إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

عدل الخلفاء

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [رأي] عدل الخلفاء

    الخلفاء الراشدون هم اممة هذه الامة ونجومها
    كما قال الرسول اصحابي كالنجوم بايهم اقتديتم اهتديتم
    وهم قد ملأوا الدنيا عدلا ونورا وبهم اقتدى الجميع وهذه بعض صور عدلهم الذي اقتدوا به برسولنا صلى الله عليه وسلم
    رياض الجنة : عدل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعدل الخلفاء الراشدين (رضي الله عنهم)

    - أخرج ابن أبي شيبة وأبو سعيد النقاش عن أم سَلَمة (رضي الله عنها) قالت: جاء رجلان من الأنصار يختصمان إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في مواريث قد دَرَسَتْ (مضى عليها زمان) ليس لها بيّنة. فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «إنكم تختصمون إلي، وإنما أقضي برأيي فيما لم ينزل عليّ فيه، فمن قضيت له فيه بحجته يقتطع شيئاً من حق أخيه فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار، يأتي يوم القيامة انتظاماً في عنقه (كالعقد المنظوم المعلق في العنق)» فبكى الرجلان، وقال كل واحد منهما: يار رسول الله، حقي له. فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «أما إذا فعلتما ما فعلتما، فاذهبا، توخّيا الحق، واقتسِما، واستهما، وليحلِّل كل واحد منكما صاحبه».
    - أخرج البيهقي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن أبا بكر الصديق (رضي الله عنه) قام يوم جمعة فقال: إذا كان بالغداة، فأحضروا صدقات الإبل نقسم، ولا يدخل علينا أحد إلا بإذن. فقالت امرأة لزوجها: خذ هذا الخِطام لعل الله يرزقنا جملاً. فأتى الرجل فوجد أبا بكر وعمر (رضي الله عنهما) قد دخلا إلى الإبل فدخل معهما. فالتفت أبو بكر فقال: ما أدخلك علينا؟ ثم أخذ منه الخطام فضربه. فلما فرغ أبو بكر قَسْم الإبل دعا بالرجل فأعطاه الخطام، وقال: استقِدْ. فقال له عمر: واللهِ لا يستقيد، لا تجعلها سنة. قال أبو بكر: فمن لي من الله يوم القيامة؟ فقال عمر: أرضِهِ، فأمر أبو بكر غلامه أن يأتيه براحلة ورحلها وقطيفة وخمسة دنانير، فأرضاه بها.
    - أخرج ابن عساكر، وسعيد بن منصور، والبيهقي عن الشعبي، قال: كان بين عمر وبين أُبَيّ بن كعب (رضي الله عنهما) خصومة. فقال عمر: اجعل بيني وبينك رجلاً، فجعلا بينهما زيد بن ثابت (رضي الله عنه) فأتياه، فقال عمر: أتيناك لتحكم بيننا، وفي بيته يؤتى الحَكَم. فلما دخلا عليه وسّع له زيد عن صدر فراشه فقال: ها هنا أمير المؤمنين، فقال له عمر: هذا أول جَوْر جرت في حكمك، ولكن أجلس مع خصمي، فجلسا بين يديه، فادّعى أُبَيّ وأنكر عمر، فقال زيد لأبيّ: أَعفِ أمير المؤمنين من اليمين، وما كنت لأسألها لأحد غيره، فحلف عمر ثم أقسم: لا يدرك زيد القضاء حتى يكون عمرُ ورجلٌ من عُرْض المسلمين (عامتهم) عنده سواء.

    إذا ذُكِر عمر ذُكر العدل، وإذا ذُكر العدل ذُكر عمر بن الخطاب.



    روى الإمام أحمد بسنده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : "إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ"[1].



    من دلائل اتصاف الفاروق بالعدل أنه لا يخاف في الله لومة لائم، ويقيم الحدود على القريب والبعيد، الحبيب والغريب حتى إنه ليضرب به المثل في ذلك الأمر.



    يقول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: شرب أخي عبد الرحمن بن عمر، وشرب معه أبو سروعة عقبة بن الحارث، ونحن بمصر في خلافة عمر بن الخطاب t فسكرا.



    فلما صحا انطلقا إلى عمرو بن العاص وهو أمير مصر فقالا: طهرنا فإنا قد سكرنا من شراب شربناه.

    قال عبد الله بن عمر: فلم أشعر أنهما أتيا عمرو بن العاص، قال: فذكر لي أخي أنه قد سكر فقلت له: ادخل الدار أطهرك، قال: إنه قد حدث الأمير.



    قال عبد الله: فقلت: والله لا تحلق اليوم على رءوس الناس، ادخل أحلقك وكانوا إذا ذاك يحلقون مع الحد، فدخل معي الدار. قال عبد الله: فحلقت أخي بيدي، ثم جلدهما عمرو بن العاص، فسمع عمر بن الخطاب t بذلك فكتب إلى عمرو: أن ابعث إليّ عبد الرحمن بن عمر على قتب.



    ففعل ذلك عمرو، فلما قدم عبد الرحمن المدينة على أبيه الفاروق عمر t جلده، وعاقبه من أجل مكانه منه، ثم أرسله فلبث أشهرًا صحيحًا، ثم أصابه قدره، فيحسب عامة الناس أنه مات من جلد عمر، ولم يمت من جلده.



    فالفاروق t لا يبالي على من وقع الحق، على ولده أم على غيره من الناس، فهو رجل لا تأخذه في الله لومة لائم، لذلك كان ينهى أهله أشد النهي حذرًا من وقوعهم في مخالفته.



    يقول ابن عمر رضي الله عنهما: كان عمر إذا نهى الناس عن شيء جمع أهله وقال: إني قد نهيت الناس عن كذا وكذا وإنهم إنما ينظرون إليكم نظر الطير إلى اللحم فإن وقعتم وقعوا، وإن هبتم هابوا، وايم الله لا أوتي برجل منكم فعل الذي نهيت عنه إلا أضعفت عليه العقوبة، لمكانه مني فمن شاء فليتقدم ومن شاء فليتأخر[2].


    قمة العدل في عهد عمر t :

    وغزت بعض جيوشه بلاد فارس حتى انتهت إلى نهر ليس عليه جسر فأمر أمير الجيش أحد جنوده أن ينزل في يوم شديد البرد لينظر للجيش مخاضة يعبر منها، فقال الرجل: إني أخاف إن دخلت الماء أن أموت.



    دخل الرجل الماء وهو يصرخ: يا عمراه يا عمراه، ولم يلبث أن هلك فبلغ ذلك عمر وهو في سوق المدينة، فقال: يا لَبَيَّكَاه يا لَبَّيْكَاه، وبعث إلى أمير ذلك الجيش فنزعه، وقال: لولا أن تكون سنة لقدت منك، لا تعمل لي عملاً أبدًا.



    يقول فضيل بن زيد الرقاشي رحمه الله: وقد كان غزا على عهد عمر بن الخطاب t سبع غزوات: بعث عمر جيشًا، فكنت في ذلك قلنا: نرجع فنقيل، ثم نخرج فنفتحها.



