إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

النصح و الصدق فى المعاملات

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • النصح و الصدق فى المعاملات

    أداء النصيحة واجبٌ على كل مسلم، ومجال النصيحة واسعٌ، فهي تشمل الدين كله، فالدين النصيحة، والنصيحة: إخلاص النية من الغش، وبذل الجهد في العمل الصالح والسعي الخالص، وكان الأنبياء لقومهم ناصحين.
    والنصيحة دعوة إلى صلاح، ونهيٌ عن فساد، والنصيحة ضد الغش والخديعة، ولا يغش ولا يخدع إلا منافق.. ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205)﴾ (البقرة).. وفي الحديث "من غشنا فليس منا" (مسلم وغيره).وإبليس لبس ثوب النصيحة، وطبعه الغش والخداع والتلبيس، فوسوس لآدم وحواء بهدف المعصية، إلا أنه لم يفصح عن هذا الهدف، وإنما قال: ﴿هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى (120) ﴾ (طه: من الآية120) ﴿فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآَتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20)﴾ (الأعراف).
    والشيطان مخادع، فهو لا يعرف شجرة الخلد ولا الملك الذي لا يبلى، ثم أقسم بالله العظيم بأنه ناصح لهما أمين، وآدم لم يكن يعرف أن أحدًا يقسم بالله وهو كاذب ﴿وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21)﴾ (الأعراف: 21).


    وإخوة يوسف يدبِّرون مؤامرةً له، ويُظهرون لأبيهم النصح له والمحافظة عليه.. ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ (11)﴾ (يوسف).


    فالنصيحة كلمة جامعة تعني الإخلاص والصدق وعدم الغش وإرادة الخير للمنصوح، ويدخل في معنى النصيحة: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والإرشاد والبيان.
    والنصيحة شرف المؤمن، فهي دعوة الرسل جميعًا، فهم الذين حملوا أمانة النصح للأمم.
    والنصيحة تهدف إلى الإصلاح الشامل، وإصلاح العقيدة، ودعوة الناس إلى عبودية الله وحده، وهي الأساس الذي تنطلق منه النصيحة في كل مجال.. وإذا صلحت العقيدة صلح القلب وهذا أول الطريق ".. ألا إن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله؛ ألا وهي القلب" (البخاري ومسلم).
    وإذا استقامت النفس أصبح ما يصدر عنها صالحًا.
    يقولون: إن العدل ليس في نص القانون، لكنه في نفس القاضي، وقد تأتي بالقانون الكامل إلى القاضي ذي الهوى.. فيطبقه تطبيقًا جائرًا لا عدل معه، وقد تأتي بالقانون الجائر إلى القاضي الفاضل البعيد عن الأهواء.. فيطبقه تطبيقًا فاضلاً عادلاً، فيه الخير والبر والرحمة والإنصاف.." (من رسائل الإمام البنا: المؤتمر الخامس)، وقال الفضيل بن عياض: "ما أدرك عندنا من أدرك بكثرة الصلاة والصيام، وإنما أدرك عندنا من أدرك بسخاء النفس وسلامة الصدر، والنصح للأمة".
    والنصح في المعاملات يشمل بيان العيوب وعدم كتمانها، وإلا كان غاشًّا، والغش حرام، وليعلم المتعامل أن تلبيسه العيوب وترويجه السلع لا يزيد في رزقه، بل يمحوه ويمحق البركة، وفي الحديث: "البيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا؛ فإن صدقا وبيَّنا بورك لهما في بيعها، وإن كتما وكذبا مُحقت بركة بيعها" (البخاري ومسلم).
    فالبائع يصدق في صفة المبيع وبيان العيب.. والمشتري في الثمن والوفاء، والبركة تُمحَق إن وُجد ضدها وهو الكذب والغش وكتم العيوب.. فالدنيا لا يتم حصولها إلا بالعمل الصالح، وإن شؤم المعاصي يذهب بخير الدنيا والآخرة.. وفي الحديث "لا يحل لأحد أن يبيع بيعًا إلا أن يبين آفته.." (البخاري ومسلم).
    وعن العدَّاء قال: "كتب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا ما اشترى محمد رسول الله من العدَّاء بن خالد، بيع المسلم من المسلم، لا داء ولا خبثة ولا غائلة" (البخاري في البيوع).
    وبيع المسلم: أي ليس من شأنه الخديعة، لأداء: لا عيب يكتمه، ولا خبثة: أي الريبة أو الحرام، ولا غائلة: إذا احتال بحيلة.
    فهذا هو البيع النظيف الطاهر الصادر عن نفوس زكية طاهرة تتقي الله وتخشاه، ولا يقوم بذلك إلا من كان في مرتبة الصديقية، وفي الحديث: "التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء" (الترمذي وابن ماجه).
    والتاجر الصادق الأمين يقيم الكيل والميزان قال تعالى: ﴿فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ﴾ (الأعراف: من الآية 85) والبخس: نقص حقوق الناس، وهو مرض نفسي إذا تفشَّى في أمة تفشَّى فيها الفساد والانحلال الخلقي، وقد يكون البخس بالتعييب في السلعة والتزهيد فيها أو المخادعة لصاحبها عن القيمة والاحتيال عليه في التزيُّد في الكيل والنقصان منه، وفي الحديث: "خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أُخذوا بالسنين وشدَّة المئونة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يُمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوًّا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله إلا جعل بأسهم بينهم" (ابن ماجه).
    وإقامة الوزن والكيل نظافة وأمانة في التعامل واستقامةٌ للنفس وثقةٌ وبركةٌ بين الناس، وإلا كان الجشع والطمع والكسب الحرام ومحق البركات.. وفي الحديث "إذا بعت فكِل، وإذا ابتعت فاكتل" (البخاري)، أي إذا بعت فاستوفِ فلا تزِد ولا تنقص، لا لك ولا عليك.. ويجب ترجيح الميزان، ففي الحديث "زن وأرجح" (أبو داود) وتذكر قوله تعالى: ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3)﴾ (المطففين) وقوله تعالى: ﴿أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (8) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (9)﴾ (الرحمن)
يعمل...
X