشتركة بين الطوائف المسيحية لنفس الفقرة :
( بجاهِ يَعقوبَ أقسمَ الرّبُّ : لا أنسى عمَلاً مِنْ أعمالِهِم إلى الأبدِ ) .
وهكذا يكون إله البايبل قد أقسم بالسارق والغشاش والزاني ! .. لأن يعقوب سرق النبوة من أخيه "عيسو" (سفر التكوين الإصحاح 27) .. وغش خاله "لابان" في الغنم (سفر تكوين الإصحاح 30 الأعداد [32-43]).. كما أنه كان متزوجا بأكثر من امرأة هما "راحيل" و"ليئة" (وهما أختان !) .. ودخل على جاريتين كانتا لزوجتيه راحيل وليئة وهما "بلهة" و"زلفة" (سفر التكوين الإصحاح 30 العدد 4) و (سفر التكوين الإصحاح 3 الأعداد 9-10) فيعتبر بذلك زانيا بمقياس النصارى ؟!
ونحن المسلمين نجل نبي الله الكريم ، يعقوب عليه السلام ، من إفك الأفاكين ، وكذب الكذابين ، لكننا نقول للقوم :
يرى أحدكم القذاة في عين أخيه ، ولا يرى الجذع في عينه !!
" لا تَدينوا لكي لا تُدانوا ؛ لأنكم بالدينونة التي بها تَدينون : تُدانون ، وبالكيل الذي به تَكيلون : يُكال لكم . ولماذا تنظر القذى الذي في عين أخيك ، وأما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها ؟!! أم كيف تقول لأخيك : دعني أخرج القذى من عينك ، وها الخشبة في عينك ؟!!
يا مرائي ؛ أخرج أولا الخشبةَ من عينك ، وحينئذ تبصر جيدا أن تخرج القذى من عين أخيك!! " [ إنجيل متى 7/1-5] .
هذا إذا كانت في عين أخيك قذاة ؛ فكيف إذا كانت القذاة في عينك أنت ، فتوهمت ـ لملازمتها لك ـ أن في كل شيء تراه قذاة ؟!!
ومَنْ يَكُ ذا فَمٍ مُرٍّ مَرِيضٍ يَجدْ مُرّاً بهِ المَاءَ الزُّلالا
والله تعالى أعلم .
الجواب :
الحمد لله
أولا :
لا بد أن نعلم أن الله تعالى فعال لما يريد ، لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون ، وليس للعبد أن يسأل الرب عن فعله لم فعله ؟ وإنما الواجب عليه أن يفعل ما يأمره الله به ، ولما اعترض إبليس على ربه لما أمره بالسجود لآدم عليه السلام وقال : ( أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا ) الإسراء/ 61 طرده من رحمته .
قال القرطبي رحمه الله :
" لله أن يقسم بما شاء من مخلوقاته من حيوان وجماد ، وإن لم يُعلم وجه الحكمة في ذلك " انتهى من "الجامع لأحكام القرآن" (19 /237)
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" هذا من فعل الله ، والله لا يسأل عما يفعل ، وله أن يقسم سبحانه بما شاء من خلقه ، وهو سائل غير مسئول ، وحاكم غير محكوم عليه " انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (10 /797)
ثانيا :
هذه الأشياء التي أقسم الله بها ، من آياته وأدلة توحيده ، وبراهين قدرته ، وبعثه الأموات ، وإقسامُه بها تعظيم له سبحانه ، وتنبيه للناس إلى ما تدل عليه من أدلة وحدانيته ، وآياته الدالة على عظيم قدرته ، وتمام ربوبيته ، وهذا من تمام إقامة الحجة على عباده ؛ حيث أقسم لهم بتلك المخلوقات العظيمة ليلتفتوا إلى جلال المقسم عليه ، وكون المقسم به دليلا على المقسم عليه .
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
" إِنَّ اللَّهَ يُقْسِمُ بِمَا يُقْسِمُ بِهِ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ لِأَنَّهَا آيَاتُهُ وَمَخْلُوقَاتُهُ . فَهِيَ دَلِيلٌ عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ وَأُلُوهِيَّتِهِ وَوَحْدَانِيِّتِهِ وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَرَحْمَتِهِ وَحِكْمَتِهِ وَعَظْمَتِهِ وَعِزَّتِهِ ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ يُقْسِمُ بِهَا ؛ لِأَنَّ إقْسَامَهُ بِهَا تَعْظِيمٌ لَهُ سُبْحَانَهُ . وَنَحْنُ الْمَخْلُوقُونَ لَيْسَ لَنَا أَنْ نُقْسِمَ بِهَا بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (1 /290)
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" قسم الله بهذه الآيات دليل على عظمته وكمال قدرته وحكمته ، فيكون القسم به الدال على تعظيمها ورفع شأنها متضمنا للثناء على الله عز وجل ، بما تقتضيه من الدلالة على عظمته . وأما نحن ، فلا نقسم بغير الله أو صفاته ؛ لأننا منهيون عن ذلك " انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (10 /798)
وقد فصّل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله الحكمة في قسم الله بمخلوقاته بقوله :
" فإن قيل : ما الفائدة من إقسامه سبحانه مع أنه صادق بلا قسم ؛ لأن القسم إن كان لقوم يؤمنون به ويصدقون كلامه فلا حاجة إليه ، وإن كان لقوم لا يؤمنون به فلا فائدة منه ، قال تعالى : ( ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك ) البقرة / 145 .
