إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الدين الصحيح يحل جميع المشاكل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الدين الصحيح يحل جميع المشاكل




    الدين الصحيح
    يحل جميع المشاكل
    تأليف علامة القصيم
    عبد الرحمن بن ناصر السعدي
    المتوفي سنة 1376هـ رحمه الله
    اعتنى بنشره
    إبراهيم بن عبد الله الحازمي
    عفا الله عنه وسدد خطاه








    حقوق الطبع محفوظة
    الطبعة الأولى
    1414هـ
    دار الشريف للنشر والتوزيع
    ت4779491ص.ب52479
    الجمع التصويري والإخراج ـ الفرقان 4029865ـ4043732




    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله وحده لا شريك له، والصلاة والسلام على من لا نبي وبعد: فإن الدين الإسلامي هو الدين الذي ارتضاه الله للبشرية جمعاء، وهو المنزل من عند الله سبحانه، وهو الدين الذي يحوي جميع ما يحتاجه الإنسان في أمر دنياه وآخرته..
    وهو الدين ذو المحامد..والمحاسن..والمكارم.. لو وجد رجال يعملون به وينشروه كما جاء..!
    وهو الدين الذي أحبته العقول السليمة فهو صلاح..وإصلاح..وفلاح...ونجاح..وخير..وبركات وهدى...وراحة وطمأنينة..وسعادة..وهناء.
    فلا عجب حينئذ أنه يحل جميع المشاكل الفرد.. والجماعة.. يحل مشاكل الزمان.. والمكان.. فهو صالح لكل شيء.. لأنه جاء من لدن حكيم خبير.
    وهذه الرسالة التي بين يديك تعطيك الضوء الأخضر محل كثير من المشاكل التي نسمعها ونراها عند البعض..
    وكتبها رجل فذ..عالم..زاهد..ثقة..ورع..فيه خصال الخير[1]..لذا أخي المسلم في كل مكان ندعوك لقراءتها ونشرها..بين الأحبة..
    لعل الله يجعلك عضوا فعالا لنشر الفضيلة بين الناس.والله المستعان وعليه التكلان.
    وكتب إبراهيم بن عبد الله الحازمي
    عفا الله عنه وسدد خطاه

