هذه مقالة للدكتور العلامة السلفى مصطفى حلمى حفظه الله
هى عبارة عن مقال وضعه الشيخ فى اخر كتابه المسمى "المنهج السلفى لا الحداثة طريق النهضة"
وقد نقلتها للاخوه لانها مهمة جدا
حيث كتب الشيخ يقول:
أما المناسبة لضم هذه المقالة للكتاب , فهي للرد على الحداثيين الذين يطالبوننا بهدم العقائد والأعراف والمقدسات في سبيل تحقيق مشروعهم " النهضوى " وهو في حقيقته " تخريبي مدمر " في الوقت الذي يعيش فيه الغرب _وهو مثلهم الأعلى _ صحوة دينيه حقيقية معاصره ,عبرت عنها كارين ارمسترونج _أستاذ الأديان المقارنة بجامعة اكسفورد _بقولها \\\\
(إن الدين اصبح من جديد قوه يعمل لها ألف حساب ,وانتشرت صحوة دينيه واسعة لم تدر بخلد الكثيرين في الخمسينات والستينات ,اا في حين كان العلمانيون يفترضون أن الدين خرافه تجاوزها الإنسان المتحضر العقلاني ,وانه على احسن الافتراضات مجرد نشاط فردى عاجز عن التأثير في الأحداث العالمية .)
فانت اخى تملك الان من خلال هذه السطور سلاحا تحارب به كل من ادعى علمانية الغرب
والان اقرا المقالة بتأنى .
خدعونا فقالوا إن الغرب تخلى عن دينه
قال الرئيس على بيجوفيتش (إن العودة إلى الدين أصبحت ظاهره عالميه في كل مكان قمع فيه الشيوعيون الدين على مدى خمسين إلى سبعين سنه
نعم ,هناك أسلمه في البوسنة ......وهى صحوة إسلامية بقدر ما فيها من صحوة أرثوذكسية وكاثوليكية ,ولكن الفرق هو أن عودة المسيحيين إلى دينهم لم تلفت انتباه أوروبا المسيحية وهو أمر لا ألومها عليه , أما عودة المسلمين إلى دينهم فقد اعتبرته أمرا مفزعا)"1"
مدخل \\\
سبق أن عرضت من قبل بكتاب "حضارة العصر الوجه الأخر" "2" قضية أحياء الدين وتوظيفه سياسيا في الغرب .... وتلخص العرض في بيان علامات الصحوة الدينية هناك التي كانت مستورة وراء السلوكيات الدبلوماسية التي تظهر غير ما تبطن ,وعقب أحداث سبتمبر ظهرت على السطح بشكل سافر علامات العداء للإسلام والمسلمين , فبدأنا نتنبه إلى الحركات والأنشطة الدينية التي كانت تتحرك في أعماق المجتمعات _سواء في أوروبا أو في أمريكا _ورأينا من واجبنا إعادة النظر فيها وعرضها بشكل اشمل ,لعلها تحدث فينا يقظة دينيه مقابلها ,وعلى مستواها.
ومن العلامات التي تستوقف الباحث ,أن الحركة السلفية الأصولية الإنجيلية _أو اليمين المسيحي الجديد _ ظهرت في أمريكا مع بدايات القرن العشرين , وهناك منظمه تعلن بصراحة وقوه أن العهد القديم يتضمن الخطة الصالحة لإقامة مجتمع مثالي ,ولابد من إقامته حتى لو اقتضى الأمر_ حسب عقيدتها_ إحراق مجتمع المفسدين والكفار والعلمانيين لإقرار حاكمية الرب ,واتسعت هناك دائرة الوعظ الإنجيلي على الشاشة الصغيرة.
وفى أوروبا أعلن بابا روما السابق ضرورة توحيد الصفوف عندهم للتصدي للمد الإسلامي وتنصير العالم.
لذلك فأنى في هذه المقالة ,أعود فأعالج نفس القضية من منظور دراسي يبحث عن أعماق التدين في الغرب الذي ظهر سافرا ألان ,بعد " إفلاس العلمانية " وكما عبر عن ذلك الباحث الفرنسي "جيل كيبل".
يقول جيل كيبل تحت عنوان "أوروبا ارض إرسال وإرسالية":
(ينفتح الربع الأخير من القرن العشرين,في أوروبا الكاثوليكية على مفارقة ,إذ يبدو المجتمع وكأنه لم يكن يما على هذا القدر الكثيف من الدنيوية العلمانية ومن اللا مسيحية , ومع هذا فان حركات معودة تنصيره تنبعث وتتولد في كل مكان .فهنا تعمل جماعات اللدنية على جعل خريجي الجامعات يكتشفون نفحة الروح القدس ,بينما تكاثر جماعات سواها عمليات الشفاء العجائبي المعجز ,وهناك تعبيء منظمات مثل " التناول والتحرير " التي تريد إعادة خلق مجتمع مسيحي بعد " إفلاس العلمانية ",من مئات الاف الشبان الإيطاليين ,في حين تتكون وتتهيكل في أوروبا الشرقية التي لم تعد سوفيتية ,حركات اجتماعيه وأحزاب تجعل بعد أربعين سنه من الإلحاد الرسمي ,من التأكيد على كاثوليكيتها ,معيار هويتها السياسية )"3"
أما المناسبة لضم هذه المقالة للكتاب , فهي للرد على الحداثيين الذين يطالبوننا بهدم العقائد والأعراف والمقدسات في سبيل تحقيق مشروعهم " النهضوى " وهو في حقيقته " تخريبي مدمر " في الوقت الذي يعيش فيه الغرب _وهو مثلهم الأعلى _ صحوة دينيه حقيقية معاصره ,عبرت عنها كارين ارمسترونج _أستاذ الأديان المقارنة بجامعة اكسفورد _بقولها \\\\
(إن الدين اصبح من جديد قوه يعمل لها ألف حساب ,وانتشرت صحوة دينيه واسعة لم تدر بخلد الكثيرين في الخمسينات والستينات ,اا في حين كان العلمانيون يفترضون أن الدين خرافه تجاوزها الإنسان المتحضر العقلاني ,وانه على احسن الافتراضات مجرد نشاط فردى عاجز عن التأثير في الأحداث العالمية .)
وتمضى في وصف التغييرات الجديدة في الحياة الدينية بأنها أشبه بالثورة فتقول (فربما هجرنا إلى الأبد أسلوب النظر القديم إلى ديننا وثقافتنا واديان الأخرين وثقافتهم , ولقد سبه بعضهم التأثير المرجح لذلك بالثورة التي أحدثها العلم في نظرة الرجال والنساء إلى الدنيا على امتداد العالم بـأسره)"4"
ألا يحق لنا بعد هذا كله أن نبحث بالمنهجين الوصفي والتاريخي مكانة الدين في الحياة السياسية والاجتماعية هناك بعد أن :
خدعونا فقالوا إن الرب تخلى عن دينه :
وسنثير في هذه المقالة على نقيض هذه المقولة ,إذ روج الغرب لشعار " فصل الدين عن الدولة " عقب استعماره لبلادنا ,ورودته أبواق دعاياته,وألح عليه بعض كتابنا وأصحاب الراى فينا المفتونين بالغرب , واصبح شعار العلمانيين الأشهر , لاسيما منذ صدور كتاب على عبد الرازق "الإسلام وأصول الحكم" , وبعد أن حقق الغرب هدفه الأكبر بتحطيم الخلافة العثمانية"5", وأصيب اغلبنا بما يشبه التنويم المغناطيسي , إلى أن استيقظنا على قعقة السلاح وإعلان تجدد الحروب الصليبية على لسان الرئيس الأمريكي في وصفه لحرب العراق في مارس عام 2003 , بأنها صليبيه .
وأخذت استعيد قراءة ما كتبه الدكتور حامد ربيع رحمه الله تعالى الذي درس تاريخ الكنيسة بعناية ,واثبت أن ما زعمه الغرب من فصل الدين عن الدولة لم يتحقق إلا في العصور الوسطى ,ثم لفترة استثنائية أثناء الثورة الفرنسية ,ثم بطل العمل بهذا المبدأ منذ أعلن البابا الكاثوليكي ليون الثالث عشر في عام 1891 عن "الأشياء الجديدة" ومؤداها التعبير عن إرادات الكنيسة في الأحداث وتأدية وظيفتها التاريخية بأساليب جديده , وإعلان رأيها بإيمان وثقه في مشاكل المجتمع ,وسرعان ما باشرت الكنيسة وظيفتها في :
الأحزاب الكاثوليكية
النقابات الكاثوليكية
الجمعيات الكاثوليكية
الجامعات الكاثوليكية
وكلها تملك استقلالا حركيا مع اتفاقها في أهداف مشتركة ."6"
ويزيد الدكتور حامد ربيع رحمه الله القضية إيضاحا بقوله (الكنيسة تعل صراحة بان عليها وظيفة سياسية لابد وان تؤديها من خلال منطلقات الصراع الدولي ,بل إن الجسري الحاخام اليهودي يعلن أن وظيفته أساسا وظيفة سياسية ,بل إن منطلق هذه الوظيفة هو القيادة الجماهيرية ,والجيوش العصرية تعرف أيضا رجال الكهنوت ,مسيحيين كانوا أم يهود الذين يرافقون قواتهم دفاعا عن مبادئهم القومية ,ودون أن يعنى ذلك سوى تأكيد للارتباط بين الدين والسلطة)"7"
ووصل الدكتور حامد رحمه الله _وهو أول من نبه وهو الخبير بتاريخ الكنيسة في الغرب _إلى أن العلمانية لم تطبق عمليا إلا لفترة استثنائية ,كما بين أن الشعار الذي رفعه العلمانيون لإبعاد الدين عن النظم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بمقولة (دع ما لقيصر لقيصر‘ وما لله لله )
,فقد رفعته الثورة الفرنسية ,ولم يدم طويلا أو يستقر تنفيذا وعملا ,إن بمتابعة تاريخ هذه الثورة اتضح أنها عندما قامت على أساس الشعار العلماني أي تقييد نطاق الدلالة السياسية لكل ما له صله بالمفاهيم والأوضاع الدينية ,"فان مثل هذا التصور إنما يعبر عن وضع استثنائي وفترة مقيدة من حيث دلالتها عندما نتذكر حقيقة ما سبقها وما لحقها من أحداث".
