في عام 1919 ثار المصريون على الاحتلال الإنجليزي فسأل تشرشل: "ماذا يريد المصريون؟"، فقالوا له يريدون دستورا ومجلسا نيابيا, فقال: "أعطوهم لعبة تلهون بها".
بعد نجاح الرئيس الموريتاني في الانتخابات السابقة التي قامت إثر الانقلاب على الرئيس المتصهين معاوية ولد الطائع, راح يهلل أنصار الديمقراطية والليبرالية باعتبارها معجزة ديمقراطية أثبتت إمكانية الحياة لهذه الفكرة الخيالية, ولم يكن مصدر السعادة هو نجاح الديمقراطية بانقلاب عسكري, ولكن مصدر سعادة هؤلاء هي إقبال الشعب الموريتاني على الديمقراطية في بلد لا يزال الإسلام فيه حاضرا على المستوى الشعبي والمستوى التعليمي والثقافي, وبعد الانقلاب العسكري الأخير على نفس الرئيس الديمقراطي راح العلمانيون يتبرؤن من التجربة الموريتانية, كما تبرؤوا من قبل من التجربة الجزائرية ومن بعدها التجربة اللبنانية التي ما زالت مستعرة, وفي بلاهة شديدة بدأت المظاهرات مرة اخرى في نفس البلد تطالب بعودة الحكومة الديمقراطية!!
وما أشد ألمي وأنا اتباع هذه الشعوب المغيبة في أفيون الديمقراطية لاسيما ولم أجد أحد من المسلمين فطن إلى نقد الديمقراطية كمنهج لا كتجربة، وقد أغري بريقها كثير من المسلمين وراحوا يهللون لها بلا وعي ولا فطنة باعتبارها المنقذ لهم من سعير الدكتاتورية القابعة على صدورهم منذ سنين...
وقد يبدوا هذا وجيها للوهلة الأولى, فقد سام الناس السجون والمعتقلات والمطاردات الأمنية وكبت الحريات وقمع المخالفين واستطالة الفاسدين وتسلط الطغاة, لكن المخرج من هذا ليس في الديمقراطية أبداً, فالديمقراطية ليست سوى أسطورة غربية يلهون بها الأمة عن شريعتها ودينها.
تبدأ الديمقراطية تاريخها من خلال أسطورة مدينة إسبرطة التي كان يحكمها مجلس مكون من كل رجال المدينة يدير كل شئونها ولا يقضى فيها أمر إلا بالرجوع إلى هذا المجلس والذي لا ينعقد حتى يكتمل له نصاب قانوني يفوق ثلثي رجال المدينة، وتؤخذ القرارات فيه بالأغلبية، وكان من صلاحيات المجلس انتخاب الحاكم وإصدار القوانين ومتابعة تنفيذها ومعاقبة المخالفين، وانتهت هذه الصورة من الحكم مع فناء مدينة إسبرطة.
وظلت أوربا تتنقل بين طرق وأساليب الحكم القائمة على الطغيان واستعباد الشعب بدا من تأليه الحاكم لنفسه وانتهاء بالتحالف الشيطاني بين الكنيسة والاقتطاع في العصر النصراني, وعندما قامت حركة النهضة الغربية على التراث الإغريقي الروماني بدأ البعض ينادى بالديمقراطية ويطلب استدعائها من بطون التاريخ
وبعد ثورة الشعب على فساد الكنيسة وطغيانها في أوربا استدعيت هذه الصورة الأسطورية لتصبح منهجا قابلا للتنفيذ, لكنها لم تكن بهذه السهولة فقد قامت ثورات وحروب حتى استقرت على تلك الصورة التي يلمع بريقها فوق رؤوس المعذبين في الأرض.
بدأت الصورة بدأت الديمقراطية تكوينها بإلغاء الحق الإلهي المقدس –المزعوم- لرجال الكنيسة ثم المطالبة بإلغاء التميز التشريعي بين طبقات الشعب ثم تكوين مجلس نيابي يقوم بالإشراف على أعمال الحكومة.
ولا تزال هذه الثلاثة هي أبهى ما في الديمقراطية, لكن من يقرأ التاريخ يجد أن هذه الثلاثة لم تتحقق إلا بالإضرابات والمظاهرات والقتال والموت أحيانا كثيرة فالسادة المنتفعين لم يكونوا لينزلوا عن رغباتهم ومصالحهم للشعب بالسهولة المتوقعة، لكن ماذا حدث بعد نصف قرن من الحروب والتقاتل بين الشعب وبين الإقطاعيين والحكام .