    بسم الله الرحمن الرحيم
    قال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله:
    الحمد لله، وأصلي وأسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد فهذه كلمات تتعلق بموضوع الدين الإسلامي،وأنه يهدي التي هي أقوم وأصلح، ويرشد العباد في عقائده وأخلاقه ومعاملاته وتوجيهاته وتأسيساته إلى ما ينفعهم في معاشهم ومعادهم.وبيان أنه لا سبيل إلى إصلاح شيء من أمور الخلق الإصلاح التام إلا به. وبيان أن جميع النظم المخالفة لدين الإسلام لا يستقيم بها دين ولا دنيا إلا إذا استمدت من تعاليم الدين.
    وهذا الذي قلناه قد برهنت المحسوسات والتجارب على صدقه وصحته كما دلت الشرائع والفطر والعقول السليمة على حقيقته.فإن الدين كله صلاح وإصلاح، وكله دفع للشرور والأضرار، كلها يدعو إلى الخير والهدى، ويحذر من الشر وأنواع الردى.
    وعند عرض بعض النماذج من تعليماته وتوجيهاته يظهر لكل عاقل منصف صحة هذا، وأن الخلق كلهم مضطرون إليه.
    وأنهم لا يستغنون عنه في حالة من أحوالهم ذلك بأن الدنيا كلها قد جاشت بمشكلات الحياة، والبشر كلهم يتخبطون في دياجير الظلمات فيهتدون من وجه واحد ويضلون من وجوه أخرى. وقد يستقيم لهم أمر من بعض وجوهه ويقع الانحراف في بقية أنحائه.وهذا ناتج من أحد أمرين: إما جهل بما دل عليه الدين وما أرشد إليه. وإما مكابرة وغي، ومقاصد سيئة وأغراض فاسدة، حالت بينهم وبين الصلاح الذي يعرفونه كما هو الواقع كثيرا.
    لهذا ينبغي أن نذكر بعض مشاكل الحياة المهمة، مثل مشكلة الدين، ومشكلة العلم، والغنى والفقر، والصحة والمرض، والحرب والسلم، والاجتماع والافتراق، والمحارب والمكاره. وغير ذلك مما اختلفت فيها أنظار الناس وتوجيهاتهم، وما سلكه الدين الإسلامي فيها من المسالك الصالحة السديدة، وما أولاه نحوها من المنافع التي لا تعد ولا تحصى.
    المشكلة الأولى
    مشكلة الدين والعقيدة
    وهذه المشكلة من أهم مشاكل الحياة وأعظمها، وعليها تنبني الأمور كلها.
    وبصلاح الدين أو فساده أو عدمه تتوقف جميع الأشياء. وقد تفرق فيها البشر وسلكوا في دينهم وعقائدهم طرقا شتى، كلها منحرفة معوجة ضارة، غير نافعة إلا من اهتدى إلى دين الإسلام الحقيقي، فإنه حصلت له الاستقامة والخير والراحة من جميع الوجوه. فمن الناس من تلاعب بهم الشيطان فعبدوا غير الله من الأشجار والأحجار والصور والأنبياء والملائكة والصالحين والطالحين، مع اعترافهم بأن الله ربهم ومالكهم وخالقهم وحده لا شريك له. فاعترفوا بتوحيد الربوبية وانحرفوا عن توحيد الإلهية الذي هو إفراد الله بالعبادة، وهؤلاء هم المشركون على اختلاف مذاهبهم وتباين طوائفهم. وقد دلت الكتب السماوية على شقائهم وهلاكهم، واتفق جميع الرسل على الأمر بتوحيد الله والنهي عن الشرك، وأن من أشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار. كما دلت العقول السليمة والفطر المستقيمة على فساد الشرك والتأله والتعبد للمخلوقات والمصنوعات، فالشرك باطل في الشرع، فاسد في العقل، عاقبة أهله الهلاك والشقاء. ومن الناس من آمن ببعض الرسل والكتب السماوية دون بعض، مع أن الرسل والكتب يصدق بعضها بعضا، ويوافق بعضها بعضا، وتتفق في الأصول الكلية. فصار هؤلاء ينقص تكذيبهم تصديقهم، ويبطل اعترافهم ببعض الأنبياء وبعض الكتب السماوية تكذيبهم للأخرين من الرسل، فبقوا في دينهم منحرفين، وفي إيمانهم متحيرين، وفي علمهم متناقضين. قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ) ويقولون: (وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا) (النساء:150،151).
    فحكم بالكفر الحقيقي لأنه عرف أن دعواهم للإيمان دعوى غير صحيحة، ولو كانت صحيحة لآمنوا بجميع الحقائق التي اتفقت عليها الرسل، ولكنهم قالوا:
    (نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ). ولهذا دعواهم الإيمان دعوى كاذبة، فقال عنهم عز وجل: (فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (البقرة:91).
    ومن الناس طائفة ادعت الفلسفة والعلم بالمعقولات، فجاءت بأكبر الضلالات وأعظم المحالات، فجحدت الرب العظيم وأنكرت وجوده، فضلا عن الإيمان بالرسل والكتب وأمور الغيب، وجحدوا آيات الله واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا واستكبارا، فكذبوا بعلوم الرسل وما دلت عليه الكتب المنزلة من عند الله، واستكبروا عنها بما عرفوا من العلوم الطبيعية وتوابعها، وأنكروا جميع الحقائق إلا ما أدركوه بحواسهم وتجاربهم القاصرة الضيقة بالنسبة إلى علوم الأنبياء.
    فعبدوا الطبيعة وجعلوها أكبر همهم ومبلغ علمهم، واندفعوا وراء ما تقضيه طبائعهم، ولم يتقيدوا بشيء من الشرائع الدينية ولا الأخلاق الإنسانية. فصارت البهائم أحسن حالا منهم، فإنهم نضبت منهم الأخلاق، واندفعوا وراء الشهوات البهيمية. فلم يكن لهم غاية يرجونها، ولا نهاية يطلبونها: (وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ) (الجاثية:24). وصار المشركون على شركهم وكفرهم أحسن حالا منهم، وأقل شرا منهم بكثير. والعجب الكثير أن هذا المذهب الخبيث جرف بتياره في الأوقات الأخيرة جمهور البشر، لضعف الدين وقلة البصيرة، ولما وضعت له الأمم القوية الحبائل والمصائد التي هلك بها الخلق.
