من قواعد الشرع أن الله - سبحانه - إذا حرم شيئا حرم الأسباب والطرق والوسائل المؤدية إليه ، تحقيقا لتحريمه ، ومنعا من الوصول إليه أو القرب منه ، والوقاية خير من اكتساب الإثم والوقوع في آثاره المضرة بالفرد والجماعة ، ولو حرم الله أمرا أبيحت الوسائل الموصلة إليه لكان ذلك نقضا للتحريم وحاشا شريعة رب العالمين من ذلك
فيقول الله عز وجل : وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [ ( الإسراء : 32 ) .
يقول العلامة السعدي رحمه الله : والنهي عن قربان الزنى أبلغ من النهي عن مجرد فعله ، لأن ذلك يشمل النهي عن جميع مقدماته ودواعيه ، فإن من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه [2] . فقد نهى عن مجرد القرب له لان ذلك يؤدى الى الوقوع فية
ومن هنا فقد منع الله الاختلاط حتى لا يؤدى الى معصية اكبر وذلك لان الله جعل الميل الفطري بين الرجل والمرأة ميل عميق في التكوين النفسي؛
فقال تعالى : ( زين للناس حب الشهوات من النساء ) .
فالفتنة واضحة فلذا نعلم حكمة الباري جل شأنه في تحريم الإختلاط وذلك لما فيه حرصا على الأعراض وصونا لعفة المرأة ولكرامتها على سلامة المجتمع من العلاقات الغير مشروعة
و هنا اورد الادلة على تحريم الاختلاط
1-قال تعالى: (وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن)
قال الطبري -رحمه الله- في تفسيره: ( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ) يقول: وإذا سألتم أزواج رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ونساء المؤمنين اللواتي لسن لكم بأزواج متاعًا(فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) يقول: من وراء ستر بينكم وبينهن، ولا تدخلوا عليهن بيوتهن)
وقال القرطبي -رحمه الله-: (في هذه الآية دليل على أن الله تعالى أذن في مسألتهن من وراء حجاب، في حاجة تعرض، أو مسألة يستفتين فيها، ويدخل في ذلك جميع النساء بالمعنى، وبما تضمنته أصول الشريعة من أن المرأة كلها عورة)
وقال سيد قطب -رحمه الله-: (فلا يقل أحد غير ما قال الله . لا يقل أحد إن الاختلاط ، وإزالة الحجب، والترخص في الحديث واللقاء والجلوس والمشاركة بين الجنسين أطهر للقلوب ، وأعف للضمائر ، وأعون على تصريف الغريزة المكبوتة ، وعلى إشعار الجنسين بالأدب وترقيق المشاعر والسلوك . . إلى آخر ما يقوله نفر من خلق الله الضعاف المهازيل الجهال المحجوبين . لا يقل أحد شيئاً من هذا والله يقول : { وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن } . . يقول هذا عن نساء النبي الطاهرات . أمهات المؤمنين . وعن رجال الصدر الأول من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن لا تتطاول إليهن وإليهم الأعناق!
وحين يقول الله قولاً ويقول خلق من خلقه قولاً . فالقول لله سبحانه وكل قول آخر هراء ، لا يردده إلا من يجرؤ على القول بأن العبيد الفانين أعلم بالنفس البشرية من الخالق الباقي الذي خلق هؤلاء العبيد! والواقع العملي الملموس يهتف بصدق الله ، وكذب المدعين غير ما يقوله الله.)
2. قال تعالى: (وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ)
قال الشوكاني في تفسيره: ({ قَالَتَا لاَ نَسْقِي حتى يُصْدِرَ الرعاء } أي إن عادتنا التأني حتى يصدر الناس عن الماء ، وينصرفوا منه حذراً من مخالطتهم).
وقال البيضاوي: ({ قَالَتَا لاَ نَسْقِى حتى يُصْدِرَ الرعاء } تصرف الرعاة مواشيهم عن الماء حذراً عن مزاحمة الرجال).
3. أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي- صلى الله عليه وسلم - ، قال :(( خيرُ صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها )).
