إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

من روائع المقلات القديمه.1( محاورة دينية اجتماعية الجزء الأول )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • من روائع المقلات القديمه.1( محاورة دينية اجتماعية الجزء الأول )




    عبد الرحمن بن ناصر السعدي (1376هـ )
    نشر عام 1367هـ
    هذه صورة محاورة بين رجلين كانا متصاحبين رفيقين مسلمين يدينان الدين الحق، ويشتغلان في طلب العلم جميعاً، فغاب أحدهما عن صاحبه مدة طويلة، ثم التقيا، فإذا هذا الغائب قد تغيَّرت أحواله، وتبدَّلت أخلاقه، فسأله صاحبه عن ذلك، فإذا هو قد تغلبت عليه دعاية الملحدين الذين يدعون لنبذ الدين، ورفض ما جاء به المرسلون، فحاوله [لعلها فحاوره] صاحبه وقلبه، لعله يرجع عن هذا الانقلاب الغريب، فأعيته الحيلة في ذلك، وعرف أن ذلك علة عظيمة، ومرض يفتقر إلى استئصال الداء، ومعالجته بأنفع الدواء، وعرف أن ذلك متوقف على معرفة الأسباب التي حوَّلته، والطرق التي أوصلته إلى هذه الحالة المخيفة، وإلى فحصها وتمحيصها وتخليصها وتوضيحها ومقابلتها بما يضادها ويقمعها، على وجه الحكمة والسداد.

    فقال لصاحبه مستكشفاً له عن الحامل له على ذلك: يا أخي ما هذه الأسباب التي حملتك على ما أرى؟ وما الذي دعاك إلى نبذ ما كنت عليه؟ فإن كان خيرا ًكنت أنا وأنت شريكين، وإن كان غير ذلك فأعرف من عقلك ودينك وأدبك أنني وأنك لا نرضى أن تقيم على ما يضرُّك.

    فأجابه صاحبه قائلاً: لا أكتمك أني قد رأيت المسلمين على حالة لا يرضاها ذوو الهمم العلية؛ رأيتهم في جهل وذلٍّ وخمول، وأمورهم مُدْبرة، وأحوالهم سيئة، وأخلاقهم منحلة، وقد فقدوا روح الدين والدنيا جميعاً، ورأيت في الجانب الآخر هؤلاء الأجانب قد ترقَّوْا في هذه الحياة، وتفننوا في الفنون الراقية والمخترعات العجيبة المدهشة
    والصناعات المتفوقة، فرأيتهم قد دانت لهم الأمم، وخضعت لهم الرقاب، وصاروا يتحكمون في الأمم الضعيفة بما شاؤوا، ويعدونهم كالعبيد والأجراء، فرأيت فيهم العزَّ الذي بهرني، والتفنن الذي أدهشني، فقلت في نفسي: لولا أن هؤلاء القوم هم القوم، وأنهم على الحق، والمسلمون على الباطل لما كانوا على هذا الوصف الذي ذكرت لك، فرأيت أن سلوكي سبيلهم واقتدائي بهم خير لي وأحسن عاقبة، فهذا الذي صيَّرني إلى ما رأيت.

    فقال له صاحبه حين أبدى ما كان خافياً: إذا كان هذا هو السبب الذي حولك إلى ما أرى، فهذا ليس من الأسباب التي يبنى عليها أولو الألباب والعقول عقائدهم وأخلاقهم وأعمالهم ومستقبل أمرهم، فاسمع يا صديقي تمحيص هذا الأمر الذي غرك وحقيقته:
    إن تأخر المسلمين فيما ذكرت ليس ناشئاً عن دينهم، فإنه قد علم كل من له أدنى نظر وبصيرة أن دين الإسلام يدعو إلى الصلاح والإصلاح في أمور الدين وفي أمور الدنيا، ويحث على الاستعداد؛ من تعلم العلوم والفنون النافعة، ويدعو إلى تقوية القوة المعنوية والمادية لمقاومة الأعداء، والسلامة من شرهم وأضرارهم، ولم يستفد أحد منفعة دنيوية – فضلاً عن المنافع الدينية – إلا من هذا الدين، وهذه تعاليمه وإرشاداته قائمة لدينا تنادي أهلها: هلمَّ إلى الاشتغال بجميع الأسباب النافعة التي تعليكم وترقيكم في دينكم ودنياكم.