    فلما رجعنا تخلف عبد من عبيد المسلمين، فراطنهم فراطنوه، فكتب لهم كتابًا في صحيفة، ثم شده في سهم فرمى به إليهم، فخرجوا فلما رجعنا من العشي وجدناهم قد خرجوا، قلنا لهم: ما لكم؟



    قالوا: أمنتمونا. قلنا: ما فعلنا، إنما الذي أمنكم عبد لا يقدر على شيء، فارجعوا حتى نكتب إلى عمر بن الخطاب. فقالوا: ما نعرف عبدكم من حُرِّكم، وما نحن براجعين، إن شئتم فاقتلونا، وإن شئتم ففوا لنا. قال: فكتبنا إلى عمر أن عبد المسلمين من المسلمين، ذمته ذمتهم؟ قال: فأجاز عمر أمانه.



    إن إقامة العدل بين الناس -أفرادًا وجماعات ودولاً- ليست من الأمور التطوعية التي تترك لمزاج الحاكم أو الأمير وهواه، بل إن إقامة العدل بين الناس في الدين الإسلامي تعد من أقدس الواجبات وأهمها، وقد اجتمعت الأمة على وجوب العدل، قال الفخر الرازي: أجمعوا على أن من كان حاكمًا وجب عليه أن يحكم بالعدل.

    وهذا الحكم تؤيده النصوص القرآنية والسنة النبوية، فإن من أهداف دولة الإسلام إقامة المجتمع الإسلامي الذي تسود فيه قيم العدل والمساواة، ورفع الظلم ومحاربته بجميع أشكاله وأنواعه، وعليها أن تفسح المجال وتيسر السبل أمام كل إنسان يطلب حقه أن يصل إليه بأيسر السبل وأسرعها دون أن يكلفه ذلك جهدًا أو مالاً، وعليها أن تمنع أي وسيلة من الوسائل التي من شأنها أن تعيق صاحب الحق من الوصول إليه، وهذا ما فعله الفاروق في دولته، فقد فتح الأبواب على مصارعها لوصول الرعية إلى حقوقها، وتفقد بنفسه أحوالها، فمنعها من الظلم ومنعه عنها، وأقام العدل بين الولاة والرعية، في أبهى صورة عرفها التاريخ فقد كان يعدل بين المتخاصمين ويحكم بالحق ولا يهمه أن يكون المحكوم عليهم من الأقرباء أو الأعداء أو الأغنياء أو الفقراء، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ للهِ شُهَدَاءَ بِالقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة: 8].



    لقد كان الفاروق قدوة في عدله، فأسر القلوب وبهر العقول، فالعدل في نظره دعوة عملية للإسلام به تفتح قلوب الناس للإيمان، وقد سار على ذات نهج الرسول ، فكانت سياسته تقوم على العدل الشامل بين الناس، وقد نجح في ذلك على صعيد الواقع والتطبيق نجاحا منقطع النظير لا تكاد تصدقه العقول حتى اقترن اسمه بالعدل، وبات من الصعب جدا على كل من عرف شيئا يسيرا من سيرته أن يفصل ما بين الاثنين، وقد ساعده على تحقيق ذلك النجاح الكبير عدة أسباب ومجموعة من العوامل منها:



    1- أن مدة خلافته كانت أطول من مدة خلافة أبي بكر بحيث تجاوزت عشر سنوات في حين اقتصرت خلافة أبي بكر على سنتين وعدة شهور فقط.



    2- أنه كان شديد التمسك بالحق حتى إنه كان على نفسه وأهله أشد منه على الناس كما رأينا.



    3- أن فقه القدوم على الله كان قويًّا عنده لدرجة أنه كان في كل عمل يقوم به يتوخى مرضاة الله قبل مرضاة الناس، ويخشى الله ولا يخشى أحدًا من الناس.



    4- أن سلطان الشرع كان قويًّا في نفوس الصحابة والتابعين بحيث كانت أعمال عمر تلقى تأييدًا وتجاوبًا وتعاونًا من الجميع.
    عدل عمر بن الخطاب مع الجميع :

    في موطأ الإمام مالك بسنده عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ اخْتَصَمَ إِلَيْهِ مُسْلِمٌ وَيَهُودِيٌّ، فَرَأَى عُمَرُ أَنَّ الْحَقَّ لِلْيَهُودِيِّ، فَقَضَى لَهُ، فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ: وَاللَّهِ لَقَدْ قَضَيْتَ بِالْحَقِّ. فَضَرَبَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِالدِّرَّةِ، ثُمَّ قَالَ: وَمَا يُدْرِيكَ؟ فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ: إِنَّا نَجِدُ أَنَّهُ لَيْسَ قَاضٍ يَقْضِي بِالْحَقِّ إِلاَّ كَانَ عَنْ يَمِينِهِ مَلَكٌ وَعَنْ شِمَالِهِ مَلَكٌ يُسَدِّدَانِهِ، وَيُوَفِّقَانِهِ لِلْحَقِّ مَا دَامَ مَعَ الْحَقِّ، فَإِذَا تَرَكَ الْحَقَّ عَرَجَا وَتَرَكَاهُ[3].



    وكان t يأمر عماله أن يوافوه بالمواسم، فإذا اجتمعوا قال:



    أيها الناس إني لم أبعث عمالي عليكم ليصيبوا من أبشاركم، ولا من أموالكم، إنما بعثتهم ليحجزوا بينكم، وليقسموا فيئكم بينكم، فمن فُعل به غير ذلك فليقم، فما قام أحد إلا رجل واحد قام فقال: يا أمير المؤمنين إن عاملك ضربني مائة سوط. قال: فيم ضربته؟ قم فاقتص منه. فقام عمرو بن العاص فقال: يا أمير المؤمنين إنك إن فعلت هذا يكثر عليك ويكون سنة يأخذ بها من بعدك. فقال: أنا لا أقيد، وقد رأيت رسول الله يقيد من نفسه قال: فدعنا فلنرضه، قال: دونكم فأرضوه. فاقتدى منه بمائتي دينار كل سوط بدينارين ولو لم يرضوه لأقاده t.



    وعن أنس أن رجلاً من أهل مصر أتى عمر بن الخطاب فقال: يا أمير المؤمنين عائذ بك من الظلم قال: عذت معاذًا. قال: سابقت ابن عمرو بن العاص فسبقته، فجعل يضربني بالسوط ويقول: أنا ابن الأكرمين. فكتب عمر إلى عمرو يأمره بالقدوم ويقدم بابنه معه، فقدم فقال عمر: أين المصري؟ خذ السوط فاضرب فجعل يضربه بالسوط ويقول عمر: اضرب ابن الأكرمين. قال أنس: فضرب، فوالله لقد ضربه، ونحن نحب ضربه، فما أقلع عنه حتى تمنينا أنه يرفع عنه، ثم قال عمر للمصري: ضع السوط على صلعة عمرو. فقال: يا أمير المؤمنين إنما ابنه الذي ضربني وقد استقدت منه. فقال عمر لعمرو: مذ كم تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟ قال: يا أمير المؤمنين لم أعلم ولم يأتني[4].