لقد طالب الشعب بإلغاء التميز قانونا فكان له ذلك, لكنه لم يغير من واقع الأمر شيئا فكان لا يزال التميز قائما نفسيا وواقعيا في الغرب, ربما حتى اليوم, وفهل حققت الديمقراطية آمالهم؟
وقاتل الشعب ليكون له مجلس منتخب يعكس اختياره يحكم برأيه ويراقب أعمال الحكومة فكان له ذلك بعد عناء مرير... ولكن من هم أعضاء هذا المجلس وهل يملك كل فرد الترشح له؟ بالطبع لا, فالمجلس حكرا على الأغنياء والإقطاعيين بواقع الحال فلا يملك أحد الفقراء المال لينفق على حملات الدعاية والمنافسة الانتخابية, لذلك ظل المجلس حكرا على الأغنياء والمنتفعين ثم أعطيت حصانة لهم تمنع عنهم المحاسبة على جرائمهم إلا بإذن شركائهم في المجلس والجريمة!!
ومجلس من الأغنياء والإقطاعيين بهذه الصورة هل يتوقع أن يصدر قوانين ضد مصالحهم الشخصية؟ أو حتى قوانين تقيد هذه المصالح أو تحجمها؟!!.
وقد ملك الشعب حق انتخاب الحكام والنواب لكن الحكام والنواب ملكوا حق تشكيل رأي الناخب عن طريق وسائل الإعلام والحملات الدعائية التي تسيطر عليها النخبة من الحكام والأغنياء, فصارت الورقة في يد الشعب والقلم في يد الطغاة.
ولقد ملك الفرد في الغرب الحرية الشخصية الكاملة, لكنها في المقابل تقف دائما عند حدود السلطة وعلى حافة مصالح الطغاة فإذا اصطدمت بها أو شكلت لها عائقا على الحقيقة فهنا تكشر الديمقراطية عن أنيابها ويسقط قناعها الزائف لتظهر الشمولية والديكتاتورية المستترة خلفها, وقد قتلت الديمقراطية رئيس أكبر دولة في العالم - جون كيندي – لأنه فكر في المساس بمصالح الطبقة الحاكمة والمنتفعة المتمثلة في شركات السلاح.
المتابع الجيدة للديمقراطية يجدها ديكتاتورية ناعمة تعتمد الخداع قبل الفتك والتضليل قبل التقتيل والسم قبل السيف، أما ديمقراطية الكتب والأساطير فهي جزء من واقعها؛ كتب وأساطير وحسب
أحبار على رقوق وخيالات في ذهن الرواي فقط, لكنها عجزت بنرجسيتها الجامحة أن تجد لها موطأ في حياة البشر.
وهب أن الاسطورة تحققت والتناقضات وقعت وأعطيت هذه الشعوب تلك الديمقراطية المزعومة هبة من الطغاة أنفسهم!!، فهل سينتفعون بها ويحافظون عليها؟
لا يوجد نظام يعمل من تلقاء نفسه دون أن يكون البشر حارسين عليه, حتى النظام الرباني وهل الأمة التي ضيعت الإسلام كانت ستحافظ على الديمقراطية؟
وهب أن الديمقراطية المسطورة تلك وجدت لها مجالا واقعا في حياة البشرية فهل تعني لنا بديلا عن الإسلام ؟ولماذا لا يوجد في الإسلام تميزا بين البشر أو عنصرية مقيتة كتلك التي عانى منها الغرب يوما، ولا يعرف الإسلام ذلك الحق الإلهي المزعوم لبشر كائنا من كان، وكل فرد في الإسلام مسئول عن مراقبة الحكومة بل والمجتمع بأسره, ويحق له النهى عن أي مخالفة و إنكار أي اعوجاج عن الطريق المستقيم.
أن الديمقراطية نبتة غريبة نمت في غير أرضنا وتكيفت لتعالج أمراض وأزمات أمة أخرى من الناس قطعت الكنيسة علاقتهم بربهم وقطعت الشهوات مسئوليتهم الإنسانية تجاه بعضهم البعض فباتت الحرية الشخصية في الفساد والإفساد مطلبهم الأول والأخير.
أما المؤمنين بشريعة السماء ورسالة الله الخالدة والمتبعين لنهج النبوة القويم فلا بديل لهم عن هذه الشريعة الالهية وذاك المنهج الرباني...