    أفبتفريط المسلمين تحتجُّ على الدين؟! إن هذا لهو الظلم المبين!

    أليس من قصور النظر، ومن الهوى والتعصب، النظر في أحوال المسلمين في هذه الأوقات التي تدهورت فيها علومهم وأعمالهم وأخلاقهم، وفقدوا فيها جميع مقومات دينهم، وترك النظر إليهم في زهرة الإسلام والدين في الصدر الأول، حيث كانوا قائمين بالدين، مستقيمين على الدين، سالكين كل طريق يدعو إليه الدين، فارتقت أخلاقهم وأعمالهم حتى بلغت مبلغاً ما وصل إليه ولن يصل إليه أحد من الأولين والآخرين، ودانت لهم الدنيا من مشارقها إلى مغاربها، وخضعت لهم أقوى الأمم، وذلك بالدين الحق والعدل والحكمة والرحمة، وبالأوصاف الجميلة التي كانوا عليها؟!
    أليس ضعف المسلمين في هذه الأوقات يوجب لأهل البصائر والنجدة منهم أن يكون جدهم ونشاطهم وجهادهم الأكبر متضاعفاً، ويقوموا بكل ما في وسعهم؛ لينالوا المقامات الشامخة، ولينجوا من الهوة العميقة التي وقعوا فيها؟!

    أليس هذا من أفرض الفرائض وألزم اللازمات في هذا الحال؟
    فالجهاد في حال قوة المسلمين, وكثرة المشاركين فيه، له فضل عظيم يفوق سائر العبادات، فكيف إذا كانوا على هذه الحالة التي وصفت؟ فإن الجهاد لا يمكن التعبير عن فضائله وثمراته، ففي هذه الحال يكون الجهاد على قسمين:
    أحدهما: السعي في تقويم المسلمين، وإيقاظ هممهم، وبعث عزائمهم، وتعليمهم العلوم النافعة، وتهذيبهم بالأخلاق الراقية، وهذا أشق الأمرين، وهو أنفعهما وأفضلهما.
    والثاني: السعي في مقاومة الأعداء، وإعداد جميع العدد القولية والفعلية والسياسية؛ الداخلية والخارجية؛ لمناوءتهم، والسلامة من شرهم!
    أفحين صار الأمر على هذا الوصف الذي ذكرت، وصار الموقف حرجاً، تتخلَّى عن إخوانك المسلمين، وتتخلف مع الجبناء والمخالفين؟ فكيف مع ذلك تنضمُّ إلى حزب المحاربين!.. الله الله يا أخي لا تكن أقل ممن قيل فيهم: {تَعَالَوْاْقَاتِلُواْفِي سَبِيلِاللّهِ أَوِادْفَعُواْ} [آل عمران: 167]. قاتلوا لأجل دينكم، أو ادفعوا لأجل قومكم ووطنكم، لا تكن مثل هؤلاء المنافقين، فأعيذك يا أخي من هذه الحال التي لا يرضاها أهل الديانات، ولا أهل النجدات والمروءات، فهل ترضى أن تشارك قومك في حال عزِّهم وقوة عددهم وعنصرهم، وتفارقهم في حال ذلِّهم ومصائبهم، وتخذلهم في وقت اشتدت فيه الضرورة إلى نصرة الأولياء، وردِّ عدوان الأعداء؟ فهل رأيت قوماً خيراً من قومك، أو شاهدت ديناً أفضل من دينك؟



    فقال المنصوح: الأمر هو ما ذكرت لك، ونفسي تتوق إلى أولئك الأقوام الذين أتقنوا الفنون والصناعات، وترقوا في هذه الحياة.
    فقال له صاحبه وهو يحاوره: رفضت ديناً قيماً كامل القواعد، ثابت الأركان، مشرق البرهان، يدعو إلى كل خير، ويحث على السعادة والفلاح، ويقول لأهله: هلمَّ إلى كلِّ صلاح وإصلاح، وإلى كلِّ خير ونجاح، واسلكوا كلَّ طريق يوصلكم إلى السعادة الدنيوية والأخروية.

