من هو شيخ علماء الكيمياء المسلمين
أجاب د/ راغب السرجانى
أجاب د/ راغب السرجانى
جابر بن حيان صاحب المنهج التجريبي
يمكن التأريخ للفترة الثانية من تاريخ قصة العلم، وهي النصف الثاني من القرن الثاني الهجري، والنصف الثاني من القرن الثامن الميلادي، بالعالم الكيميائي "جابر بن حيان" (ت 200هـ / 815م)؛ فقد كان علامة بارزة وفارقة ظهرت في هذه الفترة، وعلى يديه كان بَدْء ظهور المنهج العلمي التجريبي، والذي يعتمد على التجرِبة والملاحظة، اللَّتان اعْتُبِرَتا حجر الزاوية لدراسة العلوم الطبيعية، كما أنه يُعَدُّ شيخ علماء الكيمياء المسلمين، والذين كانت لهم إسهاماتهم البارزة في ذلك العلم.
فترى جابر بن حيان يدعو إلى الاهتمام بالتجربة، ودقَّة الملاحظة، تلك التي يقوم عليها المنهج التجريبي، فيقول: "ومِلاكُ كمال هذه الصنعة العملُ والتجرِبة؛ فمَن لم يعمل ولم يُجَرِّب لم يظفر بشيء أبدًا"[1].
وقد كانت الكيمياء قبل جابر خرافية تستند على الأساطير البالية، حيث سيطرت فكرة تحويل المعادن الرخيصة إلى معادن نفيسة؛ وذلك لأن العلماء في الحضارات ما قبل الحضارة الإسلامية كانوا يعتقدون أن المعادن المنطرقة مثل: الذهب، والفضة، والنُّحاس، والحديد، والرصاص، والقصدير من نوعٍ واحد، وأن تباينها نابع من الحرارة والبرودة، والجفاف والرطوبة الكامنة فيها، وهي أعراض متغيِّرة، (نسبة إلى نظرية العناصر الأربعة: النار، والهواء، والماء، والتراب)، لذا يمكن تحويل هذه المعادن من بعضها البعض بواسطة مادة ثالثة وهي الإكسير، ومن هذا المنطلق تخيَّل بعض علماء الحضارات السابقة للحضارة الإسلامية أنه بالإمكان ابتكار إكسير الحياة أو حجر الحكمة الذي يُزيل عِلَل الحياة ويُطيل العمر[2].
وقد تأثَّر بعض العلماء العرب والمسلمين الأوائل، كجابر بن حيان وأبي بكر الرازي، بنظرية العناصر الأربعة التي ورثها علماء العرب والمسلمين من اليونان، لكنهما قاما بدراسة علمية دقيقة لها؛ أدَّت هذه الدراسة إلى وضعِ وتطبيق المنهج العلمي التجريبي في حقل العلوم التجريبية.
وعليه يكون جابر قد قطع خطوة أبعد مما قطع اليونان في وضع التجرِبة أساس العمل، ولذلك يُعَدُّ أوَّل من أدخل التجرِبة العلمية المخبرية في منهج البحث العلمي الذي أرسى قواعده؛ يقول هولميارد Holmyard، وهو الذي اهتم بأعمال جابر ومؤلَّفاته ومنهجه العلمي، حتى عكف على إبراز القيمة العلمية لعمله: "إن الصنعة الخاصَّة عند جابر هي أنه على الرغم من توجُّهِهِ نحو التصوُّف والوهم، فقد عَرَف وأكَّد على أهمية التجريب بشكل أوضح من كل مَن سبقه من الكيميائيين"[3].
[COLOR="rgb(255, 0, 255)"]صنعة جابر
يمكن التأريخ للفترة الثانية من تاريخ قصة العلم، وهي النصف الثاني من القرن الثاني الهجري، والنصف الثاني من القرن الثامن الميلادي، بالعالم الكيميائي "جابر بن حيان" (ت 200هـ / 815م)؛ فقد كان علامة بارزة وفارقة ظهرت في هذه الفترة، وعلى يديه كان بَدْء ظهور المنهج العلمي التجريبي، والذي يعتمد على التجرِبة والملاحظة، اللَّتان اعْتُبِرَتا حجر الزاوية لدراسة العلوم الطبيعية، كما أنه يُعَدُّ شيخ علماء الكيمياء المسلمين، والذين كانت لهم إسهاماتهم البارزة في ذلك العلم.
فترى جابر بن حيان يدعو إلى الاهتمام بالتجربة، ودقَّة الملاحظة، تلك التي يقوم عليها المنهج التجريبي، فيقول: "ومِلاكُ كمال هذه الصنعة العملُ والتجرِبة؛ فمَن لم يعمل ولم يُجَرِّب لم يظفر بشيء أبدًا"[1].
