كتبه/ سعيد عبد العظيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد مضت سنوات تعمقت فيها معاني الغربة، وأصبح من يقول: "رضينا بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبيًا"، في موضع تهمة.
يُرمى بالأصولية إذا أطلق لحيته وارتاد المساجد، ويوصف بالتطرف إذا قال للناس: "اعبدوا الله ما لكم من إله غيره"! ويَحدث ذلك من أناس يُنسبون لديننا، وهم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا!
وإذا كان اليهود الغاصبون للبلاد والعباد يرمون فصائل الجهاد الإسلامي بأنها إرهابية، والغرب يصف المجاهدين في العراق وأفغانستان بنفس النعت، وهؤلاء وأولئك ينطبق عليهم المثل السائر: "رمتني بدائها وانسلت"؛ وإلا فنعوت التنفير تليق بمن كفر بالله وانحرف عن منهجه -سبحانه-، وعاث في البلاد والعباد فسادًا.
وهم يفعلون ذلك في الوقت الذي ينادون فيه بحقوق الإنسان! ويطالبون فيه بحرية الشعوب، وتفخر إسرائيل على سائر دول المنطقة بأنها الدولة الديمقراطية الوحيدة!
وقد لا يُستغرب صنيع هؤلاء فهم يكيلون لنا بمكاييل العداوة، ويكيدون لكل ما هو إسلامي، فخذ وصفهم من خالقهم: (وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) (فاطر:14)، (قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ) (آل عمران:118).
ولذلك قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة:51).
والعجب ممن انخدع بحيل الأعداء، وصار حربًا على دينه وأبناء ملته، يرميهم بشتى نعوت التشويه والتنفير، ويصدهم عن سبيل الله، ويصفهم بأنهم رجعيون متخلفون ظلاميون، ويطالبهم بالتنوير والتطوير، وبأخذ الإسلام المودرن، المعلب في باريس ولندن وواشنطن!
وقد تأثر البعض بهذا الإرهاب الفكري؛ فصار إسلامه مسخًا؛ يلهج بالديمقراطية، ويسبح بحمدها، ويطالب بتطبيقها.
فالديمقراطية أصبحت أغنية المتحدثين، وطرب المستمعين، وهي فيصل الخصومات والمنازعات عند هؤلاء وأولئك، وكأن الإسلام قد غاب مِن حساباتهم، ولم يعد لشعائر الدين وأحكامه مكان في حياتهم عند التطبيق.
يجب علينا أن نجتمع على كلمة سواء تحسم مادة الشر والفساد في حياتنا، وتوحد كلمتنا وتلم شملنا، يقول -تعالى-: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (النساء:65)، وقال -سبحانه-: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة:50)، وقال -تبارك وتعالى-: (أَفَغَيْر َدِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) (آل عمران:83).
إن الإسلام هو العقيدة الحقة الصحيحة الشاملة لكل نواحي الحياة، وما سواه فعقائد فاسدة لا تغني عن أصحابها من الله شيئًا، سواء أكانت من وضع البشر كالديمقراطية، أو منزَّلة، ولكنها حُرفت وغُيِّرت وبدلت: كالتوراة والإنجيل، فلا يصح لأحد أن يتحرج من النطق بكلمة الإسلام، ولا العمل بمقتضاه أو إظهار شعائره، قال -تعالى-: (قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَل ْأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (الأنبياء:108).
لقد بدأ الإسلام غريبًا، وها هو يعود غريبًا كما بدأ، وغربته اليوم وسط أهله وبنيه، يصفها البعض بأنها أشد من غربته الأولى، فقد واجه الصحابة الأفاضل الغربة الأولى بإيمان ويقين وصبر وثبات، أما اليوم فالتقوى زائلة، والصبر ضعيف، والضعفاء مهملون ومضيعون.. فكيف ننتصر على عدو الله وعدونا؟!
بل صارت قطاعات كبيرة من المسلمين بمثابة معاول هدم لهذا الدين وحربًا عليه، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ولن يأتي على الناس زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم، كما أخبرنا الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم-.
ولا يسعنا في هذا المقام أن ننتظر خروج المهدي الذي يملأ الأرض عدلاً بعد أن ملئت ظلمًا وجورًا، أو انتظار نزول المسيح عيسى ابن مريم -عليه السلام- كحاكم من حكام المسلمين يحكم بشريعة الإسلام كما تواترت بذلك الأخبار، بل الواجب علينا أن نبذل وسعنا، وأن نبرئ ساحتنا، وأن نأخذ بأسباب تجفيف منابع الضلال، وكلنا ثقة بوعد الله، فالنصر عقبى الصابرين، وربنا لا يضيع أجر المحسنين، ولا يصلح عمل المفسدين، وقد قال -سبحانه- وقوله الحق: (وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) (الروم:47).
(عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ) (الأعراف:89).
و(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ . وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ . وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الصافات:180-182).