    لقد قامت دولة الخلفاء الراشدين على مبدأ العدل وما أجمل ما قاله ابن تيمية: إن الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة ولو كانت مسلمة.. بالعدل تستصلح الرجال وتستغزر الأموال.



    وأما مبدأ المساواة الذي اعتمده الفاروق في دولته، فيعد أحد المبادئ العامة التي أقرها الإسلام قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13].



    إن الناس جميعًا في نظر الإسلام سواسية، الحاكم والمحكوم، الرجال والنساء، العرب والعجم، الأبيض والأسود، لقد ألغى الإسلام الفوارق بين الناس بسبب الجنس أو اللون أو النسب أو الطبقة، والحكام والمحكومون كلهم في نظر الشرع سواء، وجاءت ممارسة الفاروق لهذا المبدأ خير شاهد.


    مبدأ المساواة في عهد عمر بن الخطاب :t


    هذه بعض المواقف التي جسدت مبدأ المساواة في دولته:

    لم يقتصر مبدأ المساواة في التطبيق عند خلفاء الصدر الأول على المعاملة الواحدة للناس كافة، وإنما تعداه إلى شئون المجتمع الخاصة، ومنها ما يتعلق بالخادم والمخدوم، فعن ابن عباس أنه قال: قدم عمر بن الخطاب حاجًّا، فصنع له صفوان بن أمية طعامًا، فجاءوا بجفنة يحملها أربعة، فوضعت بين يدي القوم يأكلون وقام الخدام فقال عمر: أترغبونه عنهم؟ فقال سفيان بن عبد الله: لا والله يا أمير المؤمنين، ولكنا نستأثر عليهم، فغضب عمر غضبًا شديدًا، ثم قال: ما لقوم يستأثرون على خدامهم، فعل الله بهم وفعل. ثم قال للخادم: اجلسوا فكلوا، فقعد الخدام يأكلون، ولم يأكل أمير المؤمنين.



    ومن صور تطبيق المساواة بين الناس ما قام به عمر عندما جاءه مال فجعل يقسمه بين الناس، فازدحموا عليه، فأقبل سعد بن أبى وقاص يزاحم الناس، حتى خلص إليه، فعلاه بالدّرّة وقال: إنك أقبلت لا تهاب سلطان الله في الأرض، فأحببت أن أعلمك أن سلطان الله لن يهابك. فإذا عرفنا أن سعدًا كان أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأنه فاتح العراق، ومدائن كسرى، وأحد الستة الذين عينهم للشورى؛ لأن رسول الله مات وهو راض عنهم، وأنه كان يقال له: فارس الإسلام، عرفنا مبلغ التزام عمر بتطبيق المساواة.



    وكما رأينا أن عمرو بن العاص، أقام حد الخمر على عبد الرحمن بن عمر بن الخطاب، يوم كان عامله على مصر. ومن المألوف أن يقام الحد في الساحة العامة للمدينة، لتتحقق من ذلك العبرة للجمهور، غير أن عمرو بن العاص أقام الحد على ابن الخليفة في البيت، فلما بلغ الخبر عمر كتب إلى عمرو بن العاص: من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى العاص بن العاص: عجبت لك يا ابن العاص ولجرأتك عليّ، وخلاف عهدي. أما إني قد خالفت فيك أصحاب بدر عمن هو خير منك، واخترتك لجدالك عني وإنفاذ مهدي، فأراك تلوثت بما قد تلوثت، فما أراني إلا عازلك فمسيء عزلك، تضرب عبد الرحمن في بيتك، وقد عرفت أن هذا يخالفني؟ إنما عبد الرحمن رجل من رعيتك، تصنع به ما تصنع بغيره من المسلمين. ولكن قلت: هو ولد أمير المؤمنين وقد عرفت أن لا هوادة لأحد من الناس عندي في حق يجب لله عليه، فإذا جاءك كتابي هذا، فابعث به في عباءة على قتب حتى يعرف سوء ما صنع. وقد تم إحضاره إلى المدينة وضربه الحد جهرًا (روى ذلك ابن سعد، وأشار إليه ابن الزبير، وأخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن ابن عمر مطولاً).



    فهكذا نرى المساواة أمام الشريعة في أسمى درجاتها، فالمتهم هو ابن أمير المؤمنين، ولم يعفه الوالي من العقاب، ولكن الفاروق وجد أن ابنه تمتع ببعض الرعاية، فآلمه ذلك أشد الألم، وعاقب واليه -وهو فاتح مصر- أشد العقاب وأقساه. وأنزل بالابن ما يستحق من العقاب، حرصًا على حدود الله، ورغبة في تأديب ابنه وتقويمه.


    بين عمر t وجبلة بن الأيهم :

    من الأمثلة التاريخية الهامة التي يستدل بها المؤلفون على عدم الهوادة في تطبيق المساواة، ما فعله عمر مع جبلة بن الأيهم وهذه هي القصة:



    كان جبلة آخر أمراء بني غسان من قبل هرقل وكان الغساسنة يعيشون في الشام تحت إمرة دولة الروم، وكان الروم يحرضونهم دائمًا على غزو الجزيرة العربية، وخاصة بعد نزول الإسلام. ولما انتشرت الفتوحات الإسلامية، وتوالت انتصارات المسلمين على الروم، أخذت القبائل العربية في الشام تعلن إسلامها فبدا للأمير الغساني أن يدخل الإسلام هو أيضًا، فأسلم وأسلم ذووه معه.



    وكتب إلى الفاروق يستأذنه في القدوم إلى المدينة، ففرح عمر بإسلامه وقدومه، فجاء إلى المدينة وأقام بها زمنًا والفاروق يرعاه ويرحب به، ثم بدا له أن يخرج إلى الحج، وفي أثناء طوافه بالبيت الحرام وطئ إزاره رجل من بني فزارة فحله، وغضب الأمير الغساني لذلك -وهو حديث عهد بالإسلام- فلطمه لطمة قاسية هشمت أنفه، فأسرع الفزاري إلى أمير المؤمنين يشكو إليه ما حل به، فأرسل الفاروق إلى جبلة يدعوه إليه، ثم سأله فأقر بما حدث، فقال له عمر: ماذا دعاك يا جبلة لأن تظلم أخاك هذا فتهشم أنفه؟ فأجاب بأنه قد ترفق كثيرًا بهذا البدوي وأنه لولا حرمة البيت الحرام لقتله، فقال له عمر: لقد أقررت، فإما أن ترضي الرجل، وإما أن أقتص له منك.



    وزادت دهشة جبلة بن الأيهم لكل هذا الذي يجري وقال: وكيف ذلك وهو سوقة وأنا ملك. فقال عمر: إن الإسلام قد سوى بينكما. فقال الأمير الغساني: لقد ظننت يا أمير المؤمنين أن أكون في الإسلام أعز مني في الجاهلية. فقال الفاروق: دع عنك هذا فإنك إن لم تُرضِ الرجل اقتصصت له منك. فقال جبلة: إذًا أتَنَصّر. فقال عمر: إذا تنصرت ضربت عنقك، لأنك أسلمت فإن ارتددت قتلتك.



