أنا شاب سلفي
بسم الله الرحمن الرحيم
أتعرفني؟!
أنا ذلك الشاب الذي تراه كل يوم في الجامعة.. في المدرسة.. في عملك.. في المواصلات..
أنا ذلك الشاب المظلوم المُفترى عليه!
لا تتعجب..
!!!
فأنا شاب مثلك.. يحبُّ ربَّه ودينه.. ويحبُّ بلاده، ويدعو اللهَ أن يراها على رأس الأمم..
ولكنني أصبحتُ فوجدتُ الإعلام يُهاجمني ليل نهار، ويفتري عليَّ، ويتهمني بما لم أقترف..
وكم أتألم وأنا أرى نظراتك إليَّ تتهمني هي الأخرى.. لا أتألم لنفسي؛ وإنما لأنني أحبُّك وأحبُّ كلَّ مسلم، ولا أحب أن يكون في صدرِ مسلمٍ شيءٌ منِّي..
للأسف يا أخي.. لقد صدَّق الكثيرون تلك الأكاذيب في وسائل الإعلام، وصدَّقوا ما قيل عنِّي رغم أنهم لم يسمعوا منِّي..
فهل تسمع منِّي أنت؟
لك أن تسألني: ما هذه السلفية التي تنتسب إليها؟
فأقول لك:
دعنا نفكِّك الكلمة ونُرجعها إلى أصلها..
السلف هم مَن سبقنا، كما قال تعالى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ﴾ [الأنفال:38]، أي: ما قد سبق ومضى.
والذي نقصده بالسلف: صحابة رسول الله ﷺ، وتابعوهم بإحسان من أهل القرون الخيرية الثلاثة الأُول الذين قال فيهم رسول الله ﷺ: «خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم».
ولا شك أنَّ مَن عاصر النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعرف متى نزلت آيات القرآن، وما مناسبة كل حديث قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- سيكون أعلم الناس بمقصود الآيات والأحاديث، بخلاف مَن جاء بعد ذلك، وهو لا يعلم متى نزلت الآية، وما مناسبة الحديث.
لذلك فإن تقديم فَهم هؤلاء الأفاضل للقرآن والسنة هو الطريق الصحيح لفهم القرآن والسنة.
فإذا أردنا أن نصف هذا المنهج في الفهم الذي ينتسب إلى هؤلاء السلف؛ قلنا: سلفيَّة، أي: فهم الكتاب والسنة بفهم السلف؛ الذين هم الصحابة والتابعون وتابعوهم بإحسان.
فالسلفية.. منهج في فهم العقيدة كما فهمها الصحابة -رضي الله عنهم-.
والسلفية.. منهج في عبادة الله -عز وجل- على سبيل النبي -صلى الله عليه وسلم-، ونبذ البدع في الدين والخرافات، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد».
والسلفية.. منهج في الأخلاق وتزكية النفوس وتطهيرها، قال تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا﴾ [الشمس:9].
السلفية.. منهج في كل نظم الحياة..
وهنا يحق لك أن تقول:
ما ذكرته أنت هو التصور الصحيح لفهم الإسلام، ولا أختلف معك فيه، فلماذا لا نكتفي باسم الإسلام والله -عز وجل- قد قال: ﴿هُوَ سَمَّاكُمُ المُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ﴾ [الحج:78]؟
فأقول لك:
نحن مسلمون أولًا وآخرًا، ولا نرضى عن اسم الإسلام بديلًا.. نسأل الله أن يثبتنا على دينه حتى الممات..
ولكن..
الكل يقول إسلام.. مَن ينكر سنة الرسول ﷺ يقول: إسلام.. ومن يسب الصحابة يقول: إسلام.. ومن يكفِّر المسلمين يقول: إسلام.. ولكن إسلام بفَهم مَن؟
هل بفهم المفكر فلان، أم بفهم الشيخ فلان، أم بفهم الإمام فلان؟
هنا لزم أن نتميز بوضوح في منهجنا.. فأقول: أنا أريد كتابًا وسنة وبفهم صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-..
فالتسمية للتميز.. لا كبديل..
