الحمد لله ألّف بين قلوب المؤمنين فأصبحوا بنعمته إخواناً، و نزع الغلَّ من صدورهم فكانوا في الدنيا أصحاباً و في الآخرة خلاناً، أحمده سبحانه و أشكره، وأتوب إليه و استغفره، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تبلغني لديه زلفى ورضواناً وأشهد أن سيدنا و نبينا محمداً عبده ورسوله تصديقاً به و إيماناً صلى الله عليه وسلم و على آله وأصحابه وأتباعه على دينه قولاً وعملاً و عدلاً وإحساناً أما بعد:
كان أصل هذا الموضوع بحثاً لأخي الفاضل: أبي عبدالله القرعاوي وفقه الله، لكني وبعد إذنه قمت بمراجعته والإضافة والتعليق عليه في عدة مواضع تعليقات قد تكون نافعة -بإذن الله- حسب اجتهادي القاصر فأسأل الله أن يحسن لنا القصد والعمل إنه جواد كريم..وبعد:
فإن الحب والوفاء والود والإخاء حقيقة وجدانية، بل أمرٌ فطري جبلت عليه النفوس البشرية لا بل هو من الإيمان إن كان خالصاً للرحمن، فالأخوة الحقَّة والمحبة الصادقة تولّد في النفس أصدق العواطف النبيلة وأخلص المشاعر الصادقة بلا تلفيق اعتذارات ولا تنميق عبارات بل صدقٌ في الحديث والمعاملة والنصح، يمسك الأخ بيد أخيه في رفق وحُنوٍ وشفقة، بِرٌ وصلة ووفاء، إيثار وعون في الشدة والرخاء فلا ينساه من الدعاء وكل ذلك دون تكلف أو شعور بالمشقة والعناء بل في أريحية وحسن أداء وطلب الأجر من رب الأرض والسماء، أَيدٍ تتصافح وقلوبٌ تتآلف، أرواحٌ تتفادى ورؤوسٌ تتعانق وحقيقة الأخوة في الله لا تزيد بالبر ولا تنقص بالجفاء قال صلى الله عليه وسلم: «ثلاثٌ من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان -وذكر منهن- من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله»، [رواه مسلم برقم: 43] والإنسان بلا ذلك كله جلمود صخر لا يستطيع الحياة مع الناس ومخالطتهم ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم . والناس فيه –أي الحب– بين إفراط وتفريط واعتدال. فحقيقة الحب في الله "أن لا يزيد بالبر ولا ينقص بالجفاء" كما قال يحيى بن معاذ رحمه الله، والحب في الله من المفاهيم المركزية التي قام عليها الإسلام منذ مرحلة تأسيسه فصبغ كل تعاليمه وتوّجها بعاطفة الحب التي هي المحرك الفاعل فيها. بل إن الحب في الله لونٌ من ألوان العبادة المأمور بها شرعاً في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
فضل الحب في الله:
إن المحبة في الله سبب لمحبة الله للعبد، إن الله يظل المتحابين فيه في ظله يوم لا ظل إلا ظله، إن الحب في الله والبغض في الله دليل على كمال إيمان العبد، إن الحب في الله سببٌ لذوق حلاوة الإيمان وطعمه، إن المرء بمحبته لأهل الخير يلتحق بهم، إن الله يكرم من أحب عبداً لله، إن المتحابين في الله على منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء.
إن المحبة في الله سبب لمحبة الله للعبد، إن الله يظل المتحابين فيه في ظله يوم لا ظل إلا ظله، إن الحب في الله والبغض في الله دليل على كمال إيمان العبد، إن الحب في الله سببٌ لذوق حلاوة الإيمان وطعمه، إن المرء بمحبته لأهل الخير يلتحق بهم، إن الله يكرم من أحب عبداً لله، إن المتحابين في الله على منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء.