    وهنا أدرك جبلة أن الجدال لا فائدة منه، وأن المراوغة مع الفاروق لن تجدي، فطلب من الفاروق أن يمهله ليفكر في الأمر، فأذن له عمر بالانصراف، وفكر جبلة بن الأيهم ووصل إلى قرار، وكان غير موفق في قراره، فقد آثر أن يغادر مكة هو وقومه في جنح الظلام، وفر إلى القسطنطينية، فوصل إليها متنصرًا، وندم بعد ذلك على هذا القرار أشد الندم.



    فلما بعث عمر رسولاً إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام أجابه إلى المصالحة على غير الإسلام, فلما أراد العود قال له هرقل: أَلَقِيتَ ابن عمك هذا الذي ببلدنا؟ يعني جبلة. قال: ما لقيته. قال: ألقه، ثم ائتني أعطك جوابك.



    فذهب رسول عمر إلى باب جبلة، فإذا عليه من القهارمة والحجاب والبهجة وكثرة الجمع مثل ما على باب هرقل. قال الرسول: فدخلت عليه فرأيت رجلاً أصهب اللحية ذا سبال، وكان عهدي به أسود اللحية والرأس، فنظرت إليه فأنكرته فإذا هو قد دعا بسحالة الذهب فذرها في لحيته حتى عُدَّ أصهب، وهو قاعد على سرير قوائمه أربعة أسودٍ من ذهب، فلما عرفني رفعني معه على السرير، وجعل يسألني عن المسلمين فذكرت له خيرًا، وقلت له: قد تضاعفوا أضعافًا على ما تعرف. فقال: وكيف تركت عمر بن الخطاب؟ قلت له: بخير. فأغمه ذلك.



    وانحدرتُ عن السرير فقال: لِمَ تأبى الكرامة التي أكرمناك بها؟ قلت: إن رسول الله نهى عن هذا قال: نعم، ، ولكن نق قلبك من الدنس ولا تبال على ما قعدت. فلما صلى على النبي طمعت به فقلت: ويحك يا جبلة ألا تسلم وقد عرفت الإسلام وفضله؟ فقال: أَبَعْدَ ما كان مني؟ قلت: نعم، فعل ذلك رجل من بني فزارة أكثر مما فعلت ارتد عن الإسلام وضرب وجوه الإسلام بالسيف، ثم رجع إلى الإسلام، فقُبل ذلك منه، وخلفته بالمدينة مسلمًا. قال: ذرني من هذا إن كنت تضمن لي أن يزوجني عمر ابنته، ويوليني الأمر بعده رجعت إلى الإسلام. فضمنت له التزويج، ولم أضمن الأمر، فأومأ إلى خادم بين يديه فذهب مسرعًا فإذا خدم قد جاءوا يحملون الصناديق فيها الطعام فوضعت ونصبت موائد الذهب وصحاف الفضة، وقال لي: كل. فقبضت يدي وقلت: إن رسول الله نهى عن الأكل في آنية الذهب والفضة. قال: نعم، ، ولكن نَقِ قلبك وكل فيما أحببت. فأكل في الذهب والفضة، وأكلت في الخلبخ، فلما رفع بالطعام جيء بطساس الفضة وأباريق الذهب.



    فقال: اغسل يدك. فأبيت، وغسل في الذهب والفضة، وغسلت في الصفر، ثم أومأ إلى خادم بين يديه، فمر مُسرعًا فسمعت حِسّا، فالتفت فإذا خدم معهم كراسٍ مرصعة بالجوهر، فوضعت عشرة عن يمينه وعشرة عن يساره، ثم سمعت حِسًّا، فالتفت فإذا عشر جوارٍ قد أقبلن مضمومات الشعور متكسرات في الحلي عليهن ثياب الديباج، ولم أر قط وجوهًا أحسن منهن، فأقعدهن على الكراسي، ثم سمعت حِسًّا فالتفت فإذا جارية كأنها الشمس حسنًا على رأسها تاج على ذلك التاج طائر لم أر أحسن منه وفي يدها اليمنى جام فيه مسك وعنبر فتيت، وفي يدها اليسرى جام فيه ماء وردٍ، فأومأت إلى الطائر -أو قال: صفرت بالطائر- فوقع في جام الماورد، فاضطرب فيه، ثم أومأت إليه، فوقع في جام المسك والعنبر، فتمرغ فيه، ثم أومأت إليه -أو قال: صفرت به- فطار حتى نزل على صليب في تاج جبلة، فلم يزل يرفرف حتى نفض ما في ريشه عليه، فضحك جبلة من شدة السرور حتى بدت أنيابه، ثم التفت إلى الجواري اللواتي عن يمينه، فقال لهن: بالله أضحكننا. فاندفعن يغنين بخفق عيدانهن ويقلن -من الكامل:



    لله در عصابة نادمتـهم *** يومًا بجـلق في الزمـان الأول



    يسقون من ورد البريص عليهم *** بردى يصفق بالرحيق السلسل



    أولاد جفنة حول قبر أبيهم *** قبر ابن مارية الجواد المفضـل



    يغشون حتى ما تهر كلابهم *** لا يسألون عن السواد المقبـل



    بيض الوجوه كريمةٌ أحسابهم *** شم الأنوف من الطراز الأول



    قال: فضحك حتى بدت نواجذه ثم قال: أتدري من قائل هذا؟ قلت: لا. قال: قائله حسان بن ثابت شاعر رسول الله .



    ثم التفت إلى الجواري اللواتي عن يساره، فقال لهن: أبكيننا. فاندفعن يغنين بخفق عيدانهن ويقلن -من الخفيف:



    لمن الدار أقفرت بمعان *** بين أعلى اليرموك فالجـمـان



    ذاك مغنى لآل جفنة في الدهر *** محلاً لحادثـات الـزمان



    قد أراني هناك دهرًا مكينًا *** عند ذي التاج مقعدي ومكاني



    ودنا الفصح والولائد ينظمـ *** ـن سراعًا أكلة المرجان



    قال: فبكى حتى جعلت الدموع تسيل على لحيته، ثم قال: أتدري من قائل هذه الأبيات؟ قلت: لا. قال: حسان بن ثابت.



    ثم أنشأ يقول -من الطويل:



    تنصرت الأشراف من أجل لطمةٍ *** وما كان فيها لو صبرت لها ضرر



    تكنفني منها لجاجٌ ونخوةٌ *** وبعت لها العين الصحيحـة بالعــور



    فيا ليت أمي لم تلدني وليتني *** رجعت إلى القول الـذي قاله عـمر



    ويا ليتني أرعى المخاض بقفرةٍ *** وكنت أسيرًا في ربيعة أو مضـر[5]

    ويعود الرسول إلى عمر بن الخطاب t، ثم يرجع إلى جبلة فيجد الناس قد فرغوا من جنازته فيعلم أنه قد كتب عليه الشقاء.



    وفي هذه القصة نرى حرص الفاروق على مبدأ المساواة أمام الشرع، فالإسلام قد سوى بين الملك والسوقة، ولا بد لهذه المساواة أن تكون واقعًا حيًّا وليس مجرد كلمات توضع على الورق أو شعار تردده الألسنة.