ثم دعني أقول لك:
هل التسمي بالمهاجرين والأنصار يخالف التسمي باسم الإسلام
؟؟؟
بالطبع لا يخالف ذلك.. بل كانوا في الغزوات يخرج المهاجرون وعلى رأسهم راية للمهاجرين، ويخرج الأنصار وعلى رأسهم راية للأنصار.. بل مدحهم الله -عز وجل- بهذا الوصف..
ولكن متى أنكر عليهم النبي -صلى الله عليه وسلم-؟
أنكر عليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما ضرب رجل من المهاجرين رجلًا من الأنصار، فقال المهاجري: «يا للمهاجرين»، وقال الأنصاري: «يا للأنصار»، فلما دبَّت العصبية أنكر عليهم رسول الله ﷺ، وقال لهم: «ما بال دعوى الجاهلية؟ .. دعوها فإنها منتنة».
فعالَجَ -صلى الله عليه وسلم- المشكلة وهي التعصب، ولم ينههم عن التسمية ذاتها.
فإن ظهر داء التعصب فالحل في علاج المرض -وهو التعصب- لا قتل المريض.
والسلفية ترفض التعصب.. فكلٌّ يؤخذ من قوله ويُترك إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وهنا قد تسألني:
هل معنى فهمنا للقرآن بفهم الصحابة ألا نتطور، وألا نواكب العصر، وألا نستخدم الاختراعات الحديثة؟
وأرد عليك سؤالك بسؤال:
هل معنى التمسُّك بالإسلام ألا نواكب العصر وألا نتطور، أم أن الإسلام يحثنا على ذلك؟
إن الإسلام يحثنا على الأخذ بأسباب التطور والتقدم، وهذا ما فهمه الصحابة -رضي الله عنهم- من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولكن يجب في مواكبتنا للتطور ألا نقع فيما حرَّمه الله -عز وجل- علينا، فربُّ محمد -صلى الله عليه وسلم- هو ربُّنا، ودينه هو ديننا.
ثم إنِّي شاب مثلك.. تراني في الجامعة.. ترى السلفي الطبيب، والسلفي المهندس، والسلفي دكتور الجامعة.. ولكنه الإعلام الظالم هو الذي جعل كثيرًا من الناس يتصور أنني أرفض التطور، وأنني أنزوي على نفسي وأحرِّم كل شيء..
ولعلك تتساءل الآن:
إن كان كثير من الناس يعتقدون ما ذكرت.. فهل يلزم أن يتسموا باسم السلفية؟
فأجيبك: لا بالطبع.. ومن الذي يوجب عليهم شيئًا لم يفرضه الشرع عليهم؟
وإنما الواجب عليهم أن يعتقدوا أن الله -عز وجل- هو العليم بما يصلح عباده ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الملك:14]..
وأن طريق الهداية في اتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- ﴿وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا﴾ [النور:54]..
وأننا علينا أن نفهم القرآن والسنة بفهم أعلم الناس بالكتاب والسنة وهم الصحابة -رضي الله عنهم-.
لا نقول بعصمة أحد؛ فلا معصوم بعد رسول الله ﷺ، والكل يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
لا نقدس المشايخ والعلماء، بل نحفظ لهم قدرهم مع علمِنا أنهم غير معصومين، والمنهج هو الذي يحكم على الجميع.
نرفض التقليد الأعمى والتعصب المذموم؛ ونسعى وُسعنا أن نكون على بصيرة ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [يوسف:108].
نحب كل المسلمين، ونرجو لهم الخير في الدنيا والآخرة.
نحب بلادنا.. ونحب لها الخير .. كما كانت على رأس الأمم لما تمسكت بدينها وبكتاب ربها وسنة نبيها -صلى الله عليه وسلم-.
أعتذر إن كنتُ قد أطلتُ عليك..
ولكن كان لابد لك أن تسمع منِّي كما سمعت عنِّي..
وإن أردت -أخي الحبيب- التوسع في التعرف على المنهج السلفي؛ فإليك بعض الكتب التي تفيدك بإذن الله:
- السلفية قواعد وأصول - د. أحمد فريد.
- أسئلة وأجوبة حول السلفية - د. علاء بكر.
- قواعد المنهج السلفي - د. مصطفى حلمي.
كتبه
أبو الفرج محمد مصطفى عبد المجيد
إصدار دار المعالي
تعليق