لماذا أقـول نعم
ولماذا أقـول لا
ولماذا أقـول لا
سؤال يتبادر إلى ذهن أكثر الناس اليـوم ويسيطر على تفكير أغلب من ليس لهم تصور مسبق أو رؤية محددة تدفعها جهة أو تيار معين إلى الإجابة بنعم أو لا .
فالكثيرون قد لا تكون الإجابة عندهم سهلة وواضحة لعدة أسباب
أولها قصر المدة التى طرحت خلالها التعديلات للمناقشة العامة .
وثانيها الحملة الإعلامية الشرسة والموجهة ضد هذه التعديلات والتى تؤثر يقينا على تصور المرء بنوع من أنواع فرض الرأى والهيمنة الفكرية التى أضحت بوضوح من الأمور المرفوضة تماما خصوصا بعد ثورة 25 ينايـر .
فمن باب التوازن كان لا بد من توضيح مبسـط للرؤى المطروحة ومآل كل رؤية حتى يكون الناس على بصيرة فى قرارهـم وإلى أين سيذهب الوطن بناءاً على هذا القرار فى هذه الظروف الحرجة .
لا شـك أن من يرفض التعديلات اليـوم ويحث الناس على الرفض لا يرفضها شكلا وموضوعا وإنما يرفض ما ينبنى عليها ويتحفظ على ما يرتبط بها من مواد قديمة سيعاد بعثها من موات أصاب الدسـتور الحالى بعد تعليقه .
أما أن ترفض التعديلات لذاتها .. فهذا أمر لا يتصـور .. فكيف يرفض انسان حر أن تزال المادة المشبوهة (179) والتى تبيح إنتهاك الحقوق والحريات الشخصية وتحرم أفراد الوطن من محاكمات طبيعية عادلة أمام الجهات القضائية المختصة ثم تلقى بهم إلى غيابات المحاكم العسكرية .
كيف يرفض عاقل تعديل ينص على تقييد سلطة رئيس الجمهورية فى إعلان حالة الطوارىء المشئومة وجعلها لا تتعدى سبعة أيام يضطر بعدها إن أراد مدهـا أن يرجع إلى المجلس النيابي المنتخب بحد أقصـى ستة أشهـر ثم تعرض للاستفتاء الشعبى .
بل كيف يرفض منصف تعديلا يحدد مدة الرئاسـة بأربع سنوات يمكن مدها مرة واحدة لينهى بذلك عهد الرئيس الأبدى أو الفرعون الدائم ولتظهر صفة جديدة لم تعرف فى بلادنا من قبل تقريبا وهى صفة الرئيس السابق!!
وأخيرا كيف نرفض إشرافا كاملا على العملية الإنتخابية من أرفـع قضاة مصـر .. وهـم قضاة المنصة مما سيؤدى بإذن الله إلى إنهاء عهد الإنتخابات المزورة المشوبة بالبلطجة والرشاوى الإنتخابية والتجاوزات المعلومة للجميع .
إن هذه التعديلات هى التى تنهى عهد المقولة السرورية الشهيرة "المجلس سيد قراره" وتجعل الفصـل فى العضويات المطعون فيها من أختصاص محكمة النقض وليس شأنا داخليا محصنا بجدران المجلس الشاهقة كما كان من قبـل .
وهى كذلك تضمن ولأول مـرة فى تاريـخ مصـر إنشـاء جمعيـة تأسيسية منتخبة من أول مجلسى شعـب وشـورى ثم تكلف هذه الجمعية فور انتخابها (وجوبا) بإعداد مشـروع لدسـتور جديد خلال ستة أشهر من إنتخابها .