    لقد طبق عمر t مبدأ المساواة الذي جاءت به شريعة رب العالمين وجعله واقعًا حيًّا يعيش ويتحرك بين الناس، فلم يتراجع أمام عاطفة الأبوة، ولم ينثن أم ألقاب النبالة، لقد كان ذلك المبدأ العظيم واقعًا حيًّا شعر به كل حاكم ومحكوم، ووجده كل مقهور وكل مظلوم. لقد كان لتطبيق مبدأ المساواة أثره في المجتمع الراشدي فقد أثر الشعور بها على نفوس ذلك الجيل فنبذوا العصبية التقليدية، من الادعاء بالأولوية والزعامة، والأحقية بالكرامة، وأزالت الفوارق الحَسَبية الجاهلية، ولم يطمع شريف في وضيع، ولم ييأس ضعيف من أخذ حقه، فالكل سواء في الحقوق والواجبات، لقد كان مبدأ المساواة في المجتمع الراشدى نورًا جديدًا أضاء به الإسلام جنبات المجتمع الإسلامي، وكان لهذا المبدأ الأثر القوي في إنشائه.



    ومن عدله t عدم تقييده حرية أبي لؤلؤة مع شكه في أمره.



    ومن عدله t عدم قتله للهرمزان مع كونه قاتل البراء ومجزأة؛ لأنه أمنه.



    وحياة عمر بن الخطاب t تمتلئُ بمثل هذه المواقف التي تدل دلالة واضحة على عدله.

    عمر بن عبد العزيز

    عرفت الأمة الإسلامية كلها لعمر بن عبد العزيز مكانته ومنزلته العالية الرفيعة التي بلغها بعدله وورعه وزهده في الدنيا وخوفه من الله تعالى وخشيته منه تعالى ومراقبته له ، وهذا هو الذي جعله ينصف الناس من بعضهم ، ويرد المظالم إلى أهلها ، ويرفع الظلم عن المظلومين ، بل واستبعد الظالمين الذين حكموا فأفسدوا – وإن كلفه ذلك حياته – فأعاد للأمة المسلمة الأمل في الإصلاح والعودة إلى الله تعالى مهما طال زمن الظلم واستعلى الظالمون .

    عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ : دَخَلْنَا عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَقَالَ : صَلَّيْتُمْ ؟ قُلْنَا : نَعَمْ . قَالَ : يَا جَارِيَةُ هَلُمِّي لِي وَضُوءاً مَا صَلَّيْتُ وَرَاءَ إِمَامٍ أَشْبَهَ صَلاَةً بِرَسُولِ اللَّهِ مِنْ إِمَامِكُمْ هَذَا . قَالَ زَيْدٌ : وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ وَيُخَفِّفُ الْقِيَامَ وَالْقُعُودَ


    قال عنه الحافظ الذهبي : الإمام الحافظ ، العلامة المجتهد ، الزاهد ، العابد ، السيد أمير المؤمنين حقًا ، الخليفة الراشد ، أشج بني أمية .

    كان من أئمة الاجتهاد ، ومن الخلفاء الراشدين رحمه الله.

    وقال الذهبي رحمه الله: قد كان هذا الرجل حسن الخَلْق والخُلُق ، كامل العقل ، حسن السمت ، جيد السياسة ، حريصًا على العدل بكل ممكن ، وافر العلم ، فقيه النفس ، ظاهر الذكاء والفهم ، أواهًا ، منيبًا ، قانتًا لله ، حنيفًا ، زاهدًا مع الخلافة ، ناطقًا بالحق مع قلة المعين وكثرة الأمراء الظلمة الذين ملوه وكرهوا محاققته لهم ونقصه أُعطياتهم ، وأخذه كثيرًا مما في أيديهم مما أخذوه بغير حق ، فما زالوا به حتى سقوه السُّمّ فحصلت له الشهادة والسعادة ، وعدّ عند أهل العلم من الخلفاء الراشدين والعلماء العاملين ، وكان رحمه الله فصيحًا مفوهًا ، قال : إنه ليمنعني من كثير الكلام مخافة المباهاة .


    قال حرملة : سمعت الشافعي يقول : الْخُلَفَاءُ خَمْسَةٌ : أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِىٌّ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رضي الله عنهم
    قال ابن سعد: كان ثقة مأمونًا، له فقه وعلم وورع، وروى حديثًا كثيرًا وكان إمام عدل رحمه الله ورضي عنه.


    قال عمرو بن ميمون : كانت العلماء مع عمر بن عبد العزيز تلامذة.


    قال ابن عيينة : قال رجل لعمر بن عبد العزيز : جزاك الله عن الإسلام خيرًا ، قال عمر : بل جزى الله الإسلام عني خيرًا.

    وذلك لأن عمر بن عبد العزيز من ثمار الإسلام ، ولولا الإسلام ما كان عمر بن عبد العزيز .


    على قدر معرفة المسلم لربه يكون خوفه من الله تعالى ومراقبته له ، وعلى قدر خوف المسلم من ربه ومراقبته له تكون استقامته على منهج الله .

    ولقد كان عمر بن عبد العزيز خائفًا وجلاً من ربه تبارك وتعالى .

    وإذا تعجب الناس من عدل عمر وزهده في الدنيا وتضحيته بنفسه ، فإن ذلك من ثمار خوفه من الله تعالى وثقته بوعد الله ووعيده .

    دخل عليه أحد العباد وهو محمد بن كعب القرظي، فجعل
    ينظر في وجهه، فإذا هو وجه شاحب، وبدن نحيل، كأن جبال الدنيا قد سقطت عليه،
    فقال: يا عمر ! ماذا دهاك؟ يا عمر ! ما الذي أصابك؟ والله! لقد رأيتك وأنت أجمل فتيان
    قريش تلبس اللين، وتجلس على الوثير، لقد كنت لين العيش، نضر البشرة، والله لو
    دخلت عليك يا عمر في غير هذا المكان ما عرفتك، فتنهد عمر باكياً، قال: أما إنك لو
    رأيتني بعد ثلاث ليالٍ من دفني وقد سقطت العينان، وانخسفت الوجنتان، وعاثت في
    الجوف الديدان، وتغير الخدان، لكنت لحالي من حالي أشد إنكاراً وأشد عجباً! فبكى
    محمد وبكى عمر وبكى الناس حتى ضج المجلس بالبكاء. جعل الهم هماً واحداً،
    فرضي الله عنه ورحمه، إنه هم الآخرة وكفى، عرف عمر نفسه، وعرف همه وغايته،
    فرحم الله امرأً عرف قدر نفسه، لقد كسدت عنده بضاعات المنافقين والشعراء والدجالين، وقام عنده سوق المساكين والفقراء، يدخل عليه أحد الشعراء فيمدحه،
    فلم يجد سماعاً لما يقول، ولم يعطه عمر شيئاً من أموال المسلمين، فخرج وهو
    يقول: رجل يعطي الفقراء ويمنع الشعراء.



    قال مكحول : لو حلفت لصدقت ما رأيت أزهد ولا أخوف لله من عمر ابن عبد العزيز .

