السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
---------------------------------
من اسباب محبة الله
000000000000
---------------------------------
من اسباب محبة الله
000000000000
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد ذكر ابن القيم –رحمه الله- من الأسباب الجالبة للمحبة: "قراءة القرآن بالتدبر، والتفهُّم لمعانيه، وما أريد به، كتدبر الكتاب الذي يحفظه العبد، ويشرحه ليتفهم مراد صاحبه منه"، وما زلنا مع الكلام عن تفهم معاني القرآن، وقد وقفنا على بعض الأمثلة على ذلك.
وكذلك متى تقرأ أدعية الأنبياء ومحاوراتهم مع أتباعهم وتتدبر فيها متفهمًا معانيها؛ ترى ما فيها من الأدب مع الله -عز وجل-، فحينما طلب الحواريون من عيسى؛ ما قاله الله -عز وجل- عنهم: (إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ) فكأن عيسى؛ فزع من هذا الطلب، فلذا أجابهم بقوله كما قال الله -عز وجل- عنه: (اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (المائدة: 112)؛ لأن الإيمان ينافي مثل هذا السؤال، فقالوا: (قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ) (المائدة: 113)، فأول ما أرادوه هو الأكل، فذكروه قبل قولهم: (وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا)، فهذا يدل على بُعدهم عن الله -عز وجل- وضعف اهتمامهم؛ لأنهم أخَّروا أمر الآخرة إلى ما بعد الأكل، فمن كان يريد أن يطمئنَّ قلبه فعليه أن يبحث عما يطمئنه أولاً، لا أن يهتم بالأكل ثم تأتي طمأنينة القلب بعد ذلك.
ثم قالوا: (وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا)، وهذا يدل على نقصان حالهم، فهذا الطلب طلب جاهل، ولولا الجهل لكفروا، ولذلك قال لهم عيسى -عليه السلام-: (اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (المائدة: 112)، وحينما طلب عيسى؛ من ربه -عز وجل- إنزال المائدة وخشي عليهم أن يُفتنوا قال كما قال -عز وجل- عنه: (اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (المائدة: 114)، فتوسَّل إلى الله -عز وجل- طالبًا الأمر الإيماني أولاً؛ إذ الأعياد مرتبطة بالعبادة، فالعيد عبادة وسعة، لذلك حرم صوم يومي العيدين، لكن يُسبقان بالصوم وجوبًا أو استحبابًا ويختصان بالذكر، كما قال تعالى: (وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ) (البقرة: 185).
ثم قال عيسى –عليه السلام-: (وَآيَةً مِنْكَ)؛ لأنهم يَصِلُون بهذه الآية وبالآيات المصاحبة لنزول المائدة إلى الطمأنينة، كما أنها هي المطلوب الأول لعيسى–عليه السلام-؛ لأن مقصوده العبادة، فعلَّمهم ترتيب الطلب، ثم جاء طلب الأكل في آخر الدعاء مجملاً لا مفصلاً حيث قال: (وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)، فتأمَّل الأدب الرفيع العالي في كلام عيسى–عليه السلام-.
ومثل ذلك كثيرٌ جدًّا لمن يتدبر القرآن، فهذا مثالٌ يبين الفرق بين التدبر والتفهم، فالتفهم للمعنى في (فَانْبَجَسَتْ) أن تعرف أن معناه أول النبع وبداية الانفجار، أما (فَانْفَجَرَتْ)، ففيه خروج الماء بقوة، فهذا مثال التفهم لمعانيه، وهكذا في كل المعاني أن تعرف المعنى ثم تتدبر فيه بعد ذلك.
قوله -رحمه الله-: "وما أُريد به" أي: أن تعرف أن هناك أمرًا مقصودًا ومرادًا من وراء هذه الآية فتتفهمه، "كتدبر الكتاب الذي يحفظه العبد ويشرحه" يريد الوقوف على كل كلمة والتفكر فيها لتعرف المقصود منها؛ "ليتفهم مراد صاحبه منه"، فالمطلوب أن تقف مع آيات القرآن آية آية، وليس معرفة التفسير فحسب، فضلاً عمن لا يقرأ التفسير، فضلاً عمن لا يقرأ القرآن أصلاً ـ نسأل الله العافية ـ، ثم بعد كل هذا يسأل المرء لماذا لا يجد هذا الحب؟!
فالقرآن هو الكنز الذي لا يفنى في هذا الباب، وكلما قرأتَ أكثر كلما وجدتَ الحب، ولا شك في ذلك؛ فكل من قرأ القرآن لابد أن يحب الله -عز وجل- من كل قلبه، وقد عرف أهل الإيمان أنه لا يوجد طريق يوصِّل إلى الله -عز وجل- أو يحببهم فيه مثل القرآن؛ فقد جربوا وعرفوا، فصار الأمر عندهم قطعيًّا كمعرفتهم أن الأكل والشرب سبب لحياة الأبدان، وهذا أمر لا يقبل المنازعة عند أهل الإيمان.
