الجاهل من اتعظ بنفسه
بقلم: حمد طبيب
الجهلاء حسبما ذكر بعض العلماء من السلف الصالح نوعان؛ جاهل لا يعرف الامور؛ أي يجهل الأمور فلا يعلمها، وجاهل يتجاهل؛ أي يعلم ويعرف ولكنه يتجاهل الأمر وكأنه لا يعنيه .
والحكام في بلاد المسلمين هم من الصنف الثاني؛ أي هم جهلاء يتجاهلون الأمور، ويتنكّرون للدين والأمة والتاريخ، وحتى للواقع المشاهد المحسوس، ولا يريدون أن يعلموا إلا ما يتعلق بشهواتهم ومصالح أقربائهم وحاشيتهم، ومصالح أوليائهم من الدول الكافرة المستعمرة!! ..
إن هؤلاء الحكام من شياطين الإنس لم يعتبروا بما حدث مع سلفهم ممن سبقهم من حكام، ولا يريدون أن يعتبروا كذلك بما هو جارٍ من أحداث جسام تعصف بأقرانهم في بلاد أخرى، بل ران على قلوبهم ما كسبوا وما عملوا فأغلقت هذه القلوب عن الوعي والإدراك، وغطت أعينهم الغشاوة، فأصبحوا حتى لا يبصرون الوقائع والأحداث كما يجب أن تبصر!! ...
لقد أدرك الحكام الموجودون الآن في سدة الحكم يقيناً أن لا بقاء لهم في عروشهم الواهية المتهرئة، وعلموا بما لا يقبل أي شك أن دول الغرب قد اتخذت قراراً لا رجعة عنه بتبديل كلّ وجوه الحكام السابقين كي يحافظ الغرب على نفوذه ووجوده السياسي في بلاد المسلمين في ظل طوفان التغيير الذي يعم البلدان العربية، ورأى هؤلاء الحكام ماذا حصل بمن سبقهم أمثال زين العابدين، ومبارك وعلي عبد الله صالح والقذافي، لكن هذا العلم والإدراك لم يسعفهم في قبول الحقيقة والتنازل عن الكرسي لغيرهم، بل إنهم يتمسكون بهذه الكرسيّ حتى وإن كُسرت كلّ أرجلها وتحطمت فوق رؤوسهم!! ..
والأغرب من ذلك كله هو أن هؤلاء الحكام لم يلتفتوا إلى دينهم وشعوبهم ليخدموها ولو لمرةٍ واحدة، بعد أن خذلهم أسيادهم وتنازلوا عن حمايتهم وإبقائهم في عروشهم، بل إنهم أصرّوا إلا أن يكونوا حرباً على أمتهم ودينهم وتاريخهم، حتى وهم في النزاع الأخير قبل النهاية المريرة الشريرة!!
إن الحقيقة الساطعة التي يجب أن يدركها هؤلاء الحكام، وأعوانهم وحواشيهم ومن دار في دائرة القربى والولاء والمودة لهم، هي أن الذي يُسند ظهره لغير أمته زائل لا محالة، وأن بقاءه مرهون برضا أسياده عليه، ومرهون بسلّم المصالح لهؤلاء الأسياد، وبمعنى آخر إن الذي لا يسند حكمه- من هؤلاء الحكام- لدينه وأمته فإن نهايته مرعبة كما حصل مع الحكام السابقين عبر التاريخ الإسلامي، وكما هو حاصل هذه الأيام مع هؤلاء الطغاة المتجبرين المجرمين .
ونريد أن نذكر بعض الأمثلة للعظة والاعتبار من التاريخ الماضي والقريب؛ وأكبر الأمثلة على هذه الحقيقة من التاريخ هو ما جرى مع الخليفة العباسي (المستعصم بالله)؛ الذي قبل لنفسه أن يتآمر مع المغول، ويسلم بغداد على طبق من ذهب مقابل سلامته مع عائلته وحاشيته، غير آبه بما سيجري مع شعبه وأمته، فماذا كانت النتيجة؟!، إن النتيجة كانت شراً مستطيراً فوق رأس هذا الجاهل، المتجاهل لحقيقة الكفار ووعودهم وعهودهم، فبعد أن دخلوا بغداد وعاثوا فيها فساداً وإفساداً جاءوا إلى هذا الجاهل المتجاهل - الخائن لدينه وأمته- فنكلوا به شر تنكيل وأعدموه بطريقة رهيبة، حيث ألقوه في نهاية المطاف في بئر للأوساخ !! ..
