إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أجيالنا بين الواقع والأمل المنشود...متجدد باذن الله

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أجيالنا بين الواقع والأمل المنشود...متجدد باذن الله



    أجيالنا بين الواقع والأمل المنشود





    أجيالنا بين الواقع والأمل المنشود ، تلك ـ لعمر الله ـ قضية تثير الأسى ، والكلام عنها ذو شجون ، فإنَّ الصحوة الإسلامية منذ بدأت وهي تهفو لإيجاد جيل " التمكين " ، الجيل الذي وعد الله تعالى بقوله : " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا"

    الجيل الذي وعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : ــ " بشر هذه الأمة بالسناء والدين و الرفعة و النصر و التمكين في الأرض "[1]






    [1] أخرجه الإمام أحمد وابن حبان والحاكم في المستدرك من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه وصححه الألباني (2825) في صحيح الجامع .



    أولاً : الهدف المنشود

    تحديد الهدف هو أصل هذا الإشكال ، فكثير من الشباب يعيشون اليوم بلا هدف ، فإذا سألت واحدًا منهم ما هدفك ؟ ماذا تريد ؟ ما أقصى آمالك وأمانيك ؟ ما هي أحلامك ورغباتك ؟
    فإمَّا أن يجيب بإجابات إنشائية لا يفقهها ، أو أن يردد أقوالاً سمعها من هنا أو هناك ولم يؤمن بها ولا صدقها ، وإنما يستعملها عند الحاجة إليها ، والدليل على ذلك ما يأتينا من أنَّ علامة وضوح الهدف في الأذهان أن يصير كقطب الرحى تدور حوله جميع حركاتك وسكناتك ، جميع أقوالك وأفعالك ، كلها في خدمة هذا الهدف .
    أمَّا الغالبية الصادقة مع أنفسها فستقول : لا أدري .. لا أعرف .. ربما كذا أو كذا .
    أحبتي في الله ..
    يجب على المسلم المعاصر أن يجعل له هدفاً محدداً ، أن يجعل لوجوده غاية عظمى ، أن يجعل لحياته رسالة سامية ..
    إننا ـ أحبتي في الله ـ ما لم تتجسد في حياتنا قيم الإسلام ومثله العليا ، إذا لم يصبح الإسلام مقياس كل حكم ومفتاح كل قضية ، ومصدر كل تصور عندنا ؛ فلن يطول الزمن حتى يميل بنا الهوى ، وتعبث بنا النَّوَّات ؛ لأننا نعيش ـ وللأسف ـ في مجتمع جاهلي لا يمتُّ إلى جوهر الدين بصلة ، إننا نعيش في مجتمع بعيد عن القيم ، مجتمع تعطلت فيه كل حواس الخير ، نعيش في مجتمع ازدحمت فيه عوامل الإفساد ، فإن لم يكن شبابنا على قدر كبير من العقيدة وسمو الخلق ، وقوة الإيمان ؛ فإنهم سيضيعون حتماً لا محالة ، نسأل الله أن يثبتنا وشباب المسلمين على الإيمان ، اللهم ثبت الإيمان في قلوبنا .
    نعم ! إن لم تكونوا ـ إخوتي الشباب ـ مُهَدِّفِينَ حياتكم ، شديدي المحاسبة لأنفسكم ، دائمي المراقبة لربكم ؛ فستزل بكم الأقدام بعد ثبوتها ، وتذقوا السوء ، فإن لم تكونوا متورعين عن الشبهات ، مقبلين على الطاعات ، حريصين على النوافل والعبادات ؛ فستصابون حتماً بلوثات هذا المجتمع الذي تعيشون فيه ، وسيصيبكم نصيب كبير من شذوذه وانحرافه ، فما أنتم إلا جزء من هذا المجتمع .
    إخوتاه ..
    إنَّ أهل الدنيا قد اختاروها هدفًا ينشدونه ، فأسرار الكون عند علمائهم غاية ، والرفاهية والرخاء والظفر بملذات الحياة عند ساستهم وعوامهم هدفًا ، ولقد أشار القرآن الكريم إلى سوء عاقبة هؤلاء فقال ـ تعالى ـ : " والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوىً لهم " وبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ الحرص على الدنيا وجعلها هدفًا ضد اتجاه المؤمن ، قال صلى الله عليه وسلم : " و لا يزداد الناس على الدنيا إلا حرصا و لا يزدادون من الله إلا بعدا " [1]