    أما الدين الإسلامي فقد أخرج الخلق من ظلمات الجهل والكفر والظلم والعدوان وأصناف الشرور إلى نور العلم والإيمان واليقين والعدل والرحمة وجميع الخيرات (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) (آل عمران:164).
    (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل:90)،( إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) (الإسراء:9)، (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) (المائدة:3)، (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا) (الأنعام:115). أي كلماته الدينية التي شرع بها الشرائع، وسن الأحكام. وقد جعلها الله تامة من جميع الوجوه، لا نقص فيها بوجه من الوجوه، صدقا في أخبارها عن الله وعن توحيده وجزائه وصدق رسله في أمور الغيب، عدلا في أحكامها، وأوامرها كلها عدل وإحسان وخيرات وصلاح وإصلاح، ونواهيها كلها في غاية الحكمة، تنهي عن الظلم والعدوان والأضرار المتنوعة (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة:50).
    وهذا استفهام بمعنى النفي المتقرر الذي تقرر حدوثه في العقول والفطر. فما أمر بشيء فقال العقل: ليته نهى عنه. ولا نهى عن شيء فقال العقل: ليته أمر به. لقد أباح هذا الدين كل طيب نافع، وحرم كل خبيث ضار. (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ) (الأعراف:157).
    فهو الدين الذي يوجه العباد إلى كل أمر نافع لهم في دينهم ودنياهم، ويحذرهم عن كل أمر ضار في دينهم ومعاشهم، ويأمرم عند اشتباه المصالح والمفاسد والمنافع والمضار بالمشاورة في استخراج ما ترجحت مصلحته، ودفع ما ترجحت مفسدته.
    وهو الدين العظيم الشامل، الذي أمر بالإيمان بكل كتاب أنزله الله، وبكل رسول أرسله الله (فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آَمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) (الشورى:15).
    وهو الدين العظيم الذي شهد الرب العظيم بصحته وكماله وشهد بذلك الكمل من الخلق وخلاصتهم. (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ)
    وهو الدين العظيم الذي شهد الرب العظيم بصحته وكماله وشهد بذلك الكمل من الخلق وخلاصتهم.( وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ) (النساء:125).
    فلا أحسن ممن هو مخلص لله محسن إلى عباد الله، مخلص لله متبع لشريعة الله التي هي أحسن الشرائع وأعدل المناهج، فانصبغ قلبه بالإخلاص والتوحيد، واستقامت أخلاقه وأعماله على الهداية والتسديد.
    (صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ) (البقرة:138).
    وهو الدين الذي فتح أهله القائمون به المتصفون بإرشاداته وتعاليمه القلوب بالعلم والإيمان، والأقطار بالعدل والرحمة والنصح لنوع الإنسان.
    وهو الدين الذي أصلح الله به العقائد والأخلاق، وأصلح به الحياة الدنيا والآخرة، وألف به القلوب المشتتة، والأهواء المتفرقة.وهو الدين العظيم المحكم غاية الإحكام في أخباره كلها، وفي أحكامه، فما أخبر إلا بالصدق والحق، ولا حكم إلا بالحق والعدل، فلم يأت علم صحيح ينقض شيئا من أخباره، ولا حكم أحسن من أحكامه، أصوله وقواعده وأسسه تساير الزمان السابق واللاحق، فحيثما طبقت المعاملات المتنوعة بين الأفراد والجماعات في كل زمان ومكان على أصوله تم بها القسط والعدل والرحمة والخير والإحسان، لأنها تنزيل من حكيم حميد.
    (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) (هود:1). (لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (فصلت:42). (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9). حافظون لألفاظه عن الزيادة والنقص والتغيير، وحافظون لأحكامه عن الانحراف والنقص، بل هي في أعلى ما يكون من العدل والاستقامة والتيسير.
    وهو الدين العظيم الذي يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم، الصدق شعاره، والعدل مداره، والحق قوامه، والرحمة روحه وغايته، والخير قرينه، والصلاح والإصلاح جماله وأعماله، والهدي والرشد زاده.
    وهو الدين الذي جمع بين مطالب الروح والقلب والجسد، أمر الله به المؤمنين بما أمر المرسلين، بعبادته والعمل الصالح الذي يرضيه، وبالأكل من الطيبات، واستخراج ما سخر الله لعباده في هذه الحياة، فدفع القائمين به حقيقة إلى كل علو ورقي وتقدم صحيح، من عرف شيئا من أوصاف هذا الدين عرف عظيم منة الله به على الخلق، وأن من نبذه وقع في الباطل والضلال والخيبة والخسران، لأن الأديان التي تخالفه ما بين خرافات وثنيات، وما بين إلحاد وماديات، تجعل قلوب أهلها أعمالهم كالبهائم بل هم أضل سبيلا، لأن الدين إذا ترحل من القلوب ترحلت الأخلاق الجميلة، وحل محلها الأخلاق الرذيلة. فهبطت بأهلها إلى أسفل الدركات، وصار أكبر همهم وبملغ علمهم التمتع بعاجل الحياة. والحمد لله رب العالمين.