أظن أن كل ما سبق وغيره مما لا يتسـع المقام لذكره لا يمكن أن يرفض لذاته
لكن مع هذا نجد تيـار الرفـض يتزايد ويدعوا غيره إلى التصويب بلا و لابد للعاقل أن يسأل نفسه لماذا الرفض إذا؟
إن الأسباب الرئيسية المعلنة لتيار رفـض التعديلات تتمثـل فى عدة نقـاط
أولها :إن هذه التعديلات تمثل بعثا للدسـتور السابق والذى علقه المجلس العسكرى منذ أسابيعو لماذا نرضى بدستور مرقع مادام باستطاعتنا انشاء دستور جديد .
§ وهذا مردود بالمادة 189 مكرر والتى تنص على وجوب عمـل دسـتور جديد بناءا على لجنة مشكلة من أول مجلس نيابى منتخب وعليه فإن هذا الدسـتور يعتبر مؤقت أو انتقالـى لن يدوم العمل به أكثر من بضعة أشهر.
وثانيها:أن هذه التعديلات لم تشمل المواد الخاصة باختصاصات رئيس الجمهورية ولم تحد من سلطاته الواسعة التى صنعت لنا الفرعون السابق .
§ والجواب على هذا بسيط وهو أن هذه السلطات لن يتمكن الرئيس الجديد من استعمالها لأنه وأثناء حملته الإنتخابية وخوضه لها يكون هناك دسـتوراً جديداً يعد من المجالس النيابية ولجنتها المنتخبة وما أن يتسلم الرئيس مقاليد السلطة حتى يفاجأ خلال شهرين أو ثلاثة على الأكثر بدسـتور جديد كلية يحد من سلطاته أو يقلصها وينقلها إلى البرلمان إن تم الاستقرار على دسـتور يكرس لدولة برلمانية وليست دولة رئاسية إذا فكيف نتصـور أن يسىء رئيس استعمال سلطات تزول خلال أيام ويزول هونفسه بمقتضـى المادة (77) بعد أربـع سنـوات يعلم أنه سيساءل بعدها ويحاسب على كل تجاوز تجرأ عليه كما يُفعل بسلفه اليوم .
§ أما ثالث الإشكالات على التعديلات الدسـتورية وأشهرها فهى الفزاعة المعتادة التى استعملها طويلاً النظام السابق وتسعـى الأن بعض القوى السياسية لإبرازهـا مرة أخرى وهى فزاعة الإسـلامية وذرًا للرماد فى الأعين يضاف إليهم التخويف من فلول الحزب الوطنى المنهار بدعوى إلى إنتخابات سريعة الآن ستأتى بهاتين القوتين
§ وهذا كلام من أعجب ما نسمع اليوم وما أشبهه بمحاولة طالب مهمل تأجيـل الإمتحان لأنه لم ينته من استذكاره أو برغبته فى إسقاط كل الدفعة كى لا يرسب وحده
إن فزاعة الحزب الوطنى المنهار بقياداته السجينة أو الهاربة أو التى تعد العدة للهرب لا تمثل أى تحدى بل وليس لها مصلحة فى انفاق الأموال والرشاوى الإنتخابية لدخول مجلس كل مهمته عمل دسـتور جديد والمساعدة فى اصطفاء المرشحين للرئاسة ثم يُحل مباشرة بعد استقرار الأوضـاع بالبلاد
الحقيقة أن الخوف الذى تشعر به القوى السياسية المعارضة للاستفتاء ليس من فلول الحزب الذى لم يعد حاكما وإنما هو خوف من شعبية وتنظيم وخبرة الإسلاميين ووجودهم الملموس فى الشارع
وهذا امـر أيضا صار غير لائق بالمرة بعد الثورة فالإسلاميين جزء من الشعب شاركوا فى صنع ثورته واستعملهم الله فى حمايتها فى عدة مواقع و فى لحظات حرجة معلومة للقاصى والدانى .
هـل صار عيبا إذا أن يشاركوا فى قيادة بلادهم التى فدوها بدمائهم وأنفسهم وبذلوا فى سبيل عزتها ورفع الظلم عنها الغالى والنفيس .