قال النووي في شرحه: (وَإِنَّمَا فَضَّلَ آخِر صُفُوف النِّسَاء الْحَاضِرَات مَعَ الرِّجَال لِبُعْدِهِنَّ مِنْ مُخَالَطَة الرِّجَال وَرُؤْيَتهمْ وَتَعَلُّق الْقَلْب بِهِمْ عِنْد رُؤْيَة حَرَكَاتهمْ وَسَمَاع كَلَامهمْ وَنَحْو ذَلِكَ ، وَذَمَّ أَوَّلَ صُفُوفهنَّ لِعَكْسِ ذَلِكَ . وَاَللَّه أَعْلَم .)
وقال الشوكاني: (قَوْله : ( وَخَيْرُ صُفُوف النِّسَاء آخِرُهَا ) إنَّمَا كَانَ خَيْرهَا لِمَا فِي الْوُقُوف فِيهِ مِنْ الْبُعْد عَنْ مُخَالَطَة الرِّجَال)
وقال السندي في حاشيته على النسائي: (أَيْ أَقَلّهَا أَجْرًا وَفِي النِّسَاء بِالْعَكْسِ وَذَلِكَ لِأَنَّ مُقَارَبَة أَنْفَاس الرِّجَال لِلنِّسَاءِ يُخَاف مِنْهَا أَنْ تُشَوِّش الْمَرْأَةُ عَلَى الرَّجُل وَالرَّجُلُ عَلَى الْمَرْأَة ثُمَّ هَذَا التَّفْصِيل فِي صُفُوف الرِّجَال عَلَى إِطْلَاقه وَفِي صُفُوف النِّسَاء عِنْد الِاخْتِلَاط بِالرِّجَالِ كَذَا قِيلَ وَيُمْكِن حَمْله عَلَى إِطْلَاقه لِمُرَاعَاةِ السَّتْر فَتَأَمَّلْ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .)
فهذا فى حال الصلاة التى يكون فيها المصلى بين يدى الله بعيدا عما يتعلق بمور الدنيا فما بالك فى غير الصلاة ؟؟
4. ما ورد في تفضيل صلاة المرأة في بيتها، ومن ذلك ما رواه أبو داوود في سننه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود -رضي الله عنه- عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (صَلَاةُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي حُجْرَتِهَا وَصَلَاتُهَا فِي مَخْدَعِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي بَيْتِهَا)
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ : قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ " ،هَذَا وَشَبَهُهُ مِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهَا لَا تُمْنَعُ الْمَسْجِدَ لَكِنْ بِشُرُوطٍ ذَكَرَهَا الْعُلَمَاءُ مَأْخُوذَةً مِنْ الْأَحَادِيثِ وَهِيَ أَنْ لَا تَكُونَ مُطَيَّبَةً وَلَا مُتَزَيِّنَةً ، وَلَا ذَاتَ خَلَاخِلَ يُسْمَعُ صَوْتُهَا وَلَا ثِيَابٍ فَاخِرَةٍ ،وَلَا مُخْتَلِطَةً بِالرِّجَالِ ، وَلَا شَابَّةً وَنَحْوَهَا مِمَّنْ يُفْتَتَنُ بِهَا ، وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي الطَّرِيقِ مَا يُخَافُ بِهِ مَفْسَدَةٌ وَنَحْوُهَا .
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : قَالَ اِبْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ : هَذَا الْحَدِيثُ عَامٌّ فِي النِّسَاءِ إِلَّا أَنَّ الْفُقَهَاءَ خَصُّوهُ بِشُرُوطٍ مِنْهَا أَنْ لَا تَطَّيَّبَ وَهُوَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ : " وَلْيَخْرُجْنَ تَفِلَاتٍ " ، أَيْ غَيْرَ مُتَطَيِّبَاتٍ ، وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ زَيْنَبَ اِمْرَأَةِ اِبْنِ مَسْعُودٍ : " إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ الْمَسْجِدَ فَلَا تَمَسَّ طِيبًا " ، قَالَ وَيَلْحَقُ بِالطِّيبِ مَا فِي مَعْنَاهُ لِأَنَّ سَبَبَ الْمَنْعِ مِنْهُ مَا فِيهِ مِنْ تَحْرِيكِ دَاعِيَةِ الشَّهْوَةِ كَحُسْنِ الْمَلْبَسِ وَالْحُلِيِّ الَّذِي يَظْهَرُ وَالزِّينَةِ الْفَاخِرَةِ وَكَذَا الِاخْتِلَاطُ بِالرِّجَالِ.)