ومن هذا الحيز الضيق الاستثنائي في تاريخ الكنيسة في الغرب ,سجل رد الفعل الخاطيء لدى المستغربين عندنا فقال مستطردا (الثورة الفرنسية أحدثت القطيعة التي لم تعرفها التقاليد العربية إلا فقط خلال القرن العشرين وهى في حقيقتها رد فعل فاشل لفهم خاطيء لحقيقة العلاقة بين القيم الدينية والقيم السياسية )."8"
وهذا ما دفعني إلى استعراض مفصل لتاريخ الكنيسة الكاثوليكية وعودتها إلى أداء دورها السياسي الدولي ,وكذلك إلقاء الضوء على الصحوة الدينية في أمريكا وفقا للترتيب التالي :::
1_الإصلاح الديني في تاريخ أوروبا ,وفى عصر النهضة ودوافعه الحقيقية
2_دور الكنيسة الكاثوليكية ونشاطها الدولي
3_توكيد الهوية الدينية في أمريكا " الأصولية المسيحية "
أولا : الدوافع الحقيقية للإصلاح الديني في عصر النهضة ::::-
جاء عصر النهضة في أوروبا بتغييرات أشبه بالإعصار العنيف ليقتله كافة النظم والقيم التي سادت في العصور الوسطى ,فأصابت في اجتياحاتها للمجتمعات والتقاليد بالانهيار ,كإقبال الناس على الإسراف في المقامرة ,وعدم التقيد بالروابط الزوجية ومخالفة الأفراد لأوامر الحكومة ,ولم تسلم الكنيسة والباباوات من الأحوال الشاذة المخالفة لقواعد الدين والأخلاق"9"
وبحثا عن طريق الخلاص اتجه الناس أولا إلى الناحية الدينية ,فظهرت في إيطاليا وخارجها حركات دينيه تصوفية لإصلاح المجتمع دينيا وخلقيا وسياسيا ,مثل حركة" بيتر والدو"
الذي عمل هو وأنصاره على وجوب ارجع الدين إلى نص الكتاب المقدس ,ودعا إلى إصلاح الكنيسة .
واستمر يظهر في إيطاليا طوائف من الرهبان يعظون الناس ,والامتناع عن حياة الفسوق التي عاشها كثير من أهل العصر , ويهاجمون الربا الفاحش وحياة الاستهتار والبذخ ,فلقوا قبولا من الناس حتى ضاقت بهم الكنيسة,فوعظوهم في الميادين العامة"10"
ومن هؤلاء الرهبان الذين اسهموا في الإصلاح الديني الراهب "سافونا رولا" الذي يعد المهد لمارتن لوثر كما يرى "ديورانت", أي أن عصر النهضة لم يلق بالدين وراء ظهره رافضا إياه , ولم يكن ثائرا على الدين نفسه , بل على بعض رجال الكنيسة بغية إنقاذ الدين .
وكان تصور هذا الراهب للدين اعم واشمل من الاقتصار على مفهوم العبادات الفردية , ويتضح ذلك من دفاعه عن موقفه أمام أحد المجالس الدينية التي استدعى إليها للنظر في أمر تدخله في شئون الدولة , فقال لأعضاء ذلك المجلس الديني :
(إن غيره من رجال الدين اشتغلوا قبله بالسياسة ,ولا جريمة في ذلك إلا إذا لم يكن هناك غرض سام أو سعى لإعلاء شان الدين .وتحدى الجميع أن يذكروا له جملة واحدة في الكتاب المقدس تمنع رجال الدين من معاضدة حكومة حرة لتطبيق قواعد الأخلاق والدين )"11"
وكتب إلي ملوك فرنسا وأسبانيا وألمانيا وبلاد المجر ,يرجوهم أن يدعوا إلي مؤتمر عام لإصلاح الكنيسة ,وجاء في رسالته :"لقد حان وقت الانتقام ,وقد أمرني الله أن اكشف عن أسرار جديده ,وان اظهر للعالم الأخطار التي تهدد سفينة القديس بطرس نتيجة لطول إهمالكم ,إن الكنيسة غاصة بكل ما هو مرذول وممقوت من قمة رأسها إلي أخمص قدميها ,ومع ذلك فإنكم لا تكتفون بالسكوت على علاج مساوئها ,بل إنكم تقدمون الولاء والخشوع للمتسببين في هذه الرذائل التي تدنسها "12"
وقد أودت خصومته للبابا إسكندر السادس بحياته ,وكانت جرأته في الحق لا تجارى بمثل قوله (لا يستطيع البابا أن يصدر أمرا ما يتعارض مع مقتضيات البر أو أوامر الإنجيل .....وإذا تبين بوضوح أن أوامر الرؤساء تتعارض مع أوامر الله ,وبخاصة إذا تعارضت مع قواعد البر والخير ,فما من أحد من الناس في هذه الحال ملزم بإطاعتها )"13"
وبمثل هذا السجل الحافل بالمواقف والأقوال التي لا تمحى من ذاكرة التاريخ الديني بالغرب ,جاء بعد " سافولانا رولا " "لوثر" ,وبالموازنة بينهما وصفه ديورانت بقوله (لقد كان بروتستنتينيا قبل أن يجيء لوثر ,ولكن بروتستنتيته لم يكن لها معنى إلا أنها الدعوة لإصلاح الكنيسة ,ولم يكن يشارك لوثر في شيء من أرائه الدينية المخالفة لأراء الكنيسة القائمة ,ولكن ذكراه أصبحت قوة تملا عقول البروتستنت ,ولذلك لقبه لوثر بالقديس )"14"
وبعد هذه العجالة ,لا ندرى سبب الوهم القائل بعداء أوروبا للدين أو نبذه ,فقد تبين للدارس أن الغيرة على الدين هي التي دفعت بالمصلحين إلي اتخاذ المواقف المطالبة بإصلاح الكنائس ,وتطبيق الدين في الحياة السياسية كما ورد في دفاع الراهب " سافولانا رولا " أنفا _لا استبعاد الدين نفسه وإهماله والتخلي عنه برمته "15"
ثانيا_ الكنيسة الكاثوليكية ونشاطها الدولي ::::-
يقول"ميران مشيدلوف مؤلف كتاب "الدين في عالم اليوم":--
"يحدث في كثير من الأحيان أن يخلط الناس بين المقر البابوي المقدس الذي كانت له شخصيته المعنوية في القانون الدولي , وما كان له من سلطات انتهت سنة 1870م وبين مدينة الفاتيكان التي تعتبر منذ عام 1929م أشبه بحكومة إقطاعية في المقر البابوي المقدس "
ثم بين العرف الدولي منح الدولة البابوية الحق في تعيين ممثلين لها في الدول المختلفة وإبرام المعاهدات وعقد الإتفاقات ,كذلك ففن الكنيسة الكاثوليكية لها هيئة إدارية قوية تضم مجموعات الكرادلة والمحاكم وغير ذلك مما يشكل الأداة الحاكمة البابا"16"
ويمكن رسم إطار الكنيسة الكاثوليكية ببيان عنصرين هامين ,هما
1_البعثات أو الإرساليات الدينية
2_المنظمات الدينية
1_البعثات أو الإرساليات الدينية:-
يتم تكوينها وتباشر أعمالها بواسطة توجيه الهيئة الخاصة بالدعاية في الفاتيكان ,وكانت تبعث القساوسة ورجال الدين إلى المستعمرات الذين يستمدون قوتهم من الكنيسة ,ثم بدأ يختفي رويدا تعبير كنيسة الجنس الأبيض ,فأعترف الفاتيكان سنة 1926م بأحد عشر أسقفا في أسيا يحملون كلهم جنسيات أسيوية ,ثم عين سنة 1935م أول أسقف في إرتيريا بأفريقيا ,وفي سنة 1946م كاردينال صيني وأخر هندي سنة 1952م ,وذهبت الكنيسة الكاثوليكية إلى أبعد من هذا حينما تبنت وشجعت إنشاء نقابات تقف في وجه النظم الاشتراكية والشيوعية ,وهي أعمال ذات صبغة سياسية"17"
2_المنظمات الدينية:-
وفقا لإحصاء عام 1957م ,بلغ عدد مجموع الأعضاء في المحافل والجمعيات الكاثوليكية في العالم مليونا وثلاثمائة ألف من بينهم ثلاثمائة ألف رجل ,وهو في الحقيقة جيش بالغ القوة يضع نفسه بين يدي المقر البابوي وينفذ التعاليم الصادرة إليه في دقة بالغة ,وللكنيسة الكاثوليكية نشاط أخر بواسطة المعاهد الدراسية العلمانية التي ليس لها نظم الأديرة ,ولكنها تتخذ شكل أسر من الأتقياء والقساوسة العلمانيين يعيشون في معزل عن الناس ويحترمون قانونا خاصا بهم ,ويدينون بالطاعة لرؤسائهم ,ومن أهمها معهد "اوبيس دى",الذي أعترف به رسميا في روما عام 1950م ,ويعين رئيسه البابا ويظل مدى الحياة ,وأهدافه دينية بحتة ,ويحرص أعضاؤه على نشر المبادئ المسيحية لدي أصحاب المراكز الرئيسية في المجتمع أولا ثم الرغبة في الضغط والتأثير على الهيئة الحاكمة .