أجيب : أن فائدة القسم من وجوه :
الأول : أن هذا أسلوب عربي لتأكيد الأشياء بالقسم ، وإن كانت معلومة عند الجميع ، أو كانت منكرة عند المخاطب ، والقرآن نزل بلسان عربي مبين .
الثاني : أن المؤمن يزداد يقينا من ذلك ، ولا مانع من زيادة المؤكدات التي تزيد في يقين العبد ، قال تعالى عن إبراهيم : ( رب أرني كيف تحي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ) البقرة / 260
الثالث : أن الله يقسم بأمور عظيمة دالة على كمال قدرته وعظمته وعلمه ، فكأنه يقيم في هذا المقسم به البراهين على صحة ما أقسم عليه بواسطة عظم ما أقسم به .
الرابع : التنويه بحال المقسم به ؛ لأنه لا يقسم إلا بشيء عظيم ، وهذان الوجهان لا يعودان إلى تصديق الخبر ، بل إلى ذكر الآيات التي أقسم بها تنويها له بها وتنبيها على عظمها .
الخامس : الاهتمام بالمقسم عليه ، وأنه جدير بالعناية والإثبات " انتهى .
"مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (10 /612-613) .
ثانيا :
أما دعوى النصارى أن ديانتهم "المسيحية" لا ترى حاجة إلى القسم ، وإثارتهم بذلك الشبهة على المسلمين ؛ فقد قلنا من قبل : إن لله الأمر من قبل ومن بعد ، وله سبحانه أن يقسم بما شاء ، ويفعل ما يشاء : ( لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) .
لكن مع ذلك ، لا يحق للنصراني أن يعترض هنا ، ويتحدث عن أمر في دينهم ، وفي كتبهم المقدسة عندهم ، وليس صحيحا أن الله لم يقسم في كتبهم بشيء من مخلوقاته .
فلنقرأ ذلك :
( قَدْ أَقْسَمَ الرَّبُّ بِفَخْرِ يَعْقُوبَ : إِنِّي لَنْ أَنْسَى إِلَى الأَبَدِ جَمِيعَ أَعْمَالِهِمْ ) عاموس 8 : 7
وفي الترجمة المشتركة بين الطوائف المسيحية لنفس الفقرة :
( بجاهِ يَعقوبَ أقسمَ الرّبُّ : لا أنسى عمَلاً مِنْ أعمالِهِم إلى الأبدِ ) .
وهكذا يكون إله البايبل قد أقسم بالسارق والغشاش والزاني ! .. لأن يعقوب سرق النبوة من أخيه "عيسو" (سفر التكوين الإصحاح 27) .. وغش خاله "لابان" في الغنم (سفر تكوين الإصحاح 30 الأعداد [32-43]).. كما أنه كان متزوجا بأكثر من امرأة هما "راحيل" و"ليئة" (وهما أختان !) .. ودخل على جاريتين كانتا لزوجتيه راحيل وليئة وهما "بلهة" و"زلفة" (سفر التكوين الإصحاح 30 العدد 4) و (سفر التكوين الإصحاح 3 الأعداد 9-10) فيعتبر بذلك زانيا بمقياس النصارى ؟!
ونحن المسلمين نجل نبي الله الكريم ، يعقوب عليه السلام ، من إفك الأفاكين ، وكذب الكذابين ، لكننا نقول للقوم :
يرى أحدكم القذاة في عين أخيه ، ولا يرى الجذع في عينه !!
" لا تَدينوا لكي لا تُدانوا ؛ لأنكم بالدينونة التي بها تَدينون : تُدانون ، وبالكيل الذي به تَكيلون : يُكال لكم . ولماذا تنظر القذى الذي في عين أخيك ، وأما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها ؟!! أم كيف تقول لأخيك : دعني أخرج القذى من عينك ، وها الخشبة في عينك ؟!!
يا مرائي ؛ أخرج أولا الخشبةَ من عينك ، وحينئذ تبصر جيدا أن تخرج القذى من عين أخيك!! " [ إنجيل متى 7/1-5] .
هذا إذا كانت في عين أخيك قذاة ؛ فكيف إذا كانت القذاة في عينك أنت ، فتوهمت ـ لملازمتها لك ـ أن في كل شيء تراه قذاة ؟!!
ومَنْ يَكُ ذا فَمٍ مُرٍّ مَرِيضٍ يَجدْ مُرّاً بهِ المَاءَ الزُّلالا
والله تعالى أعلم .