إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

وهرب الطاغية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • وهرب الطاغية

    وهرب الطاغية



    كتبه : محمد الشيخ
    هرب الطاغية ، بعد ما هبت عليه الرياح العاتية ، رياح الشعب المكلوم والمثقل بالهموم ، الهموم التي تراكمت عليه منذ أكثر من عقدين من الزمان ، وهو ينتظر أن يثوب الطاغية إلى رشده ليرحم شعبه الغلبان ، أو يعود إلى وعيه ، بأن يتفكر ولو للحظة في شعبه ، شعبه الكادح المطحون ، فالشباب يكبرون ويتعلمون ويتخرجون وعن الوظائف يبحثون ، فلا يجدون ...!!!
    فماذا عساهم يفعلون ؟!
    إما في الشوارع يتسكعون أو على القهاوي يجلسون أو عن السفر لخارج البلاد يحاولون ، وكلهم قد أجمعوا على شيء واحد ، وهو أنهم يائسون بائسون ، وفيما بينهم يشتكون .
    وآهٍ لو أن أحدهم اخترع لنفسه \"شغلانة\" كما يقولون .
    يجد من خلفه \"الإزالة\" – ممنوع البيع في هذا المكان – ويتم الاستيلاء على رأس ماله ، الذي هو في الحقيقة قد استدانه ، من هنا أو هناك وهو على أمل أن يسدده في أقرب فرصة ، فإذا بالآمال تتبدد والأحلام تنهار عند زبانيه \"الإزالة\" الذين لا يرحمون مسكيناً أو يتيماً أو فقيراً .
    وإن تركوه ليفتح محلاً جاءت مصلحة الضرائب بمندوبيها من كل مكان ليمصوا دم هذا الإنسان ، قبل أن يتحول – والعياذ بالله – من طبقة الفقراء المعدمين إلى طبقة الفقراء الكادحين \" لابد أن يظل فقيراً\" ، ويظلوا يزورونه كل يوم أو يوماً بعد يوم حتى يتأكدوا أن ما يكسبه من تجارته الصغيرة – والتي يجب أن تستمر صغيرة ، وإلا تُلفق له القضايا ويطبق عليه قانون من أين لك هذا ولماذا أصبحت هكذا – لابد أن يتأكدوا أن ما يكسبه لا يكفي حاجته وحاجات من يعولهم من أب وأم وإخوة أو زوجة وأولاد إن كان استطاع الزواج أصلاً .
    كل هذا الضغط النفسي والعصبي والاجتماعي ، ثم يطلبون من الشباب أن يظلوا معتدلين غير إرهابيين وإلا فالمعتقلات موجودة ، فهي مبينة ومعدة ، وجاهزة لأي إنسان يتعدى حده ، فيؤخذ في أنصاف الليالي ليقضي فيها مدة ، بلا جرم أو جريرة – لا بل جريمته أنه يريد أن يعيش عيشة كريمة ، وأن يكون له قيمة ، وهذا ممنوع في هذه البلاد العظيمة –
    مِنْ هؤلاء الشباب – ومثله كثير – \"محمد بو عزيزة\" الذي تعلم في مدارس تونس العزيزة، ولما لم يجد عملاً يناسب شهادته العزيزة، اخترع لنفسه \"شغلانه\" لذيذة، ليعيش بها في هذه الدنيا الغير لذيذة ، فهل تظنوا أنهم ساعدوه أو حتى تركوه ، هيهات ، بل استولوا على عربته الصغيرة في النهار ، والتي كان يبيع عليها الخضار، ولما أراد استرداد عربته بإصرار، كان جزاؤه الضرب على وجهه من إحدى الموظفات بكل احتقار، فقرر وهو منهار، قرر الانتحار - والانتحار حرام في شرع ربنا الجبار - ، فأحرق نفسه بالنار، فمات أمام كل الانظار، فقامت ثائرة الأحرار، وانتفضوا انتفاضة البطل المغوار ، وكان لأهل تونس الأبية القرار – وأي قرار – إنه قرار إزالة الطاغية الذي هرب فأصبح مِنَ الفُرار ، لأنه جبان لا يقر له قرار.
    ونحن نستبشر خيراً بما حدث في تونس الأبية.
    فلقد روى الإمام أحمد في مسنده عن حُذَيْفَةُ بن اليمان (رضي الله عنه) قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): {تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ الله أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا ، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ نُبُوَّةٍ \" ثُمَّ سَكَتَ }
    (مسند أحمد/18406) ( مسند أبي داود الطيالسي/438) ( البزار في البحر الزخار /2796) (وأخرجه الطبراني في الأوسط /6577) (وحسنه الألباني في مشكاة المصابيح/ 5378)
    فلقد جاء النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بهذا الدين من عند الله تعالى ليقيم به الملة العوجاء، وليعبد الناس ربهم الذي هو رب الأرض والسماء.
    قال الله تعالى : {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } (البقرة/213)
    بعث الله تعالى رسوله محمداً (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) على حين فترة من الرسل، واندثار من السبل، فجاهد في الله حق جهاده حتى فتح الله تعالى له البلاد، وقلوب العباد، فانقادت له الجزيرة العربية وبعض ما حولها ودخل الناس في دين الله أفواجاً وهنا اقترب أجل النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فانزل الله تعالى عليه سورة النصر التي فيها نعي النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) .
    قال سبحانه :{ إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ{1} وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً{2} فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً{3} (سورة النصر)
    ولقد كان رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يعظ أصحابه، مواعظ المشفق الحنون، حتى قال الْعِرْبَاضِ بن سَارِيَةَ (رضي الله عنه) : صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- الصُّبْحَ ذَاتَ يَوْمٍ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقَالَ قَائِلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا فَقَالَ « أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ كَانَ عَبْداً حَبَشِيًّا فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِى فَسَيَرَى اخْتِلاَفاً كَثِيراً فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ ». (صحيح) (أبو داود/4607) (الترمذي/2676) (ابن ماجة/42) (أحمد/17609)
    فكان رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يعظ أصحابه (رضي الله عنهم) بتقوى الله تعالى، أي بعبادته وحده لا شريك له واجتناب معاصيه سبحانه، والتحاكم لشرع الله عز وجل، وذلك من خلال السمع والطاعة لمن تولى أمرهم وكان على شاكلة الخلفاء الراشدين المهديين المستنين بسنته (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) والمتبعين لطريقته، والعاملين بشريعته، الناصرين لدين ربه عز وجل.
    ففعل الناس ذلك حتى نبتت في المسلمين نابتة خالفت شرع الله تعالى، بأن جعلوا حكم الشعوب بالميراث، فكان \"الحكم العضوض\" الذي استمر لمئات السنين، ولكنه كان الأصل عندهم تحكيم شرع الله سبحانه ولم يقصوا شرع الله عن حياة الناس ومعاشهم.
    ثم جاءنا \"الحكم الجبري القهري\" الذي هو ربيب الاستخراب – أقصد الاستعمار – الذي حكم الشعوب بالحديد والنار، فأقصى شرع ربهم الجبار، وأمر الناس وأجبرهم إلى التحاكم إلى قوانين الأشرار.
    فانتشر الشر والفساد، ومخالفة رب العباد، وأصبحت الشعوب مقهورة، لأن حكامهم مسعورة، والبلاد في أسوأ صورة.
    حتى حدث الانفجار، في شعب تونس المغوار، فخلعوا الطاغية الجبار.
    ولذلك نحن ندعوهم إلى أن يستمروا في ثورتهم، حتى يُحكِّموا شرع ربهم وسنة نبيهم ولا يتركوا المجرمين المخالفين لشرع رب العالمين بركوب الموجة المباركة، موجة الثورة العارمة، ويستولوا على السلطة وتضيع منجزات الثورة
    فاللهم وفق إخواننا المسلمين في تونس إلى تطبيق شرعك ، وإزالة القوانين الوضعية المخالفة لشرع رب البرية .
    وللحديث بإذن الله بقيه .
    وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وتسليماً كثيراً
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو معاذ أحمد المصرى; الساعة 18-01-2011, 11:13 PM.
    أنا السَّلفيُّ ذوْ النَّهْجِ السَّديدِ أخُطُّ الدربَ للفجرِ الجديدِ
    سبيليْ واضحٌ ما فيه لَبْسٌ إلى العَلياءِ أسمُوْ في صُعودي
    بمِنهاجِ النُّبوَّةِ صُغْتُ مَجدًا أَثيلاً كان في الأمسِ السعيِدِ