وقال الإمام الشنقيطي في أضواء البيان: (وإذا علمت أن هذه الأحاديث دلّت على المتطيِّبة ليس لها الخروج إلى المسجد ، لأنها تحرِّك شهوة الرجال بريح طيبها .
فاعلم أن أهل العلم ألحقوا بالطيب ما في معناه كالزينة الظاهرة ، وصوت الخلخال والثياب الفاخرة ، والاختلاط بالرجال ، ونحو ذلك بجامع أن الجميع سبب الفتنة بتحريك شهوة الرجال ، ووجهه ظاهر كما ترى .)
5. روى البزار بسنده عن سعيد بن المسيب ، عن علي رضي الله عنه أنه كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أي شيء خير للمرأة ؟ فسكتوا ، فلما رجعت قلت لفاطمة : أي شيء خير للنساء ؟ قالت : ألا يراهن الرجال ، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : « إنما فاطمة بضعة مني ».
6. عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ) رواه البخاري ومسلم .
وجه الدلالة : أنه وصفهن بأنهن أضر فتنة ، فكيف يجمع بين الفاتن والمفتون؟!.
7. عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ) رواه مسلم .
وجه الدلالة : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر باتقاء النساء يحصل الامتثال مع الاختلاط؟!
8. روى أبو داود في السنن والبخاري في الكنى بسنديهما ، عن حمزة بن أبي أسيد الأنصاري ، عن أبيه رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق فقال النبي صلى الله عليه وسلم للنساء : ( استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق ، عليكن بحافات الطريق) فكانت المرأة تلصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها ) هذا لفظ أبي داود .
قال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث : (يحققن الطريق) هو أن يركبن حقها ، وهو وسطها .
وجه الدلالة : أن الرسول صلى الله عليه وسلم إذا منعهن من الاختلاط في الطريق لأنه يؤدي إلى الافتنان ، فكيف يقال بجواز الاختلاط ؟!
9. روى أبو داود الطيالسي في سننه وغيره ، عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بنى المسجد جعل باباً للنساء ، وقال لا يلج من هذا الباب من الرجال أحد ) وروى البخاري في ( التاريخ الكبير) عن ابن عمر رضي الله عنهما ، عن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لا تدخلوا المسجد من باب النساء) .
وانما خصصه رسول الله حتى لا يختلط الرجال بالنساء وهم داخلون لبيوت الله
10.عَنْ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَوْ تَرَكْنَا هَذَا الْبَابَ لِلنِّسَاءِ) قَالَ نَافِعٌ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ ابْنُ عُمَرَ حَتَّى مَاتَ، رواه أبو داوود،
وقال صاحب عون المعبود في شرح هذا الحديث:( ( لَوْ تَرَكْنَا هَذَا الْبَاب ): أَيْ بَاب الْمَسْجِد الَّذِي أَشَارَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ( لِلنِّسَاءِ ): لَكَانَ خَيْرًا وَأَحْسَن لِئَلَّا تَخْتَلِط النِّسَاء بِالرِّجَالِ فِي الدُّخُول وَالْخُرُوج مِنْ الْمَسْجِد . وَالْحَدِيث فِيهِ دَلِيل أَنَّ النِّسَاء لَا يَخْتَلِطْنَ فِي الْمَسَاجِد مَعَ الرِّجَال بَلْ يَعْتَزِلْنَ فِي جَانِب الْمَسْجِد وَيُصَلِّينَ هُنَاكَ بِالِاقْتِدَاءِ مَعَ الْإِمَام)أ.هـ.
11.عن أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمَهُ وَمَكَثَ يَسِيرًا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ) رواه البخاري
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ الزهري: نَرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِكَيْ يَنْصَرِفَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ أَحَدٌ مِنْ الرِّجَالِ.