إن أسلوب الاقصاء والتخويف قد أضحى رخيصا لا يخدع أحدا إلا اصحابه فلا داعى لاستعماله فالكل من أبناء هذا الوطن يحق له أن يشارك وصندوق الإقتراع وإرادة الشعب لابد أن تكون وحدها هى الفيصـل هنا دون مؤثرات مبتذلة وفزاعات ممتهنة .
وإلاسلاميون أنفسهم أعلنوا مبدأ "مشاركة لا مغالبة" وعلى كل من وجد فى نفسه قدرة على خدمة هذا البلد أن يتحرك ويبدأ وينفض عن نفسه غبار الكسل السياسى و الحجج الواهية لمجرد تطويل المدة و تغليب المصلحة الشخصية على المصلحة العامة لهذا الوطن ودون النظر لعواقب هذا التطويل وهذا الرفض الذى يحثون الناس عليه .
نعم فللرفض وللتصويت ب "لا" عواقب لا بد ان يعلمها كل من قرر أن يصوت بالرفض
أولها : بقاء المرحلة الإنتقالية لمدة أطول لا تقل عن عام لحين عمل دسـتور جديد مما يعنى إطالة حالة انعدام الاستقرار والتوتر الإقتصادى والإجتماعى والذى بدأ يصل إلى خطوط حمـراء كما صرح رئيس الحكومة الإنتقالية و كما حذر محافظ البنك المركزى .
ثانيها : بقاء الحكم العسكرى لمدة أطول واستمرار إمساكه لمقاليد الأمور بالدولة وهو ومع كامل الإحترام ليس مكانه ولا وظيفته المكلف بها وإطالة الفترة الإنتقالية يؤخر من عودته لمكانه الطبيعى على ثغور البلاد لحمايتها والزود عنها وهو ما يجيده بلا شك بصـورة أفضـل من أجادته لمحاربة البلطجية والنشالين وتفريق المظاهـرات والإحتجاجات الفئوية .
ثالثها : الإضطرار إن تم اسقاط الدسـتور لإنشاء "مجلس معين" وليس منتخبا لوضع الدسـتور الجديد الذى يطالب به المعارضـون وهو ما لا يرضـى به أى حـر إن فاضـل بين "منتخب" و"معين" وخصوصا مع حساسية المواد التى سيناقشها هذا المجلس المعين مثل المادة الثانية وكوتة المرأة ونسبة العمال والفلاحين وهى أمور سيعانى معها المجلس المنتخب فما بالكم بالمعين الذى لن يحظى غالبا بحالة من الوفاق الوطنى خصوصا مع مجتمع متعدد المشارب والاتجاهات مما ينذر بزيادة حالة الإحتقان والتوتـر التى قد تؤدى إلى ما لا يحمد عقباه .
باختصار إن التصويت بالرفـض لهذه التعديلات سيدخل البلاد فى دوامة جديد من الفوضى ويزيد من حالة عدم الاستقرار التى تعانى منها البلاد على جميع المستويات وليس من مستفيد منها حقيقة إلا أصحاب المصالح الخاصة ومن يكرسون للثـورة المضادة و لإعطائها المزيد من الفرص لبث الفتن وإذكاء الفُرقة والشتات بين أبناء الوطن الذين جمعهم الله فى ثورة أشاد بها كل منصف وتعلمت منها الأمم .
ولذا ننصح كل حريص على استقرار وحرية هذا الوطن وكل من يريد تثبيت مكتسبات هذه الثورة ويطمح إلى المزيد أن يتعقل ويفكر قبل أن يقدم على التصويت بلا مع كل احترامنا له إن خالفنا الرأى والله الموفق لما فيه الخير
ملحوظة : نرجــو من كل من اقتنع بما قرأ أن يكون إيجابيا بطباعة و نشر هذا البيان فى محيط سكنه و معارفه و عائلته
تعليق