  • #2
    رد: وهرب الطاغية

    جزاك الله خيرا اخى على كلماتكم التى خرجت من بين الهموم

    التى اثقلت امتنا التى نسأل الله تعالى

    ان يعيد الامة الى سابق مجدها وأصل عزها

    وذلك بالعودة الصادقة الى نهج ربها وسنة نبيها صل الله عليه وسلم

    ونتمنى منك اخى المزيد والمفيد

    واحبك فى الله

    تعليق


    • #3
      رد: وهرب الطاغية

      جزاك الله خيراً اخي الحبيب
      وجزى الله كاتب المقال خير الجزاء
      كلمات نابعة من القلب بارك الله في كاتبها وناقلها

      اللهم ارحم أبي رحمة واسعة وجميع موتانا وموتى المسلمين

      تعليق


      • #4
        رد: وهرب الطاغية

        بارك الله فيكم اخوانى
        أنا السَّلفيُّ ذوْ النَّهْجِ السَّديدِ أخُطُّ الدربَ للفجرِ الجديدِ
        سبيليْ واضحٌ ما فيه لَبْسٌ إلى العَلياءِ أسمُوْ في صُعودي
        بمِنهاجِ النُّبوَّةِ صُغْتُ مَجدًا أَثيلاً كان في الأمسِ السعيِدِ

        تعليق

        يعمل...
        X