    المشكلة الثانية
    مشكلة العلم
    لقد غلط كثير من الناس في مسمى العلم الصحيح الذي ينبغي ويتعين طلبه والسعي إليه على قولين متطرفين: أحدهما أخطر من الآخر. فالأول: قول من قصر العلم على بعض مسمى العلم الشرعي، المتعلق بإصلاح العقائد والأخلاق والعبادات، دون ما دل عليه الكتاب والسنة: من أن العلم يشمل علوم الشرع ووسائلها، وعلوم الكون. وهذا قول طائفة ممن لم تتبصر بالشريعة تبصرا صحيحا، ولكنهم الآن بدؤا يتحللون من هذا الإطلاق، لما رأوا من المصالح العظيمة في علوم الكون، وحين تنبه كثير منهم لدلالات نصوص الدين عليه.
    والقول الثاني: قول من قصر العلم على العلوم العصرية، التي هي بعض علوم الكون. وهذا القول إنما نشأ من انحرافهم عن الدين وعلومه وأخلاقه. وهذا غلط عظيم حيث جعلوا الوسائل هي المقاصد وحيث نفوا من العلوم الصحيحة والحقائق النافعة ما لا تنسب إليه العلوم العصرية بوجه من الوجوه، غرهم ما ترتب عليهم من الصناعات والمخترعات. وهؤلاء هم المرادون بقوله تعالى: (فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ) (غافر:83). فهم فرحوا بعلومهم واستكبروا بها واحتقروا علوم الرسل، حتى نزل بهم ما كانوا به يستهزؤن من الحق، ونزل بهم العذاب الذي وعد به كذب الرسل، عذبوا في الدنيا بالختم على قلوبهم وأسماعهم وأبصارهم وعموا عن الحق. (وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ) (الرعد:34).
    أما مدلول العلم النافع ومسماه الذي دل عليه الكتاب والسنة: فهو كل علم أوصل إلى المطالب العالية، وأثمر الأمور النافعة، لا فرق بين ما تعلق بالدنيا أو بالآخرة فكل ما هدى إلى السبيل ورقي العقائد والأخلاق والأعمال، فهو من العلم.
    وقسم العلوم إلى قسمين: مقاصد ووسائل توصل إليها وتعين عليها.؟
    فالمقاصد: هي العلوم المصلحة للأديان.
    والوسائل: ما أعان عليها من علوم العربية بأنواعها، ومن علوم الكون التي ثمرتها معرفة الله ومعرفة وحدانيته وكماله ومعرفة صدق رسله.
    وثمرتها: الاستعانة بها على عبادة الله وشكره، وعلى قيام الدين. فإنه تعالى أخبر أنه سخر لنا هذا الكون، وأمرنا أن نتفكر فيه ونستخرج منافعه الدينية والدنيوية.
    والأمر بالشيء أمر به وأمر به وأمر بما لا يتم إلا به. وذلك حث على معرفة علوم الكون التي يستخرج بها ما سخره الله لنا، لأن منافعها لا تحصل لنا عفوا من دون طلب وفكر وتجارب. قال تعالى: (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ) (الحديد:25).
    فهذه المنافع لا تحصل إلا بالمعرفة بفنون الصنائع حتى يتم إنتاجها.
    وقد تكاثرت نصوص الكتاب والسنة على الثناء على العلم وأهله وتفضيلهم على غيرهم. قال تعالى: (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) (الزمر:9).
    وإنهم أهل الخشية لله والمعرفة به. (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) (فاطر:28). وأمر الجهال بسؤال أهل العلم.
    وقد أمر بعبادات كثيرة، وعفا عن محرمات، والأمر بالشيء والنهي عنه لا يمكن امتثال الأمر واجتناب النهي إلا بعد علمه ومعرفته. فجميع الأوامر شرعية، والنواهي تدل على وجوب تعلم العلم الذي تتوقف عليه، كما أنه أباح معاملات، وحرم معاملات، لا يمكن تمييز الحلال والحرام منها إلا بالعلم. وقد ذم من لم يعرف حدود ما أنزل على رسوله من الكتاب والحكمة.
    ومن ذلك أنه أمر بالجهاد في عدة آيات، وبإعداد المستطاع من القوة للأعداد، وأخذ الحذر منهم. ولا يتم ذلك إلا بتعلم فنون الحرب والصنائع التي تتوقف القوة والحذر منهم عليها.
    وأمر بتعلم أمور التجارة والأصول الاقتصادية، حتى إنه أمر أن يبتلى الأولاد الصغار اليتامى ويعلموا التجارة وطلب المكاسب. قال تعالى:( وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ) (النساء:6). فلم يأمر بدفع أموالهم إليهم حتى يعلم رشدهم، ومعرفتهم لأمور المكاسب والتجارة.
    فهذه الشريعة الكاملة أمرت بتعلم جميع العلوم النافعة: من العلم بالتوحيد، وأصول الدين، ومن علوم الفقه والأحكام، ومن علوم العربية، ومن العلوم الاقتصادية والسياسية، ومن العلوم التي تصلح بها الجماعات والأفراد.
    فما من علم نافع في الدين والدنيا إلا أمرت به هذه الشريعة وحثت عليه ورغبت فيه. فاجتمع فيها العلوم الدينية، والعلوم الكونية، وعلوم الدين، وعلوم الدنيا. بل إنها جعلت العلوم الدنيوية التي تنفع من علوم الدين.
    وأما المتطرفون فإنهم اقتصروا على بعض علوم الدين، فقصروا وغلطوا غلطا فاحشا.
    وأما الماديون فإنهم اقتصروا على بعض علوم الكون، وأنكروا ما سواها، فألحدوا ومرجت أديانهم وأخلاقهم، وصارت علومهم حاصلها أنها صنائع جوفاء، لا تزكي العقول والأرواح، ولا تغذي الأخلاق. فكان ضررها عليهم أعظم من نفعها، فإنهم ينتفعوا بها من جهة ترقية الصنائع والمخترعات وتوابعها، وتضرروا بها من جهتين:
    إحداهما: أنها صارت أكبر نكبة عليهم وعلى جميع البشر، لما ترتب عليها من الفناء والحروب المهلكة والتدمير.
    الثانية: أنهم أعجبوا بها واستكبروا، فحقروا لذلك علوم الرسل وأمور الدين.
    (إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (غافر:56). (وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ) (الاحقاف:26). (فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ).(غافر:83). فتبين مما ذكرنا أن العلوم النافعة في العاجل والآجل: هي العلوم التي جاءت في كتاب الله وسنة رسول الله، وأنها احتضنت كل علم نافع، ومعرفة صحيحة، لا فرق بين الأصول والفروع، ولا بين الدينية والدنيوية، كما احتضنت عقيدتها الإيمان بكل حق وحقيقة، وبكل كتاب أنزله الله، وكل رسول أرسله الله. والحمد لله.