    فلا يجوز للمسلم المعاصر الذي يعيش التحدي العالمي الكبير ، أن يعيش هكذا ضائعاً مهملاً ، أو مشغولاً بالطعام والشراب والجنس والشهوة ..لا ينبغي أن يكون شعاره في الدنيا قول الشاعر :
    إنما الحياة طعام وشراب ومنام فإن فاتك هذه فعلى الدنيا السلام
    فالمسلم صاحب رسالة ، صاحب هدف ، يجعل حياته وقفاً على هدفه ، ولسان حاله :
    يهون علينا في المعالي نفوسنا ومن يخطب الحسناء لم يغله المهر
    إخوتاه ..
    ما هدفنا إذن ؟ القرآن الكريم يهدِّف حياتك ، ويدلك على الوسائل لتحقيق هذا الهدف في عبارات موجزة ، جامعة شافية كافية .
    يقول ربي ـ وأحق القول قول ربي ـ : " يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيداً عليكم "
    خذ الهدف : " وتكونوا شهداء على الناس " هذا هو هدفك نص عليه القرآن .
    إنك خلقت وبعثت لهذه الأمة ؛ لكي تكون شهيداً على العالم ، بل على العالمين ، لما يبعث نبي الله نوح يقول الله له : هل بلغت ؟ ، يقول : نعم ، فيقال : من يشهد لك ؟ ، يقول : أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، فهل أنت جاهز للشهادة على قدرها ؟!!
    " ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين " هذا هدفك ينص عليه القرآن .
    " ليكون الرسول شهيداً وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم المصير " هذه هي دعوة القرآن لتهديف الحياة .
    إخوتاه ..
    إن أخطر ما في قضية اليوم أن المسلمين ـ وللأسف الشديد ـ صار في قلوبهم شعور أن في هذه الدنيا من هو أفضل منه ، وهو أخطر ما يحطم القلب ، كثيراً ما أحرص وأقول لكم : إنكم ـ أحبتي في الله ـ أفضل من على ظهر الأرض ، أنتم ومن مثلكم ، ينبغي أن تعتقدوا هذه ، ورضي الله عن عمر حين قال : كنا أذل قوم ، فأعزنا الله بالإسلام ، فمهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله .
    " الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا " ، إننا ينبغي أن نوقن بذلك ، أن نؤمن بذلك ، أن نعيش لذلك ، أننا شهداء على الناس .
    هل عرفتم هدفكم ؟
    هدفك : دينك لحمك دمك وإن قتلت أو حرقت ، فإننا لا نعيش لأنفسنا بل نعيش لديننا ، هذا هدفي .
    أما الغاية فهي رضا الله والجنة ، غايتك رضا الله ، أن تصل إلى رضا الله من خلال هذا الهدف ، " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله "
    هذا هو هدف إخراجك ، أن تكون لترضي الله ، هذا هدفك ، أن تعيش لدينك .
    إخوتاه ..
    إننا بحاجة اليوم إلى أن نعيش الإسلام وبالإسلام وللإسلام ، ومن العجيب أنك اليوم تجد من لا يزال يجادل في أهمية طلب العلم والدعوة إلى الله ، المسألة لا تحتاج إلى نقاش .. اليوم لازلت تجد امرأة تجادل : أنعمل خارج البيت أم لا ؟ ! ، تجادل في أوامر الله !! ، الله يقول : " وقرن في بيوتكن " فانتهت القضية ، وهكذا شأن المؤمنين والمؤمنات أن يذعنوا لأوامر ربهم " وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير "



    [1] أخرجه الحاكم في المستدرك من حديث ابن مسعود رضي الله عنه وحسنه الالباني (1146)
    كتبه
    الشيخ محمد حسين يعقوب
يعمل...
X