أحمد بلال يكتب : حوار مع معترضٍ علي التعديلات الدستورية
بقلم: الصحفي أحمد بلال
غلاف الدستور المصري
بعضُ الغيورين علي مصلحة الوطن ، يقولون نُريدُ دستوراً جديداً يليق بإنجازات ثورة يناير ، و لأنني من المؤيدين بشدة لهذه التعديلات ، فقد دار بيني و بين صديقي هذا الحوار :
قال : لماذا نرضي بتعديلٍ جزئيٍّ ، و يمكننا أن نطلب تغييراً كاملاً للدستور يُلبِّي مطالب الشعب بعد الثورة ؟
* قلتُ : هذا نصٌّ صريحٌ في التعديل في المادة 189 مكرر ، بإلزام المجالس المنتخبة أن يكون أولُ عملِها هو وضع دستورٍ جديدٍ يليق و يواكب عصر ما بعد الثورة المباركة .
قال : و لماذا هذا التسويف ، و نحن يمكننا عمله الآن ، بدلاً من عملية الترقيع عن طريق تعديلٍ جزئيٍّ ؟
* قلتُ : و من الذي سيعدِّلُ الدستور الآن ؟
قال : مجلسٌ رئاسيٌّ ، و جمعيةٌ تأسيسية من مائة فرد مثلا .
* قلتُ : و من الذي سيحدِّدُ هذا المجلس الرئاسي ، و هذه الجمعية التأسيسية ؟
قال : تُختارُ من بين الكفاءات المشهود لها بين الناس .
* قلتُ : " تُختار" هذه فعلٌ مبنيٌّ للمجهول ، و ما زال السؤال قائماً ، من الذي سيختار ؟
قال : المجلس الأعلي للقوات المسلحة يختار مجلساً رئاسيّاً ، و المجلس الرئاسيُّ يختار الجمعية التأسيسية .
* قلتُ : أيهما أفضل , أن يتم اختيار الجمعية التأسيسية لعمل الدستور عن طريق مئات من مجلس شعب و شوري منتَخب في مصر لأول مرة بدون تزوير ، أم عن طريق أفراد قلائل مهما كان احترامنا لهم ؟
قال : و من يضمن أن تكون المجالس القادمة بدون تزوير ؟
* قلتُ : هذه هي الميزة الأساسية في التعديلات ، أن فلسفتها قامت علي سدِّ منافذ التزوير ، حتي إذا جاء مجلسٌ غير مزوَّر ، تولَّي إكمال مسيرة وضع الدستور الجديد ، فلذلك تجد المادة 88 التي أرجعت الإشراف القضائي الكامل ، و المادة 93 التي ألغت مصطلح "سيد قراره " و ردت الكلمة للقضاء .
قال : و لكن صلاحيات الرئيس ما زالت مطلقة لم تُمَس ، و يُمكن للرئيس الجديد أن يحل مجلس الشعب فور انعقاده ؟
* قلتُ : إن هذا في رأيي أقصي درجات التشاؤم ، و هل كان ميدان التحرير موسما قام ثم انفض ، أم أنه ما زال مستعدا لاجتماع جموع الشعب عند حدوث تجاوزات كبيرة ، ثم إن التعديل خفَّف من شروط الترشيح لتتسع الدائرة أمام الناس لاختيار رئيسٍ أمينٍ ، و لن تعدم مصر أن تختار رجلاً من الشرفاء يلبّي مطالبها ، و يعين مجلس الشعب علي عمل دستوره الجديد ، ثم إن المواد 76 ، 77 المعدلة اشترطت مدتين علي الأكثر للرئيس ، احتياطا لعدم ظهور فرعون آخر .
قال : و لكنّ بعضاً من كبار الكتاب و المستشارين عارضوا هذه التعديلات و طالبوا بدستور كامل جديد ؟
* قلتُ : مع احترامنا لهم جميعا " للمخلصين منهم " ، فنحن متفقون معهم في الغاية ، و مختلفون في الإجراءات ، فنحن أيضاً نريد دستورا جديداً ، و لكن من خلال التدرج عن طريق هذه التعديلات التي من ضمن بنودها البدء في عمل الدستور الجديد في خلال أشهر قليلة ، نحن نسير بقاعدة ما لا يدرك كله لا يترك جله ، و هم يريدون التعجل بالكل مرة واحدة ، و هذا يؤخر الوقت علي الجيش الذي يريد أن يوفِّيَ بوعده للشعب ، و يؤدي أمانته و يعود إلي ثكناته .
