كنت أظن . . ولكني اكتشفت . . فقررت!!
. . الحلقة (16) . .
حظ النفس
كنت أظن . .
أن لدي الحق كملتزم أن أستخف برأي من ابتعد بسلوكه عن الدين، وتكلم بهواه في أي مسألة، وصار يبرر لنفسه ما يرتكب من أخطاء، بحكم أنه إنسان ضائع ولا يعول على أمثاله ممن سلموا قياد نفوسهم للشيطان والهوى، وعليه فلا إثم عليَّ مطلقاً في الاستخفاف بآرائهم، بل و التحقير منها، حتى ولو وصل بي الأمر لجرح مشاعرهم!!
ولكني اكتشفت. .
أن من يتكلم باسم الدين؛ يجب أن يكون له معايير خاصة في الاستعلاء على حظوظ النفس، والحرص الشديد على إصلاح الآخرين؛ مهما كانت درجة ابتعادهم عن الدين!!
فلا يمكن بحال أن يبرر لنفسه جرح مشاعر الآخرين باسم الدين!! أو أن يتخذ من نصرة الدين مطية لتشويه صورة أهل الدين من حيث لا يدري!!
فمثل صاحب الدين كمثل الطبيب تماماً، لا يمكنه بحال تبرير قتل مريضه؛ بسبب ما يعانيه من المرض!! أو الإهمال فيه؛ بسبب ما يعتقد من أن مرضه لا يرجى شفاؤه!!
وإنما عليه بذل أقصى الجهد في إيجاد الدواء المناسب لهذا المريض، أو إذا لزم الأمر؛ قام بإجراء العملية الجراحية الملائمة لبرئهوشفائه!!
لذا فقد قررت. .
أن استعلي بديني عن حظوظ النفس!!
وألا أعرض دين الله للتشويه!!
أو أضع الملامة بسوء قولي أو فعلي على من ينتسبون إليه!!
فأفكر في عاقبة أي قول أو فعل قبلما يصدر مني تجاه الآخرين، وأن أجعل من نفسي مرشداً للخير لكل الناس، حتى من خالفني!!
فإن قبل نصيحتي استبشرت خيراً، وحمدت الله له على ما أنعم به عليه من نعمة الهداية، أما إن خالف وعاند ولم يبال بنصيحتي وإرشادي، أنكرت المنكر، وأظهرت الحق في المسألة دون جرح مشاعر الآخرين!!
ولكن في المقابل حملت في قلبي من الأحزان على حال من خالفني، لا لشيء سوى لأنني ارتضيت هذا الدين الذي أنزله الله رحمة للعالمين!! ما يجعلني أتمنى له الهداية من خالص قلبي، بل وأدعو له بظهر الغيب أن يشرح الله صدره، ويهدي قلبه، فمن يدري لعل الله أن يصلحه، ويصلح به الملايين!!
هذا هو المنظار الذي أمرنا الله كمصلحين أن ننظر من خلاله!!
ألسنا نمثل دين الله الذي أنزله الله لخلقه بهذه العظمة والرحمة الشاملة للعالمين؟!
ألسنا أتباع سيد المرسلين، الذي أرسله ربه رحمة للعالمين؟!
إن هذا الدين بما فيه من رحمة واسعة، يجعل من قلوب المسلمين مواطن الرحمة على ظهر هذه الأرض لعباده، فلا والله لا تطيب نفوسهم برؤية هلاك الناس من حولهم، وإنما تطيب وتنشرح صدروهم بنجاة الناس وهدايتهم!!
ألا فاستعلوا يا حملة هذا الدين عن حظوظ نفوسكم . .
وكونوا للناس الصدور الدافئة برحماتكم وحنانكم . .
تنالوا جنة ربكم . . وتكونوا سبباً في هداية العالمين من حولكم!!
تابعوا . .
محبكم
أبو مهند القمري
تعليق