التطاول على الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ والجرأة في تنقُّصهم، سنّة الزنادقة وأهل الأهواء قديماً وحديثاً. واللافت للنظر أن هذه الجرأة ازدادت حدّتها في الآونة الأخيرة بشكل يثير الاستغراب؛ تارةً باسم النقد التاريخي، وتارةً ثانية باسم البحث العلمي، وتارةً ثالثة تحت عنوان: حرية الفكر!
والجديد في هذا السياق أمران:
الأول: أن الشيعة راحوا يؤزّون بعض أهل الأهواء من العلمانيين والليبراليين ـ وخاصة بعض أُغَيْلِمَة الصحافة ـ لمثل هذه المرتقيات الصعبة، ويستثيرونهم لافتعال ذلك النقد المزعوم دون تحقيق علمي أو دراسة موضوعية، وصدق المولى ـ جلَّ وعلا ـ: {وَإخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ} [الأعراف: 202] .
الثاني: تطاول بعض أهل الفنِّ على الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ من خلال المسلسلات التاريخية التي هدفها في الظاهر إبراز مآثر المسلمين التاريخية، وفي باطنها لمزُ بعض الصحابة الأجلاء ـ رضي الله عنهم ـ وإسقاط هيبتهم، والعبث بتاريخهم!
لقد أدرك علماء الأمة منذ وقت مبكر أن القدح في الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ قدحٌ في النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقدحٌ في دين الإسلام، ولهذا اشتدَّ نكيرهم على أولئك المتطاولين، وتواتر تحذيرهم منهم، وها هو ذا الإمام مالك ـ رحمه الله ـ يقول في الذين يسبون الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ: (إنما هؤلاء أقوام أرادوا القدح في النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلم يمكنهم ذلك، فقدحوا في أصحابه، حتى يُقال: رجل سوء، ولو كان رجلاً صالحاً لكان أصحابه صالحين) !!
وقد آن الأوان أن نجتهد في الذبِّ عن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ، ونبرز مآثرهم وسيرهم العطرة، ونقدّمهم قدوات مباركات يهتدي بها من أراد الهداية.
{رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} [الحشر: 10] .
تعليق