الوسائل الجالبة للمحبة في الله بين المؤمنين:
إخبار من تحب أنك تحبه في الله، إفشاء السلام، الهدية، تخوُّل الزيارة، القصد في الحب والبغض، الحرص على الطاعة وترك المعصية، أن تكون المحبة مقرونة بالإيمان، سلامة الصدر واتساعه عند اختلاف وجهات النظر وعدم الحسد وتمني الخير له والعمل على تأمينه له، أن تكون المحبة خالصة لا يشوبها مصلحة ذاتية ولا منفعة شخصية، حسن الظن والإغضاء عن الهفوات وتقبل النصيحة والتواصي بها، صيانة عرض المسلم، حفظ العهد والدعاء له ولأهله حاضراً أو غائباً حياً أو ميتاً، إظهار الاهتمام به والمشي في حاجته، السؤال عنه، الاجتماع على خير وهدى.
إخبار من تحب أنك تحبه في الله، إفشاء السلام، الهدية، تخوُّل الزيارة، القصد في الحب والبغض، الحرص على الطاعة وترك المعصية، أن تكون المحبة مقرونة بالإيمان، سلامة الصدر واتساعه عند اختلاف وجهات النظر وعدم الحسد وتمني الخير له والعمل على تأمينه له، أن تكون المحبة خالصة لا يشوبها مصلحة ذاتية ولا منفعة شخصية، حسن الظن والإغضاء عن الهفوات وتقبل النصيحة والتواصي بها، صيانة عرض المسلم، حفظ العهد والدعاء له ولأهله حاضراً أو غائباً حياً أو ميتاً، إظهار الاهتمام به والمشي في حاجته، السؤال عنه، الاجتماع على خير وهدى.
علامات الحب في الله:
الدعاء لمن أحببته بظهر الغيب، مناصحته إذا أخطأ، أن تحب له ما تحب لنفسك، حثُّ من أحببت في الله على فعل الطاعات ، إحترام من أحببت في الله إن كان كبيراً والعطف عليه إن كان صغيراً، طاعته فيما يدعوه إليه من الخير وترك ما ينهاه عنه من الشر، أن يكون سبب المحبة استقامته وصلاحه.
الدعاء لمن أحببته بظهر الغيب، مناصحته إذا أخطأ، أن تحب له ما تحب لنفسك، حثُّ من أحببت في الله على فعل الطاعات ، إحترام من أحببت في الله إن كان كبيراً والعطف عليه إن كان صغيراً، طاعته فيما يدعوه إليه من الخير وترك ما ينهاه عنه من الشر، أن يكون سبب المحبة استقامته وصلاحه.
أخي الشاب: للحب خمسة أنواع يجب التمييز بينها: ـ
1 ـ محبة الله: وهي لا تكفي للنجاة والفوز بالثواب لوحدها بلا عمل بمقتضاها.
2 ـ محبة ما يحب الله: وهذه التي تدخل للإسلام وتخرج من الكفر وأحب الناس إلى الله أشدهم محبة لما يحبه الله.
3 ـ الحب لله وفيه: وهي من لوازم محبة ما يحبه الله ولا تتم إلا بالحب فيه وله وهي من أعلى المراتب وهي الحب المطلوب.
4 ـ المحبة الطبيعية كحب الوالد والولد والأخوة وكل من وافق طباع الإنسان وهكذا: وهي لا تكون شركية إلا إذا أشغلت عن ذكر الله ومحبته.
5 ـ المحبة مع الله: وهي المحبة الشركية.
وظاهرة الإعجاب والتعلق من المحبة الشركية إذا ألهت عن ذكر الله. فانتبه يا رعاك الله.
1 ـ محبة الله: وهي لا تكفي للنجاة والفوز بالثواب لوحدها بلا عمل بمقتضاها.
2 ـ محبة ما يحب الله: وهذه التي تدخل للإسلام وتخرج من الكفر وأحب الناس إلى الله أشدهم محبة لما يحبه الله.