    دين مبني على الحضارة الراقية الصحيحة التي بنيت على العدل والتوحيد، وأُسِّست على الرحمة والحكمة والعلم والشفقة وأداء الحقوق الواجبة والمستحبة، وسلمت من الظلم والجشع والأخلاق السافلة، وشملت بظلِّها الظليل وإحسانها الطويل وخيرها الشامل وبهائها الكامل ما بين المشارق والمغارب، وأقرَّ بذلك الموافق والمنصف المخالف، أتتركها راغباً في حضارات ومدنيات مبنية على الكفر والإلحاد، مؤسسة على الطمع والجشع والقسوة وظلم العباد، فاقدة لروح الإيمان ورحمته، عادمة لنور العلم وحكمته؟

    حضارة ظاهرها مزخرف مزوَّق، وباطنها خراب، وتظنها تعمر الموجود، وهي في الحقيقة مآلها الهلاك والتدمير، ألم تر آثارها في هذه الأوقات، وما احتوت عليه من الآفات والويلات، وما جلبته للخلائق من الهلاك والفناء والتدمير؟
    فهل سمع الخلق منذ أوجدهم الله لهذه المجازر البشرية التي انتهى إليها شوط هذه الحضارة نظيراً أو مثيلاً؟
    فهل أغنت عنهم مدنيتهم وحضارتهم من عذاب الله لما جاء أمر ربك، وما زادتهم غير تتبيب؟

    فلا يخدعنك ما ترى من المناظر المزخرفة، والأقوال المموهة، والدعاوى الطويلة العريضة؛ وانظر إلى بواطن الأمور وحقائقها، ولا تغرنك ظواهرها، وتأمل النتائج الوخيمة، والثمرات الذميمة، فهل أسعدتهم هذه الحضارة في دنياهم التي لا حياة لهم يرجون غيرها؟ أما تراهم يتنقلون من شرٍّ إلى شرور؟! ولا يسكنون في وقت إلا وهم يتحفزون إلى شرور فظيعة ومجازر عظيمة؟

    فالقوة والمدنية والحضارة والمادة بأنواعها إذا خلت من الدين الحقِّ فهذه طبيعتها، وهذه ثمراتها وويلاتها، ليس لها أصول وقواعد نافعة، ولا لها غايات صالحة.
    ثم هب أنهم متعوا في حياتهم واستدرجوا فيها بالعز والرئاسة ومظاهر القوة والحياة، فهل إذا انحزت إليهم وواليتهم يشركونك في حياتهم، ويجعلونك كأبناء قومهم؟ كلا والله، إنهم إذا رضوا عنك جعلوك من أرذل خدامهم، وآية ذلك أنك في ليلك ونهارك تكدح في خدمتهم، وتتكلم وتجادل وتخاصم على حسابهم، ولم ترهم رفعوك حتى ساووا معك أدنى قومهم وبني جنسهم!! فالله الله يا أخي في دينك وفي مروءتك وأخلاقك وأدبك!! والله الله في بقية رمقك!! فالانضمام إلى هؤلاء والله، هو الهلاك.
    فقال له المنصوح: لقد صدقت فيما قلت، ولكن لي على هذا المذهب أصحاب مثقفون.

    ولي على هذا الرأي شبيبة مهذبون، قد تعاقدت معهم على التمسك بالإلحاد، واحتقار المستمسكين بدين رب العباد، قد أخذنا نصيباً وافراً من اللذات، واستبحنا ما تدعو إليه النفوس من أصناف الشهوات، فأنَّى لي بمقاطعة هؤلاء السادة الغرر؟ وكيف لي بمباينتهم وقد اتصلت بهم غاية الاتصال؟!