    المشكلة الثالثة
    مشكلة الغنى والفقر

    تنوعت مقاصد الخلق وسياساتهم في مسألة الغنى والفقر، بحسب أغراضهم النفسية، لا بحسب إتباعهم للحق ونظرهم للمصالح العامة الكلية. ولكنهم أخطأوا الطريق النافع , حيث لم يتقيدوا بهدايات الدين الإسلامي، وتنوعت بهم الأفكار، وعملوا على مقتضى ذلك، فحصل بذلك شر مستطير، ووقعت فتن كبرى بين من يدعي نصرة الفقر والفقراء والعمال، وبين من يتمسك التمسك المزري بالثروات والأموال. ولهم في ذلك كلام طويل كله خطأ وضلال. وهدى الله المؤمنين إلى صراط مستقيم في جميع أمورهم عامة، وفي هذه المسألة خاصة.
    جاء الشرع ولله الحمد بصلاح الأغنياء والفقراء بحسب الإمكان.
    لما حكم الله تعالى قضاء وقدرا أن الخلق درجات، فمنهم الغني ومنهم الفقير، ومنهم الشريف ومنهم الحقير، لحكم عظيمة، وأسرار يضيق التعبير عن وصفها. فربط بعضهم ببعض بالروابط الوثيقة، وسخر بعضهم لبعض، وتبادلت بينهم المصالح العادلة، واحتاج بعضهم إلى بعض.
    شرع الشارع الحكيم أولا: أن يكونوا إخوانا، وأن لا يستغل بعضهم بعضا استغلالا شخصيا. بل أرشد كلا منهم أن يقوم نحو الآخر بواجباته الشرعية، التي يتم بها الالتئام وتقوم بها الحياة.
    أمر الجميع أن يتوجهوا بأجمعهم إلى المصالح العامة الكلية التي تنفع الطرفين، كالعبادات البدنية، والمشاريع الخيرية، وجهاد الأعداء ومقاومتهم، ودفع عدوانهم بكل وسيلة، كل منهم بحسب وسعه وقدرته. هذا ببدنه وماله، وهذا ببدنه، وهذا بماله، وهذا بجاهه وتوجيه، وهذا بتعلمه وتعليمه. لأن الغاية واحدة، والمصالح مشتركة، والغاية شريفة، والوسائل إليها شريفة.
    ثم أوجب في أموال الأغنياء فرضا الزكاة، بحسب ما جاء في تفاصيلها الشرعية. وجعل مصرفها دفع حاجات المحتاجين، وحصول المصالح الدينية المقيمة لأمور الدنيا والدين، وحث على الإحسان في كل وقت وفي كل مناسبة، وأوجب دفع ضرورة المضطرين، وإطعام الجائعين،وكسوة العارين، ودفع الضرورات عن المضطرين. وكذلك أوجب النفقات الخاصة للأهل والأولاد، وما يتصل بهم، والقيام بوجبات المعاملات كلها الواقعة بين الناس، وأمرهم مع ذلك أن لا يتكلوا في كسب الدنيا على حولهم وقوتهم، ولا ينظروا نظر استقرار وطمأنينة إلى ما عندهم. بل يكون نظرهم على الدوام إلى الله وإلى فضله، وتيسيره والاستعانة به. وأن يشكروه على ما تفضل به عليهم وميزهم به من الغنى والثروة. وأوجب عليهم أن يقفوا عند الحدود، فلا ينغمسوا في الترف والإسراف إنغماسا يضر بأخلاقهم وأموالهم وجميع أحوالهم، بل يكونوا كما قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا) (الفرقان:67).
    وأمرهم مع ذلك أن يكون طلبهم للغنى والدنيا طلبا شريفا نزيها، فلا يتلوثون بالمكاسب الخبيثة التي هي ما بين ربا أو قمار أو غرر أو غش أو خداع، بل يتقيدون بقيود الشرع العادلة في معاملاتهم كما تقيدوا بذلك في عباداتهم. وأمرهم أن ينظروا إلى الفقراء نظر الرحمة والإحسان، لا نظر القسوة والغلظة والأثرة والبطر والأشر والكبر.
    ولهذه الإرشادات الحكيمة تكون الثروة الدينية في غاية الشرف وكمال الاعتبار، ويكون الغنى على هذا الوجه وصفا محمودا، ونعت كمال ورفعة وعلو، لأن الشرع هذبه وصفاه، فحث على التباعد عن رذائله، ورغب في اكتساب فضائله.
    وأما ما صنعه الدين الإسلامي مع الفقراء، فقد أمرهم وكل من لم يدرك محبوباته النفسية أن يصبروا ويرضوا بقضائه وتدبيره، وأن يعترفوا أن الله حكيم له في ذلك حكم، وفيه مصالح متنوعة. (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)(البقرة:216). فنظرهم هذا يذهب الحزن الذي يقع في القلوب فيحدث العجز والكسل.
    ثم أمرهم أن لا ينظروا في دفع فقرهم وحاجاتهم إلى المخلوقين، ولا يسألوهم إلا حيث لا مندوحة عن السؤال عند الضرورة إلى ذلك، وأن يطلبوا دفع فقرهم من الله وحده لا شريك له، بما جعله من الأسباب الدافعة للفقر الجالبة للغنى. وهي الأعمال والأسباب المتنوعة، كل واحد يشتغل بالسبب الذي يناسبه، ويليق بحاله، فيستفيد بذلك تحرره من رق المخلوقين وتمرنه على القوة والنشاط، ومحارة الكسل والفتور.
    ومع ذلك لا يقع في قلوبهم حسد للأغنياء على ما آتاهم الله من فضله. (وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) (النساء:32).
    وأمرهم أن ينصحوا في أعمالهم ومعاملاتهم وصناعاتهم، وأن لا يتعجلوا الرزق بالانغماس في المكاسب الدنيئة التي تذهب الدين والدنيا.
    وأمرهم بأمرين يعينانهم على مشقة الفقر: الاقتصاد في تدبير المعاش، والاقتناع برزق الله، فالرزق القليل مع الاقتصاد الحكيم يكون كثيرا، والقناعة كنز لا ينفد وغنى بلا مال.
    فكم من فقير وفق للاقتصاد والقناعة لا يغبط الأغنياء المترفين، ولا يتبرم بقلة ما عنده من الرزق اليسير.
    فمتى اهتدى (من) أهل الفقر بإرشادات الدين من الصبر والتعلق بالله، والتحرر من رق المخلوقين، والجد والاجتهاد في الأعمال الشريفة النافعة، والاقتناع بفضل الله، هانت عليهم وطأة الفقر وعناؤه. ومع ذلك فهم لا يزالون يسعون في تحصيل الغنى ويرجون ربهم وينتظرون وعده، ويتقون الله، فإنه (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) (الطلاق:2،3).
    فهذه التعاليم الدينية والإرشادات من الله ورسوله لأهل الغنى والفقر تجلب لهم الخيرات، وتمنعهم من الشرور والمضرات، وتنتج لهم أجمل الثمرات العاجلة والآجلة. فهذا الحل الوحيد من الرب المجيد لمشكلة الغنى والفقر، وما سوى ذلك فعناء وشقاء، وضرر وهلاك. والله الموفق.
    ونظير هذا المسألة: مسألة الصحة والمرض، فإن الشريعة الإسلامية جاءت بأكمل الأمور فيها: أمرت بكل ما يحفظ الصحة وينميها، وما يدفع الأمراض أو يخففها بحسب الإمكان. وفصلت في هذا الموضوع تفاصيل نافعة، تدور على حفظ الصحة وتنميتها، والحمية من جميع المؤذيات والأمور الضارة، وعلى السعي التحرز من الأمراض قبل نزولها، ومداواتها بعد نزولها. وأمرت مع ذلك بالتوكل على الله، الاعتماد عليه، والعلم بأنه تعالى هو المعطي للنعم، الدافع للنقم، بلطفه وقدرته ورحمته، وبما جعله من الأسباب الكثيرة التي علمها الله العباد، وأمرهم بسلوكها. وأمر أيضا بمقاومة الأمراض بأمور أخرى غير الأدوية الحسية، أمر بالصبر لله على المكاره إيمانا به، واحتسابا لثوابه، فإنه بذلك تخف مشقة الأمراض بما يحصل للصابر المحتسب من الإيمان واليقين والثواب العاجل والآجل. وكذلك أمر بقوة الاعتماد على الله عند نزول المصائب والمكاره، وأن لا يخضع الإنسان ويضعف قلبه وإرادته وتستولي عليه الخيالات التي هي أمراض فتاكة. فكم من مرض يسير بسيط عظمت وطأته بسبب ضعف القلب وخوره وانخداعه بالأوهام والخيالات، وكم من مرض عظيم هانت مشقته وسهلت وطأته حين اعتمد القلب على الله، وقوي إيمانه وتوكله، وزال الخوف منه. وهذا أمر مشاهد محسوس.
    فالدين الإسلامي أمر بالأمرين في وقت واحد: أمر بفعل الأسباب النافعة، وبالاعتماد على الله في نفعها، وتحصيل المنافع ودفع المضار، بحسب الاستطاعة. وكذلك النعم، والمسار، والمكاره، والمصائب، جاءت شريعة الإسلام فيها بأكمل الحالات.
    أمر الله ورسوله بتلقي النعم وبالافتقار إلى الله فيها، والاعتراف التام بفضل الله بتقديرها وتيسيرها، وشكر المنعم بها، شكرا متتابعا، وتصريفها فيما كانت لأجله، والاستعانة بها على عبادة الله، وأن لا يكون العبد عندها أشرا، ولا بطرا، بل متواضعا وأمر العبد أن يغتنم الفرصة النافعة في النعم، فيربح عندها أرباحا عاجلة وآجلة. يغتنم فرصة العافية والصحة والقوة والجدة والجاه والأولاد، فلا يغبن فيها بحيث تكون نعما حاضرة مؤقتة بل يستخرج منها نعما باقية، وخيرا متسلسلا، ونفعا مستمرا.
    وفي الحديث: "اغتنم خمسا قبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وغناك قبل فقرك، وحياتك قبل موتك"[2]