ويتصف هذا المعهد بالغموض ,ولإجتماعاته صبغة سرية مطلقة ,ويقتصر على أعضائه ,وكان لهذا المعهد تأثير بالغ على أسبانيا بموارده المالية الضخمة ,وامتلاكه لعدد من الصحف ودور النشر ومجموعة من الفنيين لعمل أفلام سينمائية تدعو لأهدافه ,مما جعله يسيطر على قطاعات عديدة كالجامعات الأسبانية ووزارة الأقتصاد الوطني وغيرها ,ولم يظل نشاط هذا المعهد قاصرا على أسبانيا بل امتد حتى شمل حوالي ثلاثين دولة "18".
وتتخذ العلاقات بين المركز البابوي في الفاتيكان وسائر الدول الأخرى شكل اتفاقات "وهذا النوع من الأدوات الدبلوماسية يتصل بمحاولة البحث عن التوازن بين المصالح الروحية والمصالح الدنيوية "19".
اندفعت الكنيسة الكاثوليكية قدما في تنفيذ رسالتها بالرغم من العوائق والصعوبات ,كحرمانها في الحرب العالمية الأولي من اقوي حماتها _وهى النمسا والمجر _ والمواقف الصعبة لدول وسط أوروبا بين ألمانيا الهتلريه وروسيا في الحرب العالمية الثانية مما دفع الفاتيكان بعدها لتقوية علاقاته مع ألمانيا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية.
وبالرغم من كل ذلك ,فإن روما _أو الفاتيكان _ بما لها من مبادئ لا تحيد عنها أخذت تقاتل "من اجل أن تبقى شعلة الديانة الكاثوليكية مضيئة حتى أخر لحظة ممكنة" "20".
يقول جان مينو :"ويمكننا القول أن ادعاء الكنيسة أنها بعيدة كل البعد عن السياسة ما هو إلا مجرد وهم أو خيال ,ذلك إذا لم يكن هذا الادعاء ذر للرماد في العيون ,وما دامت الكنيسة تعيش في هذا العالم الزاخر بمختلف متطلبات الحياة فمن العبث الادعاء بأنها تفلت من التأثير في السياسة أو الأثير عليها "21"
نفوذ الكنيسة الكاثوليكية في ميدان الساسة الدولية :-
يرى مؤلف كتاب "القوى الخفية" أن تدخل البابا في مجال السياسة الدولية ليس موضوعا محدد المعالم حتى يتأتى له تحديد معناه وتحليله أي أنه يتسم بالاتساع والكثافة إلى ابعد مدى ,ولكنه يلتمس طريقه في الدراسة بالتقاط بعض الأمثلة ,فمنها القانون الذي صدر في روما عام 1960م الذى يحدد حقوق والتزامات الكنيسة الكاثوليكية عند اختيار السياسيين من الكاثوليكيين وفقا لمبادئ وروح الدين المسيحي ,ومن ثم لا يصرح للمؤمنين بالمذهب ألكثوليكي بالأنظمام إلى الحركات التي تتبع المبادئ الماركسية أو يتعاونوا معها ,ويتأكد نفوذ المقر البابوي في إيطاليا بالذات
(حيث يوجد هناك ما يسمونه " بينتاجون سياسي " ,أي وزارة عامه للحرب السياسية)"22"
وقد ادان البابا الشيوعية إدانة حاسمة .
وبسبب تعدد الخلافات فى فرنسا فان تصرفات الكاثوليكيين هناك تتسم بالقسوة والوحشية احيانا ,ولا سيما فيما يتعلق بالاتجاهات الاجتماعية والسياسية التقدمية ,وهناك مثال لتدخل البابا فى امور اجتماعية بحته يتمثل في البيان الذى اصدره ليحرم فيه وسائل تحديد النسل ,ومثال اخر لتدخله في الامور السياسية ,فقد شجع البابا فكرة اتحاد اوروبا .
ويتضح من كل ما تقدم انه توجد حركة كاثوليكية قوية ومتحدة لها اهداف محددة للجهاد فى هذا السبيل ,وان التنظيمات التى تتكون منها الحركة تتميز ,بالكثافة والدقة ,ويتم التعاون المتبادل بينها بواسطة مؤتمر المنظمات الكاثوليكية الدولية " ومقره الرسمى في مدينة "فريبورج"بسويسرا وينعقد منذ عام 1927م بانتظام كل سنه لدراسة المسائل المتعلقة بالحياة الكاثوليكية الدولية ,كما اسس عدة مراكز للتنسيق وللاتصال ,مهمتها تمثيل الكاثوليكيين لدى التنظيمات الدولية الحكومية ,وكلها تخضع للرقابة العليا من الفاتيكان بواسطة السفارات البابوية او المبعوثين المفوضين من الفاتيكان .
ويستثنى من هذه الرقابة التنظيمات التى ترفض الانصياع للقوانين التى وضعتها روما,وإن كانت تستوحى العقيدة والاخلاق المسيحية مثلا "الاتحاد الدولى للنقابات المسيحية ".
وفى المجال الثقافى حددت الكنيسة الكاثوليكية هدفها الرئيسى (بنشرالحقيقة الالهية على مستوى الفكر ,وتعمل على تعاون الجامعيين غير الدينيين على تكوين الفكرة المسيحية ,كما تعمل على إدخال الكنيسة الكاثوليكية في كافة البلدان وفي كافة المجالات الثقافية المختلفة) "23".
ويقول جان مينو في نهاية عرضه (ولا شك في أن نفوذ الكنيسة الكاثوليكية بالشكل الذي استعرضناه ,يعطى فكرة عن مدى نفوذها وقدرتها على التأثير والضغط في المجال الدولي ,وبطريقة تجعل من العسير مقارنتها بقوة دينية أخرى) "24".
ولا نستطيع أن نغض الطرف ونحن نعرض لقيام الكنيسة بأداء دورها في جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية داخل القارة الاوروبية وخارجها ,
لا نستطيع ان نغض الطرف عن اتساع نشاطها فى مجال التبشير ومحاولة تقليص المد الاسلامى الاخذ في الاتساع بالرغم من الخطط الاستعمارية الطويلة المدى التى لم تفلح في القضاء عليه كما كان مرسوما ومستهدفا.
وترى الدكتورة زينب عبد العزيز أن من اغراض فكرة توحيد الكنائس التى تحددت في المجمع الفاتيكاني الثاني_ كما أعلن البابا_ (توحيد الصفوف للتصدى للمد الاسلامى)"25"
كذلك استعرضت الدكتوره ما كتبته "كونستانس تشيزارى" بكتابها المعنون"البابا وكم من فريق؟"
عن مدى عناية البابا الذى يهدف من ضم الجماعات المسيحية إلى خدمة الهدف المعلن بوضوح
(وهو اقتلاع الاسلام وتنصير العالم)"26".
ثالثا_توكيد الهوية الدينية في أمريكا:::::-"27"
الاصولية الامريكية:-
وفي عملية (أعادة توكيد الهوية الدينية على المسرح السياسى )"28"
يقرر الباحث الفرنسى جيل كيبل (أن الانجيليين والاصوليين الامريكيين _بين مجمل حركات إعادة التأكيد على الدين _يحتلون موقفا فريدا ومركزيا في ان معا على المسرح السياسى )"29"
ويؤرخ للطفرة الثقافية المتمثلة بالتوظيف الكثيف للشاشة الصغيرة في الوعظ الانجيلى "الكنائس المرئية " من اواسط السبعينيات ,إذ شعر ملايين الامريكيين بالحاجة ‘إلى اعتناق اشكال التدين التى كان يقدمها لهم جيم وإمى باكر واضرابهما من رجال الدين المشهورين في امريكا_ امثال جيرى فالويل وجيمس سواغارت وبات روبرتسون_ وقد نجحوا في صياغة التحول في العمق في الاخلاق الاجتماعية بمقولات الخطاب الانجيلى أو السلفى الاصولى "30"
وهناك اليوم اكثر من 60 مليون شخص يعلنون انهم مسيحيون معمدون "ولدوا ثانية" ,وهناك 60 مليون أخرين يعتبرون أنفسهم مؤيدون للأخلاق الدينية ,وهناك 50 مليونا يمتلكون مثلا أعلى خلقيا ويريدون أن يربوا اولأدهم في مجتمع خلقي ,84%من الشعب الأمريكى يعتقدون ان الوصايا العشر لا تزال صالحة اليوم"31"
وابرز الحركات الدينية السياسية هي التي قام بها جيرى فالويل عام 1979م ,وكان يعلن انه حان الوقت لكي يجمع الامريكيون الاخلاقيون قواهم لإنقاذ "امتنا الحبيبة"
وقد شهدت هذه الحركة وسواها من الحركات التي تقاسمها أهدافها تناميا مرموقا بين أواسط السبعينيات ونهاية الثمانينات ضمن الاطار الاوسع الذي يطلق عليه في أمريكا السلفية الاصولية الانجيليانية أو اليمين المسيحي الجديد.
