بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
أما بعد ..
فهذه رسالتي الثانية لكم حول أحداث مصر ، وأريد أن أضع فيها تنبيهات وخطة عمل في هذه المرحلة الحساسة التي نمر بها .
أحبتي في الله ...
أولا : بالله عليكم كفوا ألسنتكم عن المشاغبات والتراشق بالاتهامات وإسقاط رموز الدعوة إلى الله تعالى واتهامات من نحو : الغلو أو الخيانة والعمالة ونحو ذلك ، فهذه القضية من أخطر ما يكون الآن وسنجني ضريبة ذلك جميعًا ، ولذلك دعوتكم في الرسالة الماضية للتأدب ( بأدب الخلاف ) والاعتذار لجميع الرؤى ، ونقول : هذه نازلة ، والاجتهاد فيها دقيق ، وتوصيف الواقع تختلف فيه النظرات ، وبالتالي لا تتهموا أحدًا ، ولنجتمع على ( حسن النوايا ) وننبذ ( سوء الظن ) ، أليس منكم رجل رشيد ؟!
أرجو أن تستمعوا لهذه المحاضرة ضمن سلسلة ( النفق المظلم ) : جرِّح ولا حرج .
http://www.manhag.net/droos/details.php?file=586
ثانيًا : إن مراعاة المآلات مسألة مهمة ، وفي ( النفق المظلم ) لا تعرف أين الغاية ؟ وبالتالي فمن يتسرع في الرؤية ويدلي بدلوه في استنتاج النتائج فقد تعجل ، والرؤية الضبابية تجعلنا نقول : انتظروا حتى تشرق الشمس ، ويلوح ضوء النهار ، فلا يمكن أن تتحرك بسيارتك بسرعة كبيرة والضباب من حولك ، ولكن انتظر وتمهل وتريث ، ولا أقول : قف !! بل تحرك في المتاح والممكن ، هذه الحكمة .
ومن هنا أقول : إنَّ جهادًا دعويًا فعليًا من الآن فصاعدًا لابد أن يكون واجب الوقت ، الآن علينا أن ننشر الدعوة في كل مكان، على كل إنسان كان يريد تحكيم شريعة الإسلام أن يدافع عن ذلك بكل ما أوتي من قوة ، إننا في صراع فكري رهيب ، وعلينا أن نتحمل مسؤولية الذود عن هذه الشريعة وهذا يقتضي منَّا أمورا مهمة وفق معادلة ( الإيمان والعمران )
1- أهمية الدرسات الاستراتيجية لكل الشباب والاهتمام البالغ بفقة الواقع ، نحتاج يا شباب ( ثقافة جديدة ) فهم عميق للتيارات الفكرية الموجودة في واقعنا .
2-أهمية الدراسات الإنسانية للاستفادة منها في ( تحليل الواقع ) ستتعلمون ( علم اجتماع ) و( تنمية بشرية) و( علم نفس ) وغيرها لتعرفوا كيف تدافعون عن قضية ورسالة الإسلام .
3- سنرفع شعار ( مباركًا أينما كنت ) فدورك الدعوى في كل مكان ، والدعوة الفردية ، وإنذار العشيرة الأقربين في غاية الأهمية ، ولكن لابد أن تتحمل هذه الرسالة علمًا وعملا ، وتوصلها للناس بالقدوةوالأفعال قبل الأقوال ، فهكذا تصلح لأن تكون من ( حراس الشريعة ) .
4- البناء الثلاثي لابد أن يكون نصب عين كل واحد منَّا ( العلم + العمل + الدعوة ) .
بالتالي لابد أن نمضي في بنائنا العلمي ، ونهتم جدًا بالقرآن وتدبره ، ودراسة السنة وشروحها ، مع الوضع في الاعتبار أننا سندخل صراعًا كبيرًا حول قضايا مثل ( حجية السنة ) و(صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان ) وما يشتبه على الناس في أمر بعض المسائل الفقهية فلابد من الاهتمام بذلك .
وفي الجانب التعبدي أرى أننا في هذه الفتنة ينطبق علينا قول ابن مسعود رضي الله عنه : أخاف عليكم فتنًا كأنها الدخان ، يموت فيها قلب الرجل كما يموت بدنه .