منقول من موقع طريق الإسلام
بعد نجاح الرئيس الموريتاني في الانتخابات السابقة التي قامت إثر الانقلاب على الرئيس المتصهين معاوية ولد الطائع, راح يهلل أنصار الديمقراطية والليبرالية باعتبارها معجزة ديمقراطية أثبتت إمكانية الحياة لهذه الفكرة الخيالية, ولم يكن مصدر السعادة هو نجاح الديمقراطية بانقلاب عسكري, ولكن مصدر سعادة هؤلاء هي إقبال الشعب الموريتاني على الديمقراطية في بلد لا يزال الإسلام فيه حاضرا على المستوى الشعبي والمستوى التعليمي والثقافي, وبعد الانقلاب العسكري الأخير على نفس الرئيس الديمقراطي راح العلمانيون يتبرؤن من التجربة الموريتانية, كما تبرؤوا من قبل من التجربة الجزائرية ومن بعدها التجربة اللبنانية التي ما زالت مستعرة, وفي بلاهة شديدة بدأت المظاهرات مرة اخرى في نفس البلد تطالب بعودة الحكومة الديمقراطية!!
وما أشد ألمي وأنا اتباع هذه الشعوب المغيبة في أفيون الديمقراطية لاسيما ولم أجد أحد من المسلمين فطن إلى نقد الديمقراطية كمنهج لا كتجربة، وقد أغري بريقها كثير من المسلمين وراحوا يهللون لها بلا وعي ولا فطنة باعتبارها المنقذ لهم من سعير الدكتاتورية القابعة على صدورهم منذ سنين...
وقد يبدوا هذا وجيها للوهلة الأولى, فقد سام الناس السجون والمعتقلات والمطاردات الأمنية وكبت الحريات وقمع المخالفين واستطالة الفاسدين وتسلط الطغاة, لكن المخرج من هذا ليس في الديمقراطية أبداً, فالديمقراطية ليست سوى أسطورة غربية يلهون بها الأمة عن شريعتها ودينها.
تبدأ الديمقراطية تاريخها من خلال أسطورة مدينة إسبرطة التي كان يحكمها مجلس مكون من كل رجال المدينة يدير كل شئونها ولا يقضى فيها أمر إلا بالرجوع إلى هذا المجلس والذي لا ينعقد حتى يكتمل له نصاب قانوني يفوق ثلثي رجال المدينة، وتؤخذ القرارات فيه بالأغلبية، وكان من صلاحيات المجلس انتخاب الحاكم وإصدار القوانين ومتابعة تنفيذها ومعاقبة المخالفين، وانتهت هذه الصورة من الحكم مع فناء مدينة إسبرطة.
وظلت أوربا تتنقل بين طرق وأساليب الحكم القائمة على الطغيان واستعباد الشعب بدا من تأليه الحاكم لنفسه وانتهاء بالتحالف الشيطاني بين الكنيسة والاقتطاع في العصر النصراني, وعندما قامت حركة النهضة الغربية على التراث الإغريقي الروماني بدأ البعض ينادى بالديمقراطية ويطلب استدعائها من بطون التاريخ
وبعد ثورة الشعب على فساد الكنيسة وطغيانها في أوربا استدعيت هذه الصورة الأسطورية لتصبح منهجا قابلا للتنفيذ, لكنها لم تكن بهذه السهولة فقد قامت ثورات وحروب حتى استقرت على تلك الصورة التي يلمع بريقها فوق رؤوس المعذبين في الأرض.
بدأت الصورة بدأت الديمقراطية تكوينها بإلغاء الحق الإلهي المقدس –المزعوم- لرجال الكنيسة ثم المطالبة بإلغاء التميز التشريعي بين طبقات الشعب ثم تكوين مجلس نيابي يقوم بالإشراف على أعمال الحكومة.
ولا تزال هذه الثلاثة هي أبهى ما في الديمقراطية, لكن من يقرأ التاريخ يجد أن هذه الثلاثة لم تتحقق إلا بالإضرابات والمظاهرات والقتال والموت أحيانا كثيرة فالسادة المنتفعين لم يكونوا لينزلوا عن رغباتهم ومصالحهم للشعب بالسهولة المتوقعة، لكن ماذا حدث بعد نصف قرن من الحروب والتقاتل بين الشعب وبين الإقطاعيين والحكام .