3 ـ الحب لله وفيه: وهي من لوازم محبة ما يحبه الله ولا تتم إلا بالحب فيه وله وهي من أعلى المراتب وهي الحب المطلوب.
4 ـ المحبة الطبيعية كحب الوالد والولد والأخوة وكل من وافق طباع الإنسان وهكذا: وهي لا تكون شركية إلا إذا أشغلت عن ذكر الله ومحبته.
5 ـ المحبة مع الله: وهي المحبة الشركية.
وظاهرة الإعجاب والتعلق من المحبة الشركية إذا ألهت عن ذكر الله. فانتبه يا رعاك الله.
أخي الشاب:
إن المحبة لها آثار وتوابع ولوازم وأحكام سواء كانت محبة محمودة أو مذمومة، نافعة أو ضارة، من الحلاوة والشوق والأُنس والاتصال والقرب والانفصال والبعد والصّد والهجران والفرح والسرور والبهاء والحزن وغير ذلك من لوازمها، فأما المحبة المحمودة هي المحبة النافعة التي تجلب لصاحبها ما ينفعه في دنياه وأخراه وهذه هي عنوان السعادة وتوابعها ولوازمها كلها نافعة لـه فإن بكى نفعه وإن حزن نفعه وإن فرح نفعه وإن انبسط نفعه وإن انقبض نفعه فهو يتقلب من مزيد إلى ربحٍ في منازل المحبة، أما المحبة المذمومة التي نحن بصددها هي التي تجلب لصاحبها ما يضره في دنياه وأخراه وهي عنوان الشقاوة وتوابعها كلها ضارة مُبعدةٌ عن الله كيفما تقلب في منازلها فهو في خسارةٍ وبُعدٍ.
وهكذا هو الإعجاب الذي هو من الظواهر الخطيرة والفتن الكبيرة التي كثُرت وعظم شأنها. لماذا ؟!
لأننا إذا أحببنا... أحببنا كلفاً... وهذا ليس من الدين!.
إن المحبة لها آثار وتوابع ولوازم وأحكام سواء كانت محبة محمودة أو مذمومة، نافعة أو ضارة، من الحلاوة والشوق والأُنس والاتصال والقرب والانفصال والبعد والصّد والهجران والفرح والسرور والبهاء والحزن وغير ذلك من لوازمها، فأما المحبة المحمودة هي المحبة النافعة التي تجلب لصاحبها ما ينفعه في دنياه وأخراه وهذه هي عنوان السعادة وتوابعها ولوازمها كلها نافعة لـه فإن بكى نفعه وإن حزن نفعه وإن فرح نفعه وإن انبسط نفعه وإن انقبض نفعه فهو يتقلب من مزيد إلى ربحٍ في منازل المحبة، أما المحبة المذمومة التي نحن بصددها هي التي تجلب لصاحبها ما يضره في دنياه وأخراه وهي عنوان الشقاوة وتوابعها كلها ضارة مُبعدةٌ عن الله كيفما تقلب في منازلها فهو في خسارةٍ وبُعدٍ.
وهكذا هو الإعجاب الذي هو من الظواهر الخطيرة والفتن الكبيرة التي كثُرت وعظم شأنها. لماذا ؟!
لأننا إذا أحببنا... أحببنا كلفاً... وهذا ليس من الدين!.