    فالآن يتنازعني داعيان: داعي الحق بعد ما بان سبيله واتضح دليله، وداعي النفس والاتصال بهؤلاء الأصحاب المنافي للحق غاية المنافاة، فكيف الطريق الذي يريحني ويشفيني، وما الذي عن هذا الأمر يسليني؟

    فقال له صاحبه الناصح: ألم تعلم أن من أوجب الواجبات وأكبر فضائل الرجل اللبيب أن يتبع الحق الذي تبين له، ويدع ما هو فيه من الباطل، وخصوصاً عند المنازعات النفسية، والأغراض الدنيوية؛ وأن الموفَّق إذا وقع في المهالك طلب الوسيلة إلى تحصيل الأسباب المنجية؟
    أما علمت أن من نعمة الله على العبد أن يقيض له الناصحين الذين يرشدونه إلى الخير، ويأمرونه بالمعروف وينهونه عن المنكر، ويسعون في سعادته وفلاحه؟ ثم من تمام هذه النعمة أن يُوفَّق لطاعتهم، ولا يتشبه بمن قال الله فيهم: {وَلَكِن لاَّتُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ} [الأعراف: 79].

    ثم اعلم أنه ربما كان الإنسان إذا ذاق مذهب المنحرفين، وشاهد ما فيه من الغي والضلال، ثم تراجع إلى الحق الذي هو حبيب القلوب، كان أعظم لوقعه وأكبر لنفعه! فارجع إلى الحق صادقاً، وثق بوعد الله {إِنَّاللّهَ لاَيُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران: 9].



    فقال المنصوح: لا يخفى عليك يا أخي أن الباطل إذا دخل في القلوب وتمكن منه لا يخرج بسهولة، فأريد أن توضح لي توضيحاً تامًّا بطلان ما عليه هؤلاء الملحدون، فإنهم يقيمون الشبه المتنوعة في ترويج قولهم؛ ليغتر به من لا بصيرة له.

    فقال له الناصح: اعلم أن الحق والباطل متقابلان، وأن الخير والشر متنافيان، وبمعرفة واحد من الضدين يظهر حسن الآخر أو قبحه، فأنبئك على وجه الإجمال والتنبيه اللطيف:

    إذا أردت أن تقابل بين الأشياء المتباينات فانظر إلى أساسها الذي أُسِّست عليه، وإلى قواعدها التي أنبتت عليها، وانظر إلى آثارها ونتائجها وثمراتها المتفرعة عنها، وانظر إلى أدلتها وبراهينها التي بها ثبتت، وانظر إلى ما تحتوي وتشتمل عليه من الصلاح والمنافع ومن المفاسد والمضار، فعند ذلك إذا نظرت لهذه الأمور بفهم صحيح وعقل رجيح، ظهر لك الأمر عياناً.

    فإذا عرفت هذه الأصول؛ فهذا الدين الحقُّ الذي دعت إليه الرسل عموماً، وخاتمهم وإمامهم محمد صلى الله عليه وسلم خصوصاً، قد بُني وأُسِّس على التوحيد والتألُّه لله وحده لا شريك له، حبًّا، وخوفاً، ورجاء، وإخلاصاً، وانقياداً، وإذعاناً لربوبيته، واستسلاماً لعبوديته، قد دلَّ على هذا الأصل الذي هو أكبر جميع أصول الأدلة العقلية والفطرية، ودلَّت عليه جميع الكتب السماوية، وقرَّره جميع الأنبياء والمرسلين وأتباعهم من أهل العلوم الراسخة، والألباب الرزينة، والأخلاق العالية، والآداب السامية؛ كلُّ أولئك اتفقوا على أن الله منفرد بالوحدانية، منعوت بكل صفة كمال، موصوف بغاية الجلال والعظمة والكبرياء والجمال، وأنه ربُّ كلِّ شيء ومليكه، وأنه الخالق الرازق المدبر لجميع الأمور، وأنه منزَّه عن كلِّ صفة نقص وعن مماثلة المخلوقين، وأنه لا يستحق العبادة والحمد والثناء والشكر إلا هو، فالدين الإسلامي على هذا الأصل أُسِّس، وعليه قام واستقام.