ومن أمثلة الحاضر القريب ما جرى مع شاه إيران ( محمد رضا بهلوي ) الذي تنكر لدينه وشعبه من أجل خدمة أسياده الكفار .. فماذا كانت النتيجة؟!، لقد تنكر له هؤلاء الكفار وهم ينظرون إلى أبناء دينه وجلدته يقومون على قصره ومقرات حكمه فيحرقونها واحداً بعد الآخر، رغم الاستغاثات والنداءات التي وجهها شاه إيران إلى هؤلاء الأسياد!!..، وقد قال كلمة مشهورة- فيها عبرة لهؤلاء الجهلاء من الحكام- وهو يصعد الطائرة هو وزوجته، وعيونه تذرف الدموع على ما حصل، قال :( لقد أخرجتني أمريكا من إيران كما تخرج الفأر الميت من المصيدة)!!..
أما من الحاضر القريب فإن في أحداث مصر، وما جرى لعرّاب أمريكا في الشرق الأوسط، وسندهم الكبير أكبر عبرة لهؤلاء الجهلاء من الحكام .. فقد تخلّت أمريكا عن هذا المنافق الكبير رغم كل الماضي، ورغم الخدمات الجليلة التي قدّمها هذا العبد المطيع لأسياده الأمريكان، فأمرت قائد الجيش والضباط المقربين أن يأمروه أمراً بالتنازل عن الكرسي، بسبب إدراك أمريكا يقيناً أنه إذا لم يفعل ذلك فإن الأمور ستنقلب فوق رأسها، وستخسر مصر –سياسيا- إلى الأبد، فجاء إليه قائد الجيش وبلّغه بالقرار الصعب، وقال له : (إن لم تقبل بالتنحي بالحسنى فإنك ستندم ندماً شديداً حين لا ينفع الندم)!!..، وفعلاً خُلع هذا العبد المطيع من قبل سيده، وها هي أمريكا تضحّي به وبأسرته جميعاً من أجل تحسين صورة من جاء بعده من حكام كي تحافظ على عرشها ونفوذها في أرض مصر، حيث يُقدم للمحاكمات الذليلة، وتوضع اليد على أملاكه ويمنع من السفر، ويصدر بحقه أحكام الحبس وغير ذلك من إذلال !!
أما ما يجري مع حاكم ليبيا وحاكم اليمن فإنه شرٌ مستطير، حيث رفض هذان العبدان أمر سيدهما بالتنحي سلماً، بسبب تعلّق قلبيهما بالكرسي، وبسبب الكبر والعناد وبسبب صراع المصالح بين القوى الاستعمارية .. فماذا حصل معهما؟!، لقد دبر الكفار طريقة لخلع الأول ( علي صالح ) بالقوة ؛ أي بمحاولة القتل، وها هم الكفار يصرون على قتل الثاني ويتّتبعون أماكن إقامته ويقصفونها بالطائرات، والسبب في كل ذلك ليس تقديم الخدمة للثورات كما يتوهم البعض، ولكن السبب هو المحافظة على النفوذ كي لا يخرج عن السيطرة ويؤثر على الدول المجاورة، لذلك آثر الكفار من الغرب أن يتخلّصوا من هؤلاء العبيد الأذلاء على أن يحدث أمر يكرهونه في المستقبل من زوال نفوذهم نهائياً !!
ولمن بقي من هؤلاء العبيد الأذلاء أقول: ألم يئن لكم أن تعتبروا ممن سبقكم فتعلنوا الولاء لدينكم وأمتكم قبل أن يخلعكم الكفار ويخرجونكم ويلقون بكم في مزابل التاريخ ؟!
ألم يئن لكم أن تقفوا ولو لمرة واحدة وقفة صدق وولاء لأمتكم ودينكم فتسندوا ظهركم إليها بدل إسنادها إلى كفار يتحكمون برقابكم ؟!