أرى داء خطيراً قد تفشى *** يحار له المفكر والبصير
فعوداً للرشاد بلا تمادي *** فقد جاء المحذر والنذير
فعوداً للرشاد بلا تمادي *** فقد جاء المحذر والنذير
فالإعجاب أو ما يسمى بالعشق والتعلق وهو: الإفراط في المحبة، تتركز فتنته -غالباً- على الشكل والصورة، أو انجذاب مجهول السبب، لكنه غير متقيد بالحب لله، ويدعي بعضهم أنها صداقة وهي ليست كذلك؛ لأنها صداقة فاسدة لفساد أساس الحب فيها بعدم انضباطها بضوابط الشرع. والعشق رغم سهولة بداياته إلا أن نهايته انتكاس للعاشق، وخروج عن حدود الشرع، ولهذا كان بعض السلف يستعيذ بالله من العشق، فهو إفراط في الحب في أوله، وهو عبودية للمعشوق في نهايته، تضيع معها عبودية العبد لله، ولهذا يجعلون الحب مراتب: أوله:العلاقة، ثم الصبابة، ثم الغرام، ثم العشق، وآخر ذلك التتيم وهو التعبد للمعشوق، فيصير العاشق عبداً لمعشوقه، وإن سقوط الشاب في شباك العشق لهو من أخطر الأمور، إذ أن الهوى من صفاته أنه يهوي بصاحبه، وإذا ما استحكم في القلب سيطر على العقل والفكر، وهنا يقع الإنسان في عبودية هواه: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا}[الفرقان: 43]
أخي الشاب:
الأصل في العملية التربوية أنَّ الفرد الذي يُدعى يجب أن تتركز الجهود التربوية في تربيته بتوثيق صلته برب العالمين، وأن تكون صلته القوية بالله تعالى وبمنهجه القويم، وألا يتعلق بالبشر؛ لأنَّ البشر من الممكن أن يتغيروا، ولكن الله الحي الذي لا يموت يُغيِّر ولا يتغيَّر كما قال سبحانه:{كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ}[الرحمن: 29]
وإنَّ مشكلة التعلق بالأشخاص لها سلبيات منها: أن الفرد يتغير بتغير المتعلق به.
ولذلك جاء القرآن ليقرر هذه الحقيقة الأولية حقيقة التعلق بالمنهج ونبذ التعلق بالأشخاص ولو كانوا رسلاً. ففي سورة آل عمران وهو يتحدث عن غزوة أحد يقول سبحانه: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّـهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّـهُ الشَّاكِرِينَ}[ آل عمران: 144]
يقول أحد الباحثين: "وكأنما أراد الله سبحانه بهذه الحادثة وبهذه الآية أن يفطم المسلمين عن تعلقهم الشديد بشخص النبي صلى الله عليه وسلم وهو حيٌّ بينهم، وأن يصلهم مباشرة بالنبع، النبع الذي لم يفجِّره محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن جاء فقط ليومئ إليه، ويدعو البشر إلى فيضه المتدفق، كما أومأ إليه من قبله الرسل، ودعوا القافلة للارتواء منه؛ وكأنما أراد الله سبحانه أن يجعل ارتباط المسلمين بالإسلام مباشرة وأن يجعل عهدهم مع الله مباشرة، وأن يجعل مسئوليتهم في هذا العهد أمام الله بلا وسيط، حتى يستشعروا تبعتهم المباشرة التي لا يخليهم عنها أن يموت الرسول أو يقتل فهم؛ إنما بايعوا الله، وهم أمام الله مسؤولون، وكأنما كان سبحانه يعد الجماعة المسلمة لتلقي هذه الصدمة الكبرى حين تقع، وهو سبحانه يعلم أن وقعها عليهم يكاد يتجاوز طاقتهم، فشاء أن يدربهم عليها هذا التدريب، وأن يصلهم به هو وبدعوته الباقية قبل أن يستبد بهم الدهش والذهول".
ويضيف قائلاً: "والمسلم الذي يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وقد كان أصحابه يحبونه الحب الذي لم تعرف له النفس البشرية في تاريخها كله نظيراً، الحب الذي يفدونه معه بحياتهم أن تشوكه شوكة وقد رأينا أبا دجانة يُترِّسُ عليه بظهره والنبل يقع عليه ولا يتحرك ورأينا التسعة الذين أفرد فيهم ينافحون عنه ويستشهدون واحداً إثر واحد، وما يزال الكثيرون في كل زمان وفي كل مكان يحبونه ذلك الحب العجيب بكل كيانهم وبكل مشاعرهم حتى ليأخذهم الوجد من مجرد ذكره صلى الله عليه وسلم، هذا المسلم الذي يحب محمداً ذلك الحب مطلوب منه أن يفرق بين شخص محمد صلى الله عليه وسلم والعقيدة التي أبلغها وتركها للناس من بعده باقية ممتدة موصولة بالله الذي لا يموت إنَّ الدعوة أقدم من الداعية".
