السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الموضوع بعنوان خالف هواك
يحكى أن الكلب أراد يومًا طريق العزة والكرامة، فقال في نفسه:
- البداية تبدأ بتغيير اسمي هذا، فانطلق من فوره إلى الأسد ..
- قال: يا ملك الغابة، إنني قررت إجراء تحولاً شاملاً في كل جوانب حياتي، وأتمنى أن تصدر مرسومًا أسديًا يقضي بتغيير اسمي بين الحيوانات، يتضمن عقوبة لمن يخالف المرسوم .
- نظر الأسد إلى الكلب ثم قال: حسنًا، ولكن لابد من وضعك في اختبار تثبت فيه صدق دعواك ..
ثم أمر الأسد بإحضار فخذ من اللحم وأعطاه إليه .
قال الأسد: احتفظ بهذا اللحم إلى الغد فإن سلمته كاملًا قمنا بإصدار المرسوم وإلا فلا !
- رضى الكلب على الفور، وهو يمني نفسه بحياة كريمة، فلما وضع اللحم أمامه نازعه هواه فلم يصبر حتى أكل منه قطعة، ثم جلس لحظات يسيرة وأكل أخرى، فلما ذاق طعم اللحم ..
- قال في نفسه: وماذا فى اسمي هذا ؟! كلب كلب .
فلم يقم من مكانه إلا وأتى على الفخذ بأكمله .
بلغ ذلك الأسد ..
- فقال: كنت أعلم أن الكلب لن يستطيع مخالفة هواه .
أحبتى فى الله ..
في كتاب الله ضرب سبحانه وتعالى مثلًا لذلك الذي رفض أن يرفع بآيات ربه رأسًا فأخلد إلى الأرض واتبع هواه بالكلب، فقال تعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)
الهوى: هو ما تميل إليه النفس وتحبه مما يخالف أمر الله تعالى .
وأصل الهوى مطلق الميل وشاع في الميل إلى الشهوة .
وسمى بذلك لأنه يهوى بصاحبه في الدنيا إلى كل واهية وفي الآخرة إلى الهاوية .
أخوتاه ..
رسالة أرسلها إلى الذى استعبده هواه وقهره فانقاد له انقياد العبد إلى سيده، فخذ بما فيها من نصح لتقهر الشهوة وتملك هواك، فينقد لك ذليلًا ويدخل تحت حكمك ورقك.
إذا أنت لم تَعْصِ الهوى قادَكَ = الهوى إلى بعض ما فيه عليك مقالُ
اسأل من سار بقلبه وعقله وجسده في أعقاب هواه كيف حاله ؟
يُجبك حاله ومقاله بالنبأ اليقين:
- كم فوت من فضيلة ؟
- كم أوقع في رذيلة ؟
- كم كسر جاهًا ونكس رأسًا وقبَّح ذكرًا ؟
- كم أورث ذمًا وأعقب ذُلًا ؟
* ذم الهوى فى القرآن الكريم :اسأل من سار بقلبه وعقله وجسده في أعقاب هواه كيف حاله ؟
يُجبك حاله ومقاله بالنبأ اليقين:
- كم فوت من فضيلة ؟
- كم أوقع في رذيلة ؟
- كم كسر جاهًا ونكس رأسًا وقبَّح ذكرًا ؟
- كم أورث ذمًا وأعقب ذُلًا ؟
لم يذكر الله تعالى في كتابه، ورسوله في سنته الهوى إلا في معرض الذم والتحذير:
- قال تعالى: (وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا)
ينهي جل جلاله عن طاعة من صار تبعًا لهواه [لمزاجه]، ولو كان فيه هلاكه، فمثل هذا لا يطاع ولا يقتدي به ؟ لأنه اتبع هواه وأنهى أمره .
- وقال سبحانه: (وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ)
يحذر ربنا من كثير من الناس (وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ)بمجرد ما تهوى أنفسهم(بِغَيْرِ عِلْمٍ)لا دليل ولا حجة، فقط بمجرد الهوى الفاسد والآراء القاصرة والشبهة المتهافتة، فهؤلاء معتدون على شرع الله، وعلى عباد الله...والله لا يحب المعتدين.
- وقال جل شأنه: (فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا)
فأكبر حائل يقف في طريق الشهادة بالحق، والقيام بالقسط اتباع الهوى؛ لأنه :
- إما يعمي بصيرة صاحبه فيرى الحق باطلًا.
- وإما أن يحيد عنه يعرفه ويتركه.
فأمر سبحانه أن يجاهد الإنسان هواه ولا يطيعه ولا يتبعه، فالضلال في طاعة الهوى، والهدى في مخالفته .