قال : هل أنت متفائل بهذه التعديلات ؟
* قلت : جداً ، و الله إنني تفائلتُ بها و دعوتُ للمجلس الأعلي ، و لقيادة الجيش ، من ساعة ما عرفت أرقام البنود المطروحة للتعديل ، لأنها كانت بصيغتها السابقة تمثل العقبة الكئود التي تقف بالتزوير الصارخ أمام إرادة الشعب , و لو لم يكن من التعديلات إلا المادة 88 و عودة الإشراف القضائي ، لاكتفيت ، لأن القضاء علي التزوير هو منطلق للتحرير بإذن الله .
قال : و لكن انتخابات مجلس الشعب الآن سوف تأتي بالإخوان ، فبقية الأحزاب غير جاهزة ؟
* قلتُ : خرجنا عن الموضوع الأصلي ، و مع هذا أظن أن الجموع التي كانت في الميدان قد بلغت من النضج درجة تستعصي علي أن يختاروا غير رغبتهم ، و الإخوان في الميدان كانوا جزءاً من كل ، و إذا نجح منهم جزء فهذه هي الديمقراطية ، و ليس هناك بعد الثورة فزاعة للإخوان و لا لغيرهم ، و إنما هي احترام رغبة الشعب و إرادته .
قال : أليس من الأفضل انتخاب الرئيس قبل المجلس ؟
* قلتُ : و من المرشحون ، هل نتركها هكذا فيترشح مثلا خمسة آلاف مرشح ، أم يُرشَّدُ الترشيح عن طريق برلمان منتخب يساعد في تقنين الترشيحات باعتباره درجة من درجات التعبير عن إرادة الشعب ؟
قال : إذن ربما نتفق .
* قلتُ : إذا خلصت النيات فنحن دائما متفقان حتي لو اختلفت آراؤنا، و لكن المشكلة أن هناك من يعارض التعديلات و يعلم جيدا مزاياها ، فهم لا يريدون للبلد إصلاحا و لا نجاحا إنهم من ذيول النظام السابق أو من أنصار قاعدة خالف تعرف أو تُشهر، نسأل الله أن يطهر البلاد و العباد منهم .
.منقووول للفائدة
بقلم: الصحفي أحمد بلال
غلاف الدستور المصري
بعضُ الغيورين علي مصلحة الوطن ، يقولون نُريدُ دستوراً جديداً يليق بإنجازات ثورة يناير ، و لأنني من المؤيدين بشدة لهذه التعديلات ، فقد دار بيني و بين صديقي هذا الحوار :
قال : لماذا نرضي بتعديلٍ جزئيٍّ ، و يمكننا أن نطلب تغييراً كاملاً للدستور يُلبِّي مطالب الشعب بعد الثورة ؟
* قلتُ : هذا نصٌّ صريحٌ في التعديل في المادة 189 مكرر ، بإلزام المجالس المنتخبة أن يكون أولُ عملِها هو وضع دستورٍ جديدٍ يليق و يواكب عصر ما بعد الثورة المباركة .
قال : و لماذا هذا التسويف ، و نحن يمكننا عمله الآن ، بدلاً من عملية الترقيع عن طريق تعديلٍ جزئيٍّ ؟
* قلتُ : و من الذي سيعدِّلُ الدستور الآن ؟
قال : مجلسٌ رئاسيٌّ ، و جمعيةٌ تأسيسية من مائة فرد مثلا .
* قلتُ : و من الذي سيحدِّدُ هذا المجلس الرئاسي ، و هذه الجمعية التأسيسية ؟
قال : تُختارُ من بين الكفاءات المشهود لها بين الناس .
* قلتُ : " تُختار" هذه فعلٌ مبنيٌّ للمجهول ، و ما زال السؤال قائماً ، من الذي سيختار ؟
قال : المجلس الأعلي للقوات المسلحة يختار مجلساً رئاسيّاً ، و المجلس الرئاسيُّ يختار الجمعية التأسيسية .