ولكن مرقص يؤرخ للاصولين المسيحين مع بدايات القرن العشرين ,إذ تبلورت فكريا في اعقاب نشر سلسلة من 12 مجلدا تحت عنوان "الاصول" تضم تسعين مقالة حررها مختلف اللاهوتين البروتستانت المعارضين لكل تسوية أو حل وسط مع الحداثة ,والاصولية المسيحية هي التي وضعت التأسيس النظري لدور "الله" في تطهير الثقافة السائدة , وشن الحرب المقدسة ضد الشيطان القابع فى قلب الوطن ,وانهم وحدهم المعبرين عن "الارادة الالهية" وقد اخذ هذا التصور ليشمل السياسة الخارجية الامريكية في أول الحرب العالمية _ على سبيل المثال_
حربا بين العقلانية الالمانية والمسيحية الامريكية "32"
يتضح أيضا أن لهذه الحركات صلات قوية بتوجيه سياسة أمريكا نحو أسرائيل ,واتضحت في اقوال بعض رؤساء _مثل كارتر في قوله امام الكنيست الاسرائيلى :(لقد اقام كلا من اسرائيل وامريكا مهاجرون رواد .... ثم إننا نتقاسم معكم تراث التوراة"33"
وكذلك مقولة كلينتون في خطاب الاتحاد سنة 1997م (استرشادا بالرؤية القديمة لارض الميعاد ,فلنوجه ابصارنا إلى ارض الميعاد الجديد)"34"
هذا بينما تعلن منظمة شاليدون بصراحة وقوة (ان العهد القديم يتضمن الخطة اصالحة لاقامة مجتمع مثالى ...ولابد من اقامة حكم يتبنى تعاليم العهد القديم ...حتى لو تطلب الامر احراق مجتمع المفسدين والكفار والعلمانيين لاقرار حاكمية الرب )"35"
وفي النهاية يتبين ان هذه الانشطة استطاعت توجيه سياسة امريكا الخارجية ,فقد (استطاعت الحركة الاصولية البروتستانتينيه ان تلعب دورا مؤثرا في الحياة السياسية الامريكية ,واستبعاد المفاهيم والتصورات النقية التى طرحتها الاصولية في بدايات القرن ,وصبغها بأبعاد سياسية ,واستخدامها فى الواقع السياسى الامريكى ,بل وامتدادها لتشمل السياسة الخارجية الامريكية )"36"
وكان المرشحون الثلاثة إبان انتخابات الرئاسة عام 1980م _اندرسون وكارتر وريغان _كانوا يعلنون جميعا انتمائهم إلى الانجيلية "37"
1- مجلة المختار
2- وقد صدر قبل احداث 11سبتمبر (يقصد الدكتور مصطفى كتابه حضارة العصر الوجه الاخر)
ويفسر الدكتور مراد هوفمان الفير الالمانى المهتدى للاسلام الخوف من الاسلام منذ التوسع المذهل للاسلام فى القرنين 7و8 الملاديين
كذلك يلخص طريق وسائل الاعلام الغربية ,بما قاله الشاعر الالمانى جوته "لايعنينى الا ان اتذكر هؤلاء المعارضين الذين اذا ما ارادوا شرا باحد فانهم يشوهونه اولا ,ثم يحولونه الى وحش يجب محاربته"من كتابه الاسلام فى الالفية الثالثة
3- جيل كيبل "ثأر الله –الحركات الاصولية المعاصرة فى الديانات الثلاث"وينظر ايضا بحثه تحت عنوان "انحلال سحر العلمانية"
4- "محمد عليه السلام"كارين ارمسترونج
ويقرر القس اكرام لمعى بانه لم يحدث فى عصر من العصور ان كان الدين محورا للاهتمام للدرجة التى اختلط فيها الدين بالاسس والمبادئ التي تبنى عليها معظم النظريات السياسية والاقتصادية كعصرنا الحالى"
ويقول "اصبح الدين هو الملجأ الاخير الثابت الذى تتعلق به حضارات تنهار وحضارات تريد ان تستيقظ من جديد"من كتابه الاختراق الصهيونى للمسيحية
5- يقول جون بول رو ::لم يكن القضاء على الدولة العثمانية الا مظهرا من مظاهر الهجوم العام الذى يشنه الاوربيون على الدولة الاسلامية ,ومن جزر الفلبين الى افريقيا عمل الرجل الابيض على بسط سيطرته على الرجل المسلم ,وفرض عليه مفاهيمه فى الوجود وطرق معيشته وتفكيره ,ومخططاته وتكتيكه.
6- "سلوك المالك فى تدبير الممالك "ابن ابى الربيع تحقيق د/ حامد ربيع
7- المرجع السابق
8- ..............ويقول الدكتور حامد "الثورة الفرنسية لم تستطع ان تستاصل الوجود الكاثوليك من الحياة الدينية ,وعادت الكنيسة لتؤكد ان وظيفتها السياسية ابدية لا يمكن ان تختفى"
9- د/حسن عثمان "سافونارولا –الراهب الثائر"
10- نفس المرجع
11- نفس المرجع
وقال مرة الراهب سافونا امام الجموع المحتشدة فى مدينة فلورنسا "رئيسنا الجديد هو يسوع المسيح ذاته ,هو ملكنا ,وليس لنا حاكم غيره"
12- "قصة الحضارة" ويل ديورانت
13- نفس المرجع
14- نفس المرجع
15- سافونا رولا د/حسن عثمان
ويذكر د/عبد الودود شلبى ان رحلة البابا الى افريقيا كانت ضد النهضة الاسلامية المتزايدة فى القارة من كتابه "الاسلام والغرب"
16- "الدين فى عالم اليوم"ميران مشيدلزف
17- نفس المرجع
ويرى جيفرى لانج ان تعبير علمانية الغرب تعبير خاطئ ويجانب الصواب تماما
18- نفس المرجع
19- نفس المرجع
20- نفس المرجع
21- "القوى الخفية التي تحكم العالم "جان مينو استاذ العلوم السياسية بجامعة مونتريال
22- نفس المرجع
23- نفس المرجع
ومما يذكر فى هذا الصدد النشاط الموسع للفاتيكان فى مجال التعليم ,فعلى سبيل المثال يوجد فى مصر 168 مدرسة خاصة تتبع الكاثوليك بلا شروط اجنبية لاقامتها من مقال لعبد الفتاح مغاورى بعنوان "خصصة التعليم الازهرى " جريدة افاق عربيه
24- نفسه "القوى الخفية"
ويرى الدكتور عبد الودود ان مجلس الكنائس العالمى من اهدافه تنصير المسلمين , وان هذا المجلس انشأته احهزة المخابرات الاستعمارية كراس حربة لاثارة القلاقل والفتن فى العالم الاسلامى من كتابه الاسلام والغرب
25- زينب عبد العزيز "حرب صليبية بكل المقاييس"
26- نفس المرجع السابق
واستخلص الفريق سعد الدين الشاذلى من دراسة لحرب الخليج الاولى انها الحرب الصليبية الثامنة من كتابه "الحرب الصليبة الثامنة –العدوان على العراق"
يقول الاستاذ صلاح الدين حافظ :"مع بوش كتيبة مقاتلة من اشد صقور اليمين الدينى المحافظ المتلهف على القتل والعدوا باسم الله واخلاق دعوات التبشير الدينى فى العالم _على نقيض القيم العلمانية الامريكية القديمة _بعد ان غلبت المسيحية الينية على السياسة الامريكية الحالية تحت دعاوى هداية البشر بامر الهى"جريدة الاهرام 29/12/2004م.
27- يقول جيمس فين "لا احد يستطيع ان يفهم امريكا وحرياتها ,إلا إذا وعى وتفهم التاثير الذى باشره ومازال يباشره الدين فى صنع هذا البلد" المسيح اليهودى ونهاية العالم للدكتور رضا هلال.
28- جيل كيبل "ثأر الله ....."
29- نفس المرجع السابق
30- نفسه
31- نفسه
وكشف استطلاع جالوب ان 70 مليون من الامريكيين يشاهدون الشردبكات التلفزيونيه الايفانجيلية "الكنائس المرئية" التى يبلغ عددها 104 محطة تلفزيون ,اضافة الى 1006قناة بنظام الشفرة الكابل ,وتزايد عدد دور النشر الى 1300 دار نشر متخصصة فى العناوين المسيحية ,إضافة الى 7الاف مكتبة لتوزيع الكتب المسيحية وتقدر مبيعاتها بحوالى 3 مليارات دولار سنويا , اما الائتلاف المسيحى ,فقد اسس شبكة اذاعات تضم 1300محطة اذاعة عام 1989م . من كتاب المسيح اليهودى لرضا هلال
32- سمير مرقص "رسالة فى الاصولية البروتستانتينيه والسياسة الخارجية الامريكية "
33- رضا هلال السيح اليهودى
34- نفس المرجع السابق
35- نفسه
36- سمير مرقص "رسالة فى الاصولية البروتستانتينيه والسياسة الخارجية الامريكية "
37- جيل كيبل "ثأر الله ....."
ويقول المهتدى للاسلام احمد عبد الله "سابقا رالف دنيس " اسلمت حيث كان يجب ان اكون من الد اعداء الاسلام فقد تعرفت على الاسلام فى جمعة من اخطر الجامعات التى تخصصت فى محربة الاسلام انها جامعة برنستون المعروفة فى امريكا "الاسلام والغرب "عبد الودود شلبى.