- قال عز وجل: (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ)
أخبر سبحانه أن اتباع الهوى يضل صاحبه عن طريق الله، ويخرجه عن الصراط المستقيم، ويميل به إلى طريق الغواية، فكان أولى الناس بالتحذير هم الأنبياء .
- قال الله مخاطبًا نبيه: (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ)
نهي عظيم عن اتباع الهوى، عن اتباع أهواء طائفة من أحط الناس وأرذلهم.
قال السعدي: والخطاب - إن كان لرسوله - فإن أمته داخلة في ذلك؛ لأن الاعتبار بعموم المعنى لا بخصوص المخاطب، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .
- وقال جل ثناؤه: (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ)
أفرأيت هذا الضال المضل الذي (اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ) فما هواه سلكه .. يسري به في متاهات حتى يخرجه من دائرة العقل إلى دائرة الجنون، فصار هواه إلهه المعبود، فلا يدري أهذا يرضي الرب أم يسخطه .
وبئس العبد الذى استحكم فيه هواه، فكل همه بطنه وفرجه لا يدري حلالًا من حرام، فعاقبه الله بأن أضله (وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ)لا يسمع ما ينفعه من الهدى والحق بل أطلقها بما تهوي نفسه من غيبة ونميمة وسخرية واستهزاء ولعن وشتم ومغازلات وأغاني ومسلسلات وأفلام ...وكل ما هو باطل من القول والزور.
وختم على (وَقَلْبِهِ)لا يعي الخير .
(وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً) تمنعه من النظر إلى الحق فأطلقها تنهش في المحرمات، وترتع في الغاديات الرائحات، وتلغ في العاريات الساقطات (فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ)
* ذم الهوى فى كلام النبى :
- قال: " إِنَّ مِمَّا أَخْشَى عَلَيْكُمْ شَهَوَاتِ الْغَيِّ فِي بُطُونِكُمْ وَفُرُوجِكُمْ وَمُضِلَّاتِ الْهَوَى " [رواه أحمد]
- وقال: " ثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ: شُحٌّ مُطَاعٌ وَهَوًى مُتَّبَعٌ ، وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ " [رواه الطبرانى وغيره وهو حسن فى الشواهد]
- وقال: " حُجِبَتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ، وَحُجِبَتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ "
[متفق عليه]
قال ابن حجر: (( وهو من جوامع كلمه وبديع بلاغته في ذم الشهوات وان مالت إليها النفوس والحض على الطاعات وان كرهتها النفوس وشق عليها .
والمراد بالشهوات ما يستلذ من أمور الدنيا مما منع الشرع من تعاطية إما بالأصالة وإما لكون فعله يستلزم ترك شيء من المأمورات ويلتحق بذلك الشبهات، والإكثار مما أبيح خشية أن يوقع في المحرم فكأنه قال لا يوصل إلى الجنة إلا بارتكاب المشقات المعبر عنها بالمكروهات ولا إلى النار إلا بتعاطي الشهوات وهما محجوبتان فمن هتك الحجاب اقتحم ))
[الفتح320/11-321 بتصرف]
فيا ضعيف العزم .. قد استبان لك الطريق، واتضح لك السبيل، ليس أصدق من كلام الله وكلام رسوله، وإنما هي صبر ساعة تعقبها راحة الأبدان، فانهض والحق بالركب، فمن عرف بين الناس بقهر هواه عُظَّم ورُفع، ومن عُرف بأنه مقهور الهوى أُهين ونُحَّى، فواعجبًا من سكرة ذي الهوى، كيف غلبته، فلما أفاق لم ير غير اللوائم .. واسمع إلى أقولهم ..
* أقوال السلف في ذم الهوى:
- قال صفوان بن سليم: ليأتين على الناس زمان تكون همة أحدهم فيه بطنه، ودينه هواه.
- وقال الفضيل: من استحوذت عليه الشهوات انقطعت عنه مواد التوفيق.
- وقال يحيى بن معاذ: حفت الجنة بالمكارة وأنت تكرهها، وحفت النار بالشهوات وأنت تطلبها، فما أنت إلا كالمريض الشديد الداء، إن صبر نفسه على مضض الدواء اكتسب بالصبر عافية، وإن جزعت نفسه مما يلقى طالت علة الضنى .
- وقال - أيضًا -: من أرضى الجوارح في اللذات، فقد غرس لنفسه شجر الندامات.
- قال بشر بن الحارث: لا تجد حلاوة العبادة حتى تجعل بينك وبين الشهوات حائطًا من حديد.
- قال عمر بن رُفَيل: رأيت في جبل اللكام [جبل بسورية] طائرًا منكسًا يصيح، فدنوت منه لأخلصه، فإذا تحته صخرة عظيمة مكتوب عليها : داؤك هواك فإن غلبت هواك فذاك دواك.