    قالت فاطمة امرأة عمر بن عبد العزيز : إنه يكون في الناس من هو أكثر صلاة وصيامًا من عمر بن عبد العزيز ، وما رأيت أحدًا أشد فَرَقًا من ربه منه ، كان إذا صلى العشاء قعد في مسجده ثم يرفع يديه فلم يزل يبكي حتى تغلبه عينه ، ثم ينتبه ، فلا يزال يدعو رافعًا يديه يبكي حتى تغلبه عينه ، يفعل ذلك ليلة أجمع .

    قيل لعمر بن عبد العزيز : لو جعلت على طعامك أمينًا لا تغتال ، وحارسًا إذا صليت وتنح عن الطاعون ، قال : اللهم إن كنت تعلم أني أخاف يومًا دون يوم القيامة فلا تؤمن خوفي .

    قال عمر لزوجته : عندك درهم أشتري به عنبًا ؟ قالت : لا ، قال : فعندك فلوس ؟ قالت : لا ، أنت أمير المؤمنين ولا تقدر على درهم ؟! قال : هذا أهون من معالجة الأغلال في جهنم

    كان عمر بن عبد العزيز قبل أن يكون أميرًا للمسلمين الوزير الصديق لسلمان بن عبد الملك ، فلما ولي سلمان بن عبد الملك استعان بعمر بن عبد العزيز فكان نعم الوزير الصادق الأمين .

    قال سعيد بن عبد العزيز : ولي سلمان فقال لعمر بن عبد العزيز : يا أبا حفص إنا ولينا ما قد ترى ، ولم يكن لنا بتدبيره علم ، فما رأيت من مصلحة العامة ، فمر به ، فكان من ذلك عزل عمال الحَجّاج وأقيمت الصلوات في أوقاتها بعد ما كانت أميتت عن وقتها ، مع أمور جليلة كان يسمع من عمر فيها .


    كان سلمان بن عبد الملك يستمع إلى تذكير عمر بن عبد العزيز.

    قال سعيد بن عبد العزيز : حج سلمان بن عبد الملك فرأى الخلائق بالموقف ، فقال لعمر : أما ترى هذا الخلق الذي لا يحصي عددهم إلا الله ؟ فقال عمر : هؤلاء اليوم رعيتك وهم غدًا خصماؤك ، فبكى سلمان بكاءً شديدًا .


    عن عبد العزيز بن يزيد الأيلي قال : حج سلمان بن عبد الملك ومعه عمر بن عبد العزيز ، فأصابهم برق ورعد حتى كادت تنخلع قلوبهم ، فقال سلمان : يا أبا حفص ، هل رأيت مثل هذه الليلة قط ، أو سمعت بها ؟ قال : يا أمير المؤمنين : هذا صوت رحمة الله ، فكيف لو سمعت صوت عذاب الله ؟!



    على قدر يقين المسلم بوعد الله تعالى يكون ورعه وتعففه عن الدنيا ، حتى أنه يترك كثيرًا من المباحات فضلاً عن الشبهات خوفًا من أن تعوقه عن هدفه ومقصده وما تعلقت به نفسه ، وكان عمر مثلاً أعلى للزهاد الذين ارادتهم الدنيا فاستعلوا عليها وأعرضوا عنها .

    قال عمر بن مهاجر : إن عمر بن عبد العزيز كان تسرج عليه الشمعة ما كان في حوائج المسلمين ، فإذا فرغ أطفأها وأسرج عليه سراجه .

    قال مالك : أتى عمر بن عبد العزيز بعنبرة فأمسك على أنفه مخافة أن يجد ريحها وعنه أنه سد أنفه وقد أُحضر مسكُ من الخزائن .


    كان عمر بن عبد العزيز يعلم أنه مسئول بين يدي الله تعالى عن رعيته وأن الأمر جد لا هزل فيه، لذلك أعد للمسألة ألف حساب وحساب، فأسهر ليله في مصلحة الأمة، وبات باكيًا يسأل ربه التوفيق والهداية والرحمة .

    قال عبد الله بن عمر : خطبهم عمر فقال : لست بخير أحد منكم ، ولكني أثقلكم حملاً .

    قال عمر بن ذر: إن مولى لعمر بن عبد العزيز قال له بعد جنازة سلمان بن عبد الملك: ما لي أراك مغتمًا ؟ قال: لمثل ما أنا فيه فليُغتم ليس أحد من الأمة إلا وأنا أريد أن أوصل إليه حقه غير كاتب لي فيه ولا طالبه مني.

    عن عطاء بن أبي رباح قال : حدثتني فاطمة امرأة عمر بن عبد العزيز أنها دخلت عليه فإذا هو في مصلاه يده على خده سائلة دموعه ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، ألشيء حدث ؟ قال : يا فاطمة ، إني تقلدت أمر أمة محمد فتفكرت في الفقير الجائع ، والمريض الضائع العاري المجهود ، والمظلوم المقهور ، والغريب المأسور ، والكبير ، وذي العيال في أقطار الأرض ، فعلمت أن ربي سيسألني عنهم ، وأن خصمهم دونهم محمد فخشيت ألا تثبت لي حجة عند خصومته فرحمت نفسي فبكيت.


    على قدر يقين المسلم بوعد الله تعالى لعباده الصالحين في الآخرة يكون زهده في الدنيا ورغبته في الجنة وما أعده الله لأوليائه وأهل طاعته ، لأن الدنيا لا تقارن بالآخرة .

    وهذا هو عمر بن عبد العزيز أرادته الدنيا ولم يردها ، وأقبلت عليه وأدبر عنها ، وهكذا يفعل العقلاء الموقنون بوعد الله تعالى .

    قال مالك بن دينار : الناس يقولون عني زاهد ، إنما الزاهد عمر بن عبد العزيز الذي أتته الدنيا فتركها .
    قال عمر بن عبد العزيز : إن نفسي تواقة وإنها لم تعط من الدنيا شيئًا إلا تاقت إلى ما هو أفضل منه ، فلما أعطيت ما لا أفضل منه في الدنيا تاقت إلى ما هو أفضل منه – يعني الجنة – .



    إن رجلاً كعمر بن عبد العزيز زهد في الدنيا ومتاعها ، وانتصر على نفسه هذا الانتصار العظيم ، وحرم نفسه من كثير مما أباحه الله تعالى تورعًا ، هل تتعلق نفسه بالأمور التافهة التي لا وزن لها ، ولا يتعلق بها إلا أصحاب النفوس الضعيفة تكميلاً لنقصهم ؟ وماذا لو قال الناس في إنسان ما يعلم الله خلافه هل ينفعه ذلك عند الله تعالى ؟

    قال رجل لعمر بن عبد العزيز : إن من قبلك كانت الخلافة لها زينًا، وأنت زين الخلافة، فأعرض عنه.


    إن المسلم الذي انتصر على نفسه فزهد في الدنيا وحرم نفسه كثيرًا من طيباتها رغبة في رضا الله تعالى والجنة ، وخوفًا من أن يؤدي به المباح إلى الوقوع في الشبهات فيقطعه عن هدفه وغايته ، هل يبيع آخرته بدنيا غيره ؟ فالشقي من باع آخرته بدنياه ، وأشقى منه من باع آخرته بدنيا غيره ، نعوذ بالله تعالى من الخذلان .

