الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقبيل اجتياح اليهود لفلسطين عام 1948م قام العلماء والمخلصون من أبناء هذه الأمة بحشد الطاقات وجمع التبرعات لمواجهتهم، ومِن هؤلاء أديب العرب الشيخ "علي الطنطاوي" -رحمه الله-، فقد كان يدور على التجار والأغنياء يجمع المال لشراء الأسلحة وتجهيز العتاد، وذات مرة وقد توجه لبعضهم يطلب منه المساعدة وجد نفورًا وإعراضًا، بل سبًا واستهزاءً، فما كان من الشيخ إلا الرد الجميل الحسن.. ثم كان ما كان من أمر اليهود، وكل شيء بقدر، لكن أُمرنا بالأخذ بالأسباب مع كمال التوكل على الله -عز وجل-.
وتمر الأيام ويقوم المخلصون من أبناء فلسطين وغيرها بإعداد معسكرات لإيواء المشردين، وبينما الشيخ يدور عليهم يوزع الأطعمة -وكان رغيفًا خاويًا خاليًا مما يستساغ به- امتدت إليه يدٌ بلا وجه! إذ أشاح صاحبها بوجهه عن الشيخ؛ كي لا يراه، ولما أصر الشيخ وتفرس تذكر أنه يعرفه وقد رآه من قبل، لكنه لا يدري: أين ومتى؟
ثم عاد إلى الرجل، وسأله: هل التقينا من قبل؟! ولح الشيخ فسرد الرجل له القصة، ويا له من موقف!
إن هذه القصة إخوتي تتكرر من بعضنا.. ربما وهو لا يشعر إذ يُدعى إلى البذل لرفعة هذا الدين وحماية الشريعة؛ فيأبى ويعرض، أو يتكاسل ويتعلل، ولا يدري أنه وأمثاله قد يكون سببًا للهزيمة واجتياح العلمانيين لحصون الشريعة، بل ولطمس معالمها.
أيها الكرام: إننا اليوم في أحرج أيام تمر على أمتنا منذ سنين عديدة، إن خطر هذه الأيام يتمثل في ترقب العالم -لا أقول العرب فحسب- لما سيجري في مصر، وكيف سيكون المستقبل الآتي؟ وبناءً على ذلك تتحدد الكثير من القرارات، وتتضح الكثير من المعالم؛ سيما في البلاد الثورية.
الكل ينتظر.. الكل يترقب..
وفي الداخل: الكل يتنافس.. والكل يتصارع؛ لتكون له الغلبة، وليكون هو المنتصر.. فماذا نحن فاعلون؟!
أيها الملتزمون..
يا أصحاب المنهج السلفي المعصوم..
يا كل مسلم..
ليس عندنا وقت نضيعه، إن الدقيقة فارقة، إن خطوة في هذه الأيام ربما تتحدد على إثرها معالم سنوات مقبلة، وإن قرارًا في هذه الأيام قد تشقى أو تسعد به أجيال قادمة.. فهل أنتم منتبهون؟!
إن ما نحن فيه أشبه ما يكون بحلم، لكنه -وبفضل الله- صار واقعًا.. قد كان حقًا حلمًا فجعله الله حقيقة، كنا نحلم بحرية الدعوة وحرية الكلمة والتحرك لدين الله -عز وجل-، الله فرزقنا الله ذلك وأكثر.. فماذا نحن فاعلون؟!
كنا وقبيل الثورة نتناصح: (اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا) (الأعراف:128)، تلك النصيحة الغالية التي نصحها نبي الله موسى -عليه السلام- لقومه بعد أن شكوا إليه ما هم فيه من الحبس والاضطهاد، والتقتيل، والتشريد (اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا)، ما أشبه حالنا بحالهم! (إِنَّ الأَْرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (الأعراف:128).
لقد عوَّض الله صبر العلماء والدعاة والصادقين خيرًا، فما أضاع ثواب ثباتهم وتحملهم للسجن والتعذيب..