    وأما ما عليه أهل الإلحاد، فإنه ينافي هذا الأصل غاية المنافاة؛ فإنه مبني على إنكار البارئ رأساً، فضلاً عن الاعتراف له بالكمال، وعن القيام بأوجب الواجبات، وأفرض الفروض؛ وهو عبوديته وحده لا شريك له.

    فأهل هذا المذهب أعظم الخلق مكابرة وإنكاراً لأظهر الأشياء وأوضحها، فمن أنكر الله فبأي شيء يعترف؟ {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ} [الجاثية: 6] وهؤلاء أبعد الناس عن عبودية الله والإنابة إليه، وعن التخلق بالأخلاق الفاضلة التي تدعو إليها الشرائع، وتخضع لها العقول الصحيحة، ومع خلوِّ قلوبهم من توحيد الله والإيمان به وتوابع ذلك، فهم أجهل الناس، وأقلُّهم بصيرة ومعرفة بشريعة الإسلام، وأصول الدين وفروعه.

    فتجدهم يكتبون ويتكلمون، ويدَّعون لأنفسهم من العلم والمعرفة والثقافة واليقين ما لا يصل إليه أكابر العلماء، ولو طلب من أحدهم أن يتكلم عن أصل من أصول الدين العظيمة الذي لا يسع أحداً جهله، أو على حكم من الأحكام في العبادات والمعاملات والأنكحة، لظهر عجزه، ولم يصل إلى ما وصل إليه كثير من صغار طلبة العلم الشرعي. فكيف يثق العاقل- فضلاً عن المؤمن- بأقوالهم عن الدين؟ فأقوالهم في مسائل الدين لا قيمة لها أصلاً، ولو سبرت حاصل ما عليه رؤساؤهم لرأيتهم قد اشتغلوا بشيء يسير من علوم العربية، وترددوا في قراءة الصحف التي على مشربهم، وتمرَّنوا على الكلام الذي من جنس أساليب كثير من هذه الصحف الرديئة الساقطة، فظنوا بأنفسهم، وظنَّ بهم أتباعهم الاضطلاع بالمعارف والعلوم، فهذا أسمى ما يصلون إليه في العلم. أما الأخلاق فلا تسأل عن أخلاق من لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر، ولا يعتقد الأديان الصحيحة، فإن الأخلاق نتائج الاعتقادات الصحيحة والفاسدة.

    فغاية ما عند هؤلاء التملق القولي والفعلي، والخضوع الكاذب للمخلوقين، وهم مع هذا الخضوع السافل تجد عندهم من العجب والكبر واحتقار الخلق والاستنكاف عن مخالطة من يستنقصونهم شيئاً كثيراً، فهم أوضع خلق الله وأعظمهم كبراً وتيهاً.
    ثم إنهم يستعينون على هذا الخُلق المسمَّى عندهم بالثقافة، بالتصنع والتجمل بالملابس والفرش والزخارف،، ويُفنون كثيراً من أوقاتهم بذلك، وقلوبهم خراب خالية من الهدى والأخلاق الجميلة، فالجمال الظاهر الباطل ماذا يغني عن الجمال الحقيقي.

    ثم إذا لحظت إلى غاياتهم ومقاصدهم فإذا هي أغراض دنية، ومقاصد سفلية، ومطامع شخصية، وإذا سبرت أحوالهم رأيتهم إذا اجتمعوا تظنهم أصدقاء مجتمعين، فإذا افترقوا فهم الأعداء {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًاوَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّيَعْقِلُونَ} [الحشر: 14].

    وما وصفت لك من أحوالهم – وأنت تعرف ذلك – قليل من كثير، فكيف ترضى أن يكون هؤلاء أحبابك وأصدقاؤك؛ ترضى لرضاهم، وتسخط لسخطهم، وتقدمهم على حظوظك الحقيقية وسعادتك الأبدية؟

    فانظر إلى صفاتهم نظر التحقيق والإنصاف، وقارن بينها وبين نعوت البررة الأخيار الذين امتلأت قلوبهم من محبة الله والإنابة إليه، والإيمان وإخلاص العمل لأجله، وفاضت ألسنتهم بذكر الله والثناء عليه، واشتغلت جوارحهم في كل وسيلة تقربهم إلى الله، وتدنيهم من رضوانه وثوابه ونفع الخلق، أشجع الناس قلوباً وأصدقهم قولاً، وأطهرهم أخلاقاً وأزكاهم عملاً، وأقربهم إلى كل خير، وأبعدهم من كلِّ شرٍّ، يكفون عن الخلق الأذى، ويبذلون لهم الندى، ويصبرون منهم على الأذى.