الأصل في العملية التربوية أنَّ الفرد الذي يُدعى يجب أن تتركز الجهود التربوية في تربيته بتوثيق صلته برب العالمين، وأن تكون صلته القوية بالله تعالى وبمنهجه القويم، وألا يتعلق بالبشر؛ لأنَّ البشر من الممكن أن يتغيروا، ولكن الله الحي الذي لا يموت يُغيِّر ولا يتغيَّر كما قال سبحانه:{كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ}[الرحمن: 29]
وإنَّ مشكلة التعلق بالأشخاص لها سلبيات منها: أن الفرد يتغير بتغير المتعلق به.
ولذلك جاء القرآن ليقرر هذه الحقيقة الأولية حقيقة التعلق بالمنهج ونبذ التعلق بالأشخاص ولو كانوا رسلاً. ففي سورة آل عمران وهو يتحدث عن غزوة أحد يقول سبحانه: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّـهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّـهُ الشَّاكِرِينَ}[ آل عمران: 144]
يقول أحد الباحثين: "وكأنما أراد الله سبحانه بهذه الحادثة وبهذه الآية أن يفطم المسلمين عن تعلقهم الشديد بشخص النبي صلى الله عليه وسلم وهو حيٌّ بينهم، وأن يصلهم مباشرة بالنبع، النبع الذي لم يفجِّره محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن جاء فقط ليومئ إليه، ويدعو البشر إلى فيضه المتدفق، كما أومأ إليه من قبله الرسل، ودعوا القافلة للارتواء منه؛ وكأنما أراد الله سبحانه أن يجعل ارتباط المسلمين بالإسلام مباشرة وأن يجعل عهدهم مع الله مباشرة، وأن يجعل مسئوليتهم في هذا العهد أمام الله بلا وسيط، حتى يستشعروا تبعتهم المباشرة التي لا يخليهم عنها أن يموت الرسول أو يقتل فهم؛ إنما بايعوا الله، وهم أمام الله مسؤولون، وكأنما كان سبحانه يعد الجماعة المسلمة لتلقي هذه الصدمة الكبرى حين تقع، وهو سبحانه يعلم أن وقعها عليهم يكاد يتجاوز طاقتهم، فشاء أن يدربهم عليها هذا التدريب، وأن يصلهم به هو وبدعوته الباقية قبل أن يستبد بهم الدهش والذهول".
ويضيف قائلاً: "والمسلم الذي يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وقد كان أصحابه يحبونه الحب الذي لم تعرف له النفس البشرية في تاريخها كله نظيراً، الحب الذي يفدونه معه بحياتهم أن تشوكه شوكة وقد رأينا أبا دجانة يُترِّسُ عليه بظهره والنبل يقع عليه ولا يتحرك ورأينا التسعة الذين أفرد فيهم ينافحون عنه ويستشهدون واحداً إثر واحد، وما يزال الكثيرون في كل زمان وفي كل مكان يحبونه ذلك الحب العجيب بكل كيانهم وبكل مشاعرهم حتى ليأخذهم الوجد من مجرد ذكره صلى الله عليه وسلم، هذا المسلم الذي يحب محمداً ذلك الحب مطلوب منه أن يفرق بين شخص محمد صلى الله عليه وسلم والعقيدة التي أبلغها وتركها للناس من بعده باقية ممتدة موصولة بالله الذي لا يموت إنَّ الدعوة أقدم من الداعية".
