مآثر الشيخ ياسر برهامي
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (آل عمران:102).
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } (النساء:1).
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدا ً*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } (الأحزاب:70-71).
أما بعد..
أشهد الله على أن الشيخ ياسر علم مبارك من أعلام الدعوة السلفية في مصر، وراحلة علم عالية السَّنام تامة الخلق، تغدو إليها رواحل العلم خِفافاً خماصاً، وتروح عنها ثقالاً بِطاناً، فقد أنعم الله عليه بعلم أوثقه إلى القرون الأولى، وأقامه على جادتها، وأراه من آيات العلم الكبرى.. امتد فسطاط علمه ويمتد ويمتد كل يوم، يأوي إليه الألوف من طلاب العقيدة السلفية، فاستنارت بصائرهم بنور ما عنده من الحق والفهم، وهُدُوا على سواء القصد، ونهلوا من معين علم الشيخ ورسائله وتسجيلاته من بعيد وقريب.. ورأوا فيه منارة علت في سماء قرننا وضوَّأت آفاق الحياة، فأقبل إليه طلاب معرفة علم عقيدة السلف ينهلون من معينه الثَّر الصافي في زمن نهدت فيه رغائب الأمة في شعاب التفرق والأهواء، وصار معظم الناس في ضياع من الحق، وإقلاق في الورع، وتكاثر في الباطل، فأضحوا كما قال عليه الصلاة والسلام: (إنما الناس كإبل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة).
ويكفي الشيخ ياسر أنه خير من ينافح ويذبّ ويجادل عن عقيدة السلف الصالح، وفهمه العميق العالي لقضايا الإيمان والكفر.. يكفي الشيخ نُصْرَةً من ربه أن نصبه لنشر راية العقيدة الصحيحة السمحة، وكسر شوكة البدعة، والكشف عن زيوف وعورات أنصار العقائد الفاسدة، وجهالات سِمَان المبتدعة.. يكفي الشيخ نصرة من ربه أن صيّره أميناً على هذه العقيدة، يحفظ الله به وبإخوانه هذه العقيدة.. وينشرها بهم.. ولا ينكر هذا إلا من ينكر الشمس في رابعة النهار، ولو لم يكن له من فضلٍ إلا هذا لكفاه.
قليلك لا يُقال له قليلُ قليلٌ منك يكفيني ولكن
وهو خيرُ حارسٍ يقظٍ لهذه العقيدة، وسدٌّ تحتبس وراء أسواره العالية أمواج الانحرافات العقدية أن يجتاح سيلها المجنون كلّ ما شاء الخير والبر من شعائر ومآثر.
وسل المئات التي التقت به، أو التي أشرق عليها الرجل في مداره العتيد، ما من أحد منهم إلا وفي حياته ومشاعره وأفكاره أثر من توجيهات الشيخ ياسر يعتزُّ به ويغالي بقيمته، ويعده أعلى وأنفس ما في حياته وعمره.
والشيخ ياسر فوق هذا "رجل عامة" لديه ثروة طائلة من علم تربية الأفراد و(الكوادر)، وله بصر نافذ بطبائع الناس، وقيم الأفراد، وميزان المواهب، تأخذ كلماته البارعة طريقها المستقيم إلى عقول طلاب العلم فتأسرها، وشغاف قلب السامع.. ولديه إمكانيات فائقة لتربية الجيل على فهم ومنهج سلفي واضح ومعين، وإنه لمطلب في مناط الثريا، ولن يناله إنسان قاعد غير قائم ولا عامل ناصب، بل فيه طول جهاد ومثابرة وصبر.. ولقد أينعت ثمار غرسه.. وفاح زهر بستانه بشذاً فوّاح يمتد في مصرنا كلها.. فإذا ما عاثرت هذا الرجل المبارك تجده عالماً عاملاً بكّاء خاشعاً كثير التهجد حسن الخلق.
أسأل الله أن يبقي هذا الشيخ الضخم نبراساً لإخوانه، وأن يطيل في عمر، وأن يجعله من سادات الربانيين، وأن يبارك في ولده وعلمه ورزقه، وأن يجعل له في قلوب المؤمنين ودّاً، وأن يختم لنا وله بخاتمة الحسنى، وأن يظله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.
وأوصي طلاب العلم بكل دروس الشيخ ومحاضراته وكتبه ورسائله وخاصة هذا الكتاب القيم الغالي.. وساعة أن يعملوا بهذه الوصية لا ينسوني من دعائهم وليتذكروا قولي لهم: "بعتكم أغلى الملك، فلا تنسوني غداً لكرامة الدلّال".
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
تعليق