هى عبارة عن مقال وضعه الشيخ فى اخر كتابه المسمى "المنهج السلفى لا الحداثة طريق النهضة"
وقد نقلتها للاخوه لانها مهمة جدا
حيث كتب الشيخ يقول:
أما المناسبة لضم هذه المقالة للكتاب , فهي للرد على الحداثيين الذين يطالبوننا بهدم العقائد والأعراف والمقدسات في سبيل تحقيق مشروعهم " النهضوى " وهو في حقيقته " تخريبي مدمر " في الوقت الذي يعيش فيه الغرب _وهو مثلهم الأعلى _ صحوة دينيه حقيقية معاصره ,عبرت عنها كارين ارمسترونج _أستاذ الأديان المقارنة بجامعة اكسفورد _بقولها \\\\
(إن الدين اصبح من جديد قوه يعمل لها ألف حساب ,وانتشرت صحوة دينيه واسعة لم تدر بخلد الكثيرين في الخمسينات والستينات ,اا في حين كان العلمانيون يفترضون أن الدين خرافه تجاوزها الإنسان المتحضر العقلاني ,وانه على احسن الافتراضات مجرد نشاط فردى عاجز عن التأثير في الأحداث العالمية .)
فانت اخى تملك الان من خلال هذه السطور سلاحا تحارب به كل من ادعى علمانية الغرب
والان اقرا المقالة بتأنى .
خدعونا فقالوا إن الغرب تخلى عن دينه
قال الرئيس على بيجوفيتش (إن العودة إلى الدين أصبحت ظاهره عالميه في كل مكان قمع فيه الشيوعيون الدين على مدى خمسين إلى سبعين سنه
نعم ,هناك أسلمه في البوسنة ......وهى صحوة إسلامية بقدر ما فيها من صحوة أرثوذكسية وكاثوليكية ,ولكن الفرق هو أن عودة المسيحيين إلى دينهم لم تلفت انتباه أوروبا المسيحية وهو أمر لا ألومها عليه , أما عودة المسلمين إلى دينهم فقد اعتبرته أمرا مفزعا)"1"
مدخل \\\
سبق أن عرضت من قبل بكتاب "حضارة العصر الوجه الأخر" "2" قضية أحياء الدين وتوظيفه سياسيا في الغرب .... وتلخص العرض في بيان علامات الصحوة الدينية هناك التي كانت مستورة وراء السلوكيات الدبلوماسية التي تظهر غير ما تبطن ,وعقب أحداث سبتمبر ظهرت على السطح بشكل سافر علامات العداء للإسلام والمسلمين , فبدأنا نتنبه إلى الحركات والأنشطة الدينية التي كانت تتحرك في أعماق المجتمعات _سواء في أوروبا أو في أمريكا _ورأينا من واجبنا إعادة النظر فيها وعرضها بشكل اشمل ,لعلها تحدث فينا يقظة دينيه مقابلها ,وعلى مستواها.
ومن العلامات التي تستوقف الباحث ,أن الحركة السلفية الأصولية الإنجيلية _أو اليمين المسيحي الجديد _ ظهرت في أمريكا مع بدايات القرن العشرين , وهناك منظمه تعلن بصراحة وقوه أن العهد القديم يتضمن الخطة الصالحة لإقامة مجتمع مثالي ,ولابد من إقامته حتى لو اقتضى الأمر_ حسب عقيدتها_ إحراق مجتمع المفسدين والكفار والعلمانيين لإقرار حاكمية الرب ,واتسعت هناك دائرة الوعظ الإنجيلي على الشاشة الصغيرة.
وفى أوروبا أعلن بابا روما السابق ضرورة توحيد الصفوف عندهم للتصدي للمد الإسلامي وتنصير العالم.
لذلك فأنى في هذه المقالة ,أعود فأعالج نفس القضية من منظور دراسي يبحث عن أعماق التدين في الغرب الذي ظهر سافرا ألان ,بعد " إفلاس العلمانية " وكما عبر عن ذلك الباحث الفرنسي "جيل كيبل".
يقول جيل كيبل تحت عنوان "أوروبا ارض إرسال وإرسالية":
(ينفتح الربع الأخير من القرن العشرين,في أوروبا الكاثوليكية على مفارقة ,إذ يبدو المجتمع وكأنه لم يكن يما على هذا القدر الكثيف من الدنيوية العلمانية ومن اللا مسيحية , ومع هذا فان حركات معودة تنصيره تنبعث وتتولد في كل مكان .فهنا تعمل جماعات اللدنية على جعل خريجي الجامعات يكتشفون نفحة الروح القدس ,بينما تكاثر جماعات سواها عمليات الشفاء العجائبي المعجز ,وهناك تعبيء منظمات مثل " التناول والتحرير " التي تريد إعادة خلق مجتمع مسيحي بعد " إفلاس العلمانية ",من مئات الاف الشبان الإيطاليين ,في حين تتكون وتتهيكل في أوروبا الشرقية التي لم تعد سوفيتية ,حركات اجتماعيه وأحزاب تجعل بعد أربعين سنه من الإلحاد الرسمي ,من التأكيد على كاثوليكيتها ,معيار هويتها السياسية )"3"
أما المناسبة لضم هذه المقالة للكتاب , فهي للرد على الحداثيين الذين يطالبوننا بهدم العقائد والأعراف والمقدسات في سبيل تحقيق مشروعهم " النهضوى " وهو في حقيقته " تخريبي مدمر " في الوقت الذي يعيش فيه الغرب _وهو مثلهم الأعلى _ صحوة دينيه حقيقية معاصره ,عبرت عنها كارين ارمسترونج _أستاذ الأديان المقارنة بجامعة اكسفورد _بقولها \\\\
(إن الدين اصبح من جديد قوه يعمل لها ألف حساب ,وانتشرت صحوة دينيه واسعة لم تدر بخلد الكثيرين في الخمسينات والستينات ,اا في حين كان العلمانيون يفترضون أن الدين خرافه تجاوزها الإنسان المتحضر العقلاني ,وانه على احسن الافتراضات مجرد نشاط فردى عاجز عن التأثير في الأحداث العالمية .)
وتمضى في وصف التغييرات الجديدة في الحياة الدينية بأنها أشبه بالثورة فتقول (فربما هجرنا إلى الأبد أسلوب النظر القديم إلى ديننا وثقافتنا واديان الأخرين وثقافتهم , ولقد سبه بعضهم التأثير المرجح لذلك بالثورة التي أحدثها العلم في نظرة الرجال والنساء إلى الدنيا على امتداد العالم بـأسره)"4"
ألا يحق لنا بعد هذا كله أن نبحث بالمنهجين الوصفي والتاريخي مكانة الدين في الحياة السياسية والاجتماعية هناك بعد أن :
خدعونا فقالوا إن الرب تخلى عن دينه :
وسنثير في هذه المقالة على نقيض هذه المقولة ,إذ روج الغرب لشعار " فصل الدين عن الدولة " عقب استعماره لبلادنا ,ورودته أبواق دعاياته,وألح عليه بعض كتابنا وأصحاب الراى فينا المفتونين بالغرب , واصبح شعار العلمانيين الأشهر , لاسيما منذ صدور كتاب على عبد الرازق "الإسلام وأصول الحكم" , وبعد أن حقق الغرب هدفه الأكبر بتحطيم الخلافة العثمانية"5", وأصيب اغلبنا بما يشبه التنويم المغناطيسي , إلى أن استيقظنا على قعقة السلاح وإعلان تجدد الحروب الصليبية على لسان الرئيس الأمريكي في وصفه لحرب العراق في مارس عام 2003 , بأنها صليبيه .
وأخذت استعيد قراءة ما كتبه الدكتور حامد ربيع رحمه الله تعالى الذي درس تاريخ الكنيسة بعناية ,واثبت أن ما زعمه الغرب من فصل الدين عن الدولة لم يتحقق إلا في العصور الوسطى ,ثم لفترة استثنائية أثناء الثورة الفرنسية ,ثم بطل العمل بهذا المبدأ منذ أعلن البابا الكاثوليكي ليون الثالث عشر في عام 1891 عن "الأشياء الجديدة" ومؤداها التعبير عن إرادات الكنيسة في الأحداث وتأدية وظيفتها التاريخية بأساليب جديده , وإعلان رأيها بإيمان وثقه في مشاكل المجتمع ,وسرعان ما باشرت الكنيسة وظيفتها في :
الأحزاب الكاثوليكية
النقابات الكاثوليكية
الجمعيات الكاثوليكية
الجامعات الكاثوليكية
وكلها تملك استقلالا حركيا مع اتفاقها في أهداف مشتركة ."6"
ويزيد الدكتور حامد ربيع رحمه الله القضية إيضاحا بقوله (الكنيسة تعل صراحة بان عليها وظيفة سياسية لابد وان تؤديها من خلال منطلقات الصراع الدولي ,بل إن الجسري الحاخام اليهودي يعلن أن وظيفته أساسا وظيفة سياسية ,بل إن منطلق هذه الوظيفة هو القيادة الجماهيرية ,والجيوش العصرية تعرف أيضا رجال الكهنوت ,مسيحيين كانوا أم يهود الذين يرافقون قواتهم دفاعا عن مبادئهم القومية ,ودون أن يعنى ذلك سوى تأكيد للارتباط بين الدين والسلطة)"7"
ووصل الدكتور حامد رحمه الله _وهو أول من نبه وهو الخبير بتاريخ الكنيسة في الغرب _إلى أن العلمانية لم تطبق عمليا إلا لفترة استثنائية ,كما بين أن الشعار الذي رفعه العلمانيون لإبعاد الدين عن النظم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بمقولة (دع ما لقيصر لقيصر‘ وما لله لله )
,فقد رفعته الثورة الفرنسية ,ولم يدم طويلا أو يستقر تنفيذا وعملا ,إن بمتابعة تاريخ هذه الثورة اتضح أنها عندما قامت على أساس الشعار العلماني أي تقييد نطاق الدلالة السياسية لكل ما له صله بالمفاهيم والأوضاع الدينية ,"فان مثل هذا التصور إنما يعبر عن وضع استثنائي وفترة مقيدة من حيث دلالتها عندما نتذكر حقيقة ما سبقها وما لحقها من أحداث".
