Tweet
حبيبتي . . ســـــــــــأعود!!
لم أعرف في دنياي سوى هواك!!
فقد كنت في عيناي الدنيا بأسرها!!
نشأت بين نسماتك!!
ترعرعت بين أحضانك!!
كل بسمة على ظهرك . . كانت تتوجه نحوي!!
فينتشي صدري، وترسم الفرحة بهجتها على صفحات قلبي!!
كل دمعة ذرفت بين جدرانك . . كانت ترمقني بعين الرجاء . . هل لك أن تساعدني؟!
أحببت أهلك . . عشقت خفة ظلهم . . شعرت بأن ترابك كان يحدثني في غدوتي وروحتي!!
كنت أفخر دوماً بانتمائي إليك!!
كنت أسير بين ناسك فأقول في نفسي . . كلكم الله سائلني عنكم!!
حملت همومك صغيراً!!
رجوت السعادة لكل مسلم يعيش على ظهرك . .
ولكن . .
جاءت اللحظة التي عصفت بكل أمنياتي!!
حلت مع حلول ظلام ليلك!!
فانطفأت معها كل أحلامي!!
وتبددت إثر فظاعتها كل آمالي!!
وذلك حينما امتدت الأيادي الآثمة لتختطفني من بين أحضانك!!
لا لذنب اقترفته سوى تركي لحياة اللهو، وإقبالي على ديني وإيماني!!
انتزعتني بقسوة من بين أحضان أبي المعاق وأمي المكلومة!!
لأجد نفسي في لحظة مباغتة، بين دهاليز زبانية الطغاة المجرمين!!
فحرمت حتى حق السؤال عن سبب تعذيبي وإذلالي!!
إذ كان مجرد التلفظ بتلك الكلمات يعني الإعدام بطشاً وتنكيلاً بأمثالي!!
فمكثت بين الطبقات السفلى من سجن قلعتك التاريخي!!
ففاضت روحي شوقاً لأبي . . الذي فاضت روحه إلى بارئها بعد أيام قلائل من اختطافي!!
فأشفقت على أمي المسكينة!! كيف اجتمع عليها فقدان الزوج والابن معاً!!
رباه . . هذه أمتك . .
وأنت أرحم بها مني . . فاربط على قلبها وكن عزاءها في فقدان أبي وفقداني!!
ومضت سنوات من القهر والظلم والطغيان، تعلقت فيها القلوب ببارئها!!
وأصبح السعي للخلاص من الظلم والطغيان منهجها نحو رضوان خالقها!!
فخرجت من بين جدران السجون؛ كالطائر الحزين، مكسور الجناح على ضفاف بحرك الهائج!!
حاولت استعادة ما كان من أحلامٍ وذكرياتٍ على ظهرك!!
غير أني وجدت الصدود يلف كل الوجوه من حولي!!
فالجميع تحت سلطان الذل متوجس وخائف!!
فلا الأصدقاء أبقوا لى مودتهم!! ولا الأقارب رغبوا في صلة أرحامي!!
فأصبحت غريباً على أرضك!! مطارداً ممن ادعوا حرصهم على أمنك!!
وصار الهوان لي رفيقاً!! بعدما كان الأنس بالأحبة قريناً!!
غادرت أرضك . . لا والله ليس بغضاً فيك ولا في أهلك!!
وإنما كسبيل أوحد للخلاص من الظلم على أرضك!!
تقلبت بين أقطار الدنيا . . تطاردني المخاوف على أهلي من بطش طغاتك!!
فمضى بي ربع قرن من التشريد والترحال!!
فقدت خلالها أغلى الحبايب (أمي) حيث ماتت بعدما فقدت الأمل في لقائي!!
وتبددت حتى آمالي في لقاء ربي على ظهرك حين انقضاء أجلي!!
فإذا بصباح يوم مشرق ببهاء طلعته!!
يزف لي مع نسماته بشرى عاجلة من أبنائك!!
أن أبشر أبا مهند . . فقد زال الظلم والطغيان!!
أبشر . . فقد مضى عهد الذل والهوان!!
فرأيتك لأول مرة تضحكين بعد طول زمان!!
رأيتك تبتسمين لي من جديد . . وكأن قسمات ابتسامتك تنطق قائلة لي :
أن ارجع أبا مهند وامح هذه الذاكرة من قسوة الأيام!!
ارجع فلقد أنفذ الله وعده للمظلومين . . لأنصرنكم ولو بعد حين!!
فاضت والله من عيني دموع امتزجت معها معاني الشوق بمعاني الفرح!!
ولهج اللسان بحمد الله مسبحاً وشاكراً نعمائه بقهر الظلم والطغيان!!
تلألت ابتسامتك في الأفق من جديد متساءلة . . هل ستعود؟!
وسرعان ما أجبتك . . سأعود إليك (بإذن الله) حبيبتي مصر!!
سأعود لأنعم بدفء الأخوة في الله بين أحضانك!!
سأعود لأسهم في توثيق اللحمة بين إخواني نهضة بدين الله في أرجائك!!
سأعود إليك (بإذن الله) داعياً . . ولكربات إخواني (بإذن الله) مفرجاً . . ولبنيان عزك وشرفك (بإذن الله) مشيداً . . وللفرقة بين إخواني (بإذن الله) نابذاً وناهياً ومحذراً. .
سأعود إليك يا مصر . .
ولكن دون لقاء مهجة الفؤاد (والداي) الذين حرمني الطغاة مجرد رؤيتهماولم يكن لي على ظهرك أغلى منهما!!
ولكني سأعود لأقف على قبرهما راجياً لهما من الله الرحمة والمغفرة؛ عسى أن ينعما في دار غربتهما!!
سأعود إليك يا مصر . .
لأحتضن كل شبر من أرضك . . وأحاور ترابك من جديد في غدوتي وروحتي!!
فكل مسلم على أرضك أمام الله مسؤوليتي!!
وغداً على الحوض ألقى وإياكم أحبتي (محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه)
وحين يسألني ربي : (فيم كنت؟!)
فأجيبه : (في سبيل دينك يارب كانت رحلتي)!!
بقلم : أبو مهند القمري
تعليق