لا تنضم لـ"حزب النور"!
كتب الشيخ/ إيهاب الشريف
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
ففي ظل نسيم "الحرية" الذي نعمت به بلادنا بعد "الثورة" نشأت بعض الأحزاب متعددة المشارب، متنوعة الأهداف، وكان منها ما يُدعى: "حزب النور".
يدعو مؤسسو هذا الحزب إلى ما يلي:
1- الشريعة الإسلامية هي المرجعية العليا، والمنهج الشامل والضابط للاجتهادات: السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية،
ليس الذي نعتقد هو الدولة الدينية التي تدعي "الحق الإلهي" في الحكم، وتحتكر وحدها الصواب في الرأي، ولا النموذج اللا ديني المتطرف؛ الذي يريد اقتلاع الأمة من جذورها، ويرون التداول السلمي للسلطة، وإقامة دولة عصرية تنتهج الأسس الحديثة، وتحترم حقوق التعايش، وتحافظ على مكونات الأمة على أساس الحق والعدل والحرية، وكفالة ممارسة الشعب حقه في تكوين أحزاب سياسية، وضمان حريتها، وكذلك اختيار الشعب نوابه وحكامه، ومراقبتهم ومحاسبتهم.
.................................................. ................................................
2- ضرورة النهوض بالأمة وتطوير جميع جوانب الحياة من: اقتصاد، وتعليم، وصحة، وغيرها،
وكذلك الاهتمام بالبحث العلمي وتطبيق المواصفات القياسية، والاهتمام بالتطور الزراعي، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وتنمية الرقعة الزراعية، والثروة الحيوانية، والسمكية، والاستفادة من التقدم التكنولوجي، وتشجيع الاستثمار بالضوابط التي تحقق مصلحة "مصر"، وتحافظ على ملكية التراب المصري، والشركات الوطنية.
.................................................. .................................................
3- يرى المؤسسون أنه لا يمكن فصل كفاية وكفاءة منظومة الخدمات عن التقدم الاقتصادي للبلاد،
ويرون ضرورة وضع خطة طويلة الأمد؛ للإصلاح المنشود في كل المجالات، مع الاستفادة من خبرات الدول الصديقة والمتميزة، وسد العجز في الخبرات عن طريق البعثات الخارجية، والتعليم عن بعد.
.................................................. ................................................
4- ضمان حقوق جميع أفراد الأسرة التي كفلها الإسلام، وحق الشباب في الشعور بملكيتهم وانتمائهم لوطنهم،
وتحويل طاقاتهم الجبارة لطاقة بناء تُلحق "مصر" بمقعد الريادة، مع كفالة حرية التفكير والتعبير، والعمل، والعلاج، والحياة الكريمة.
هذه بعض أهدافهم كما أعلنوا عنها، والبقية -كذلك- مِن طالعها؛ وجد فيها مثل هذه وأكثر مما يصب في النهاية في مصلحة الشعب والوطن، وفي ضوء هذه الأهداف جعلتُ عنوان مقالي: "لا تنضم لحزب النور". أعني بذلك أنه لا يكفي أن تقتصر على انضمامك لهذا الحزب الذي لو قلتُ: "لم تر مصر في تاريخها مثله"؛ لما كنت مبالغًا!
إنه حزب كل مسلم في مواجهة التيارات العلمانية والليبرالية التي تريد للبلاد أن تسير إلى الهاوية، ومَن يطالع مبادئ وأهداف هذه الأحزاب؛ يظهر له بجلاء صحة ما أقول، ويكفي التدليل على أنهم يريدون منا أن نحذوا حذو الغرب في جميع المجالات، وهل حصَّل الغرب خيرًا أو شيئًا في جانب القيم والأخلاق؟! وهل يرعى الغرب فضيلة؟!
لا تقل لي: لكنه متطور.. متقدم في جانب التقنية والتقدم؛ لأنني سأرد: وما المانع أن نكون نحن أفضل منهم في هذا الجانب مع تمسكنا بديننا؟!
.................................................. ......................................
ومتى كان هذا الدين سببًا للتأخر والتخلف؟!
إنني أتحدى أن يأتي منصف بدليل واحد يتضح فيه أن التمسك بالدين يؤدي بالدولة إلى التخلف والرجعية من التاريخ القديم والحديث على حد سواء.
أتحدى مَن يثبت أن الالتزام بأحكام الإسلام -لا الأديان المحرفة كما كانت أوروبا في "العصور الوسطى"- ينتهي بنا إلى التخلف عن ركب الحضارة!
وأين من يقول بذلك من الحضارة الإسلامية الزاهرة في "العصور الوسطى" وقد كانت أوروبا -حينها ووقتها- تتخبط في الظلام؟! بل كانوا يرسلون البعثات إلى بلادنا؛ لينهلوا من معين العلم والمعرفة!
وهذه رسالة تدل على ما أقول أيام العز.. فقد وصلت رسالة إلى خليفة المسلمين في "الأندلس" أيام التقدم العظيم التي كانت عليه حضارتنا.
.................................................. .................................................. ....
جاء في هذه الرسالة: "من جورج الثاني ملك "إنجلترا" و"السويد" و"النرويج" إلى الخليفة ملك المسلمين في "الأندلس" صاحب العظمة "هشام الثالث" الجليل المقام.
بعد التعظيم والتوقير، فقد سمعنا عن الرقي العظيم الذي تتمتع بفيضه الصافي معاهد العلم والصناعات في بلادكم العامرة، فأردنا لأبنائنا اقتباس نماذج من هذه الفضائل؛ لتكون بداية حسنة في اقتفاء أثركم؛ لنشر العلم في بلادنا التي يسودها الجهل من أركانها الأربعة.
ولقد وضعنا ابنة شقيقنا الأمير "دوبابت" على رأس بعثة من بنات أشراف "إنجلترا" للتشرف بلثم أهداب العرش "بتقبيل أياديكم" تعظيمًا لتكون مع زميلاتها موضوع عناية عظمتكم، وحماية الحاشية الكريمة، وعطف من اللواتي سيتوفرن على تعليمهن، ولقد أرفقت مع ألأميرة الصغيرة هدية متواضعة لمقامكم الجليل، أرجو التكرم بقبولها مع التعظيم والحب الخالص "من خادمكم المطيع جورج. م. أ.". فكيف يخوفوننا هذه الأيام من التحاكم إلى الإسلام؟!
وهذه دعوة مني لكل منصف أن يقرأ كتابًا بعنوان: "هكذا كانوا يوم كنا"، وقد رسم بالأدلة والتواريخ صورة حية للطب والعلم والحضارة في الدولة المسلمة، وكيف اهتم المسلمون بذلك، وقارنه بما كانت عليه دول "أوروبا" في ذلك الوقت، وكذا كتاب: "من روائع حضارتنا" د. "مصطفى السباعي" علَّ مهزومًا يعتز بدينه وحضارته، ومهزوزًا يفيق من غفلته، طالعوا تاريخ المسلمين في "الأندلس" وكم كان فيها من جامعات نقلت عنها "أوروبا" جل علومها وحضارتها، ولا يشك عاقل أو منصف أن الشريعة كانت هي المحكمة في هذه الأزمان، فكيف جمعوا بين تحكيم الشرع والتقدم والتطور؟!
.................................................. ............................................
تعليق