وكما كان القرآن يربي الصحابة والأمة من بعدهم على التعلق بالمنهج وذم التعلق بالأشخاص، كذلك كان صلى الله عليه وسلم هذا منهجه، ومنهج كل من دعا إلى الله على بصيرة، وإليك بعض النماذج:
1 ـ عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: «وعَظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وَجِلَتْ منها القلوب وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله! كأنها موعظة مودعٍ، فأوصنا! قال: أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن تأمَّر عليكم عبدٌ، وإنَّه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً؛ فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضُّوا عليها بالنواجذ، وإيَّاكم ومحدثات الأمور؛ فإنَّ كل بدعة ضلالة»[صححه الألباني برقم: 37]. الشاهد قوله : «كأنها موعظة مودع»، «فعليكم بسنتي»فربما كان قد وقع منه صلى الله عليه وسلم تعريض في تلك الخطبة بالتوديع،وأنه مغادر الحياة، فأوصاهم بالتعلق بسنته بعده، وقول الصحابة: «فأوصنا»فيه أنهم لما فهموا أنه مودع استوصوه وصية ينفعهم التمسك بها بعده.
2 ـ في حديث جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يا أيها الناس خذوا عني مناسككم؛ فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد عامي هذا.. »[صححه الألباني برقم: 7882]. فأوصاهم بأخذ سنته واتباع هديه الذي هو الدين الذي بلغه عن ربه؛ ففيه تعليق الصحابة بمنهج الله، وتربيتهم على ذلك وهو حيٌّ بين أيديهم.
3 ـ جمعه الناسَ بماء بين مكة و المدينة يسمَّى خُمّاً، وخطبهم فقال: «ألا يا أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب»[صححه الألباني برقم: 1351]، ثم حض على التمسك بكتاب الله ووصى بأهل بيته. الشاهد تعريضه بأنه مغادر الحياة، وحضه بالتمسك بكتاب الله وبمنهج الله.
4 ـ خرج الإمام أحمد أيضاً عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً كالمودع فقال: «أنا محمد النبي الأمي قال ذلك ثلاث مرات ولا نبي بعدي؛ أوتيت فواتح الكلم وخواتمه وجوامعه، وعلمت كم خزنة النار وحملة العرش، وتُجُوِّز بي، وعوفيت وعوفيت أمتي؛ فاسمعوا وأطيعوا ما دمت فيكم؛ فإذا ذُهِبَ بي فعليكم بكتاب الله أحلوا حلاله وحرموا حرامه ». الشاهد قوله: « فإذا ذُهِب بي فعليكم بكتاب الله»[مسند أحمد برقم: 107/10]. فلم يعلقهم بنفسه الشريفة ولا بذاته إنما علقهم بكتاب الله وبمنهج الله؛ وفي هذا تربيتهم على التعلق بالمنهج.
يتضح مما سبق من هذه الأحاديث كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوجه الصحابة ويحضهم ويعلقهم بمنهج الله الذي هو الكتاب والسنة ولم يكن يعلقهم بشخصه وذاته، وكان يربيهم على هذه الحقيقة الأولية وهو بين ظهرانيهم، ويركز عليها ويذكرهم بها في أكثر من موقف كما سبق؛ وما ذاك إلا لأهمية هذه الحقيقة التي ربما يغفل عنها الناس؛ فكان الواجب تذكيرهم والتركيز عليها، و أيضاً لقد كان الصحابة رضي الله عنهم يربي بعضهم بعضاً، ولا غرابة في ذلك؛ فقد رباهم صلى الله عليه وسلم على ذلك من قبل، ويذكِّر بعضهم بعضاً بهذه الحقيقة المهمة حقيقة التعلق بالمنهج ونبذ التعلق بالأشخاص؛فمتى جنحت العاطفة نحو الأشخاص ضعفت النفوس وتقهقرت.