وقال ابن حجر العسقلاني في شرح الحديث: (وَفِي الْحَدِيث مُرَاعَاة الْإِمَام أَحْوَالَ الْمَأْمُومِينَ ، وَالِاحْتِيَاط فِي اِجْتِنَاب مَا قَدْ يُفْضِي إِلَى الْمَحْذُور . وَفِيهِ اِجْتِنَاب مَوَاضِع التُّهَم ، وَكَرَاهَة مُخَالَطَة الرِّجَال لِلنِّسَاءِ فِي الطُّرُقَات فَضْلًا عَنْ الْبُيُوت .)،
وقال العيني في شرحه: (فيه خروج النساء إلى المساجد وسبقهن بالانصراف والاختلاط بهن مظنة الفساد)،
12.عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَتْ النِّسَاءُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ، فَوَعَدَهُنَّ يَوْمًا لَقِيَهُنَّ فِيهِ فَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ فَكَانَ فِيمَا قَالَ لَهُنَّ (مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ ثَلَاثَةً مِنْ وَلَدِهَا إِلَّا كَانَ لَهَا حِجَابًا مِنْ النَّارِ فَقَالَتْ امْرَأَةٌ وَاثْنَتَيْنِ فَقَالَ وَاثْنَتَيْنِ) رواه البخاري في صحيحه،
وقال ابن الجوزي عقب هذا الحديث: (فأما ما أحدث القصاص من جمع النساء والرجال فإنه من البدع التي تجري فيها العجائب من اختلاط النساء بالرجال ورفع النساء أصواتهن بالصياح والنواح إلى غير ذلك)أ.هـ. من كشف المشكل من حديث الصحيحين.
13. ولما جاءت امرأة -والحديث في البخاري- إلى عائشة رضي الله عنها قالت: قومي بنا نستلم الحجر يا أم المؤمنين فقالت: انطلقي .. إليك عني،
وأبت رضي الله عنها أن تقوم لتطوف مع هذه المرأة خشية أن تزاحم الرجال
14. عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي أَشْتَكِي فَقَالَ: (طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ) فَطُفْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَئِذٍ يُصَلِّي إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ وَهُوَ يَقْرَأُ وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ) رواه البخاري
وقال السندي في حاشية النسائي: (فَفِيهِ أَنَّ الِاحْتِرَاز عَنْ طَوَاف النِّسَاء مَعَ الرِّجَال مَهْمَا أَمْكَنَ أَحْسَن حَيْثُ أَجَازَ لَهَا فِي حَال إِقَامَة الصَّلَاة الَّتِي هِيَ حَالَة اِشْتِغَال الرِّجَال بِالصَّلَاةِ لَا فِي حَال طَوَاف الرِّجَال وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم) أ.هـ.
15. رَوَى الْفَاكِهِيّ بسنده عَنْ إِبْرَاهِيم النَّخَعِيِّ قَالَ : (نَهَى عُمَر أَنْ يَطُوف الرِّجَال مَعَ النِّسَاء ، قَالَ فَرَأَى رَجُلًا مَعَهُنَّ فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ)
فيقول الله عز وجل : وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [ ( الإسراء : 32 ) .
يقول العلامة السعدي رحمه الله : والنهي عن قربان الزنى أبلغ من النهي عن مجرد فعله ، لأن ذلك يشمل النهي عن جميع مقدماته ودواعيه ، فإن من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه [2] . فقد نهى عن مجرد القرب له لان ذلك يؤدى الى الوقوع فية
ومن هنا فقد منع الله الاختلاط حتى لا يؤدى الى معصية اكبر وذلك لان الله جعل الميل الفطري بين الرجل والمرأة ميل عميق في التكوين النفسي؛
فقال تعالى : ( زين للناس حب الشهوات من النساء ) .
فالفتنة واضحة فلذا نعلم حكمة الباري جل شأنه في تحريم الإختلاط وذلك لما فيه حرصا على الأعراض وصونا لعفة المرأة ولكرامتها على سلامة المجتمع من العلاقات الغير مشروعة
و هنا اورد الادلة على تحريم الاختلاط
أولاً: أدلة القرآن.