    فمتى عرف العبد المقصود من النعم، وأنها مجعولة وسائل إلى خيرات الآخرة، اجتمع له الأمران: التمتع بها عاجلا، والاستفادة من خيراتها آجلا. فيؤدي واجبها ومستحبها، وبذلك تكون نعما حقيقية دينية ودنيوية. عكس حالة المنحرفين عما جاءت به الشريعة، الذين يتمتعون بها كما تتمتع الأنعام السائمة. ويتناولونها بمقتضى الشهوة البهيمية. فالنعم في حقهم سريعة الزوال وشيكة الانفصال، لا تعقبهم إلا الحسرة والندامة. والأولون يشاركونهم في التمتع العاجل، وربما زادوا عليهم براحة القلب، وطمأنينة النفس، والسلام من الهلع والجشع.
    وأما المصائب، فلما كانت لابد منها للخلق، ولا أحد يسلم منها، أعد الشارع الحكيم لها عدتها، وأرشد عباده إلى الصبر والتسليم، والاحتساب لثوابها، وأن لا يتلقاها العبد بجزع وخور وضعف نفس، بل بقوة وتوكل على الله وإيمان صادق. وبذلك تخف وطأتهل، وتهون مشقتها، ويحصل من الثواب وزيادة الإيمان أضعاف أضعاف ما حصل من المصيبة.
    قال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)(البقرة:155ـ 157). وقال تعالى:( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)(الزمر:10). (إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ) (النساء:104).
    فانظر هذه الإرشادات الحكيمة في هداية الشريعة إلى تلقي النعم والمسار والمصائب والمضار، كيف ترى القلوب فيها مطمئنة، والحياة طيبة، والخير حاصلا ومأمولا، والربح مستمرا. "عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء فكان خيرا له، وليس ذلك لأحد إلا للؤمن"[3].