* قلتُ : أيهما أفضل , أن يتم اختيار الجمعية التأسيسية لعمل الدستور عن طريق مئات من مجلس شعب و شوري منتَخب في مصر لأول مرة بدون تزوير ، أم عن طريق أفراد قلائل مهما كان احترامنا لهم ؟
قال : و من يضمن أن تكون المجالس القادمة بدون تزوير ؟
* قلتُ : هذه هي الميزة الأساسية في التعديلات ، أن فلسفتها قامت علي سدِّ منافذ التزوير ، حتي إذا جاء مجلسٌ غير مزوَّر ، تولَّي إكمال مسيرة وضع الدستور الجديد ، فلذلك تجد المادة 88 التي أرجعت الإشراف القضائي الكامل ، و المادة 93 التي ألغت مصطلح "سيد قراره " و ردت الكلمة للقضاء .
قال : و لكن صلاحيات الرئيس ما زالت مطلقة لم تُمَس ، و يُمكن للرئيس الجديد أن يحل مجلس الشعب فور انعقاده ؟
* قلتُ : إن هذا في رأيي أقصي درجات التشاؤم ، و هل كان ميدان التحرير موسما قام ثم انفض ، أم أنه ما زال مستعدا لاجتماع جموع الشعب عند حدوث تجاوزات كبيرة ، ثم إن التعديل خفَّف من شروط الترشيح لتتسع الدائرة أمام الناس لاختيار رئيسٍ أمينٍ ، و لن تعدم مصر أن تختار رجلاً من الشرفاء يلبّي مطالبها ، و يعين مجلس الشعب علي عمل دستوره الجديد ، ثم إن المواد 76 ، 77 المعدلة اشترطت مدتين علي الأكثر للرئيس ، احتياطا لعدم ظهور فرعون آخر .
قال : و لكنّ بعضاً من كبار الكتاب و المستشارين عارضوا هذه التعديلات و طالبوا بدستور كامل جديد ؟
* قلتُ : مع احترامنا لهم جميعا " للمخلصين منهم " ، فنحن متفقون معهم في الغاية ، و مختلفون في الإجراءات ، فنحن أيضاً نريد دستورا جديداً ، و لكن من خلال التدرج عن طريق هذه التعديلات التي من ضمن بنودها البدء في عمل الدستور الجديد في خلال أشهر قليلة ، نحن نسير بقاعدة ما لا يدرك كله لا يترك جله ، و هم يريدون التعجل بالكل مرة واحدة ، و هذا يؤخر الوقت علي الجيش الذي يريد أن يوفِّيَ بوعده للشعب ، و يؤدي أمانته و يعود إلي ثكناته .
قال : هل أنت متفائل بهذه التعديلات ؟
* قلت : جداً ، و الله إنني تفائلتُ بها و دعوتُ للمجلس الأعلي ، و لقيادة الجيش ، من ساعة ما عرفت أرقام البنود المطروحة للتعديل ، لأنها كانت بصيغتها السابقة تمثل العقبة الكئود التي تقف بالتزوير الصارخ أمام إرادة الشعب , و لو لم يكن من التعديلات إلا المادة 88 و عودة الإشراف القضائي ، لاكتفيت ، لأن القضاء علي التزوير هو منطلق للتحرير بإذن الله .
قال : و لكن انتخابات مجلس الشعب الآن سوف تأتي بالإخوان ، فبقية الأحزاب غير جاهزة ؟
* قلتُ : خرجنا عن الموضوع الأصلي ، و مع هذا أظن أن الجموع التي كانت في الميدان قد بلغت من النضج درجة تستعصي علي أن يختاروا غير رغبتهم ، و الإخوان في الميدان كانوا جزءاً من كل ، و إذا نجح منهم جزء فهذه هي الديمقراطية ، و ليس هناك بعد الثورة فزاعة للإخوان و لا لغيرهم ، و إنما هي احترام رغبة الشعب و إرادته .
قال : أليس من الأفضل انتخاب الرئيس قبل المجلس ؟
* قلتُ : و من المرشحون ، هل نتركها هكذا فيترشح مثلا خمسة آلاف مرشح ، أم يُرشَّدُ الترشيح عن طريق برلمان منتخب يساعد في تقنين الترشيحات باعتباره درجة من درجات التعبير عن إرادة الشعب ؟
قال : إذن ربما نتفق .
* قلتُ : إذا خلصت النيات فنحن دائما متفقان حتي لو اختلفت آراؤنا، و لكن المشكلة أن هناك من يعارض التعديلات و يعلم جيدا مزاياها ، فهم لا يريدون للبلد إصلاحا و لا نجاحا إنهم من ذيول النظام السابق أو من أنصار قاعدة خالف تعرف أو تُشهر، نسأل الله أن يطهر البلاد و العباد منهم .
.منقووول للفائدة
تعليق