ألم يئن لكم أن تسمعوا قول رسولكم عليه السلام وهو ينصحكم فيقول: " العاقل من اتعظ بغيره والجاهل من اتعظ بنفسه؟؟!!.. "
29-6-2011م
بقلم: حمد طبيب
الجهلاء حسبما ذكر بعض العلماء من السلف الصالح نوعان؛ جاهل لا يعرف الامور؛ أي يجهل الأمور فلا يعلمها، وجاهل يتجاهل؛ أي يعلم ويعرف ولكنه يتجاهل الأمر وكأنه لا يعنيه .
والحكام في بلاد المسلمين هم من الصنف الثاني؛ أي هم جهلاء يتجاهلون الأمور، ويتنكّرون للدين والأمة والتاريخ، وحتى للواقع المشاهد المحسوس، ولا يريدون أن يعلموا إلا ما يتعلق بشهواتهم ومصالح أقربائهم وحاشيتهم، ومصالح أوليائهم من الدول الكافرة المستعمرة!! ..
إن هؤلاء الحكام من شياطين الإنس لم يعتبروا بما حدث مع سلفهم ممن سبقهم من حكام، ولا يريدون أن يعتبروا كذلك بما هو جارٍ من أحداث جسام تعصف بأقرانهم في بلاد أخرى، بل ران على قلوبهم ما كسبوا وما عملوا فأغلقت هذه القلوب عن الوعي والإدراك، وغطت أعينهم الغشاوة، فأصبحوا حتى لا يبصرون الوقائع والأحداث كما يجب أن تبصر!! ...
لقد أدرك الحكام الموجودون الآن في سدة الحكم يقيناً أن لا بقاء لهم في عروشهم الواهية المتهرئة، وعلموا بما لا يقبل أي شك أن دول الغرب قد اتخذت قراراً لا رجعة عنه بتبديل كلّ وجوه الحكام السابقين كي يحافظ الغرب على نفوذه ووجوده السياسي في بلاد المسلمين في ظل طوفان التغيير الذي يعم البلدان العربية، ورأى هؤلاء الحكام ماذا حصل بمن سبقهم أمثال زين العابدين، ومبارك وعلي عبد الله صالح والقذافي، لكن هذا العلم والإدراك لم يسعفهم في قبول الحقيقة والتنازل عن الكرسي لغيرهم، بل إنهم يتمسكون بهذه الكرسيّ حتى وإن كُسرت كلّ أرجلها وتحطمت فوق رؤوسهم!! ..
والأغرب من ذلك كله هو أن هؤلاء الحكام لم يلتفتوا إلى دينهم وشعوبهم ليخدموها ولو لمرةٍ واحدة، بعد أن خذلهم أسيادهم وتنازلوا عن حمايتهم وإبقائهم في عروشهم، بل إنهم أصرّوا إلا أن يكونوا حرباً على أمتهم ودينهم وتاريخهم، حتى وهم في النزاع الأخير قبل النهاية المريرة الشريرة!!
إن الحقيقة الساطعة التي يجب أن يدركها هؤلاء الحكام، وأعوانهم وحواشيهم ومن دار في دائرة القربى والولاء والمودة لهم، هي أن الذي يُسند ظهره لغير أمته زائل لا محالة، وأن بقاءه مرهون برضا أسياده عليه، ومرهون بسلّم المصالح لهؤلاء الأسياد، وبمعنى آخر إن الذي لا يسند حكمه- من هؤلاء الحكام- لدينه وأمته فإن نهايته مرعبة كما حصل مع الحكام السابقين عبر التاريخ الإسلامي، وكما هو حاصل هذه الأيام مع هؤلاء الطغاة المتجبرين المجرمين .
ونريد أن نذكر بعض الأمثلة للعظة والاعتبار من التاريخ الماضي والقريب؛ وأكبر الأمثلة على هذه الحقيقة من التاريخ هو ما جرى مع الخليفة العباسي (المستعصم بالله)؛ الذي قبل لنفسه أن يتآمر مع المغول، ويسلم بغداد على طبق من ذهب مقابل سلامته مع عائلته وحاشيته، غير آبه بما سيجري مع شعبه وأمته، فماذا كانت النتيجة؟!، إن النتيجة كانت شراً مستطيراً فوق رأس هذا الجاهل، المتجاهل لحقيقة الكفار ووعودهم وعهودهم، فبعد أن دخلوا بغداد وعاثوا فيها فساداً وإفساداً جاءوا إلى هذا الجاهل المتجاهل - الخائن لدينه وأمته- فنكلوا به شر تنكيل وأعدموه بطريقة رهيبة، حيث ألقوه في نهاية المطاف في بئر للأوساخ !! ..