ومن هذا الحيز الضيق الاستثنائي في تاريخ الكنيسة في الغرب ,سجل رد الفعل الخاطيء لدى المستغربين عندنا فقال مستطردا (الثورة الفرنسية أحدثت القطيعة التي لم تعرفها التقاليد العربية إلا فقط خلال القرن العشرين وهى في حقيقتها رد فعل فاشل لفهم خاطيء لحقيقة العلاقة بين القيم الدينية والقيم السياسية )."8"
وهذا ما دفعني إلى استعراض مفصل لتاريخ الكنيسة الكاثوليكية وعودتها إلى أداء دورها السياسي الدولي ,وكذلك إلقاء الضوء على الصحوة الدينية في أمريكا وفقا للترتيب التالي :::
1_الإصلاح الديني في تاريخ أوروبا ,وفى عصر النهضة ودوافعه الحقيقية
2_دور الكنيسة الكاثوليكية ونشاطها الدولي
3_توكيد الهوية الدينية في أمريكا " الأصولية المسيحية "
أولا : الدوافع الحقيقية للإصلاح الديني في عصر النهضة ::::-
جاء عصر النهضة في أوروبا بتغييرات أشبه بالإعصار العنيف ليقتله كافة النظم والقيم التي سادت في العصور الوسطى ,فأصابت في اجتياحاتها للمجتمعات والتقاليد بالانهيار ,كإقبال الناس على الإسراف في المقامرة ,وعدم التقيد بالروابط الزوجية ومخالفة الأفراد لأوامر الحكومة ,ولم تسلم الكنيسة والباباوات من الأحوال الشاذة المخالفة لقواعد الدين والأخلاق"9"
وبحثا عن طريق الخلاص اتجه الناس أولا إلى الناحية الدينية ,فظهرت في إيطاليا وخارجها حركات دينيه تصوفية لإصلاح المجتمع دينيا وخلقيا وسياسيا ,مثل حركة" بيتر والدو"
الذي عمل هو وأنصاره على وجوب ارجع الدين إلى نص الكتاب المقدس ,ودعا إلى إصلاح الكنيسة .
واستمر يظهر في إيطاليا طوائف من الرهبان يعظون الناس ,والامتناع عن حياة الفسوق التي عاشها كثير من أهل العصر , ويهاجمون الربا الفاحش وحياة الاستهتار والبذخ ,فلقوا قبولا من الناس حتى ضاقت بهم الكنيسة,فوعظوهم في الميادين العامة"10"
ومن هؤلاء الرهبان الذين اسهموا في الإصلاح الديني الراهب "سافونا رولا" الذي يعد المهد لمارتن لوثر كما يرى "ديورانت", أي أن عصر النهضة لم يلق بالدين وراء ظهره رافضا إياه , ولم يكن ثائرا على الدين نفسه , بل على بعض رجال الكنيسة بغية إنقاذ الدين .
وكان تصور هذا الراهب للدين اعم واشمل من الاقتصار على مفهوم العبادات الفردية , ويتضح ذلك من دفاعه عن موقفه أمام أحد المجالس الدينية التي استدعى إليها للنظر في أمر تدخله في شئون الدولة , فقال لأعضاء ذلك المجلس الديني :
(إن غيره من رجال الدين اشتغلوا قبله بالسياسة ,ولا جريمة في ذلك إلا إذا لم يكن هناك غرض سام أو سعى لإعلاء شان الدين .وتحدى الجميع أن يذكروا له جملة واحدة في الكتاب المقدس تمنع رجال الدين من معاضدة حكومة حرة لتطبيق قواعد الأخلاق والدين )"11"
وكتب إلي ملوك فرنسا وأسبانيا وألمانيا وبلاد المجر ,يرجوهم أن يدعوا إلي مؤتمر عام لإصلاح الكنيسة ,وجاء في رسالته :"لقد حان وقت الانتقام ,وقد أمرني الله أن اكشف عن أسرار جديده ,وان اظهر للعالم الأخطار التي تهدد سفينة القديس بطرس نتيجة لطول إهمالكم ,إن الكنيسة غاصة بكل ما هو مرذول وممقوت من قمة رأسها إلي أخمص قدميها ,ومع ذلك فإنكم لا تكتفون بالسكوت على علاج مساوئها ,بل إنكم تقدمون الولاء والخشوع للمتسببين في هذه الرذائل التي تدنسها "12"
وقد أودت خصومته للبابا إسكندر السادس بحياته ,وكانت جرأته في الحق لا تجارى بمثل قوله (لا يستطيع البابا أن يصدر أمرا ما يتعارض مع مقتضيات البر أو أوامر الإنجيل .....وإذا تبين بوضوح أن أوامر الرؤساء تتعارض مع أوامر الله ,وبخاصة إذا تعارضت مع قواعد البر والخير ,فما من أحد من الناس في هذه الحال ملزم بإطاعتها )"13"
وبمثل هذا السجل الحافل بالمواقف والأقوال التي لا تمحى من ذاكرة التاريخ الديني بالغرب ,جاء بعد " سافولانا رولا " "لوثر" ,وبالموازنة بينهما وصفه ديورانت بقوله (لقد كان بروتستنتينيا قبل أن يجيء لوثر ,ولكن بروتستنتيته لم يكن لها معنى إلا أنها الدعوة لإصلاح الكنيسة ,ولم يكن يشارك لوثر في شيء من أرائه الدينية المخالفة لأراء الكنيسة القائمة ,ولكن ذكراه أصبحت قوة تملا عقول البروتستنت ,ولذلك لقبه لوثر بالقديس )"14"
وبعد هذه العجالة ,لا ندرى سبب الوهم القائل بعداء أوروبا للدين أو نبذه ,فقد تبين للدارس أن الغيرة على الدين هي التي دفعت بالمصلحين إلي اتخاذ المواقف المطالبة بإصلاح الكنائس ,وتطبيق الدين في الحياة السياسية كما ورد في دفاع الراهب " سافولانا رولا " أنفا _لا استبعاد الدين نفسه وإهماله والتخلي عنه برمته "15"
ثانيا_ الكنيسة الكاثوليكية ونشاطها الدولي ::::-
يقول"ميران مشيدلوف مؤلف كتاب "الدين في عالم اليوم":--
"يحدث في كثير من الأحيان أن يخلط الناس بين المقر البابوي المقدس الذي كانت له شخصيته المعنوية في القانون الدولي , وما كان له من سلطات انتهت سنة 1870م وبين مدينة الفاتيكان التي تعتبر منذ عام 1929م أشبه بحكومة إقطاعية في المقر البابوي المقدس "
ثم بين العرف الدولي منح الدولة البابوية الحق في تعيين ممثلين لها في الدول المختلفة وإبرام المعاهدات وعقد الإتفاقات ,كذلك ففن الكنيسة الكاثوليكية لها هيئة إدارية قوية تضم مجموعات الكرادلة والمحاكم وغير ذلك مما يشكل الأداة الحاكمة البابا"16"
ويمكن رسم إطار الكنيسة الكاثوليكية ببيان عنصرين هامين ,هما
1_البعثات أو الإرساليات الدينية
2_المنظمات الدينية
1_البعثات أو الإرساليات الدينية:-
يتم تكوينها وتباشر أعمالها بواسطة توجيه الهيئة الخاصة بالدعاية في الفاتيكان ,وكانت تبعث القساوسة ورجال الدين إلى المستعمرات الذين يستمدون قوتهم من الكنيسة ,ثم بدأ يختفي رويدا تعبير كنيسة الجنس الأبيض ,فأعترف الفاتيكان سنة 1926م بأحد عشر أسقفا في أسيا يحملون كلهم جنسيات أسيوية ,ثم عين سنة 1935م أول أسقف في إرتيريا بأفريقيا ,وفي سنة 1946م كاردينال صيني وأخر هندي سنة 1952م ,وذهبت الكنيسة الكاثوليكية إلى أبعد من هذا حينما تبنت وشجعت إنشاء نقابات تقف في وجه النظم الاشتراكية والشيوعية ,وهي أعمال ذات صبغة سياسية"17"
2_المنظمات الدينية:-
وفقا لإحصاء عام 1957م ,بلغ عدد مجموع الأعضاء في المحافل والجمعيات الكاثوليكية في العالم مليونا وثلاثمائة ألف من بينهم ثلاثمائة ألف رجل ,وهو في الحقيقة جيش بالغ القوة يضع نفسه بين يدي المقر البابوي وينفذ التعاليم الصادرة إليه في دقة بالغة ,وللكنيسة الكاثوليكية نشاط أخر بواسطة المعاهد الدراسية العلمانية التي ليس لها نظم الأديرة ,ولكنها تتخذ شكل أسر من الأتقياء والقساوسة العلمانيين يعيشون في معزل عن الناس ويحترمون قانونا خاصا بهم ,ويدينون بالطاعة لرؤسائهم ,ومن أهمها معهد "اوبيس دى",الذي أعترف به رسميا في روما عام 1950م ,ويعين رئيسه البابا ويظل مدى الحياة ,وأهدافه دينية بحتة ,ويحرص أعضاؤه على نشر المبادئ المسيحية لدي أصحاب المراكز الرئيسية في المجتمع أولا ثم الرغبة في الضغط والتأثير على الهيئة الحاكمة .