    فلقد وقف عمر بن عبد العزيز يوم أن كان وزيرًا لسلمان بن عبد الملك وفوضه في أن يشير عليه بمصلحة العامة ، وفعلاً بادر بخلع عمال الحَجّاج بن يوسف إلى غير ذلك من وجوه الإصلاح التي تمت في عهد سلمان رحمه الله، فماذا ينتظر منه بعد أن صار الأمر إليه بإذن الله ؟ وهل يبيع دينه بدنيا أقاربه ؟ فهذا أمر لا يتوقع ممن هو أقل من عمر بن عبد العزيز الخائف من ربه تعالى الذي نصره الله على نفسه .

    قال الفريابي : حدثنا الأوزاعي أن عمر بن عبد العزيز جلس في بيته وعنده أشراف بني أمية ، فقال : أتحبون أن أولي كل رجل منكم جندًا من هذه الأجناد ؟ قال له رجل منهم : لِمَ تعرض علينا ما لا تفعله ؟ قال : ترون بساطي هذا ؟ إني لأعلم أنه يصير إلى بلى ، وإني أكره أن تدنسوه علي بأرجلكم ، فكيف أوليكم ديني ؟ وأوليكم أعراض المسلمين وأبشارهم تحكمون فيهم ؟ هيهات هيهات ، قالوا : لِمَ ؟ أما لنا قرابة ؟ أما لنا حق ؟ قال : ما أنتم وأقصى رجل من المسلمين عندي في هذا الأمر إلا سواء إلا رجل حبسه على طولُ شُقَّه .


    وقف عمر بن عبد العزيز من أبنائه موقف المنصف ، فما أعطاهم حقًا لغيرهم ، وما منعهم حقًا لهم ، وإنما نظر إليهم نظرته لعامة المسلمين ، وما ترك لهم دينارًا ولا درهمًا ، وهذا أمر لا يستغرب من الخائف الوجل عمر بن عبد العزيز وهو قادم على مولاه أرحم الراحمين .

    قيل لعمر بن عبد العزيز في مرضه الذي مات فيه : تركت أولادك فقراء لا دينار لهم ولا درهم ، فقال : لم أمنعهم حقًا لهم ولم أعطهم حقًا لغيرهم ، وإنما ولدي أحد رجلين : إما مطيع لله فالله يكفيه وهو يتولى الصالحين ، وإما عاص لله فلا أبالي علاما وقع.


    إن للاستقامة على منهج الله تعالى أثر في سلوك المسلم وتصرفاته ونطقه، فالله تعالى يتولى الصالحين برعايته ، ويوفقهم بعنايته ، ويسدد خطاهم، ويقذف الحكمة على ألسنتهم .

    قال تعالى : ( إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ) (لأعراف:196)

    وقال تعالى : ( يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ) (البقرة:269)

    وأي صالح هذا الذي نتحدث عنه ، إنه عمر بن عبد العزيز.

    كتب عمر بن عبد العزيز إلى رجل يقول له : إنك إن استشعرت ذكر الموت في ليلك ونهارك بُغِض إليك كل فان ، وحُبب إليك كل باق ، والسلام .


    قال الأوزاعي : كتب إلينا عمر بن عبد العزيز رسالة لم يحفظها غيري وغير مكحول : أما بعد ، فإنه مَن أكثر ذكر الموت رضي من الدنيا باليسير ، ومَن عدّ كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما ينفعه ، والسلام .

    كتب عمر بن عبد العزيز إلى بعض عماله : أما بعد ، فإن دعتك قدرتك على الناس إلى ظلمهم فاذكر قدرة الله تعالى عليك ، ونفاد ما تأتي وبقاء ما يأتون إليك .


    وبعد حياة حافة بالعطاء عدل غاب عن أعين الناس وأسماعهم حتى ظنوا أن لا عودة له أعاده عمر بن عبد العزيز بتوفيق الله تعالى .

    قضى على ظلم الولاة من بني أمية الذي لم يسلم منه حتى أصحاب رسول الله ، وأولي الفضل ، وأصحاب المآثر الحميدة ، والأيادي البيضاء على الأمة ، حتى ظن الناس أنه لا مفر ولا خلاص من هذا الظلم .

    فإذا بالعبد الزاهد التقي النقي الورع يرفع بتوفيق الله تعالى عن الناس هذا الظلم، ويوقف كل إنسان عند حده، وما ذلك إلا لأنه أعطى من نفسه القدوة العملية الصالحة .

    ولكن هل كان ينتظر من عبدة الدينار والدرهم أصحاب النفوس الخبيثة والقلوب المريضة أن يصبروا على عدل عمر الذي فوت عليهم ما ليس لهم بحق أكثر من ذلك ؟ لقد امتدت الأيدي الآثمة التي لا يعشق أصحابها إلا الظلم ولا يعبئون إلا بمصالحهم الخاصة بغض النظر عن كونهم وصلوا إلى ما يريدون من طرق مشروعة أو غير مشروعة فحرمت الأمة من عدل افتقدته لأزمنة طويلة ، فدبرت ما دبرت للخليفة الراشد والإمام العادل ليلقى عمر بن عبد العزيز ربه شهيدًا إن شاء الله تعالى .

    قال المغيرة بن حكيم : قلت لفاطمة بنت عبد الملك : كنت أسمع عمر بن عبد العزيز في مرضه يقول : اللهم أخف عليهم أمري ولو ساعة ، قالت : قلت له : ألا أخرج عنك فإنك لم تنم ، فخرجت ، فجعلت أسمعه يقول : ( تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) (القصص:83)


    مرارًا ، ثم أطرق فلبثت طويلاً لا يُسمع له حس ، فقلت لوصيف : ويحك ، انظر ، فلما دخل ، صاح فدخلت فوجدته ميتًا قد أقبل بوجهه على القبلة ووضع إحدى يديه على فيه والأخرى على عينيه ، سمعها جرير بن حازم منه .

    مع زوجته حين تولى الخلافه :-

    استدعى زوجته فاطمة، بنت الخلفاء، أخت الخلفاء، زوجة
    الخليفة فهي إبنة عبدالملك بن مروان وأخت سلمان ومسلمة أبناء عبدالملك بن مروان وزجة عمر بن عبدالعزيز ..فقال لها: يا فاطمة، إني قد وليت أمر أمة محمد عليه الصلاة والسلام
    ..وتعلمون أن الخارطة التي كان يحكمها عمر ..تمتد من السند شرقًا إلى الرباط
    غربًا ..ومن تركستان شمالاً، إلى جنوب أفريقيا جنوبًا ..قال: فإن كنت تريدين
    الله والدار الآخرة ..فسلّمي حُليّك وذهبك إلى بيت المال ..وإن كنت تريدين
    الدنيا، فتعالي أمتعك متاعاً حسنًا ..واذهبي إلى بيت أبيك، قالت: لا والله،
    الحياة حياتُك، والموت موتُك ..وسلّمت متاعها وحليّها وذهبها، فرفَعَه إلى
    ميزانية المسلمين.