فالغفلة ستحكم على الناس ، فالفتن خطافة والقلوب ضعيفة ، ولذلك نحتاج لتأهيل إيماني من خلال برامج إيمانية سنبدأها من هذه الرسالة من خلال ( نهضة إيمانية قلبية ) سنكثف الكلام عليها لخلق حالة من التواصل بالله تعالى وتكوين ما يعرف بالحال مع الله جل علا .
وفي الجانب الدعوي لابد من الاهتمام بالتواصل بالناس في هذه الفترة ، وإيضاح أن هذه الابتلاءات والفتن لا تكون إلا بذنوبنا ، ولن ترفع عن البلاد والعباد إلا بتوبتنا ، فليتب كل واحد منَّا، وإلا فإن كنَّا ندافع في هذه الاوقات عن العدالة ونجاهد الظلم ، فهلا سمعنا ربنا وهو يقول : " ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون" .
أيضًا الحث على الدروس المعتبرة في هذا السياق لا سيما سنة الله تعالى في عقاب الظالمين ، فهذا تغيير مهم للناس جميعًا حتى ترفع المظالم بعد أن يكشف الله هذه الغمة ، ولن تكشف إلا بهذا الوازع الإيماني الذي يردع الناس عن الوقوع في الظلم والقهر والاستبداد .
إننا نحتاج أن نقول للناس : إنَّ الله هو الملك المالك المليك سبحانه يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء بيده سبحانه الخير ، فليكن توكلنا عليه وحده، ولا نخشى ولا نخاف إلا منه وحده ، فإذا كانت الأعين متجهة إلى ( ميدان التحرير ) فإن ( التحرير ) أن تكون ( حرًا ) لست ( عبدًا ) لأي أحد إلا الله سبحانه ، لست عبدًا للمناصب ولا للدنيا ولا للدرهم والدينار ولا للشهوات ، بل كن عبدًا لله رب العالمين ، ترجوه وحده ، تخشاه وحده ، تتوكل عليه وحده ، تحبه وحده ، تتملقه وحده ، وهو نعم المولى ونعم النصير .
أحبتي ..
الواجبات العملية :
1- عندنا درس يوميًا في التاسعة مساءًا ضمن خطة البناء العلمي فتابعوا أخبار الموقع عبر ( الإعلانات الإدارية) .
2-أرجو يوميًا
(أ) قراءة ما لا يقل عن ( 5 أجزاء ) مع كل صلاة جزء ، لأن القرآن خير ما نستدفع به البلاء .
قال أبو مسعود لحذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - : إنَّ الفتنة وقعت ، فحدثني ما سمعته . قال : أو لم يأتكم اليقين ؟ كتاب الله عز وجل " [ حلية الأولياء (1/274) ]
(ب) وأوصي بتدبر سورة الكهف فإنها السورة العاصمة من الفتن .
(ج) كان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر هرع إلى الصلاة ، لنهتم جدا بالصلاة على وقتها ، والإكثار من النوافل .
(د) أرى أيضًا لمن يستطيع أن يصوم هذا الأسبوع ، والصوم في الشتاء من غنيمة المؤمن .
(هـ ) الاهتمام بالقنوت في تالصلوات وقنوت الوتر وبالتضرع والاستكانة لله تعالى " ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون " فاجمع قلبك حال الدعاء عسى أن تصيب سهام الليل ، ودعاء المظلوم ليس بينه وبين الله حجاب .( ربنا إنا مغلوبون فانتصر ) .
(و) الاهتمام بجمع وتوزيع الصدقات للمتضررين الآن من باب التكافل الاجتماعي ، بل أقول : تصدقوا على النصارى فالصدقة عليهم جائزة ، وهي دعوة خير .
أحبتي ...وصية اليوم
قال صلى الله عليه وسلم : " ولكنكم تستعجلون " [ رواه البخاري ]
وقالوا : الرافق لا يكاد يُسبق ، كما أن المتعجل لا يكاد يلحق ، وكما أن من سكت لا يكاد يندم ، كذلك من نطق لا يكاد يسلم ، والمتعجل يقول قبل أن يعلم ، ويُجيب قبل أن يفهم ، ويُحمد قبل أن يجرب ، ويُذم بعد ما يُحمد ، ويعزم قبل أن يُفكر ، ويمضي قبل أن يعزم ، والمتعجل تصحبه الندامة ، وتعتزله السلامة ، وكانت العرب تكنى العجلة أم الندامات " [ روضة العقلاء (ص216 ) ]
والله المستعان
وكتبه
هاني حلمي
من مصر المباركة
2
تعليق