    أفتقدم على هؤلاء الأنجاب الغرر مَن مُلِئت قلوبهم من الشك والنفاق، وفاضت على ظاهرهم فاكتسوا لذلك أرذل الأخلاق، يقومون بالنفاق والرياء، ويقعدون بالتملق والإعجاب والكبرياء، وصفُهم القسوة والطمع والجشع، ونعتهم الكذب والغش والبهرجة والخنوع، قد منعوا إحسانهم لكل مخلوق، واتصفوا بكل فسوق، قد خضعوا في بحوثهم العلمية لكل مارق، وتبعوا في أخلاقهم كل رذيل وفاسق.

    قال المنصوح: والله ما تعديت في وصفهم مثقال ذرة.

    إنتظروا بقية المحاوره

    قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ

  • #2
    رد: من روائع المقلات القديمه.1( محاورة دينية اجتماعية الجزء الأول )

    جزاك الله خيرا اخي ابراهيم

    ونفع الله بك

    لي عودة لاكمال القرائة

    تعليق


    • #3
      رد: من روائع المقلات القديمه.1( محاورة دينية اجتماعية الجزء الأول )

      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

      جزاك الله كل خير أخي الحبيب أبا عبدالله الطنبولي

      جرت العادة عندي عندما أقرأ موضوع طويل وقيم

      أن أقتبس فقرة من الموضوع وأعلق عليها

      لكن هذا الحوار لم أستطع أن أتطاول عليه

      باقتباس فقرة منه لأنه كله متكامل

      وقيم ورائع ومن الخسارة أن نمر عليه

      بدون قراءة وتمعن

      ونسأل الله الثبات على دينه حتى الممات

      بارك الله فيك أخي الحبيب

      متابع بقية الحوار بإذن الله

      قال الحسن البصري - رحمه الله :
      استكثروا في الأصدقاء المؤمنين فإن لهم شفاعةً يوم القيامة".
      [حصري] زاد المربين فى تربية البنات والبنين


      تعليق


      • #4
        رد: من روائع المقلات القديمه.1( محاورة دينية اجتماعية الجزء الأول )

        المشاركة الأصلية بواسطة أبوالمعالي مشاهدة المشاركة
        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
        وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

        جزاك الله كل خير أخي الحبيب أبا عبدالله الطنبولي
        وجزاك بمثله

        ونسأل الله الثبات على دينه حتى الممات
        اللهم اّمين

        بارك الله فيك أخي الحبيب
        وفيكم بارك الرحمن

        متابع بقية الحوار بإذن الله
        بإذن الله
        المشاركة الأصلية بواسطة رضوان المغربي مشاهدة المشاركة
        جزاك الله خيرا اخي ابراهيم

        ونفع الله بك

        لي عودة لاكمال القرائة
        ولك بمثله أخي رضوان
        كما تشاء حبيبي إقرأه في أي وقت تريد
        قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ

        تعليق


        • #5
          رد: من روائع المقلات القديمه.1( محاورة دينية اجتماعية الجزء الأول )

          سلام الله عليك ورحمته وبركاته
          جزاك الله خيرا على الموضوع الطيب
          الموضوع جميل ومحتواه رائع
          وتنسيقه يجبرك على قرائته
          لى عودة لتكمله القراءه ان شاء الله ومتابع باقى الموضوع
          ومبروووووووووووك تغيير الاسم
          تحميل دورة صيانة المزر بورد هنا او هنا او هنا
          لمتابعة الدوره فيديو من ---> هنا

          تعليق


          • #6
            رد: من روائع المقلات القديمه.1( محاورة دينية اجتماعية الجزء الأول )