    المشكلتان الرابعة والخامسة
    السياسية الداخلية والخارجية
    وتوابعها

    قد قررت شريعة الإسلام مسائل السياسة أكمل تقرير، وهدت إلى جميع ما ينبغي سلوكه مع المسلمين ومع غيرهم بأحسن نظام وأعدله، وجمعت فيه بين الرحمة والقوة، وبين اللين والشفقة، والرحمة بالخلق، مهما أمكنت الأحوال. فإذا تعذر ذلك استعملت القوة بحكمة وعدل، لا بظلم وعنف. قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا)(النحل:90،91).
    فأمر الله بالعدل مع كل أحد، وبالإحسان والرحمة لكل أحد، وبالإحسان والرحمة لكل أحد، وخصوصا القرابة ومن لهم حق على الإنسان. ونهى عن الفحشاء والبغي على الخلق، في دمائهم وأموالهم وأعراضهم وحقوقهم. وأمر بوفاء العهود والمحافظة عليها، وحذر من نقضها. وهذه الأمور المأمور بها والمنهي عنها، منها ما هو واضح جلي عينت على المسلمين سلوكه، ولم تجعل لهم في ذلك خيرة ولا معارضة. وهي التي نص الشارع على أعيانها ولم يكل بيانها إلى أحد.
    فهذا النوع يدخل في قوله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا) (الأحزاب:36). (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)(النساء:65). (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ) (النساء:59).، (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ) (الشورى:10). وقد تتبع هذا النوع العظيم فوجد ـولله الحمدـ مطابقا للعدل والحكمة، موافقا للمصالح، دافعا للمفاسد.
    والقسم الثاني: الأمور المشتبه في أصلها، أو في تطبيقها على الواقع، وإدخال الأمور الواقعة فيها نفيا وإثباتا، وطلبا وهربا، فهذا قد أمروا أن يتشاوروا فيه، وينظروا فيه من جميع نواحيه، ويتأملوا ما يتوقف عليه من الشروط والقواعد، وما يترتب عليه من الغايات والمقاصد، ومقابلة المصالح والمضار وترجيح الأصلح منها. قال تعالى: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) (آل عمران:159). وقال تعالى عن جميع المؤمنين: (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) (الشورى:38).
    وهذا النوع قد وسع الشارع فيه الأمر، بعد ما قرر القواعد والأسس الموافقة لكل زمان ومكان، مهما تغيرت الأحوال وتطورت الأمور. فالقواعد الشرعية إذا سلكت في كليات الأمور وجزئياتها، صلحت بها الأمور، واستقامت الدنيا والدين، وصلحت أمور العباد، واندفعت الشرور والمضار عنهم. ولكنها تحتاج إلى عقد مجالس تجمع الرجال العقلاء الناصحين، أولي العقول الرزينة والأحلام الواسعة، والرأي المصيب، والنظر الواسع، وتبحث فيها القضايا الداخلية واحدة بعد واحدة، بحثا يشمل نواحي القضية، وتصورها كما ينبغي، وتصور ما تتوقف عليه، وتتم به إن كانت مقصودا تحصيلها، وتصور ما يترتب عليها من الفوائد والمصالح الكلية والجزئية، وبحث أحسن طريق لتحصيلها وأسهله، وبحث القضايا الضارة التي يطلب دفعها،بتتبع أسبابها وينابيعها التي تسربت منها، وحسمها بحسب الإمكان، ثم السعي في إزالتها بالكلية إن أمكن، وإلا بتخفيفها وتلطيفها. قال تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) (التغابن:16). وقال (صلى الله عليه وسلم): "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم"[4].