ويتصف هذا المعهد بالغموض ,ولإجتماعاته صبغة سرية مطلقة ,ويقتصر على أعضائه ,وكان لهذا المعهد تأثير بالغ على أسبانيا بموارده المالية الضخمة ,وامتلاكه لعدد من الصحف ودور النشر ومجموعة من الفنيين لعمل أفلام سينمائية تدعو لأهدافه ,مما جعله يسيطر على قطاعات عديدة كالجامعات الأسبانية ووزارة الأقتصاد الوطني وغيرها ,ولم يظل نشاط هذا المعهد قاصرا على أسبانيا بل امتد حتى شمل حوالي ثلاثين دولة "18".
وتتخذ العلاقات بين المركز البابوي في الفاتيكان وسائر الدول الأخرى شكل اتفاقات "وهذا النوع من الأدوات الدبلوماسية يتصل بمحاولة البحث عن التوازن بين المصالح الروحية والمصالح الدنيوية "19".
اندفعت الكنيسة الكاثوليكية قدما في تنفيذ رسالتها بالرغم من العوائق والصعوبات ,كحرمانها في الحرب العالمية الأولي من اقوي حماتها _وهى النمسا والمجر _ والمواقف الصعبة لدول وسط أوروبا بين ألمانيا الهتلريه وروسيا في الحرب العالمية الثانية مما دفع الفاتيكان بعدها لتقوية علاقاته مع ألمانيا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية.
وبالرغم من كل ذلك ,فإن روما _أو الفاتيكان _ بما لها من مبادئ لا تحيد عنها أخذت تقاتل "من اجل أن تبقى شعلة الديانة الكاثوليكية مضيئة حتى أخر لحظة ممكنة" "20".
يقول جان مينو :"ويمكننا القول أن ادعاء الكنيسة أنها بعيدة كل البعد عن السياسة ما هو إلا مجرد وهم أو خيال ,ذلك إذا لم يكن هذا الادعاء ذر للرماد في العيون ,وما دامت الكنيسة تعيش في هذا العالم الزاخر بمختلف متطلبات الحياة فمن العبث الادعاء بأنها تفلت من التأثير في السياسة أو الأثير عليها "21"
نفوذ الكنيسة الكاثوليكية في ميدان الساسة الدولية :-
يرى مؤلف كتاب "القوى الخفية" أن تدخل البابا في مجال السياسة الدولية ليس موضوعا محدد المعالم حتى يتأتى له تحديد معناه وتحليله أي أنه يتسم بالاتساع والكثافة إلى ابعد مدى ,ولكنه يلتمس طريقه في الدراسة بالتقاط بعض الأمثلة ,فمنها القانون الذي صدر في روما عام 1960م الذى يحدد حقوق والتزامات الكنيسة الكاثوليكية عند اختيار السياسيين من الكاثوليكيين وفقا لمبادئ وروح الدين المسيحي ,ومن ثم لا يصرح للمؤمنين بالمذهب ألكثوليكي بالأنظمام إلى الحركات التي تتبع المبادئ الماركسية أو يتعاونوا معها ,ويتأكد نفوذ المقر البابوي في إيطاليا بالذات
(حيث يوجد هناك ما يسمونه " بينتاجون سياسي " ,أي وزارة عامه للحرب السياسية)"22"
وقد ادان البابا الشيوعية إدانة حاسمة .
وبسبب تعدد الخلافات فى فرنسا فان تصرفات الكاثوليكيين هناك تتسم بالقسوة والوحشية احيانا ,ولا سيما فيما يتعلق بالاتجاهات الاجتماعية والسياسية التقدمية ,وهناك مثال لتدخل البابا فى امور اجتماعية بحته يتمثل في البيان الذى اصدره ليحرم فيه وسائل تحديد النسل ,ومثال اخر لتدخله في الامور السياسية ,فقد شجع البابا فكرة اتحاد اوروبا .
ويتضح من كل ما تقدم انه توجد حركة كاثوليكية قوية ومتحدة لها اهداف محددة للجهاد فى هذا السبيل ,وان التنظيمات التى تتكون منها الحركة تتميز ,بالكثافة والدقة ,ويتم التعاون المتبادل بينها بواسطة مؤتمر المنظمات الكاثوليكية الدولية " ومقره الرسمى في مدينة "فريبورج"بسويسرا وينعقد منذ عام 1927م بانتظام كل سنه لدراسة المسائل المتعلقة بالحياة الكاثوليكية الدولية ,كما اسس عدة مراكز للتنسيق وللاتصال ,مهمتها تمثيل الكاثوليكيين لدى التنظيمات الدولية الحكومية ,وكلها تخضع للرقابة العليا من الفاتيكان بواسطة السفارات البابوية او المبعوثين المفوضين من الفاتيكان .
ويستثنى من هذه الرقابة التنظيمات التى ترفض الانصياع للقوانين التى وضعتها روما,وإن كانت تستوحى العقيدة والاخلاق المسيحية مثلا "الاتحاد الدولى للنقابات المسيحية ".
وفى المجال الثقافى حددت الكنيسة الكاثوليكية هدفها الرئيسى (بنشرالحقيقة الالهية على مستوى الفكر ,وتعمل على تعاون الجامعيين غير الدينيين على تكوين الفكرة المسيحية ,كما تعمل على إدخال الكنيسة الكاثوليكية في كافة البلدان وفي كافة المجالات الثقافية المختلفة) "23".
ويقول جان مينو في نهاية عرضه (ولا شك في أن نفوذ الكنيسة الكاثوليكية بالشكل الذي استعرضناه ,يعطى فكرة عن مدى نفوذها وقدرتها على التأثير والضغط في المجال الدولي ,وبطريقة تجعل من العسير مقارنتها بقوة دينية أخرى) "24".
ولا نستطيع أن نغض الطرف ونحن نعرض لقيام الكنيسة بأداء دورها في جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية داخل القارة الاوروبية وخارجها ,
لا نستطيع ان نغض الطرف عن اتساع نشاطها فى مجال التبشير ومحاولة تقليص المد الاسلامى الاخذ في الاتساع بالرغم من الخطط الاستعمارية الطويلة المدى التى لم تفلح في القضاء عليه كما كان مرسوما ومستهدفا.
وترى الدكتورة زينب عبد العزيز أن من اغراض فكرة توحيد الكنائس التى تحددت في المجمع الفاتيكاني الثاني_ كما أعلن البابا_ (توحيد الصفوف للتصدى للمد الاسلامى)"25"
كذلك استعرضت الدكتوره ما كتبته "كونستانس تشيزارى" بكتابها المعنون"البابا وكم من فريق؟"
عن مدى عناية البابا الذى يهدف من ضم الجماعات المسيحية إلى خدمة الهدف المعلن بوضوح
(وهو اقتلاع الاسلام وتنصير العالم)"26".
ثالثا_توكيد الهوية الدينية في أمريكا:::::-"27"
الاصولية الامريكية:-
وفي عملية (أعادة توكيد الهوية الدينية على المسرح السياسى )"28"
يقرر الباحث الفرنسى جيل كيبل (أن الانجيليين والاصوليين الامريكيين _بين مجمل حركات إعادة التأكيد على الدين _يحتلون موقفا فريدا ومركزيا في ان معا على المسرح السياسى )"29"
ويؤرخ للطفرة الثقافية المتمثلة بالتوظيف الكثيف للشاشة الصغيرة في الوعظ الانجيلى "الكنائس المرئية " من اواسط السبعينيات ,إذ شعر ملايين الامريكيين بالحاجة ‘إلى اعتناق اشكال التدين التى كان يقدمها لهم جيم وإمى باكر واضرابهما من رجال الدين المشهورين في امريكا_ امثال جيرى فالويل وجيمس سواغارت وبات روبرتسون_ وقد نجحوا في صياغة التحول في العمق في الاخلاق الاجتماعية بمقولات الخطاب الانجيلى أو السلفى الاصولى "30"
وهناك اليوم اكثر من 60 مليون شخص يعلنون انهم مسيحيون معمدون "ولدوا ثانية" ,وهناك 60 مليون أخرين يعتبرون أنفسهم مؤيدون للأخلاق الدينية ,وهناك 50 مليونا يمتلكون مثلا أعلى خلقيا ويريدون أن يربوا اولأدهم في مجتمع خلقي ,84%من الشعب الأمريكى يعتقدون ان الوصايا العشر لا تزال صالحة اليوم"31"
وابرز الحركات الدينية السياسية هي التي قام بها جيرى فالويل عام 1979م ,وكان يعلن انه حان الوقت لكي يجمع الامريكيون الاخلاقيون قواهم لإنقاذ "امتنا الحبيبة"
وقد شهدت هذه الحركة وسواها من الحركات التي تقاسمها أهدافها تناميا مرموقا بين أواسط السبعينيات ونهاية الثمانينات ضمن الاطار الاوسع الذي يطلق عليه في أمريكا السلفية الاصولية الانجيليانية أو اليمين المسيحي الجديد.