            سلام الله عليك ورحمته وبركاته
            وعليكم السلام ورحة الله وبركاته
            جزاك الله خيرا على الموضوع الطيب
            وإياكم
            الموضوع جميل ومحتواه رائع
            نسأل الله أن يرحم كاتبه
            وتنسيقه يجبرك على قرائته
            بارك الله فيكم هذا من أدبكم
            لى عودة لتكمله القراءه ان شاء الله ومتابع باقى الموضوع
            ومبروووووووووووك تغيير الاسم
            كما تشاء حبيبي
            وشكرا علي المباركه
            أكشن تاني مره
            قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ

            تعليق


            • #7
              رد: من روائع المقلات القديمه.1( محاورة دينية اجتماعية الجزء الأول )

              جزاك الله خيرا على هذا الموضوع الطيب واسال الله
              ان يكلل مجهودك هذا بالخير وان يجعله فى ميزانك


              تعليق


              • #8
                رد: من روائع المقلات القديمه.1( محاورة دينية اجتماعية الجزء الأول )

                جزاك الله خيرا على هذا الموضوع الطيب واسال الله
                ان يكلل مجهودك هذا بالخير وان يجعله فى ميزانك
                بارك الله فيكم ونشكركم علي دعائكم الطيب
                قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ

                تعليق


                • #9
                  رد: من روائع المقلات القديمه.1( محاورة دينية اجتماعية الجزء الأول )

                  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                  أخي الحبيب الطنبولي
                  أين بقية الحوار وهل سيطول الأمر؟؟؟؟

                  أحبك في الله

                  قال الحسن البصري - رحمه الله :
                  استكثروا في الأصدقاء المؤمنين فإن لهم شفاعةً يوم القيامة".
                  [حصري] زاد المربين فى تربية البنات والبنين


                  تعليق


                  • #10
                    رد: من روائع المقلات القديمه.1( محاورة دينية اجتماعية الجزء الأول )

                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                    أخي الحبيب الطنبولي
                    أين بقية الحوار وهل سيطول الأمر؟؟؟؟

                    أحبك في الله
                    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
                    لا لن يطول الأمر
                    قريبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــا سأكمل الحوار إن شاء الله
                    أحبك الذي أحببتني لأجله
                    قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ

                    تعليق


                    • #11
                      رد: من روائع المقلات القديمه.1( محاورة دينية اجتماعية الجزء الأول )

                      المشاركة الأصلية بواسطة أبو عبدالله إبراهيم الطنبولي مشاهدة المشاركة
                      وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

                      لا لن يطول الأمر
                      قريبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــا سأكمل الحوار إن شاء الله
                      أحبك الذي أحببتني لأجله

                      متى يعني؟؟؟

                      قال الحسن البصري - رحمه الله :
                      استكثروا في الأصدقاء المؤمنين فإن لهم شفاعةً يوم القيامة".
                      [حصري] زاد المربين فى تربية البنات والبنين


                      تعليق


                      • #12
                        رد: من روائع المقلات القديمه.1( محاورة دينية اجتماعية الجزء الأول )



                        ،،،،،،

                        جزاكم الله خير الجزاء

                        بارك الله فيكم

                        وزادكم الله من فضله ومنه وكرمه


                        اللهم تقبل و اجعل كل حرف نكتبه في هذا المنتدى المبارك حجة لنا لا علينا


                        مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية

                        تعليق


                        • #13
                          رد: من روائع المقلات القديمه.1( محاورة دينية اجتماعية الجزء الأول )

                          جزاك الله خيرا
                          قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ

                          تعليق


                          • #14
                            رد: من روائع المقلات القديمه.1( محاورة دينية اجتماعية الجزء الأول )

                            تم إضافة الجزء الثاني لمن يهمه الأمر
                            هنا
                            وجزاكم الله خيرا
                            قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ

                            تعليق


                            • #15
                              رد: من روائع المقلات القديمه.1( محاورة دينية اجتماعية الجزء الأول )

                              للرفع رفع الله قدركم
                              قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ

                              تعليق

                              يعمل...
                              X