    ومن أعظم الأصول الشرعية حث المسلمين على القيام بدينهم، والقيام بحقوق الله وعبوديته، والقيام بحقوق العباد، والحث على الاتفاق واجتماع الكلمة، والسعي في أسباب الألفة والمحبة، وإزالة الأحقاد والضغائن. قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (الحجرات:10).
    (إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا) (آل عمران:103). (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (الأنفال:1). (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ) (آل عمران:105). (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا) (آل عمران:103). إلى غير ذلك من النصوص الدالة على هذا الأصل العظيم، الذي به تستقيم الأحوال، ويرتقي به المسلمون إلى أعلى الكمال.
    وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) (الأنفال:45ـ47). فأمر بطاعته وطاعة رسوله.
    ويدخل في ذلك جميع الدين. ونهى عن التنازع الذي يوجب تفرق القلوب، وحدوث العداوات المحللة للمعنويات. وأمر بكثرة ذكره المعين على كل أمر من الأمور، وبالصبر الذي يتوقف عليه كل أمر.
    وأمر بالإخلاص والصدق، ونهى عما يضاد ذلك من الرياء والفخر والبطر والمقاصد السيئة وإرادة إضلال الخلق. وقال تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ) (الأنفال:60). فأمر بإعداد المستطاع من القوة، فيشمل القوة السياسية والعقلية، والصناعات، وإعداد الأسلحة، وجميع ما يتقوى به على الأعداء، وما به يرهبونهم، وهذا يدخل فيه جميع ما حدث ويحدث من النظم الحربية، والفنون العسكرية، والأسلحة المتنوعة، والحصون والوقايات من شرور الأعداء. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ) (النساء:71).
    ولكل وقت ومكان من هذه الأمور ما يناسب ذلك. فانظر كيف كانت هذه التعاليم الشرعية هي السبب الوحيد والطريقة المثلى لسلوك أقوى السياسات الداخلية والخارجية، وأن الكمال والصلاح بالاهتداء بها، والاسترشاد بأصولها وفروعها. وأن النقص الحاصل والنقص المتوقع إنما يكون بإهمالها وعدم العناية بها.

    ومن السياسة الشرعية أن الله أرشد العباد إلى قيام مصالحهم الكلية بأن يتولى كل نوع منها طائفة تتصدى للإحاطة علما بحقيقتها وما تتوقف عليه، وما به تتم وتكمل، وتبذل جهدها واجتهادها في ترقيتها بحسب الإمكان. قال تعالى:
    (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) (آل عمران:104). وقال تعالى: (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) (التوبة:122). ولا شك أن القيام بالمصالح العامة على هذا الوجه الذي أرشد الله إليه هو السبب الوحيد للكمال الديني والدنيوي، كما هو مشاهد يعرفه كل أحد. ومن ذلك قوله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (النحل:125). وهذا يشمل دعوة المسلمين الذين حصل منهم إخلال ببعض أمور الدين، ويشمل دعوة الكفار. الأولون يدعون إلى تكميل دينهم، والآخرون يدعون إلى الدخول في دين الإسلام الذي به صلاح البشر. وتكون هذه الدعوة بالحكمة التي بها تحصيل الخير أو تكميلة، وإزالة الشر أو تقليله، بحسب الزمان والمكان، وبحسب الأشخاص والأحوال والتطورات.

    وكذلك بالموعظة الحسنة، والموعظة بيان وتوضيح المنافع والمضار، مع ذكر ما يترتب على المنافع من الثمرات النافعة عاجلا وآجلا، وما يقترن بالمضار من الشرور عاجلا وآجلا. ووصفها الله بأنها موعظة حسنة لأنها نفسها حسنة وطريقها كذلك، وذلك بالرفق واللين والحلم والصبر وتصريف أساليب الدعوة.
    وكذلك إذا احتيج في الدعوة إلى مجادلة لإقناع المدعو، فلتكن المجادلة بالتي هي أحسن: يدعى المجادل إلى الحق، ويبين محاسن الحق ومضار ضده، ويجاب عن ما يعترض به الخصم من الشبهات. كل ذلك بكلام لطيف، وأدب حسن، لا بعنف وغلظة، أو مخاشنة أو مشاتمة، فإن ضرر ذلك عظيم. قال تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ) الآية (آل عمران:159).
    ولنقتصر على هذا الأنموذج، فإنه يحصل به المقصود. والله أعلم. وصلى الله على محمد وسلم.
    حرر في 5 ربيع الآخر سنة1375


    [1]ـ انظر ترجمة شيخ شيوخنا عبد الرحمن السعدي في مقدمة كتاب:انتصار الحق بتحقيقي وكتاب:الفواكه الشهية في الخطب المنبرية بتحقيقي أيضا.

    [2]ـ أخرجه ابن أبي الدنيا في قصر الأمل (2/13/أ) والحاكم (4/306) عن ابن عباس وإسناده حسن وله شاهد من مرسل عمرو بن ميمون أخرجه ابن المبارك في الزهد (2) وأبو نعيم في الحلية(4/148) والقضاعي في مسند الشهاب(729) والخطيب في الفقيه والمتفقه(2/87) وفي اقتضاء العلم(170) وإسناده حسن، يصح به الحديث

    [3]ـ أخرجه مسلم(4/2295) من حديث صهيب ابن سنان

    [4]ـ أخرجه البخاري (13/251ـفتح) ومسلم(2/975) من حديث أبي هريرة
يعمل...
X