1 ـ عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: «وعَظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وَجِلَتْ منها القلوب وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله! كأنها موعظة مودعٍ، فأوصنا! قال: أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن تأمَّر عليكم عبدٌ، وإنَّه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً؛ فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضُّوا عليها بالنواجذ، وإيَّاكم ومحدثات الأمور؛ فإنَّ كل بدعة ضلالة»[صححه الألباني برقم: 37]. الشاهد قوله : «كأنها موعظة مودع»، «فعليكم بسنتي»فربما كان قد وقع منه صلى الله عليه وسلم تعريض في تلك الخطبة بالتوديع،وأنه مغادر الحياة، فأوصاهم بالتعلق بسنته بعده، وقول الصحابة: «فأوصنا»فيه أنهم لما فهموا أنه مودع استوصوه وصية ينفعهم التمسك بها بعده.
2 ـ في حديث جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يا أيها الناس خذوا عني مناسككم؛ فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد عامي هذا.. »[صححه الألباني برقم: 7882]. فأوصاهم بأخذ سنته واتباع هديه الذي هو الدين الذي بلغه عن ربه؛ ففيه تعليق الصحابة بمنهج الله، وتربيتهم على ذلك وهو حيٌّ بين أيديهم.
3 ـ جمعه الناسَ بماء بين مكة و المدينة يسمَّى خُمّاً، وخطبهم فقال: «ألا يا أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب»[صححه الألباني برقم: 1351]، ثم حض على التمسك بكتاب الله ووصى بأهل بيته. الشاهد تعريضه بأنه مغادر الحياة، وحضه بالتمسك بكتاب الله وبمنهج الله.
4 ـ خرج الإمام أحمد أيضاً عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً كالمودع فقال: «أنا محمد النبي الأمي قال ذلك ثلاث مرات ولا نبي بعدي؛ أوتيت فواتح الكلم وخواتمه وجوامعه، وعلمت كم خزنة النار وحملة العرش، وتُجُوِّز بي، وعوفيت وعوفيت أمتي؛ فاسمعوا وأطيعوا ما دمت فيكم؛ فإذا ذُهِبَ بي فعليكم بكتاب الله أحلوا حلاله وحرموا حرامه ». الشاهد قوله: « فإذا ذُهِب بي فعليكم بكتاب الله»[مسند أحمد برقم: 107/10]. فلم يعلقهم بنفسه الشريفة ولا بذاته إنما علقهم بكتاب الله وبمنهج الله؛ وفي هذا تربيتهم على التعلق بالمنهج.
يتضح مما سبق من هذه الأحاديث كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوجه الصحابة ويحضهم ويعلقهم بمنهج الله الذي هو الكتاب والسنة ولم يكن يعلقهم بشخصه وذاته، وكان يربيهم على هذه الحقيقة الأولية وهو بين ظهرانيهم، ويركز عليها ويذكرهم بها في أكثر من موقف كما سبق؛ وما ذاك إلا لأهمية هذه الحقيقة التي ربما يغفل عنها الناس؛ فكان الواجب تذكيرهم والتركيز عليها، و أيضاً لقد كان الصحابة رضي الله عنهم يربي بعضهم بعضاً، ولا غرابة في ذلك؛ فقد رباهم صلى الله عليه وسلم على ذلك من قبل، ويذكِّر بعضهم بعضاً بهذه الحقيقة المهمة حقيقة التعلق بالمنهج ونبذ التعلق بالأشخاص؛فمتى جنحت العاطفة نحو الأشخاص ضعفت النفوس وتقهقرت.
ويظهر ذلك فيما يلي:
1 ـ قال الزهري: حدثني أبو سلمة عن ابن عباس رضي الله عنه: «أن أبا بكر رضي الله عنه خرج وعمر رضي الله عنه يكلم الناس، فقال: اجلس، فأبى، فقال: اجلس، فأبى، فتشهد أبو بكر رضي الله عنه، فمال إليه الناس وتركوا عمر، فقال: أما بعد، فمن كان منكم يعبد محمدا صلى الله عليه وسلم فإن محمدا صلى الله عليه وسلم قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، قال الله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّـهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّـهُ الشَّاكِرِينَ}. والله، لكأن الناس لم يكونوا يعلمون أن الله أنزلها حتى تلاها أبو بكر رضي الله عنه، فتلقاها منه الناس، فما يسمع بشر إلا يتلوها.» [صحيح البخاري برقم: 1242]، وأخبرني سعيد بن المسيب أن عمر رضي الله عنه قال: «والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت، حتى ما تقلني رجلاي» [صحيح البخاري برقم: 4453].