فإن قال قائل: "قد قرأت القرآن فلم أجد هذه المحبة؟"؛ نقول: إن ذلك إنما حدث لأنه لم يتدبر القرآن بعدُ، ولم يتفهمه، بل ربما لم يقم حروفه، أو لم يقرأه أصلاً، أو قرأه هذًّا بحيث لا يفقه ما يقرأه ولا يعيه، وما فائدة كثرة القراءة مع عدم التدبر؟! وقد أنكر ذلك عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، فعن أبي وائل قال: جاء رجل يقال له نَهِيك بن سِنَان إلى عبد الله، فقال: "يا أبا عبد الرحمن، كيف تقرأ هذا الحرف، ألفًا تجده أم ياءً: (مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ) أو (مِنْ مَاءٍ غَيْرِ يَاسِنٍ)؟"، قال: فقال عبد الله: "وكُلَّ القرآن قد أحصيَت غير هذا؟"، قال: "إني لأقرأ المفصل فى ركعة"، فقال عبد الله: "هذًّا كهذِّ الشعر، إن أقوامًا يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ولكن إذا وقع فى القلب فرسخ فيه نفع" (رواه مسلم).
وقال -رضي الله عنه-: "لا تهذُّوا القرآن كهذِّ الشعر، ولا تنثروه نثر الدقل، وقِفوا عند عجائبه، وحرِّكوا به القلوب" (رواه البيهقي في الشُّعب)، فعلى الإنسان أن يجاهد نفسه، فلا ينشغل بمشاكل الحياة وهمومها عن القرآن وتدبره؛ فمشاكل الدنيا لا تنقضي ما بقي الإنسان على ظهر هذه الأرض.
قال خباب بن الأرت -رضي الله عنه- لرجل: "تقرَّب إلى الله ما استطعتَ، واعلم أنك لن تتقرب إليه بشيءٍ هو أحبُّ إليه من كلامه".
وقال عثمان -رضي الله عنه-: "لو طهرت قلوبكم ما شبعتم من كلام ربكم".
وقال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "من أحب القرآن فهو يحب الله ورسوله".
فقد ذكر ابن القيم –رحمه الله- من الأسباب الجالبة للمحبة: "قراءة القرآن بالتدبر، والتفهُّم لمعانيه، وما أريد به، كتدبر الكتاب الذي يحفظه العبد، ويشرحه ليتفهم مراد صاحبه منه"، وما زلنا مع الكلام عن تفهم معاني القرآن، وقد وقفنا على بعض الأمثلة على ذلك.
وكذلك متى تقرأ أدعية الأنبياء ومحاوراتهم مع أتباعهم وتتدبر فيها متفهمًا معانيها؛ ترى ما فيها من الأدب مع الله -عز وجل-، فحينما طلب الحواريون من عيسى؛ ما قاله الله -عز وجل- عنهم: (إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ) فكأن عيسى؛ فزع من هذا الطلب، فلذا أجابهم بقوله كما قال الله -عز وجل- عنه: (اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (المائدة: 112)؛ لأن الإيمان ينافي مثل هذا السؤال، فقالوا: (قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ) (المائدة: 113)، فأول ما أرادوه هو الأكل، فذكروه قبل قولهم: (وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا)، فهذا يدل على بُعدهم عن الله -عز وجل- وضعف اهتمامهم؛ لأنهم أخَّروا أمر الآخرة إلى ما بعد الأكل، فمن كان يريد أن يطمئنَّ قلبه فعليه أن يبحث عما يطمئنه أولاً، لا أن يهتم بالأكل ثم تأتي طمأنينة القلب بعد ذلك.
ثم قالوا: (وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا)، وهذا يدل على نقصان حالهم، فهذا الطلب طلب جاهل، ولولا الجهل لكفروا، ولذلك قال لهم عيسى -عليه السلام-: (اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (المائدة: 112)، وحينما طلب عيسى؛ من ربه -عز وجل- إنزال المائدة وخشي عليهم أن يُفتنوا قال كما قال -عز وجل- عنه: (اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (المائدة: 114)، فتوسَّل إلى الله -عز وجل- طالبًا الأمر الإيماني أولاً؛ إذ الأعياد مرتبطة بالعبادة، فالعيد عبادة وسعة، لذلك حرم صوم يومي العيدين، لكن يُسبقان بالصوم وجوبًا أو استحبابًا ويختصان بالذكر، كما قال تعالى: (وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ) (البقرة: 185).