- قال الوراق: أصل غلبة الهوى مقاربة الشهوات، فإن غلب الهوى أظلم القلب إذا أظلم القلب ضاق الصدر، وإذا ضاق الصدر ساء الخلق، وإذا ساء الخلق أبغضه الخلق، وإذا أبغضه الخلق أبغضهم، إذا أبغضهم جفاهم، وإذا جفاهم صار شيطانًا رجيمًا .
* الجزاء لمن خالف هواه:* أقوال السلف في ذم الهوى:
- قال صفوان بن سليم: ليأتين على الناس زمان تكون همة أحدهم فيه بطنه، ودينه هواه.
- وقال الفضيل: من استحوذت عليه الشهوات انقطعت عنه مواد التوفيق.
- وقال يحيى بن معاذ: حفت الجنة بالمكارة وأنت تكرهها، وحفت النار بالشهوات وأنت تطلبها، فما أنت إلا كالمريض الشديد الداء، إن صبر نفسه على مضض الدواء اكتسب بالصبر عافية، وإن جزعت نفسه مما يلقى طالت علة الضنى .
- وقال - أيضًا -: من أرضى الجوارح في اللذات، فقد غرس لنفسه شجر الندامات.
- قال بشر بن الحارث: لا تجد حلاوة العبادة حتى تجعل بينك وبين الشهوات حائطًا من حديد.
- قال عمر بن رُفَيل: رأيت في جبل اللكام [جبل بسورية] طائرًا منكسًا يصيح، فدنوت منه لأخلصه، فإذا تحته صخرة عظيمة مكتوب عليها : داؤك هواك فإن غلبت هواك فذاك دواك.
- قال الوراق: أصل غلبة الهوى مقاربة الشهوات، فإن غلب الهوى أظلم القلب إذا أظلم القلب ضاق الصدر، وإذا ضاق الصدر ساء الخلق، وإذا ساء الخلق أبغضه الخلق، وإذا أبغضه الخلق أبغضهم، إذا أبغضهم جفاهم، وإذا جفاهم صار شيطانًا رجيمًا .
في الدنيا: أنت المرفوع قدرًا، والعزيز نفسًا، وتنال الثناء الحسن الذكر الجميل، تأمر فتطاع، وتقول فيسمع لك ...قهرت هواك وسيرته في طاعة ربك .
في الآخرة: قال تعالى: (فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآَثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى)
الهوى نقطة الارتكاز في دائرة الطاعة. فالهوى هو الدافع القوي لكل طغيان، وكل تجاوز، وكل معصية. وهو أساس البلوى، وينبوع الشر، وقل أن يؤتى الإنسان إلا من قبل الهوى.
قال الألوسي: (وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى)زجرها، وكفها عن الهوى المردى، وعن الميل إلى الشهوات ... لم يعتد بمتاع الدنيا وزهرتها، ولم يغتر بزخارفها وزينتها...
وعن ابن عباس ومقاتل أنه الرجل يهم بالمعصية فيذكر مقامه للحساب بين يدي ربه فيخاف فيتركها. [روح المعانى36/30]
* قدوة فى يوسف عليه السلام :
يقول ابن الجوزي: قرأت سورة يوسف فتعجبت من مدحه على صبره، وشرح قصته للناس، ورفع قدره ... فتأملت خبيئة الأمر، فإذا هي مخالفة الهوى !
واعجبًا لو وافق هواه من كان يكون ؟
ولما خالفه صار أمرًا عظيمًا تضرب الأمثال بصبره، ويفتخر على الخلق باجتهاده .
كل ذلك كان بصبر ساعة فيا له عزًا وفخرًا،تملك نفسك على المحبوب وهو قريب .
- يوسف كان شابًا فى ريعان الشباب [داع إلى الغريزة والشهوة فالرغبة أقوى] ..
- غريبًا عن موطنه وأهله [داع الزوال الحياء والحشمة] ..
- كان لها بمنزلة العبد [داع لأن يلبي رغبتها ومرادها] ..
- كانت هي الطالبة وهو المطلوب [داع لكمال الرجولة والفحولة] ..
- كانت زوجة عزيز مصر [داع لتلبية المطلوب] ..
- في دارها .. تحت حكمها .. استوثقت .. احتاطت .. أعدت للأمر عدته.. رتبت .. أقبلت عليه تبوح بما تنطوي عليه نفسها من لهيب الشهوة المستعر ..
تقول: (هيت لك)
فيقول: (مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ)
- إنه البلاء في مخالفة الطبع، ودواعي النفس والشهوة... فرفع الله ذكره إلى يوم القيامة .
وفي قمع أهواء النفوس اعتزازها = وفي نيلها ما تشتهي ذل سرمدي
منقول
تعليق