ومن أمثلة الحاضر القريب ما جرى مع شاه إيران ( محمد رضا بهلوي ) الذي تنكر لدينه وشعبه من أجل خدمة أسياده الكفار .. فماذا كانت النتيجة؟!، لقد تنكر له هؤلاء الكفار وهم ينظرون إلى أبناء دينه وجلدته يقومون على قصره ومقرات حكمه فيحرقونها واحداً بعد الآخر، رغم الاستغاثات والنداءات التي وجهها شاه إيران إلى هؤلاء الأسياد!!..، وقد قال كلمة مشهورة- فيها عبرة لهؤلاء الجهلاء من الحكام- وهو يصعد الطائرة هو وزوجته، وعيونه تذرف الدموع على ما حصل، قال :( لقد أخرجتني أمريكا من إيران كما تخرج الفأر الميت من المصيدة)!!..
أما من الحاضر القريب فإن في أحداث مصر، وما جرى لعرّاب أمريكا في الشرق الأوسط، وسندهم الكبير أكبر عبرة لهؤلاء الجهلاء من الحكام .. فقد تخلّت أمريكا عن هذا المنافق الكبير رغم كل الماضي، ورغم الخدمات الجليلة التي قدّمها هذا العبد المطيع لأسياده الأمريكان، فأمرت قائد الجيش والضباط المقربين أن يأمروه أمراً بالتنازل عن الكرسي، بسبب إدراك أمريكا يقيناً أنه إذا لم يفعل ذلك فإن الأمور ستنقلب فوق رأسها، وستخسر مصر –سياسيا- إلى الأبد، فجاء إليه قائد الجيش وبلّغه بالقرار الصعب، وقال له : (إن لم تقبل بالتنحي بالحسنى فإنك ستندم ندماً شديداً حين لا ينفع الندم)!!..، وفعلاً خُلع هذا العبد المطيع من قبل سيده، وها هي أمريكا تضحّي به وبأسرته جميعاً من أجل تحسين صورة من جاء بعده من حكام كي تحافظ على عرشها ونفوذها في أرض مصر، حيث يُقدم للمحاكمات الذليلة، وتوضع اليد على أملاكه ويمنع من السفر، ويصدر بحقه أحكام الحبس وغير ذلك من إذلال !!
أما ما يجري مع حاكم ليبيا وحاكم اليمن فإنه شرٌ مستطير، حيث رفض هذان العبدان أمر سيدهما بالتنحي سلماً، بسبب تعلّق قلبيهما بالكرسي، وبسبب الكبر والعناد وبسبب صراع المصالح بين القوى الاستعمارية .. فماذا حصل معهما؟!، لقد دبر الكفار طريقة لخلع الأول ( علي صالح ) بالقوة ؛ أي بمحاولة القتل، وها هم الكفار يصرون على قتل الثاني ويتّتبعون أماكن إقامته ويقصفونها بالطائرات، والسبب في كل ذلك ليس تقديم الخدمة للثورات كما يتوهم البعض، ولكن السبب هو المحافظة على النفوذ كي لا يخرج عن السيطرة ويؤثر على الدول المجاورة، لذلك آثر الكفار من الغرب أن يتخلّصوا من هؤلاء العبيد الأذلاء على أن يحدث أمر يكرهونه في المستقبل من زوال نفوذهم نهائياً !!
ولمن بقي من هؤلاء العبيد الأذلاء أقول: ألم يئن لكم أن تعتبروا ممن سبقكم فتعلنوا الولاء لدينكم وأمتكم قبل أن يخلعكم الكفار ويخرجونكم ويلقون بكم في مزابل التاريخ ؟!
ألم يئن لكم أن تقفوا ولو لمرة واحدة وقفة صدق وولاء لأمتكم ودينكم فتسندوا ظهركم إليها بدل إسنادها إلى كفار يتحكمون برقابكم ؟!
ألم يئن لكم أن تسمعوا قول رسولكم عليه السلام وهو ينصحكم فيقول: " العاقل من اتعظ بغيره والجاهل من اتعظ بنفسه؟؟!!.. "
29-6-2011م
تعليق