2 ـ في غزوة أُحدٍ لمّا انهزم الناس لم ينهزم أنس بن النضر رضي الله عنه وقد انتهى إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه و طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه في رجال من المهاجرين والأنصار قد ألقوا بأيديهم، فقال: ما يجلسكم؟ فقالوا: قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: ما تصنعون بالحياة بعده ؟ فقوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم استقبل المشركين ولقي سعد بن معاذ رضي الله عنه فقال:«يا أبا عمرو! أين؟ فقال: واها لريح الجنة . أجده دون أحد. قال: فقاتلهم حتى قتل. قال: فوجد في جسده بضع وثمانون . من بين ضربة وطعنة ورمية. قال فقالت أخته، عمتي الربيع بنت النضر: فما عرفت أخي إلا ببنانه»[صحيح مسلم: 1903]
إنه من واجب المربين ومن هم في موضع القدوة أن يربوا أتباعهم على التعلق بالله وعدم التعلق بالأفراد.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: "ومن ادَّعى الحب في الله في مثل هذا فقد كَذَبَ، إنما هذا حبُ هوىً وشهوة".
جزء من مقال العواطف الإنسانية
بتصرف يسير
1 ـ قال الزهري: حدثني أبو سلمة عن ابن عباس رضي الله عنه: «أن أبا بكر رضي الله عنه خرج وعمر رضي الله عنه يكلم الناس، فقال: اجلس، فأبى، فقال: اجلس، فأبى، فتشهد أبو بكر رضي الله عنه، فمال إليه الناس وتركوا عمر، فقال: أما بعد، فمن كان منكم يعبد محمدا صلى الله عليه وسلم فإن محمدا صلى الله عليه وسلم قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، قال الله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّـهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّـهُ الشَّاكِرِينَ}. والله، لكأن الناس لم يكونوا يعلمون أن الله أنزلها حتى تلاها أبو بكر رضي الله عنه، فتلقاها منه الناس، فما يسمع بشر إلا يتلوها.» [صحيح البخاري برقم: 1242]، وأخبرني سعيد بن المسيب أن عمر رضي الله عنه قال: «والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت، حتى ما تقلني رجلاي» [صحيح البخاري برقم: 4453].
2 ـ في غزوة أُحدٍ لمّا انهزم الناس لم ينهزم أنس بن النضر رضي الله عنه وقد انتهى إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه و طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه في رجال من المهاجرين والأنصار قد ألقوا بأيديهم، فقال: ما يجلسكم؟ فقالوا: قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: ما تصنعون بالحياة بعده ؟ فقوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم استقبل المشركين ولقي سعد بن معاذ رضي الله عنه فقال:«يا أبا عمرو! أين؟ فقال: واها لريح الجنة . أجده دون أحد. قال: فقاتلهم حتى قتل. قال: فوجد في جسده بضع وثمانون . من بين ضربة وطعنة ورمية. قال فقالت أخته، عمتي الربيع بنت النضر: فما عرفت أخي إلا ببنانه»[صحيح مسلم: 1903]
إنه من واجب المربين ومن هم في موضع القدوة أن يربوا أتباعهم على التعلق بالله وعدم التعلق بالأفراد.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: "ومن ادَّعى الحب في الله في مثل هذا فقد كَذَبَ، إنما هذا حبُ هوىً وشهوة".
جزء من مقال العواطف الإنسانية
بتصرف يسير
منقول وجزاكم الله خيراً
تعليق