من موقع صوت السلف
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد مضت سنوات تعمقت فيها معاني الغربة، وأصبح من يقول: "رضينا بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبيًا"، في موضع تهمة.
يُرمى بالأصولية إذا أطلق لحيته وارتاد المساجد، ويوصف بالتطرف إذا قال للناس: "اعبدوا الله ما لكم من إله غيره"! ويَحدث ذلك من أناس يُنسبون لديننا، وهم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا!
وإذا كان اليهود الغاصبون للبلاد والعباد يرمون فصائل الجهاد الإسلامي بأنها إرهابية، والغرب يصف المجاهدين في العراق وأفغانستان بنفس النعت، وهؤلاء وأولئك ينطبق عليهم المثل السائر: "رمتني بدائها وانسلت"؛ وإلا فنعوت التنفير تليق بمن كفر بالله وانحرف عن منهجه -سبحانه-، وعاث في البلاد والعباد فسادًا.
وهم يفعلون ذلك في الوقت الذي ينادون فيه بحقوق الإنسان! ويطالبون فيه بحرية الشعوب، وتفخر إسرائيل على سائر دول المنطقة بأنها الدولة الديمقراطية الوحيدة!
وقد لا يُستغرب صنيع هؤلاء فهم يكيلون لنا بمكاييل العداوة، ويكيدون لكل ما هو إسلامي، فخذ وصفهم من خالقهم: (وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) (فاطر:14)، (قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ) (آل عمران:118).
ولذلك قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة:51).
والعجب ممن انخدع بحيل الأعداء، وصار حربًا على دينه وأبناء ملته، يرميهم بشتى نعوت التشويه والتنفير، ويصدهم عن سبيل الله، ويصفهم بأنهم رجعيون متخلفون ظلاميون، ويطالبهم بالتنوير والتطوير، وبأخذ الإسلام المودرن، المعلب في باريس ولندن وواشنطن!
وقد تأثر البعض بهذا الإرهاب الفكري؛ فصار إسلامه مسخًا؛ يلهج بالديمقراطية، ويسبح بحمدها، ويطالب بتطبيقها.
فالديمقراطية أصبحت أغنية المتحدثين، وطرب المستمعين، وهي فيصل الخصومات والمنازعات عند هؤلاء وأولئك، وكأن الإسلام قد غاب مِن حساباتهم، ولم يعد لشعائر الدين وأحكامه مكان في حياتهم عند التطبيق.
يجب علينا أن نجتمع على كلمة سواء تحسم مادة الشر والفساد في حياتنا، وتوحد كلمتنا وتلم شملنا، يقول -تعالى-: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (النساء:65)، وقال -سبحانه-: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة:50)، وقال -تبارك وتعالى-: (أَفَغَيْر َدِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) (آل عمران:83).
إن الإسلام هو العقيدة الحقة الصحيحة الشاملة لكل نواحي الحياة، وما سواه فعقائد فاسدة لا تغني عن أصحابها من الله شيئًا، سواء أكانت من وضع البشر كالديمقراطية، أو منزَّلة، ولكنها حُرفت وغُيِّرت وبدلت: كالتوراة والإنجيل، فلا يصح لأحد أن يتحرج من النطق بكلمة الإسلام، ولا العمل بمقتضاه أو إظهار شعائره، قال -تعالى-: (قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَل ْأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (الأنبياء:108).
لقد بدأ الإسلام غريبًا، وها هو يعود غريبًا كما بدأ، وغربته اليوم وسط أهله وبنيه، يصفها البعض بأنها أشد من غربته الأولى، فقد واجه الصحابة الأفاضل الغربة الأولى بإيمان ويقين وصبر وثبات، أما اليوم فالتقوى زائلة، والصبر ضعيف، والضعفاء مهملون ومضيعون.. فكيف ننتصر على عدو الله وعدونا؟!
بل صارت قطاعات كبيرة من المسلمين بمثابة معاول هدم لهذا الدين وحربًا عليه، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ولن يأتي على الناس زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم، كما أخبرنا الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم-.
ولا يسعنا في هذا المقام أن ننتظر خروج المهدي الذي يملأ الأرض عدلاً بعد أن ملئت ظلمًا وجورًا، أو انتظار نزول المسيح عيسى ابن مريم -عليه السلام- كحاكم من حكام المسلمين يحكم بشريعة الإسلام كما تواترت بذلك الأخبار، بل الواجب علينا أن نبذل وسعنا، وأن نبرئ ساحتنا، وأن نأخذ بأسباب تجفيف منابع الضلال، وكلنا ثقة بوعد الله، فالنصر عقبى الصابرين، وربنا لا يضيع أجر المحسنين، ولا يصلح عمل المفسدين، وقد قال -سبحانه- وقوله الحق: (وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) (الروم:47).
(عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ) (الأعراف:89).
و(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ . وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ . وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الصافات:180-182).
من موقع صوت السلف
تعليق