ولكن مرقص يؤرخ للاصولين المسيحين مع بدايات القرن العشرين ,إذ تبلورت فكريا في اعقاب نشر سلسلة من 12 مجلدا تحت عنوان "الاصول" تضم تسعين مقالة حررها مختلف اللاهوتين البروتستانت المعارضين لكل تسوية أو حل وسط مع الحداثة ,والاصولية المسيحية هي التي وضعت التأسيس النظري لدور "الله" في تطهير الثقافة السائدة , وشن الحرب المقدسة ضد الشيطان القابع فى قلب الوطن ,وانهم وحدهم المعبرين عن "الارادة الالهية" وقد اخذ هذا التصور ليشمل السياسة الخارجية الامريكية في أول الحرب العالمية _ على سبيل المثال_
حربا بين العقلانية الالمانية والمسيحية الامريكية "32"
يتضح أيضا أن لهذه الحركات صلات قوية بتوجيه سياسة أمريكا نحو أسرائيل ,واتضحت في اقوال بعض رؤساء _مثل كارتر في قوله امام الكنيست الاسرائيلى :(لقد اقام كلا من اسرائيل وامريكا مهاجرون رواد .... ثم إننا نتقاسم معكم تراث التوراة"33"
وكذلك مقولة كلينتون في خطاب الاتحاد سنة 1997م (استرشادا بالرؤية القديمة لارض الميعاد ,فلنوجه ابصارنا إلى ارض الميعاد الجديد)"34"
هذا بينما تعلن منظمة شاليدون بصراحة وقوة (ان العهد القديم يتضمن الخطة اصالحة لاقامة مجتمع مثالى ...ولابد من اقامة حكم يتبنى تعاليم العهد القديم ...حتى لو تطلب الامر احراق مجتمع المفسدين والكفار والعلمانيين لاقرار حاكمية الرب )"35"
وفي النهاية يتبين ان هذه الانشطة استطاعت توجيه سياسة امريكا الخارجية ,فقد (استطاعت الحركة الاصولية البروتستانتينيه ان تلعب دورا مؤثرا في الحياة السياسية الامريكية ,واستبعاد المفاهيم والتصورات النقية التى طرحتها الاصولية في بدايات القرن ,وصبغها بأبعاد سياسية ,واستخدامها فى الواقع السياسى الامريكى ,بل وامتدادها لتشمل السياسة الخارجية الامريكية )"36"
وكان المرشحون الثلاثة إبان انتخابات الرئاسة عام 1980م _اندرسون وكارتر وريغان _كانوا يعلنون جميعا انتمائهم إلى الانجيلية "37"
1- مجلة المختار
2- وقد صدر قبل احداث 11سبتمبر (يقصد الدكتور مصطفى كتابه حضارة العصر الوجه الاخر)
ويفسر الدكتور مراد هوفمان الفير الالمانى المهتدى للاسلام الخوف من الاسلام منذ التوسع المذهل للاسلام فى القرنين 7و8 الملاديين
كذلك يلخص طريق وسائل الاعلام الغربية ,بما قاله الشاعر الالمانى جوته "لايعنينى الا ان اتذكر هؤلاء المعارضين الذين اذا ما ارادوا شرا باحد فانهم يشوهونه اولا ,ثم يحولونه الى وحش يجب محاربته"من كتابه الاسلام فى الالفية الثالثة
3- جيل كيبل "ثأر الله –الحركات الاصولية المعاصرة فى الديانات الثلاث"وينظر ايضا بحثه تحت عنوان "انحلال سحر العلمانية"
4- "محمد عليه السلام"كارين ارمسترونج
ويقرر القس اكرام لمعى بانه لم يحدث فى عصر من العصور ان كان الدين محورا للاهتمام للدرجة التى اختلط فيها الدين بالاسس والمبادئ التي تبنى عليها معظم النظريات السياسية والاقتصادية كعصرنا الحالى"
ويقول "اصبح الدين هو الملجأ الاخير الثابت الذى تتعلق به حضارات تنهار وحضارات تريد ان تستيقظ من جديد"من كتابه الاختراق الصهيونى للمسيحية
5- يقول جون بول رو ::لم يكن القضاء على الدولة العثمانية الا مظهرا من مظاهر الهجوم العام الذى يشنه الاوربيون على الدولة الاسلامية ,ومن جزر الفلبين الى افريقيا عمل الرجل الابيض على بسط سيطرته على الرجل المسلم ,وفرض عليه مفاهيمه فى الوجود وطرق معيشته وتفكيره ,ومخططاته وتكتيكه.
6- "سلوك المالك فى تدبير الممالك "ابن ابى الربيع تحقيق د/ حامد ربيع
7- المرجع السابق
8- ..............ويقول الدكتور حامد "الثورة الفرنسية لم تستطع ان تستاصل الوجود الكاثوليك من الحياة الدينية ,وعادت الكنيسة لتؤكد ان وظيفتها السياسية ابدية لا يمكن ان تختفى"
9- د/حسن عثمان "سافونارولا –الراهب الثائر"
10- نفس المرجع
11- نفس المرجع
وقال مرة الراهب سافونا امام الجموع المحتشدة فى مدينة فلورنسا "رئيسنا الجديد هو يسوع المسيح ذاته ,هو ملكنا ,وليس لنا حاكم غيره"
12- "قصة الحضارة" ويل ديورانت
13- نفس المرجع
14- نفس المرجع
15- سافونا رولا د/حسن عثمان
ويذكر د/عبد الودود شلبى ان رحلة البابا الى افريقيا كانت ضد النهضة الاسلامية المتزايدة فى القارة من كتابه "الاسلام والغرب"
16- "الدين فى عالم اليوم"ميران مشيدلزف
17- نفس المرجع
ويرى جيفرى لانج ان تعبير علمانية الغرب تعبير خاطئ ويجانب الصواب تماما
18- نفس المرجع
19- نفس المرجع
20- نفس المرجع
21- "القوى الخفية التي تحكم العالم "جان مينو استاذ العلوم السياسية بجامعة مونتريال
22- نفس المرجع
23- نفس المرجع
ومما يذكر فى هذا الصدد النشاط الموسع للفاتيكان فى مجال التعليم ,فعلى سبيل المثال يوجد فى مصر 168 مدرسة خاصة تتبع الكاثوليك بلا شروط اجنبية لاقامتها من مقال لعبد الفتاح مغاورى بعنوان "خصصة التعليم الازهرى " جريدة افاق عربيه
24- نفسه "القوى الخفية"
ويرى الدكتور عبد الودود ان مجلس الكنائس العالمى من اهدافه تنصير المسلمين , وان هذا المجلس انشأته احهزة المخابرات الاستعمارية كراس حربة لاثارة القلاقل والفتن فى العالم الاسلامى من كتابه الاسلام والغرب
25- زينب عبد العزيز "حرب صليبية بكل المقاييس"
26- نفس المرجع السابق
واستخلص الفريق سعد الدين الشاذلى من دراسة لحرب الخليج الاولى انها الحرب الصليبية الثامنة من كتابه "الحرب الصليبة الثامنة –العدوان على العراق"
يقول الاستاذ صلاح الدين حافظ :"مع بوش كتيبة مقاتلة من اشد صقور اليمين الدينى المحافظ المتلهف على القتل والعدوا باسم الله واخلاق دعوات التبشير الدينى فى العالم _على نقيض القيم العلمانية الامريكية القديمة _بعد ان غلبت المسيحية الينية على السياسة الامريكية الحالية تحت دعاوى هداية البشر بامر الهى"جريدة الاهرام 29/12/2004م.
27- يقول جيمس فين "لا احد يستطيع ان يفهم امريكا وحرياتها ,إلا إذا وعى وتفهم التاثير الذى باشره ومازال يباشره الدين فى صنع هذا البلد" المسيح اليهودى ونهاية العالم للدكتور رضا هلال.
28- جيل كيبل "ثأر الله ....."
29- نفس المرجع السابق
30- نفسه
31- نفسه
وكشف استطلاع جالوب ان 70 مليون من الامريكيين يشاهدون الشردبكات التلفزيونيه الايفانجيلية "الكنائس المرئية" التى يبلغ عددها 104 محطة تلفزيون ,اضافة الى 1006قناة بنظام الشفرة الكابل ,وتزايد عدد دور النشر الى 1300 دار نشر متخصصة فى العناوين المسيحية ,إضافة الى 7الاف مكتبة لتوزيع الكتب المسيحية وتقدر مبيعاتها بحوالى 3 مليارات دولار سنويا , اما الائتلاف المسيحى ,فقد اسس شبكة اذاعات تضم 1300محطة اذاعة عام 1989م . من كتاب المسيح اليهودى لرضا هلال
32- سمير مرقص "رسالة فى الاصولية البروتستانتينيه والسياسة الخارجية الامريكية "
33- رضا هلال السيح اليهودى
34- نفس المرجع السابق
35- نفسه
36- سمير مرقص "رسالة فى الاصولية البروتستانتينيه والسياسة الخارجية الامريكية "
37- جيل كيبل "ثأر الله ....."
ويقول المهتدى للاسلام احمد عبد الله "سابقا رالف دنيس " اسلمت حيث كان يجب ان اكون من الد اعداء الاسلام فقد تعرفت على الاسلام فى جمعة من اخطر الجامعات التى تخصصت فى محربة الاسلام انها جامعة برنستون المعروفة فى امريكا "الاسلام والغرب "عبد الودود شلبى.
تعليق