ثم قال عيسى –عليه السلام-: (وَآيَةً مِنْكَ)؛ لأنهم يَصِلُون بهذه الآية وبالآيات المصاحبة لنزول المائدة إلى الطمأنينة، كما أنها هي المطلوب الأول لعيسى–عليه السلام-؛ لأن مقصوده العبادة، فعلَّمهم ترتيب الطلب، ثم جاء طلب الأكل في آخر الدعاء مجملاً لا مفصلاً حيث قال: (وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)، فتأمَّل الأدب الرفيع العالي في كلام عيسى–عليه السلام-.
ومثل ذلك كثيرٌ جدًّا لمن يتدبر القرآن، فهذا مثالٌ يبين الفرق بين التدبر والتفهم، فالتفهم للمعنى في (فَانْبَجَسَتْ) أن تعرف أن معناه أول النبع وبداية الانفجار، أما (فَانْفَجَرَتْ)، ففيه خروج الماء بقوة، فهذا مثال التفهم لمعانيه، وهكذا في كل المعاني أن تعرف المعنى ثم تتدبر فيه بعد ذلك.
قوله -رحمه الله-: "وما أُريد به" أي: أن تعرف أن هناك أمرًا مقصودًا ومرادًا من وراء هذه الآية فتتفهمه، "كتدبر الكتاب الذي يحفظه العبد ويشرحه" يريد الوقوف على كل كلمة والتفكر فيها لتعرف المقصود منها؛ "ليتفهم مراد صاحبه منه"، فالمطلوب أن تقف مع آيات القرآن آية آية، وليس معرفة التفسير فحسب، فضلاً عمن لا يقرأ التفسير، فضلاً عمن لا يقرأ القرآن أصلاً ـ نسأل الله العافية ـ، ثم بعد كل هذا يسأل المرء لماذا لا يجد هذا الحب؟!
فالقرآن هو الكنز الذي لا يفنى في هذا الباب، وكلما قرأتَ أكثر كلما وجدتَ الحب، ولا شك في ذلك؛ فكل من قرأ القرآن لابد أن يحب الله -عز وجل- من كل قلبه، وقد عرف أهل الإيمان أنه لا يوجد طريق يوصِّل إلى الله -عز وجل- أو يحببهم فيه مثل القرآن؛ فقد جربوا وعرفوا، فصار الأمر عندهم قطعيًّا كمعرفتهم أن الأكل والشرب سبب لحياة الأبدان، وهذا أمر لا يقبل المنازعة عند أهل الإيمان.
فإن قال قائل: "قد قرأت القرآن فلم أجد هذه المحبة؟"؛ نقول: إن ذلك إنما حدث لأنه لم يتدبر القرآن بعدُ، ولم يتفهمه، بل ربما لم يقم حروفه، أو لم يقرأه أصلاً، أو قرأه هذًّا بحيث لا يفقه ما يقرأه ولا يعيه، وما فائدة كثرة القراءة مع عدم التدبر؟! وقد أنكر ذلك عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، فعن أبي وائل قال: جاء رجل يقال له نَهِيك بن سِنَان إلى عبد الله، فقال: "يا أبا عبد الرحمن، كيف تقرأ هذا الحرف، ألفًا تجده أم ياءً: (مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ) أو (مِنْ مَاءٍ غَيْرِ يَاسِنٍ)؟"، قال: فقال عبد الله: "وكُلَّ القرآن قد أحصيَت غير هذا؟"، قال: "إني لأقرأ المفصل فى ركعة"، فقال عبد الله: "هذًّا كهذِّ الشعر، إن أقوامًا يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ولكن إذا وقع فى القلب فرسخ فيه نفع" (رواه مسلم).
وقال -رضي الله عنه-: "لا تهذُّوا القرآن كهذِّ الشعر، ولا تنثروه نثر الدقل، وقِفوا عند عجائبه، وحرِّكوا به القلوب" (رواه البيهقي في الشُّعب)، فعلى الإنسان أن يجاهد نفسه، فلا ينشغل بمشاكل الحياة وهمومها عن القرآن وتدبره؛ فمشاكل الدنيا لا تنقضي ما بقي الإنسان على ظهر هذه الأرض.
قال خباب بن الأرت -رضي الله عنه- لرجل: "تقرَّب إلى الله ما استطعتَ، واعلم أنك لن تتقرب إليه بشيءٍ هو أحبُّ إليه من كلامه".
وقال عثمان -رضي الله عنه-: "لو طهرت قلوبكم ما شبعتم من كلام ربكم".
وقال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "من أحب القرآن فهو يحب الله ورسوله".
تعليق