خواطر متفرقة (9)
الشيطان والنفس والهوى والفقر والمرض والخوف والنفاق والرياء والحقد والحسد والغيبة والنميمة والغدر واللؤم والخيانة والفجر والعهر والكفر والشرك الرذيلة والبغي والظلم والفساد والفسق كلهم أعداء متربصون بك؛ كي ما ينالوا من دينك، ولا عصمة لك إلا بربك، فبقدر حرصك على النجاة من سنان حرابهم، بقدر ما ينبغي أن يكون التصاقك بربك، وبقدر تفريطك في أمر ربك، بقدر ما يمكن أن تصيبك تلك الحراب !!
***************************************
لا أمان لأهل الدنيا على وجه الإطلاق!! فهم الذين لا يعرفونك إلا حال يسرك ومسرتك، وهم أول المفارقين لك حال عسرك ومضرتك، فكيف يمكنك الوثوقبهم ؟!
***************************************
إذا أردت أن تستوفي شواغل الدنيا بأسرها، فيلزمك زيادة عمرك أضعاف أعمار العالمين، فإذا ما استطعت ذلك _ برغم استحالته _ فإنك لن توفِ إلا معشار تلك المشاغل؛ لتشعب شتاتها!! فأحجم هذا السيل من استنزاف عمرك المحدود في تلك المتاهات التي لا قبل لك بها، واستثمر أيام حياتك المحدودة في عمار آخرتك، فرب عملٍ قليلٍ تعظمه النية!!
***************************************
دعك من هذه الهالة الزائفة التي يحيا الناس فيها، ويتصارعون عليها، ويتخاصمون من أجلها، وصوب نظرك نحو هذا القادم القريب الذي لا يمهل غافلاً، ولا يعذر مقصراً، ولا يشفع لعظيمٍ ولا يرأف بفقيرٍ، إنه الموت الذي ليس منه فوت، وإنها الآخرة بأهوالها وشدائدها، وإنه الله بكبريائه وجبروته وعظمته، فلتقدم لنفسك من الأعمال ما ينجيها من هذا الهول القادم؛ عسى أن تنالك رحمة الله، ولا تتعجل بهلاكها بمزيد من البعد عن الله.
***************************************
تنغمسون تنغمسون ، ثم تموتون فتنكشف أعمالكم .
***************************************
رزقٌ ضمنه الله، وأجلٌ حدده الله، وعملٌ طلبه الله، فكن على نورٍ من الله في تناولك لهذه الثلاثة، كي ما تطمئن على رزقك فلا تورد نفسك موارد الهلكة، وكي ما تستعد لأجلك فلا تنحرف عن ذلك في أودية الغفلة، ولكي ما تنشغل بالسعي آخرتك، كي ما تهنأ بك الخاتمة.
***************************************
ليس السعيد من جمع من الدنيا كثيرها، ثم مضى رغم أنفه مفارقاً لها، وأضحى رهين حساب يطول أضعاف زمان جمعه لها، وإنما السعيد من تخفف ليوم ملاقاته، وعمل ليوم الخوف من زلاته، فسعد برحمة الله في ظلال جناته.
***************************************
سباقٌ رهيبٌ يجري بين طالبي الدنيا والآخرة، فطالبي الآخرة يركضون لإدراك النهاية، وطالبي الدنيا يتقهقرون رافضين التزحزح عن نقطة البداية، إلا أن خطى الأيام تجرفهم نحو النهاية جرفاً مهيناً وهم منهزمون، فلا الدنيا لهم بقيت!! ولا الآخرة لهم سعدت!! فبئس السباق سباقهم!! إذ كانوا منشغلين عنه بدنياهم.
***************************************
نعم . . كثير من البشر لا يرحمون، ولكن حذار أن يداخلك الشيطان من هذا الباب ليقهرك بالحاجة، ويخوفك من ضيق العيش، فتورد نفسك موارد الهلكة، مفارقاً درب الله والجنة!! ولكن كن على يقينٍ أن أمر دنياك أهون ما يكون على الله، فالدنيا لا يمنعها حتى من الكافر لحقارتها، أيضن بها عليك، وأنت عبده الموحد ؟!
***************************************
الكل موقوف في طابور انتظار الموت، إلا أنهم غافلون، وفي اقتراف الآثام متمادون، وعن آخرتهم متعامون، ثم في عرصات يوم القيامة سوف يحاسبون ويؤاخذون.
***************************************
تباً لك أيتها التعاملات المادية، فشظى نارك لم تترك صالحاً أو طالحاً إلا وأصابته في مقتل!!
***************************************
إذا وفقك الله لطاعته، وحفظك من مواطن الزلل، فاعلم أنك في نعمة أداء شكرها، دعوة الآخرين للنجاة، وكفرها الاغترار بحالك، وعدم اكتراثك بنجاة الآخرين من حولك.
***************************************
إذا لم يكن بينك وبين الله حبل موصول، تستشعر ملمسه من خلال سهولة إقبالك على طاعة الله، ومراقبة نفسك بين الحين والآخر، فاعلم أنك ممن عناهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ( ولم يبال الله به في أي أودية الدنيا هلك ).
***************************************
التوفيق للطاعة نعمة محضة من الله، تستوجب الشكر، ومزيد من التذلل إلى الله؛ لئلا يحرمك منها، فتجد نفسك في ركب السالكين لدرب الهلاك !!
بقلم : أبو مهند القمري
تعليق