1-قال تعالى: (وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن)
قال الطبري -رحمه الله- في تفسيره: ( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ) يقول: وإذا سألتم أزواج رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ونساء المؤمنين اللواتي لسن لكم بأزواج متاعًا(فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) يقول: من وراء ستر بينكم وبينهن، ولا تدخلوا عليهن بيوتهن)
وقال القرطبي -رحمه الله-: (في هذه الآية دليل على أن الله تعالى أذن في مسألتهن من وراء حجاب، في حاجة تعرض، أو مسألة يستفتين فيها، ويدخل في ذلك جميع النساء بالمعنى، وبما تضمنته أصول الشريعة من أن المرأة كلها عورة)
وقال سيد قطب -رحمه الله-: (فلا يقل أحد غير ما قال الله . لا يقل أحد إن الاختلاط ، وإزالة الحجب، والترخص في الحديث واللقاء والجلوس والمشاركة بين الجنسين أطهر للقلوب ، وأعف للضمائر ، وأعون على تصريف الغريزة المكبوتة ، وعلى إشعار الجنسين بالأدب وترقيق المشاعر والسلوك . . إلى آخر ما يقوله نفر من خلق الله الضعاف المهازيل الجهال المحجوبين . لا يقل أحد شيئاً من هذا والله يقول : { وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن } . . يقول هذا عن نساء النبي الطاهرات . أمهات المؤمنين . وعن رجال الصدر الأول من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن لا تتطاول إليهن وإليهم الأعناق!
وحين يقول الله قولاً ويقول خلق من خلقه قولاً . فالقول لله سبحانه وكل قول آخر هراء ، لا يردده إلا من يجرؤ على القول بأن العبيد الفانين أعلم بالنفس البشرية من الخالق الباقي الذي خلق هؤلاء العبيد! والواقع العملي الملموس يهتف بصدق الله ، وكذب المدعين غير ما يقوله الله.)
2. قال تعالى: (وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ)
قال الشوكاني في تفسيره: ({ قَالَتَا لاَ نَسْقِي حتى يُصْدِرَ الرعاء } أي إن عادتنا التأني حتى يصدر الناس عن الماء ، وينصرفوا منه حذراً من مخالطتهم).
وقال البيضاوي: ({ قَالَتَا لاَ نَسْقِى حتى يُصْدِرَ الرعاء } تصرف الرعاة مواشيهم عن الماء حذراً عن مزاحمة الرجال).
ثانيا الادلة من السنة
3. أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي- صلى الله عليه وسلم - ، قال :(( خيرُ صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها )).
قال النووي في شرحه: (وَإِنَّمَا فَضَّلَ آخِر صُفُوف النِّسَاء الْحَاضِرَات مَعَ الرِّجَال لِبُعْدِهِنَّ مِنْ مُخَالَطَة الرِّجَال وَرُؤْيَتهمْ وَتَعَلُّق الْقَلْب بِهِمْ عِنْد رُؤْيَة حَرَكَاتهمْ وَسَمَاع كَلَامهمْ وَنَحْو ذَلِكَ ، وَذَمَّ أَوَّلَ صُفُوفهنَّ لِعَكْسِ ذَلِكَ . وَاَللَّه أَعْلَم .)
وقال الشوكاني: (قَوْله : ( وَخَيْرُ صُفُوف النِّسَاء آخِرُهَا ) إنَّمَا كَانَ خَيْرهَا لِمَا فِي الْوُقُوف فِيهِ مِنْ الْبُعْد عَنْ مُخَالَطَة الرِّجَال)
وقال السندي في حاشيته على النسائي: (أَيْ أَقَلّهَا أَجْرًا وَفِي النِّسَاء بِالْعَكْسِ وَذَلِكَ لِأَنَّ مُقَارَبَة أَنْفَاس الرِّجَال لِلنِّسَاءِ يُخَاف مِنْهَا أَنْ تُشَوِّش الْمَرْأَةُ عَلَى الرَّجُل وَالرَّجُلُ عَلَى الْمَرْأَة ثُمَّ هَذَا التَّفْصِيل فِي صُفُوف الرِّجَال عَلَى إِطْلَاقه وَفِي صُفُوف النِّسَاء عِنْد الِاخْتِلَاط بِالرِّجَالِ كَذَا قِيلَ وَيُمْكِن حَمْله عَلَى إِطْلَاقه لِمُرَاعَاةِ السَّتْر فَتَأَمَّلْ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .)
فهذا فى حال الصلاة التى يكون فيها المصلى بين يدى الله بعيدا عما يتعلق بمور الدنيا فما بالك فى غير الصلاة ؟؟
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ : قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ " ،هَذَا وَشَبَهُهُ مِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهَا لَا تُمْنَعُ الْمَسْجِدَ لَكِنْ بِشُرُوطٍ ذَكَرَهَا الْعُلَمَاءُ مَأْخُوذَةً مِنْ الْأَحَادِيثِ وَهِيَ أَنْ لَا تَكُونَ مُطَيَّبَةً وَلَا مُتَزَيِّنَةً ، وَلَا ذَاتَ خَلَاخِلَ يُسْمَعُ صَوْتُهَا وَلَا ثِيَابٍ فَاخِرَةٍ ،وَلَا مُخْتَلِطَةً بِالرِّجَالِ ، وَلَا شَابَّةً وَنَحْوَهَا مِمَّنْ يُفْتَتَنُ بِهَا ، وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي الطَّرِيقِ مَا يُخَافُ بِهِ مَفْسَدَةٌ وَنَحْوُهَا .