    مع بناته في حياته :-

    دخل عمر بن عبدالعزيز ذات ليلة على بناته ، فلما أحسسنه ، وضعن أيديهن على أفواههن ، ثم تبادرن الباب ( خرجن من الباب مسرعات )


    فقال للحاضنة : ما شأنهن ؟

    قالت : إنه لم يكن عندهن شيء يتعشينه إلا عدس وبصل ، فكرهن أن تشم ذلك من أفواههن .

    فبكى عمر ، ثم قال لهن : يا بناتي ما ينفعكن أن تعشّيْن الألوان ( أصناف الطعام ) ويُمَرُ بأبيكُن إلى النار .

    قال : فبكين حتى علت أصواتهن ، ثم انصرف .


    ماذا بقي لأبنائه بعد وفاته :-

    قال ولده عبد العزيز: سألني أبو جعفر المنصور: كم كانت غلة أبيك حين أفضت الخلافة إليه؟ قلت: أربعين ألف دينار، قال: فكم كانت حين توفي؟ قلت: أربعمائة دينار ولو بقي لنقصت.وذلك لأنّه لم يرتزق من بيت المسلمين شيئاً.



    توفي وعمره تسعًا وثلاثين سنة ونصف

    مما قرأت له وراق لي كثيراً

    أقول حيال هذه القصة العجيبة الرهيبة ماقاله الزاهد أبي العتاهية في شعره :-

    إلـهـي لا تعذبني فإنـي ... مقـر بالـذي قد كان مـنّي
    فـمالـي حيـلة إلاّ رجائي ... لعفوك إن عفوت وحسن ظني
    وكم من زلة لي في البرايا ... وأنت عليّ ذو فضل ومــنّ
    إذا فـكّرت في قدمي عليها ... عضضت أناملي وقرعت سني
    يظن الناس بي خيرا وإنّـي ... لشرّ النّاس إن لم تعف عنّـي


    _________________________________

    كل إبن أنثى و إن طالت سلامته ... يوماً على آلة حدباء محمولاً
    قال تعالى(رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء،رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ ) قال تعالى(وَﻗُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغيرًا) موقع مداد

  • #2
    رد: عدل الخلفاء

    بورك فيك اخي الحبيب وجزيت خيرا
    مالي والدنيا انما انا راحل منها

    تعليق


    • #3
      رد: عدل الخلفاء

      عدل عمر بن الخطاب ( قصة صلب اليهودي)
      اخرج ابو عبيد , والبيهقي , وابن عساكر عن سويد بن غفله رضي الله عنه قال : لما قدم عمر رضي الله عنه الشام قام اليه رجل من اهل الكتاب وقال : يا امير المؤمنين , ان رجلا من المؤمنين صنع بي ما ترى , فقال : - وهو مشجوج مضروب – فغضب عمر رضي الله عنه غضبا شديدا , ثم قال لصهيب رضي الله عنه : انطلق وانظر من صاحبه فأتني به . فانطلق صهيب فاذا هو عوف بن مالك الاشجعي رضي الله عنه , فقال : ان امير المؤمنين قد غضب عليك غضبا شديدا فأت بمعاذ بن جبل فليكلمه , فاني اخاف ان يعجل اليك . فلما قضى عمر الصلاة قال : اين صهيب ؟ أجئت بالرجل ؟ قال : نعم . وقد كان عوف اتى معاذا فاخبره بقصته , فقام معاذ فقال:
      يا امير المؤمنين , انه عوف بن مالك فاسمع منه ولا تعجل اليه . فقال له عمر : ما لك ولهذا ؟ قال : يا امير المؤمنين , رايت هذا يسوق بامراه مسلمه على حمار , فنخس بها ليصرع بها , فلم يصرع بها , فدفعها فصرعت فغشيها او اكب عليها . فقال له : ائتني بالمراه فتصدق ما قلت . فاتاها عوف فقال له ابوها وزوجها : ما اردت الى صاحبتنا قد فضحتنا . فقالت : والله لاذهبن معه , فقال ابوها وزوجها : نحن نذهب فنبلغ عنك . فأتيا عمر رضي الله عنه فاخبره بمثل قول عوف , وامر عمر باليهودي فصلب . وقال : ما على هذا صالحناكم , ثم قال : ايها الناس , اتقو الله في ذمة محمد , فمن فعل منهم هذا فلا ذمة له . قال سويد : فذلك اليهودي اول مصلوب رايته في الاسلام . كذا قي الكنز (2\299) . واخرجه الطبراني عن عوف بن مالك رضي الله عنه مختصرا . قال الهيثمي ( 6\13) : ورجاله رجال الصحيح . انتهى .

      تعليق


      • #4
        رد: عدل الخلفاء

        جزاكم الله خيرا
        كانوا أهلا لخلافة رسول الله بحق

        تعليق


        • #5
          رد: عدل الخلفاء

          شهادة علي بن أبي طالب في أبي بكر


          قد ذكر ابن الجوزي بسنده في كتابه "التبصرة": «لما قبض أبو بكر الصديق وسجى عليه ارتجت المدينةرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فجاء علي بن أبي طالب مستعجلاً مسرعاً مسترجعاً فقال: "رحمك الله يا أبا بكر كنت إلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنيسه ومستراحه وثقته وموضع سره ومشاورته وكنت أول القوم إسلاماً وأخلصهم إيماناً وأشدهم لله يقيناً وأخوفهم لله وأعظمهم غناء في دين الله عز وجل وأحوطهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحد بهم على الإسلام وأحسنهم صحبة وأكثرهم مناقب وأفضلهم سوابق وأرفعهم درجة وأقربهم وسيلة وأشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم هدياً وسمتاً وأشرفهم منزلة وأرفعهم عنده وأكرمهم عليه فجزاك الله عن رسوله وعن الإسلام أفضل الجزاء... فإنا لله وإنا إليه راجعون رضينا عن الله عز وجل قضاءه وسلمنا له أمره والله لن يصاب المسلمون بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثلك أبداً كنت للدين عزا وحرزا وكهفا فألحقك الله عز وجل بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم ولا حرمنا أجرك ولا أضلنا بعدك" فسكت الناس حتى قضى كلامه ثم بكوا حتى علت أصواتهم وقالوا: صدقت يا ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم.» بالبكاء كيوم قبض

          تعليق


          • #6
            رد: عدل الخلفاء

            اخواني في الله جزيتم خيرا
            اخي في الله تيمي مرحبا بكم عضوا جديدا ونرجو ان تجد في غرفة الحوار اخوة له وتشاركنا بموضوعاتك وارائك البناءة
            اخي في الله محمد مختار جزاكم الله خيرا لاثراء الموضوع بالموضوعات التي وضعتها عن سيدنا عمر وابو بكر كانوا فعلا نجوما في سماء الدنيا يا رب اهدنا واقدنا بهم وجعلهم لنا أءمة نقتدي بهم بعد سيدنا محمد وجعلهم قدوة لجميع شباب المسلمين ليهتدوا بهم
            سبحانك اللهم وبحمدك نستغفرك ونتوب اليك
            سبحان الله وبحمده عدد خلقه وزنة عرشة ومداد كلماته
            لا اله الا اله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير
            قال تعالى(رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء،رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ ) قال تعالى(وَﻗُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغيرًا) موقع مداد

            تعليق

            يعمل...
            X