وما أضاع ثمرة حركتهم الدءوب لخدمة الدين، وما أضاع صبر تلك السنوات العجاف، بل جعل المآل إلى خير، وكأن الأمر "شيء من الابتلاء، وشيء من التمكين" لماذا؟!
لينظر كيف يفعلون؟ نعم.. قد أهلك عدوهم وأورثهم الكثير مما لم يكونوا يحلمون به (عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) (الأعراف:129)، آية والله شديدة لو استشعرنا معناها.. لو استحضرنا نظر الله إلينا واطلاعه علينا: (فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ)؟
كم ساعة تبذلون؟ وكم من الأموال تنفقون؟ وكيف تتحركون؟ إنها فرصة ربما لن تتكرر إلا بعد سنين وسنين، فماذا أنتم فاعلون؟!
إخواني: إن عاقبة التقصير في خدمة الدين -سيما هذه الأيام- لا يكون أثرها علي وعليك فحسب، بل على أجيال قادمة! فلربما سطر العلمانيون الدستور فشقيت البلاد وشقي العباد -نعوذ بالله من الشقاء-؛ فهل من وقفة صدق نستخرج معها كل ممكن؛ لخدمة هذا الدين ورفع راية الشريعة؟فهتا
ما دوري ودورك نحو حملة الانتخابات المقبلة؟ وماذا أعددنا؟
كم من المال دفعت ليصل النور لأولادي وأولادك وسائر العالمين؟
إنها مصر.. مصر القيادة.. مصر الإمامة.. مصر وما أدارك ما مصر! وهذه هي صورتها تتحدد بعد أيام.. فماذا أنت فاعل؟!
ها هي عدة أحزاب سلفية قد ظهرت على الساحة، وتضمنتها "قائمة حزب النور" في تحالف إسلامي سلفي المرجع -بفضل الله تعالى-، وهي أشد ما تكون إلى دعمك أخي، فهل أنت مستعد؟
وهل تريد للشريعة أن تطبق؟
أوَيكون ذلك بغير عمل وبذل؟!
وهذه أفكار سريعة أصفها بين يدي إخواني؛ لعل الله أن ينفع بها، وقد وضعت حزب النور مثلاً لذلك، فعلى المنوال فانسج:
1- اجتهد في دعوة غيرك للانضمام لحزب النور مِن أهلك وأسرتك، ومَن تعرفهم.
2- اجمع ما تستطيع من أصوات تؤيد مرشحي حزب النور، ودَوِّن الأسماء في كشف مع رقم الهاتف ورقم الهوية ممن هم في نطاق دائرتك، ومَن كان خارجها فأرشده لما يفعله.
3- اشترك مع إخوانك في تعريف الناس بحزب النور وأهدافه.
4- ادع من تستطيع ومن تعرف لحضور المؤتمرات الخاصة بحزب النور.
5- لا تبخل بما تستطيع من المال لسد احتياجات الحملة الانتخابية واستحضر ثواب ذلك عند الله في التمكين لشرعه -سبحانه-.
6- تعاون مع إخوانك في أنشطة الحزب المختلفة، وكن دومًا في الخدمة.
7- تكلم مع الناس عن حزب النور ومبادئه وأهدافه واستعن "بالمقال - المطوية - السي دي".
8- أحسن إلى الناس وكن في خدمتهم، فالإحسان يأسر الإنسان.
9- مجموعات التقوية فوق 18 سنة، والشركات والمؤسسات.. وغير ذلك من التجمعات بيئة خصبة لجمع الأصوات.
10- أرسل عدة رسائل لدعوة الغير للتعاون على البر والتقوى.
وقبل ذلك ومعه لا نغفل أثر الدعاء والاستقامة، فالأرض لله يورثها من يشاء والعاقبة للمتقين، ووالله إن بذْلنا وسائر أعمالنا وجهودنا لا تخلو من نقص وتقصير، وإنه التوفيق مِن الله، وإلا فالهاوية!
ولا تنسَ أخي (فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ).
نسأل الله أن يستعملنا ولا يستبدلنا، وأن يدبِّر لنا فإنا لا نحسن التدبير.
بقلم الشيخ
ايهاب الشريف
تعليق