وقد كانت الكيمياء قبل جابر خرافية تستند على الأساطير البالية، حيث سيطرت فكرة تحويل المعادن الرخيصة إلى معادن نفيسة؛ وذلك لأن العلماء في الحضارات ما قبل الحضارة الإسلامية كانوا يعتقدون أن المعادن المنطرقة مثل: الذهب، والفضة، والنُّحاس، والحديد، والرصاص، والقصدير من نوعٍ واحد، وأن تباينها نابع من الحرارة والبرودة، والجفاف والرطوبة الكامنة فيها، وهي أعراض متغيِّرة، (نسبة إلى نظرية العناصر الأربعة: النار، والهواء، والماء، والتراب)، لذا يمكن تحويل هذه المعادن من بعضها البعض بواسطة مادة ثالثة وهي الإكسير، ومن هذا المنطلق تخيَّل بعض علماء الحضارات السابقة للحضارة الإسلامية أنه بالإمكان ابتكار إكسير الحياة أو حجر الحكمة الذي يُزيل عِلَل الحياة ويُطيل العمر[2].
وقد تأثَّر بعض العلماء العرب والمسلمين الأوائل، كجابر بن حيان وأبي بكر الرازي، بنظرية العناصر الأربعة التي ورثها علماء العرب والمسلمين من اليونان، لكنهما قاما بدراسة علمية دقيقة لها؛ أدَّت هذه الدراسة إلى وضعِ وتطبيق المنهج العلمي التجريبي في حقل العلوم التجريبية.
وعليه يكون جابر قد قطع خطوة أبعد مما قطع اليونان في وضع التجرِبة أساس العمل، ولذلك يُعَدُّ أوَّل من أدخل التجرِبة العلمية المخبرية في منهج البحث العلمي الذي أرسى قواعده؛ يقول هولميارد Holmyard، وهو الذي اهتم بأعمال جابر ومؤلَّفاته ومنهجه العلمي، حتى عكف على إبراز القيمة العلمية لعمله: "إن الصنعة الخاصَّة عند جابر هي أنه على الرغم من توجُّهِهِ نحو التصوُّف والوهم، فقد عَرَف وأكَّد على أهمية التجريب بشكل أوضح من كل مَن سبقه من الكيميائيين"[3].
[COLOR="rgb(255, 0, 255)"]صنعة جابر
وقد سُمِّيَ علم الكيمياء باسم جابر بن حيان؛ فقيل: "صنعة جابر"، ومن أبرز إسهامات جابر فيه أنه يُعَدُّ أوَّل من استخرج حامض الكبريتيك، وسمَّاه زيت الزاج، وأول من اكتشف الصود الكاوي، وأوَّل مَن استحضر ماء الذهب، ودرس خصائص مركبات الزئبق واستحضرها، وقد بلغت تصانيفه 232 كتابًا[4].
يقول غوستاف لوبون: "تتألَّف من كتب جابر موسوعة علمية تحتوي على خلاصة ما وصل إليه علم الكيمياء عند العرب في عصره، وتشتمل هذه الكتب على وصف كثير من المركَّبات الكيميائية التي لم تُذْكَر قبله، كماء الفضة (الحامض النتري) الذي لا نتصور علم الكيمياء بغيره"[5].
ولقد تُرجمت كتب جابر إلى اللاتينية، وظلَّت المرجع الأوفى للكيمياء زُهاء ألف عام، وكانت مؤلَّفاته موضع دراسة مشاهير علماء الغرب، أمثال: كوب، وبرثولية، وكراوس، وهولميارد الذي أنصفه ووضعه في القمَّة، وبدَّد الشكوك التي أثارها حوله العلماء المغرضون. وسارتون الذي أرَّخ به هذه الحِقبة من الزمن في تاريخ الحضارة الإسلامية، فيقول عنه مندهشًا: "ما قدر جابر أن الكتب التي ألَّفها لا يمكن أن تكون من وضع رجل عاش في القرن الثاني للهجرة؛ لكثرتها ووفرة ما بها من معلومات"[6].
وفي عصر جابر زاد الاهتمام بحركة الترجمة بصورة ملحوظة، ويَرْجِع السبب الرئيسي في ذلك إلى تشجيع الخلفاء - وهم العباسيُّون - ورعايتِهم للعلماء والمترجِمِين، وإجزالِ العطاء لهم، بصرف النظر عن مِلَلِهم وعقائدهم، لتَخْرُج تلك الحركة من حيِّز المحاولات الفردية إلى أن تكون لها سياسة منهجية متَّبَعَة، تُشرف عليها الدولة نفسها، وهو ما أدَّى إلى أن يتَّسع نطاق العلوم المترجَمة، ليشمل الفلسفة والمنطق والكتب الأدبية، بجانب الطب وسائر العلوم التجريبية كلها[7].
************************************************** *************************************
[1] جابر بن حيان: كتاب التجريد، ضمن مجموعة حقَّقها ونشرها هولميارد بعنوان: مصنفات في علم الكيمياء للحكيم جابر بن حيان، باريس، 1928.
[2] انظر علي عبد الله الدفاع: روائع الحضارة العربية الإسلامية ص 274.
[3] عمر فروح: تاريخ العلوم عند العرب ص251.
[4] انظر شوقي أبو خليل: الحضارة العربية الإسلامية ص 521.
[5] حضارة العرب ص 475.
[6] انظر عبد الحليم منتصر: تاريخ العلم ودور العلماء العرب في تقدمه ص 106.
[7] انظر محمد الصادق عفيفي: تطور الفكر العلمي عند المسلمين ص 36، 37، 43.
فى أمان الله
تعليق