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : قَالَ اِبْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ : هَذَا الْحَدِيثُ عَامٌّ فِي النِّسَاءِ إِلَّا أَنَّ الْفُقَهَاءَ خَصُّوهُ بِشُرُوطٍ مِنْهَا أَنْ لَا تَطَّيَّبَ وَهُوَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ : " وَلْيَخْرُجْنَ تَفِلَاتٍ " ، أَيْ غَيْرَ مُتَطَيِّبَاتٍ ، وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ زَيْنَبَ اِمْرَأَةِ اِبْنِ مَسْعُودٍ : " إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ الْمَسْجِدَ فَلَا تَمَسَّ طِيبًا " ، قَالَ وَيَلْحَقُ بِالطِّيبِ مَا فِي مَعْنَاهُ لِأَنَّ سَبَبَ الْمَنْعِ مِنْهُ مَا فِيهِ مِنْ تَحْرِيكِ دَاعِيَةِ الشَّهْوَةِ كَحُسْنِ الْمَلْبَسِ وَالْحُلِيِّ الَّذِي يَظْهَرُ وَالزِّينَةِ الْفَاخِرَةِ وَكَذَا الِاخْتِلَاطُ بِالرِّجَالِ.)
وقال الإمام الشنقيطي في أضواء البيان: (وإذا علمت أن هذه الأحاديث دلّت على المتطيِّبة ليس لها الخروج إلى المسجد ، لأنها تحرِّك شهوة الرجال بريح طيبها .
فاعلم أن أهل العلم ألحقوا بالطيب ما في معناه كالزينة الظاهرة ، وصوت الخلخال والثياب الفاخرة ، والاختلاط بالرجال ، ونحو ذلك بجامع أن الجميع سبب الفتنة بتحريك شهوة الرجال ، ووجهه ظاهر كما ترى .)
5. روى البزار بسنده عن سعيد بن المسيب ، عن علي رضي الله عنه أنه كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أي شيء خير للمرأة ؟ فسكتوا ، فلما رجعت قلت لفاطمة : أي شيء خير للنساء ؟ قالت : ألا يراهن الرجال ، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : « إنما فاطمة بضعة مني ».
6. عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ) رواه البخاري ومسلم .
وجه الدلالة : أنه وصفهن بأنهن أضر فتنة ، فكيف يجمع بين الفاتن والمفتون؟!.
7. عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ) رواه مسلم .
وجه الدلالة : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر باتقاء النساء يحصل الامتثال مع الاختلاط؟!
8. روى أبو داود في السنن والبخاري في الكنى بسنديهما ، عن حمزة بن أبي أسيد الأنصاري ، عن أبيه رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق فقال النبي صلى الله عليه وسلم للنساء : ( استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق ، عليكن بحافات الطريق) فكانت المرأة تلصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها ) هذا لفظ أبي داود .
قال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث : (يحققن الطريق) هو أن يركبن حقها ، وهو وسطها .
وجه الدلالة : أن الرسول صلى الله عليه وسلم إذا منعهن من الاختلاط في الطريق لأنه يؤدي إلى الافتنان ، فكيف يقال بجواز الاختلاط ؟!
9. روى أبو داود الطيالسي في سننه وغيره ، عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بنى المسجد جعل باباً للنساء ، وقال لا يلج من هذا الباب من الرجال أحد ) وروى البخاري في ( التاريخ الكبير) عن ابن عمر رضي الله عنهما ، عن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لا تدخلوا المسجد من باب النساء) .
