سرعة الضوء أم سرعة الصوت
أم سرعة التوبة؟!!
تُعقد المقارنة دوماً بين سرعتي الضوء والصوت، وكلاهما كما نعلم لا يستغرق أكثر من جزء من الثانية!!
ولا شك أنه قد يكون في ذلك إسعافٌ للناس، إما بالرؤية أو بسماع خبر عاجل، ليبقى السؤال :
هل لا حظت يوماً هذه الومضة التي تنبض في نفسك على حين غرة في بعض الأحيان قائلة :
· ليتني ما فعلت!!
· أو ليتني كنت عبداً صالحاً!!
· أو ليتني ما ضيعت هذه الفرصة من الحسنات!!
فسرعة ظهورها قد يساوي تماماً زمن مغفرة ذنبك!!
لا تتعجب أخي الحبيب من هذا . . فليس ذلك على الله بعزيز!!
فإنها حين تضرب بحرارتها جدار هذا البالون المتضخم برصيد الغم والهم والحزن المكبوت في نفسك، والمتراكم على مدار السنين؛ جراء تلك المعصية التي فعلتها أو الكبيرة التي ارتكبتها، ولم تجد خلاصاً من كآبة توابعها بسبب تراكم المزيد من الهم والحزن!!
ألا رب شهوة ساعة أورثت ذلاً طويلاً!!
فكأنها تريد جذب انتباهك أن باستطاعتها على صغر حجمها؛ تفجير هذا البالون الكبير، وجعله هباء منثوراً – فقط - بلحظة صدق واحدة منك، لو استثمرت هذه الومضة في حيينها!!
أما إذا كنت تعتقد أن مغفرة ربك لذنوبك تحتاج شهوراً أو سنيناً أو حتى أيام!! فقد أعظمت على الله الفرية!!
إذ فكيف يكون أكرم من سُئل، وأجود من أعطى، ولا يستطيع أن يجعل ذنوبك هباءً منثوراً في لحظة صدق واحدة؟!!!!!!!
فأوحى الله إلى أرض الرحمة أن اقتربي
وإلى أرض العذاب أن ابتعدي
فوجدوه قريباً من أرض الرحمة بشبر!! فأخذته ملائكة الرحمة!!
إن سرعة تفاعلنا مع أي خاطرة للتوبة في نفوسنا، لهي أولى بشائر الغيث على قلوبنا الظمأى بسبب البعد عن الله، فليروي كل منا ظمأ قلبه بالقرب من ربه ومولاه، وليجعل من هذه الومضة، شعلته على الطريق نحو النجاة بالتوبة، الذي يبدأ وينتهي بكلمة . .
(استغفر الله)!!
حيينها فقط . . تكون قد قلبت السحر على الساحر!! وأذهبت سنين الشيطان الطوال، وعمله الفاسد البطال سدى!!
إذا أقرنت هذه الكلمة بندم صادق من صميم قلبك، وبعزيمة تزول لها الجبال على عدم العودة، وبانعزال فوري عن هذه المعصية أو تلك!!
حيينها فقط . . سوف تستشعر حلاة التوبة تمسح ببردها الحاني على قلبك، لتزف لك أولى بشائر المغفرة!!
إن سرعة ومضة التوبة يمنحها الله لعباده، لعلها تسبق سرعة ومضة ملك الموت حين يخطف روح العبد في لحظة!! فاغتنم ومضة النجاة قبل فزعة الموت!!
فما يدريك لعل الله أن يكتب لك بها سعادة لا تشقى بعدها أبداً، فمن عرف نعمة هذه الومضة، واغتنم استثمارها بحق؛ سيكون الوحيد الذي يمكنه الإجابة على هذا التساؤل :
سرعة الضوء أم سرعة الصوت
أم سرعة التوبة؟!!
تعليق