خواطر متفرقة (8)
الطبع غلاب . . هكذا يقولون، والواقع يشهد بصدق هذه المقولة، فكثير من الناس يحاول إظهار نفسه بغير صورته الحقيقية، إلا أن لسانه يفضحه، وذلك لأن قلبه تشرب ما اعتاده من الطباع، فيفشيها اللسان أثناء الكلام، فتعرفها منه في لحن القول، إذ أن اللسان مغرفة القلب!!
***************************************
كلما تعمقت علاقاتك الدنيوية، وكثرت تعاملاتك المادية، كلما تجردت نفسك من شفافيتها!! واكتسبت من الصفات ما يؤهلها للإشراف على هلاكها، والخير أن تجعل الدنيا في يدك لا في قلبك، حرصاً على دينك، ونجاةً بآخرتك، وسلامةً بقلبك، وإخلاصاً لربك، وإلا فانظر إلى نفسك بعد فترةٍ من تلك التعاملات، فسوف تجدها قد انتقلت إلى عالمٍ من الضياع والتردي، ولا يهلك على الله إلا هالك، فاسأل ربك السلامة والتثبيت، وأن تقنع من الرزق بما يسترك، وعن سؤال الناس يغنيك.
***************************************
لم يفز العاصي بأي شيء على وجه الإطلاق!! فلحظة متعته سريعة الزوال!! وآثار شؤمها على النفس دائمة الكآبة مؤرقة للبال!! إذ بها صارت عناية الله عنه بعيدة المنال!! بل صار غضبه عليه وشيك الإنزال!! ومن ثم يمضى لقبره دون ما زاد من الأعمال!! ويصبح رهين حساب ليس له به أي طاقة ولا احتمال!! فبأي شيء فاز العاصي سوى المهانة والمذلة والخسران ؟!
***************************************
الناس في هذه الحياة كالكهوف المجهولة التي لا يعلم أحد كنهها سوى الله سبحانه، فإذا ما أردت التعرف عليها، أو التعامل معها؛ فكأنك تعمد إلى الولوج داخلها، فكن حذراً إلى أبعد الحدود، حتى لا تلدغك بعض عقاربها أو حياتها، فإذا ما تجاوزت مرحلة الدخول إلى إحداها وحصل لك الأنس بذاك، فلا تأمن على نفسك تغير هبوب الرياح عليك، إثر تعامل مادي أو نزغٍ شيطاني، حيث ستجد الموازين قد انقلبت بين يديك، والوضع قد تغير عليك، فلا تجزع لما هو وارد ابتداءً من بني البشر، وإنما عليك بتوثيق صلتك بمقلب قلوب البشر، حتى يحفظ لك فيها مكانتك، ويعلي لك فيها منزلتك، ولن يحصل لك ذلك، حتى تُعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به، فإنك بهذا الميزان ستكون في مأمن من نوائب الدهر، ومكائد بني الإنسان.
***************************************
هل رأيت من يبني بيتاً من الماء!! لوضع أرطالاً من المعادن التي تنأى عن حملها الجبال عليه؟! ثم يندب حظه لعدم قدرته على إتمام ذلك البناء بسبب عدم تماسك مواد بنائه المكونة من الماء والهواء ؟! قد تتعجب إذا ما عرفت أن صاحب هذا البناء هو أنت وأنا وكل بني البشر الذين ينسجون من آمالهم وأمنياتهم العريضة أوهاماً، ثم يهيمون معها في ضياع، مبددين أعمارهم وطاقاتهم في هباء، بأن أفنوها في دار الفناء، ثم قدموا على الله مفارقين لركب الأتقياء، فلم تجن حسرتهم إلا الخواء!! نسأل الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة.
***************************************
من الوهم أن تزعم قدرتك على الانغماس في شتى مشاغل الحياة، والمحافظة على حياة قلبك بذكر الله في آنٍ واحدٍ، حيث يأبى هذا الوعاء الذي جعله الله في جوفك استيعاب الأمرين معاً، وعليك أن تقرر طرد أحد الشاغلين، وتفريغه لأحدهما فحسب، فإن أبيت إلا الدنيا؛ فإن هذا الوعاء سوف يتمزق منك كل ممزق، ولن تملك لجمع شتاته المبعثر سبيلاً، أما إذا فرغته لهم آخرته فحسب، فإنك بذلك قد جمعت له شمله، وحددت له هدفه، وسخرت له الدنيا تأتيه وهي راغمة!!وذللت له دربه نحو الله والجنة، وكفى بذلك سبيلٌ للنجاة.
***************************************
سبحان من أودع في كل قلبٍ ما أشغله .
***************************************
الزمن بساط يسحب الناس ببطيء تجاه نهايتهم المحتومة على حين غفلةٍ منهم، وهم غارقون فوقه في أمانيهم التي تسير تماماً عكس اتجاه هذا البساط، والشيطان يرقص وسطهم يحدو بهم نحو أمانيهم الزائفة بعزف أعزب الألحان!! فإذا ما وقعت بهم الداهية، أفاقوا من غفلتهم حين أُغلقت سبل النجاة في وجوههم، وأُبطلت بالوعيد كل حيلهم، وأضحى العذاب مقابلاً لوجوههم!! فمن يدرك الآن نفسه بصدق التوبة ومخالفة سير تلك الجموع؛ حتى لا يهلك مع الهالكين؟ ومن يُري الله اليوم من نفسه خيراً؛ حتى يحشره الله مع الفائزين؟
***************************************
وحدك لا تستطيع فعل شيء . . وحدك ضعيف أمام كل شيء . . وحدك لا تقوى على مواجهة أي شيء . . وحدك فقير من كل شيء . . وحدك محتاج لكل شيء . . وحدك غير آمنٍ على أي شيء . . وحدك عاجز عن كل شيء . . فلماذا لا تلتصق برحاب ربك الذي بيده ملكوت كل شي؟!
بقلم : أبو مهند القمري
تعليق