وانما خصصه رسول الله حتى لا يختلط الرجال بالنساء وهم داخلون لبيوت الله
10.عَنْ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَوْ تَرَكْنَا هَذَا الْبَابَ لِلنِّسَاءِ) قَالَ نَافِعٌ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ ابْنُ عُمَرَ حَتَّى مَاتَ، رواه أبو داوود،
وقال صاحب عون المعبود في شرح هذا الحديث:( ( لَوْ تَرَكْنَا هَذَا الْبَاب ): أَيْ بَاب الْمَسْجِد الَّذِي أَشَارَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ( لِلنِّسَاءِ ): لَكَانَ خَيْرًا وَأَحْسَن لِئَلَّا تَخْتَلِط النِّسَاء بِالرِّجَالِ فِي الدُّخُول وَالْخُرُوج مِنْ الْمَسْجِد . وَالْحَدِيث فِيهِ دَلِيل أَنَّ النِّسَاء لَا يَخْتَلِطْنَ فِي الْمَسَاجِد مَعَ الرِّجَال بَلْ يَعْتَزِلْنَ فِي جَانِب الْمَسْجِد وَيُصَلِّينَ هُنَاكَ بِالِاقْتِدَاءِ مَعَ الْإِمَام)أ.هـ.
11.عن أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمَهُ وَمَكَثَ يَسِيرًا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ) رواه البخاري
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ الزهري: نَرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِكَيْ يَنْصَرِفَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ أَحَدٌ مِنْ الرِّجَالِ.
وقال ابن حجر العسقلاني في شرح الحديث: (وَفِي الْحَدِيث مُرَاعَاة الْإِمَام أَحْوَالَ الْمَأْمُومِينَ ، وَالِاحْتِيَاط فِي اِجْتِنَاب مَا قَدْ يُفْضِي إِلَى الْمَحْذُور . وَفِيهِ اِجْتِنَاب مَوَاضِع التُّهَم ، وَكَرَاهَة مُخَالَطَة الرِّجَال لِلنِّسَاءِ فِي الطُّرُقَات فَضْلًا عَنْ الْبُيُوت .)،
وقال العيني في شرحه: (فيه خروج النساء إلى المساجد وسبقهن بالانصراف والاختلاط بهن مظنة الفساد)،
12.عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَتْ النِّسَاءُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ، فَوَعَدَهُنَّ يَوْمًا لَقِيَهُنَّ فِيهِ فَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ فَكَانَ فِيمَا قَالَ لَهُنَّ (مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ ثَلَاثَةً مِنْ وَلَدِهَا إِلَّا كَانَ لَهَا حِجَابًا مِنْ النَّارِ فَقَالَتْ امْرَأَةٌ وَاثْنَتَيْنِ فَقَالَ وَاثْنَتَيْنِ) رواه البخاري في صحيحه،
وقال ابن الجوزي عقب هذا الحديث: (فأما ما أحدث القصاص من جمع النساء والرجال فإنه من البدع التي تجري فيها العجائب من اختلاط النساء بالرجال ورفع النساء أصواتهن بالصياح والنواح إلى غير ذلك)أ.هـ. من كشف المشكل من حديث الصحيحين.
13. ولما جاءت امرأة -والحديث في البخاري- إلى عائشة رضي الله عنها قالت: قومي بنا نستلم الحجر يا أم المؤمنين فقالت: انطلقي .. إليك عني،
وأبت رضي الله عنها أن تقوم لتطوف مع هذه المرأة خشية أن تزاحم الرجال
14. عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي أَشْتَكِي فَقَالَ: (طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ) فَطُفْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَئِذٍ يُصَلِّي إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ وَهُوَ يَقْرَأُ وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ) رواه البخاري
وقال السندي في حاشية النسائي: (فَفِيهِ أَنَّ الِاحْتِرَاز عَنْ طَوَاف النِّسَاء مَعَ الرِّجَال مَهْمَا أَمْكَنَ أَحْسَن حَيْثُ أَجَازَ لَهَا فِي حَال إِقَامَة الصَّلَاة الَّتِي هِيَ حَالَة اِشْتِغَال الرِّجَال بِالصَّلَاةِ لَا فِي حَال طَوَاف الرِّجَال وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم) أ.هـ.
15. رَوَى الْفَاكِهِيّ بسنده عَنْ إِبْرَاهِيم النَّخَعِيِّ قَالَ : (نَهَى عُمَر أَنْ يَطُوف الرِّجَال مَعَ النِّسَاء ، قَالَ فَرَأَى رَجُلًا مَعَهُنَّ فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ)
تعليق