لقد طالب الشعب بإلغاء التميز قانونا فكان له ذلك, لكنه لم يغير من واقع الأمر شيئا فكان لا يزال التميز قائما نفسيا وواقعيا في الغرب, ربما حتى اليوم, وفهل حققت الديمقراطية آمالهم؟
وقاتل الشعب ليكون له مجلس منتخب يعكس اختياره يحكم برأيه ويراقب أعمال الحكومة فكان له ذلك بعد عناء مرير... ولكن من هم أعضاء هذا المجلس وهل يملك كل فرد الترشح له؟ بالطبع لا, فالمجلس حكرا على الأغنياء والإقطاعيين بواقع الحال فلا يملك أحد الفقراء المال لينفق على حملات الدعاية والمنافسة الانتخابية, لذلك ظل المجلس حكرا على الأغنياء والمنتفعين ثم أعطيت حصانة لهم تمنع عنهم المحاسبة على جرائمهم إلا بإذن شركائهم في المجلس والجريمة!!
ومجلس من الأغنياء والإقطاعيين بهذه الصورة هل يتوقع أن يصدر قوانين ضد مصالحهم الشخصية؟ أو حتى قوانين تقيد هذه المصالح أو تحجمها؟!!.
وقد ملك الشعب حق انتخاب الحكام والنواب لكن الحكام والنواب ملكوا حق تشكيل رأي الناخب عن طريق وسائل الإعلام والحملات الدعائية التي تسيطر عليها النخبة من الحكام والأغنياء, فصارت الورقة في يد الشعب والقلم في يد الطغاة.
ولقد ملك الفرد في الغرب الحرية الشخصية الكاملة, لكنها في المقابل تقف دائما عند حدود السلطة وعلى حافة مصالح الطغاة فإذا اصطدمت بها أو شكلت لها عائقا على الحقيقة فهنا تكشر الديمقراطية عن أنيابها ويسقط قناعها الزائف لتظهر الشمولية والديكتاتورية المستترة خلفها, وقد قتلت الديمقراطية رئيس أكبر دولة في العالم - جون كيندي – لأنه فكر في المساس بمصالح الطبقة الحاكمة والمنتفعة المتمثلة في شركات السلاح.
المتابع الجيدة للديمقراطية يجدها ديكتاتورية ناعمة تعتمد الخداع قبل الفتك والتضليل قبل التقتيل والسم قبل السيف، أما ديمقراطية الكتب والأساطير فهي جزء من واقعها؛ كتب وأساطير وحسب
أحبار على رقوق وخيالات في ذهن الرواي فقط, لكنها عجزت بنرجسيتها الجامحة أن تجد لها موطأ في حياة البشر.
وهب أن الاسطورة تحققت والتناقضات وقعت وأعطيت هذه الشعوب تلك الديمقراطية المزعومة هبة من الطغاة أنفسهم!!، فهل سينتفعون بها ويحافظون عليها؟
لا يوجد نظام يعمل من تلقاء نفسه دون أن يكون البشر حارسين عليه, حتى النظام الرباني وهل الأمة التي ضيعت الإسلام كانت ستحافظ على الديمقراطية؟
وهب أن الديمقراطية المسطورة تلك وجدت لها مجالا واقعا في حياة البشرية فهل تعني لنا بديلا عن الإسلام ؟ولماذا لا يوجد في الإسلام تميزا بين البشر أو عنصرية مقيتة كتلك التي عانى منها الغرب يوما، ولا يعرف الإسلام ذلك الحق الإلهي المزعوم لبشر كائنا من كان، وكل فرد في الإسلام مسئول عن مراقبة الحكومة بل والمجتمع بأسره, ويحق له النهى عن أي مخالفة و إنكار أي اعوجاج عن الطريق المستقيم.
أن الديمقراطية نبتة غريبة نمت في غير أرضنا وتكيفت لتعالج أمراض وأزمات أمة أخرى من الناس قطعت الكنيسة علاقتهم بربهم وقطعت الشهوات مسئوليتهم الإنسانية تجاه بعضهم البعض فباتت الحرية الشخصية في الفساد والإفساد مطلبهم الأول والأخير.
أما المؤمنين بشريعة السماء ورسالة الله الخالدة والمتبعين لنهج النبوة القويم فلا بديل لهم عن هذه الشريعة الالهية وذاك المنهج الرباني...
منقول من موقع طريق الإسلام
تعليق